"والصيام تثبيتاً للإخلاص"، فأن تصوم هو أن تعمّق إخلاصك لربّك، وأن تعيش في
داخل نفسك روح التقوى، من خلال ما يؤكّده الصوم لك من إرادتك المنفتحة على الله.
وهناك فرق بين شخص يقوم بأعمال تقوّي إرادته بالطريقة المادية، وبين شخص يقوّي
إرادته بين يدي الله كمن يتدرب لوحده، وبين شخص يتدرب أمام الله.
هنا، أنت تصوم عن طعامك وشرابك وشهواتك قربةً إلى الله تعالى، وتمارس ذلك في رقابة
الله التي لا تقارنها رقابة الناس، وفي الصلاة، يراك الناس وأنت تصلي، أما في الصوم،
فالعملية سرية. ولذا جاء في الحديث: "الصوم لي وأنا أجزي به"، ذلك أنّ الصوم لا
يتحقق الرياء به إلا إذا نطق به الإنسان، لماذا؟ لأن الصوم هو حركة حرمان الجسد من
خلال الحالة الروحية الموجودة في الداخل.
لذلك، نلاحظ ـ أيها الأحبة ـ أنّ الله يتحدّث عن الصوم من خلال أنه وسيلة التقوى {يَا
أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى
الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ}، ومن الطبيعي أن التقوى تحتاج
إلى إرادة، فتقوى الفكر ـ مثلاً ـ تحتاج إلى إرادة، فعندما يغريك الشيطان بأن تحرّك
فكرك في التخطيط للشرّ، لأن هناك منافع آنية ودنيوية في التخطيط للشر، تحتاج ـ
عندئذٍ ـ إلى إرادة إيمانية قوية تمنعك من ذلك.
وكذلك التقوى في العاطفة، عندما يجذبك الشيطان من أجل أن تتحرّك في عاطفتك لتحبّ من
أبغضه الله، أو لتبغض من أحبه الله، نتيجة بعض العوامل وبعض الأوضاع، فنحتاج إلى
إرادة حتى تدخل مشاعرك وإحساسك من أجل أن تجعلها تتحرّك في الخطّ المستقيم.
وهكذا بالنّسبة إلى حركة الإنسان في الحياة. لذلك، فإن دور الصوم مثل دور الصلاة،
ولكن في جانب آخر، وهو أنه يحقّق للإنسان الإرادة النابضة بالروح، والمرتكزة على
الانفتاح على الله، فكأنك تقول لربّك في صومك: يا ربّ، إنني أصوم من أجل أن أحقّق
لنفسي في هذا الصوم الصغير القوّة على الصوم الكبير، لأنّ الله سبحانه وتعالى فرض
علينا في شهر رمضان أن نصوم عن بعض ما اعتدناه في النهار، وفرض علينا في العمل كلّه
أن نصوم عن المحرّمات كلّها.
ولذلك، جعل الله هذه الثلاثين يوماً فترة تدريبية في حضرته، أي أنّ الله يراقبك
وأنت تتدرب، والذي يتدرب أمام الله، وخصوصاً في الجانب الداخليّ، فمن الطبيعي أن
تدريبه يجب أن يكون مركّزاً، ولا بدّ من أن يشعر الإنسان بالنجاح فيه، ولا سيما إذا
عرف أن دور الصوم مستقبلي، وليس دوراً يتحرك في الحاضر فقط.
وهذا ما أرادت الزهراء(ع) في كلامها أن تنبّه عليه: "والصيام تثبيتاً للإخلاص"،
لأنه يصفّي روح الإنسان أمام الله، بحيث تنطلق التقوى من عمقه، فلا يكون فيه شيء
لغير الله سبحانه وتعالى.
*من كتاب الندوة، ج 5، ص 259.
"والصيام تثبيتاً للإخلاص"، فأن تصوم هو أن تعمّق إخلاصك لربّك، وأن تعيش في
داخل نفسك روح التقوى، من خلال ما يؤكّده الصوم لك من إرادتك المنفتحة على الله.
وهناك فرق بين شخص يقوم بأعمال تقوّي إرادته بالطريقة المادية، وبين شخص يقوّي
إرادته بين يدي الله كمن يتدرب لوحده، وبين شخص يتدرب أمام الله.
هنا، أنت تصوم عن طعامك وشرابك وشهواتك قربةً إلى الله تعالى، وتمارس ذلك في رقابة
الله التي لا تقارنها رقابة الناس، وفي الصلاة، يراك الناس وأنت تصلي، أما في الصوم،
فالعملية سرية. ولذا جاء في الحديث: "الصوم لي وأنا أجزي به"، ذلك أنّ الصوم لا
يتحقق الرياء به إلا إذا نطق به الإنسان، لماذا؟ لأن الصوم هو حركة حرمان الجسد من
خلال الحالة الروحية الموجودة في الداخل.
لذلك، نلاحظ ـ أيها الأحبة ـ أنّ الله يتحدّث عن الصوم من خلال أنه وسيلة التقوى {يَا
أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى
الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ}، ومن الطبيعي أن التقوى تحتاج
إلى إرادة، فتقوى الفكر ـ مثلاً ـ تحتاج إلى إرادة، فعندما يغريك الشيطان بأن تحرّك
فكرك في التخطيط للشرّ، لأن هناك منافع آنية ودنيوية في التخطيط للشر، تحتاج ـ
عندئذٍ ـ إلى إرادة إيمانية قوية تمنعك من ذلك.
وكذلك التقوى في العاطفة، عندما يجذبك الشيطان من أجل أن تتحرّك في عاطفتك لتحبّ من
أبغضه الله، أو لتبغض من أحبه الله، نتيجة بعض العوامل وبعض الأوضاع، فنحتاج إلى
إرادة حتى تدخل مشاعرك وإحساسك من أجل أن تجعلها تتحرّك في الخطّ المستقيم.
وهكذا بالنّسبة إلى حركة الإنسان في الحياة. لذلك، فإن دور الصوم مثل دور الصلاة،
ولكن في جانب آخر، وهو أنه يحقّق للإنسان الإرادة النابضة بالروح، والمرتكزة على
الانفتاح على الله، فكأنك تقول لربّك في صومك: يا ربّ، إنني أصوم من أجل أن أحقّق
لنفسي في هذا الصوم الصغير القوّة على الصوم الكبير، لأنّ الله سبحانه وتعالى فرض
علينا في شهر رمضان أن نصوم عن بعض ما اعتدناه في النهار، وفرض علينا في العمل كلّه
أن نصوم عن المحرّمات كلّها.
ولذلك، جعل الله هذه الثلاثين يوماً فترة تدريبية في حضرته، أي أنّ الله يراقبك
وأنت تتدرب، والذي يتدرب أمام الله، وخصوصاً في الجانب الداخليّ، فمن الطبيعي أن
تدريبه يجب أن يكون مركّزاً، ولا بدّ من أن يشعر الإنسان بالنجاح فيه، ولا سيما إذا
عرف أن دور الصوم مستقبلي، وليس دوراً يتحرك في الحاضر فقط.
وهذا ما أرادت الزهراء(ع) في كلامها أن تنبّه عليه: "والصيام تثبيتاً للإخلاص"،
لأنه يصفّي روح الإنسان أمام الله، بحيث تنطلق التقوى من عمقه، فلا يكون فيه شيء
لغير الله سبحانه وتعالى.
*من كتاب الندوة، ج 5، ص 259.