فيما يلي، مجموعة من الأسئلة كانت قد طُرِحتْ على العلّامة المرجع السيّد محمّد حسين فضل الله (رض) حول ليلة القدر وعظمتها وأهميّتها، وكيفيّة نزولها، ونزول القرآن فيها...
عظمة ليلة القدر
ـ هل اكتسبت ليلة القدر عظمتها بنزول القرآن الكريم فيها أم أنّها كانت عظيمة قبل ذلك؟
ـ الظاهر من قوله تعالى: {إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُّبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنذِرِينَ}[الدّخان: 3]، ومن قوله تعالى: {إنا أنزلناه في ليلة القدر}[القدر: 1]، أنها كانت عظيمة القدر قبل ذلك، وقد أكسبها نزول القرآن فيها عظمةً على عظمة1.
الملائكة في ليلة القدر
ـ على من تنزّل الملائكة في ليلة القدر؟ وما معنى {سَلامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ}[القدر: 5]؟
ـ تنـزل إلى الأرض لتقسّم الآجال والأرزاق، وما إلى ذلك من مسؤوليّاتها ومهمّاتها التي كلّفها الله بها، ولا تنـزل على أناس معيّنين، كما هو الشّائع بين كثير من النّاس. والله أراد أن يجعل ليلة القدر ليلة السّلام، من خلال ما يفيضه على عباده، وليوحي إلى الناس أنّه لا بدّ لهم من أن يعيشوا فيها السّلام الروحيّ والسّلام العباديّ وما إلى ذلك2.
الرّوح والملائكة
ـ قال تعالى في سورة النبأ: {يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَالْمَلائِكَةُ صَفًّ}[النبأ: 38]، وقال في سورة القدر: {تنـزَّل الملائكة والرّوح فيه}[القدر: 4]. فما السبب في تقديم الرّوح في النبأ وتأخيره في القدر؟ وما هو الرّوح؟
- في التّفاسير، أنّ الرّوح هو خلقٌ عظيم من الملائكة، وورد أنّ المراد به جبرئيل (ع)، وأمّا قضيّة التقديم والتأخير، فربما كانت المسألة باعتبار أنّه في يوم القيامة يتقدّم الرّوح، باعتبار أنّ الله سبحانه وتعالى فضّله، كما تقول بعض الأحاديث، واعتبره أقرب إليه من بقيّة الملائكة. أما في ليلة القدر، فأراد أن يبيّن هذا الحشد الذي ينـزل من السّماء، وأنّه لا يُكتفى فيه بنـزول الملائكة، بل ينزل الرّوح أيضاً، للدّلالة على الاهتمام الإلهيّ الزائد بهذه الليلة، والله العالم3.
نزول القرآن
ـ نحن نعرف أنَّ نزول القرآن كان في ليلة القدر، فأين نزل؟ وكيف؟
ـ الله سبحانه وتعالى أنزل القرآن على الرّسول محمّد (ص)، أمّا كيف أنزله، فهذا أمر من عالم الغيب4.
خيرٌ من ألف شهر
ـ قال تعالى: {لَيْلَةُ القَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ}[القدر: 3]، هل هذه الآية تدلُّ على مطلق الشّهر بدون ليلة القدر؟
ـ هذا واردٌ بمعنى المبالغة، وليس بمعنى أنَّ ليلة القدر واحدة من ألف شهر ليس فيها ليلة القدر، فهذا هو المعنى الحرفيّ الجامد، فهي واردة في مقام بيان عظمة هذه اللّيلة، وليس في مقام بيان شهور السّنة، وهو كقولنا مثلاً: «فلان أفضل من كلِّ الناس الموجودين». فهي واردة في مقام الكناية عن عظمة هذه اللّيلة، وأنها ليلة واحدةٌ، ولكنّها تساوي ألف شهر في فضيلتها، فيجب النظر إلى التعداد من خلال الفضيلة5.
[1]كتاب النّدوة، ج 8.
[2]كتاب النّدوة، ج 19.
[3]كتاب النّدوة، ج 16.
[4]كتاب النّدوة، ج 11.
[5]كتاب النّدوة: ج 1.