[جاء في خطبة الرّسول (ص) في استقبال شهر رمضان المبارك:]
"فاسألوا الله بنيَّات صادقة". والنيّة هي روح العمل، ففي الحديث الشَّريف: "إنَّ الله يحشر النَّاس على نيَّاتهم يوم القيامة"1. ونقرأ أيضاً أنّ "النيَّة روح العمل"2 . فالعمل المجرَّد جماد، والحركة وحدها لا تعني شيئاً، ولكنَّك إذا أعطيتها نيّة القربة إلى الله صارت صلاةً، وإذا أعطيتها نيّة الإخلاص لعباد الله، صارت عملاً صالحاً وصدقة، والله تعالى يريد أن تكونوا الصَّادقين في نيّاتكم، فعندما تتحرَّك دوافعك، فلتتحرَّك للخير كلّه، وللعدل وللإنسان كلّه.
"فاسألوا الله بنيَّات صادقة"، إذا اطَّلع الله على عمقها، يرى منكم الصِّدق كلّ الصِّدق، وأنتم تناجونه وتعبدونه، "وقلوب طاهرة"، طهِّروا قلوبكم من الشّرّ ومن الحقد والعداوة والبغضاء، فليكن قلبك في نقاء الثَّلج وبياض الصّبح، قلباً مفتوحاً على الله، يحبّ عباد الله ليعمل معهم، ويحبّ الَّذين يختلفون معه ليهديهم، ويحبّ الَّذين يتّفقون معه على البرّ والتقوى ليتعاون معهم.
"أنْ يوفِّقكم لصيامه"، والصّيام هو هذه الحركة الروحيّة الّتي تعيشها في عقلك، ليصوم عن كل أفكار الشرّ التي تعيشها، وفي قلبك، ليصوم عن كلّ عاطفة الشرّ، والصّيام الَّذي تعيشه في جسدك، ليصوم عن كلِّ حركة الشرّ وأحاسيسه. فالصّيام الذي يريده الله منّا في شهر رمضان، هو الصّيام الصّغير الذي يعدّك إعداداً روحياً وإرادياً من أجل الصّوم الكبير، لأنَّ هناك صوماً عن الطّعام والشّراب وبعض الشّهوات في نهار شهر رمضان، ولكن هناك صوم العمر كلّه، في أن تصوم عن الخمر والقمار والزّنا والكذب والسّرقة والظّلم والاستكبار وعن كلّ محرَّم.
لذلك، كان شهر رمضان حركة روحيّة تدريبيّة، تتعلّم فيها كيف تواجه سلطان العادة عليك، وكيف تواجه سلطان الغريزة عليك، وسلطان المغريات الّتي تتحرَّك من هنا وهناك، والضّغوط الّتي تطبق عليك، وكيف تتحرَّر من ذلك لتكون حرّاً في جميع أحوالك، فحريتك ليس هي أن يصدر مرسوم يقول لك إنّك حرّ لوجه الله، فأن تكون الحرّ، يعني أن تكون حرّ الإرادة والعقل والعاطفة، وهي أن تملك نفسك عندما تفكِّر، فلا يضغط عليك فكر الآخرين، وأن تملك قلبك عندما ينبغي، فلا تسقطه نبضات قلوب الآخرين، وأن تملك حركتك ومصيرك من خلال إرادتك، وأن تقول (لا) عندما تكون الــ (لا) هي قرارك، وأن تقول (نعم) عندما تكون الــ (نعم) هي قرارك، فأن تكون حرّاً في إرادتك، فتلك هي الحريّة الّتي قد يتَّصف بها الإنسان المؤمن، حتى لو كان في أضيق الزّنزانات.
* من محاضرة لسماحته بعنوان: "في استهلال شهر رمضان المبارك: الإعدادُ للصّومِ الكبير"، النَّدوة، ج3.
[1]بحار الأنوار، العلَّامة المجلسي، ج 67، ص 209.
[2]شرح أصول الكافي، مولى محمّد صالح المازندراني، ج8، ص 267.
