أسألك - يا ربّ - الفضل والعفو

أسألك - يا ربّ - الفضل والعفو

جاء في أدعية الصحيفة السجاديّة للإمام زين العابدين(ع): "اللّهُمَّ إنَّهُ يَحْجُبُني عَنْ مَسْألَتِكَ خَلالٌ ثَلاثٌ، وتَحْدُوني عَلَيْهَا خَلَّةٌ وَاحِدَةٌ؛ يَحْجُبُني أمرٌ أمَرْتَ به فَأبطَأتُ عَنْهُ، ونَهْيٌ نَهَيْتَني عَنْهُ فأسْرَعْتُ إليه، وَنِعْمَةٌ أنْعَمْتَ بِهَا فَقَصَّرْتُ في شُكْرِهَا، ويحْدُوني عَلَى مَسْألِتَكَ... تَفَضُّلُكَ عَلَى مَنْ أقْبَلَ بِوَجْهِهِ إليْكَ، وَوَفَدَ بِحُسْنِ ظنِّهِ عَلَيْكَ، إذ جميعُ إحسَانِكَ تفَضُّلٌ، وإذْ كُلُّ نِعَمِكَ ابْتِدَاءٌ".

* * *

ما هي المشكلة ـ يا ربّ ـ في موقف الخائف الوجل الذي لا يملك التقدّم خطوةً نحوك ليطلب منك عفوك ورضوانك؟ وما هو الحلّ الّذي يدفعني لمواجهة المشكلة بقوّةٍ وواقعيّةٍ وتفاؤل؟

إنّ مشكلتي تتلخّص في نقاط ثلاث:

الأولى: أنّك أمرتني بالذي أردت لي أن أفعله في كثير من الأمور والمواقف، ولكني خالفتك في ذلك كلّه في بعضه، وتراجعت عن الامتثال فيه، وأبطأت عن الاستجابة لك.

الثانية: أنك نهيتني بنهيك الذي أردت لي أن أتركه في الأفعال والأقوال والمواقف والعلاقات التي حرّمتها عليّ... ولكني اقتحمت كلّ ذلك، وأسرعت إليه بفعل شهوتي ومطامعي وأنانيّتي، وتمرّدت عليك.

الثالثة: أنك أنعمت عليّ في مختلف مجالات حياتي بأنواع النّعم، حتى كنت أحسّ بها تغمرني بالسرور والسعادة والراحة والطمأنينة، كما لو كنت الأثير عندك والحبيب إليك، ولكني نسيت ذلك كلّه، وغفلت عنك، فلم أفكّر في مصدر النعمة وخالقها، بل فقدت الإحساس بها وبقيمتها، لأني وجدتها مألوفة لديّ ككلّ الأشياء المعتادة في حياتي التي لا تثير فيّ أيّ شعور بالاهتمام... وهكذا لم أشكر كلّ هذه النعم، ولم تنفتح روحي على فضلك وعطائك من خلالها.

هل تبقى لي الجرأة ـ بعد ذلك كلّه ـ أن أقف بين يديك، أو أسألك بعض ما أحتاجه من القرب إليك؟

كيف يرتفع وجهي إليك وقد سوّدته الذّنوب، وكيف تمتدّ يدي إليك، وقد شلّتها الخطايا، وكيف يشرق في عينيّ نور التطلّع إليك، وقد حاصرتها الظلمات؟

كيف أفكر في الارتفاع إليك، وها أنا في حضيض الإثم سقطت، أو كيف أؤمل الدنوّ منك، وها أنا بكلّ أوضاعي بعيد عنك؟ تلك هي المشكلة، فأين الحلّ؟ وذلك هو المأزق، فأين المخرج؟...

أمّا الحلّ، فهو أنّ شأنك التفضّل على من أقبل بوجهه إليك، بعد أن كان قد صرفه عنك وقتاً طويلاً في إدبار الطاعة وإقبال المعصية، وعلى من وفد بحسن ظنه عليك بعد أن أسرف على نفسه، فلم يترك ذنباً إلاّ وفعله، ولم يدع واجباً إلا وتركه، ولم يتذكر نعمةً إلاّ وكفر بها... ثم فكر أنك أنت الرب الغفور الرحيم الذي لا تخيّب ظنّ من أحسن ظنه بك، فقبلت وفادته، وأكرمت مسألته.

لم يكن إحسانك ردّ فعل لإحسان المحسنين، ولم تكن نعمك جزاءً لسؤال السائلين، بل كان إحسانك منذ انطلق الوجود تفضّلاً، فقد كان الوجود كله بعضاً من تفضلك، وكانت نعمك ابتداءً، فقد أعطيت الخلق كلّهم ما لم يسألوك وما لم يستحقوه.

وفكرت في ذلك كلّه، وأدركت أنَّ بإمكاني أن أسألك بإلحاح وأستعطفك بإصرارٍ، وأفتح قلبي الّذي بقي في طهارته، لأنك في عمق نبضاته وخطواته توحي له بالنقاء، بالرغم من كلّ رجس الذنوب، ولذلك وقفت أمامك... وها أنا ذا بين يديك...

*من كتاب آفاق الروح ، ج 1.

جاء في أدعية الصحيفة السجاديّة للإمام زين العابدين(ع): "اللّهُمَّ إنَّهُ يَحْجُبُني عَنْ مَسْألَتِكَ خَلالٌ ثَلاثٌ، وتَحْدُوني عَلَيْهَا خَلَّةٌ وَاحِدَةٌ؛ يَحْجُبُني أمرٌ أمَرْتَ به فَأبطَأتُ عَنْهُ، ونَهْيٌ نَهَيْتَني عَنْهُ فأسْرَعْتُ إليه، وَنِعْمَةٌ أنْعَمْتَ بِهَا فَقَصَّرْتُ في شُكْرِهَا، ويحْدُوني عَلَى مَسْألِتَكَ... تَفَضُّلُكَ عَلَى مَنْ أقْبَلَ بِوَجْهِهِ إليْكَ، وَوَفَدَ بِحُسْنِ ظنِّهِ عَلَيْكَ، إذ جميعُ إحسَانِكَ تفَضُّلٌ، وإذْ كُلُّ نِعَمِكَ ابْتِدَاءٌ".

* * *

ما هي المشكلة ـ يا ربّ ـ في موقف الخائف الوجل الذي لا يملك التقدّم خطوةً نحوك ليطلب منك عفوك ورضوانك؟ وما هو الحلّ الّذي يدفعني لمواجهة المشكلة بقوّةٍ وواقعيّةٍ وتفاؤل؟

إنّ مشكلتي تتلخّص في نقاط ثلاث:

الأولى: أنّك أمرتني بالذي أردت لي أن أفعله في كثير من الأمور والمواقف، ولكني خالفتك في ذلك كلّه في بعضه، وتراجعت عن الامتثال فيه، وأبطأت عن الاستجابة لك.

الثانية: أنك نهيتني بنهيك الذي أردت لي أن أتركه في الأفعال والأقوال والمواقف والعلاقات التي حرّمتها عليّ... ولكني اقتحمت كلّ ذلك، وأسرعت إليه بفعل شهوتي ومطامعي وأنانيّتي، وتمرّدت عليك.

الثالثة: أنك أنعمت عليّ في مختلف مجالات حياتي بأنواع النّعم، حتى كنت أحسّ بها تغمرني بالسرور والسعادة والراحة والطمأنينة، كما لو كنت الأثير عندك والحبيب إليك، ولكني نسيت ذلك كلّه، وغفلت عنك، فلم أفكّر في مصدر النعمة وخالقها، بل فقدت الإحساس بها وبقيمتها، لأني وجدتها مألوفة لديّ ككلّ الأشياء المعتادة في حياتي التي لا تثير فيّ أيّ شعور بالاهتمام... وهكذا لم أشكر كلّ هذه النعم، ولم تنفتح روحي على فضلك وعطائك من خلالها.

هل تبقى لي الجرأة ـ بعد ذلك كلّه ـ أن أقف بين يديك، أو أسألك بعض ما أحتاجه من القرب إليك؟

كيف يرتفع وجهي إليك وقد سوّدته الذّنوب، وكيف تمتدّ يدي إليك، وقد شلّتها الخطايا، وكيف يشرق في عينيّ نور التطلّع إليك، وقد حاصرتها الظلمات؟

كيف أفكر في الارتفاع إليك، وها أنا في حضيض الإثم سقطت، أو كيف أؤمل الدنوّ منك، وها أنا بكلّ أوضاعي بعيد عنك؟ تلك هي المشكلة، فأين الحلّ؟ وذلك هو المأزق، فأين المخرج؟...

أمّا الحلّ، فهو أنّ شأنك التفضّل على من أقبل بوجهه إليك، بعد أن كان قد صرفه عنك وقتاً طويلاً في إدبار الطاعة وإقبال المعصية، وعلى من وفد بحسن ظنه عليك بعد أن أسرف على نفسه، فلم يترك ذنباً إلاّ وفعله، ولم يدع واجباً إلا وتركه، ولم يتذكر نعمةً إلاّ وكفر بها... ثم فكر أنك أنت الرب الغفور الرحيم الذي لا تخيّب ظنّ من أحسن ظنه بك، فقبلت وفادته، وأكرمت مسألته.

لم يكن إحسانك ردّ فعل لإحسان المحسنين، ولم تكن نعمك جزاءً لسؤال السائلين، بل كان إحسانك منذ انطلق الوجود تفضّلاً، فقد كان الوجود كله بعضاً من تفضلك، وكانت نعمك ابتداءً، فقد أعطيت الخلق كلّهم ما لم يسألوك وما لم يستحقوه.

وفكرت في ذلك كلّه، وأدركت أنَّ بإمكاني أن أسألك بإلحاح وأستعطفك بإصرارٍ، وأفتح قلبي الّذي بقي في طهارته، لأنك في عمق نبضاته وخطواته توحي له بالنقاء، بالرغم من كلّ رجس الذنوب، ولذلك وقفت أمامك... وها أنا ذا بين يديك...

*من كتاب آفاق الروح ، ج 1.

اقرأ المزيد
نسخ الآية نُسِخ!
تفسير الآية