[جاء في خطبة الرّسول (ص) في استقبال شهر رمضان المبارك:]
"فاسألوا الله بنيَّات صادقة". والنيّة هي روح العمل، ففي الحديث الشَّريف: "إنَّ الله يحشر النَّاس على نيَّاتهم يوم القيامة"1. ونقرأ أيضاً أنّ "النيَّة روح العمل"2 . فالعمل المجرَّد جماد، والحركة وحدها لا تعني شيئاً، ولكنَّك إذا أعطيتها نيّة القربة إلى الله صارت صلاةً، وإذا أعطيتها نيّة الإخلاص لعباد الله، صارت عملاً صالحاً وصدقة، والله تعالى يريد أن تكونوا الصَّادقين في نيّاتكم، فعندما تتحرَّك دوافعك، فلتتحرَّك للخير كلّه، وللعدل وللإنسان كلّه.
"فاسألوا الله بنيَّات صادقة"، إذا اطَّلع الله على عمقها، يرى منكم الصِّدق كلّ الصِّدق، وأنتم تناجونه وتعبدونه، "وقلوب طاهرة"، طهِّروا قلوبكم من الشّرّ ومن الحقد والعداوة والبغضاء، فليكن قلبك في نقاء الثَّلج وبياض الصّبح، قلباً مفتوحاً على الله، يحبّ عباد الله ليعمل معهم، ويحبّ الَّذين يختلفون معه ليهديهم، ويحبّ الَّذين يتّفقون معه على البرّ والتقوى ليتعاون معهم.
"أنْ يوفِّقكم لصيامه"، والصّيام هو هذه الحركة الروحيّة الّتي تعيشها في عقلك، ليصوم عن كل أفكار الشرّ التي تعيشها، وفي قلبك، ليصوم عن كلّ عاطفة الشرّ، والصّيام الَّذي تعيشه في جسدك، ليصوم عن كلِّ حركة الشرّ وأحاسيسه. فالصّيام الذي يريده الله منّا في شهر رمضان، هو الصّيام الصّغير الذي يعدّك إعداداً روحياً وإرادياً من أجل الصّوم الكبير، لأنَّ هناك صوماً عن الطّعام والشّراب وبعض الشّهوات في نهار شهر رمضان، ولكن هناك صوم العمر كلّه، في أن تصوم عن الخمر والقمار والزّنا والكذب والسّرقة والظّلم والاستكبار وعن كلّ محرَّم.
لذلك، كان شهر رمضان حركة روحيّة تدريبيّة، تتعلّم فيها كيف تواجه سلطان العادة عليك، وكيف تواجه سلطان الغريزة عليك، وسلطان المغريات الّتي تتحرَّك من هنا وهناك، والضّغوط الّتي تطبق عليك، وكيف تتحرَّر من ذلك لتكون حرّاً في جميع أحوالك، فحريتك ليس هي أن يصدر مرسوم يقول لك إنّك حرّ لوجه الله، فأن تكون الحرّ، يعني أن تكون حرّ الإرادة والعقل والعاطفة، وهي أن تملك نفسك عندما تفكِّر، فلا يضغط عليك فكر الآخرين، وأن تملك قلبك عندما ينبغي، فلا تسقطه نبضات قلوب الآخرين، وأن تملك حركتك ومصيرك من خلال إرادتك، وأن تقول (لا) عندما تكون الــ (لا) هي قرارك، وأن تقول (نعم) عندما تكون الــ (نعم) هي قرارك، فأن تكون حرّاً في إرادتك، فتلك هي الحريّة الّتي قد يتَّصف بها الإنسان المؤمن، حتى لو كان في أضيق الزّنزانات.
* من محاضرة لسماحته بعنوان: "في استهلال شهر رمضان المبارك: الإعدادُ للصّومِ الكبير"، النَّدوة، ج3.
[1]بحار الأنوار، العلَّامة المجلسي، ج 67، ص 209.
[2]شرح أصول الكافي، مولى محمّد صالح المازندراني، ج8، ص 267.