اللّهمّ اجعلنا ممن يكره الظلم

اللّهمّ اجعلنا ممن يكره الظلم

[كان من دعاء الإمام زين العابدين(ع) إذا اعتديَ عليه أو رأى من الظّالمين ما لا يحبّ]:

"اللّهُمَّ صلِّ على محمّدٍ وآلِه، وأعِدْني عليْهِ عدْوَى حاضِرةً، تكون من غيظي به شفاءً، ومنْ حنَقي عليه وفاءً. اللّهُمَّ صلِّ على محمّدٍ وآله، وعوِّضني من ظُلمِهِ لي عفوَك، وأبْدِلني بسوءِ صَنيعِهِ بي رحْمتَكَ، فكلُّ مكْروهٍ جلَلٌ دونَ سخطِكَ، وكلُّ مرزئةٍ سواءٌ مع موْجِدَتِكَ.

اللّهُمَّ فكما كرَّهْتَ إليَّ أن أُظْلَمَ، فقِني من أنْ أظْلِمَ، اللّهُمَّ لا أشْكو إلى أحدٍ سواكَ، ولا أسْتعينُ بحاكمٍ غيرَك، حاشاك، فصلِّ على محمَّدٍ وآله، وصِلْ دُعائي بالإجابَةِ، واقْرِن شكايَتي بالتَّغيير".

* * *

يا ربّ، وتستمر أفكاري في الأجواء الصعبة التي تحيط بي في مواقع الظلم في خط المواجهة بيني وبين ظالمي، لأبقى في توسّلاتي إليك بالدعم والرعاية والقوّة، لتنصرني عليه نصرةً عاجلةً سريعةً، تنفّس عما في نفسي من الغيظ الذي عشته في إحساسي بالقهر في محاولته لإذلالي، وهجومه عليَّ لإسقاطي، وتشبع الحالة النفسية الصعبة التي تضغط عليَّ في النتائج القاسية للظلم. وليست المسألة ـ يا ربّ ـ مسألة حقد ذاتي دفين ضده، أو عقدة نفسية تجاهه، ولكنها المشكلة الصعبة التي أوقعني بها، والعدوان الشديد الذي وجّهه إليّ، بحيث كانت إنسانيّتي مقهورة تحت تأثير ضغوطه، ما جعل من القضية قضية شرّ لا بدّ من التخلص منه، وحالة سوء لا بدّ من إخضاعها، فلم يكن الغيظ الذي يتطلّب الشفاء موجّهاً إلى ذات الإنسان فيه، بل إلى عنصر الظلم في شخصيته، ليكون إذلاله إذلالاً لظلمه، والانتصار عليه انتصاراً على ظلمه، فلا معنى للعفو عنه بعد أن كان مصراً على الاستمرار في الظلم، لأنّ موقع العفو في خطّ التوازن الأخلاقي في الإسلام، هو أن لا يكون العفو مضراً بالمعفوّ عنه، أو بالواقع الذي يتحرّك فيه، لأنّ العفو لا يكون حينئذٍ إحساناً، بل إساءة إليه أو إلى الواقع كلّه.

اللّهُمَّ، وإذا كنت قد وقعتُ تحت تأثير ظلمه، وعجزتُ عن مواجهته، فلا تجعلني أواجه قسوة ظلمه لي، وخطورة غضبك عليّ، في ما واجهته من الانحراف عنك، فأعطني من عفوك ما يعوّضني عن نتائج الظلم وفظاعتها، لأتخفّف بذلك من التأثيرات القاسية عليَّ، مما تحمله نفسي من حالة القهر والألم.

وإذا كنت قد تأثرت بسلوكه السيّئ معي، وصنيعه الشرير تجاهي، فأبدلني بذلك رحمتك، لتكون الضماد لجراحي، والدّواء لآلامي، لأن لمسة الرحمة في حياتي منك، تزيل كلّ مشاكلي في الحياة. إنّ كلّ مكروه يصيبني بالحياة لا قيمة له أمام خطورة سخطك، فإنّه المكروه الذي لا مكروه مثله، لأنه يمثّل انسحاق المصير في الدنيا والآخرة.

وإنّ كلّ مصيبة لا تأثير لها فيّ، فوجودها وعدمها سواء عندي، إذا لم أقع تحت تأثير غضبك، فإنّه المصيبة التي لا مصيبة مثلها.

* * *

اللّهم إنني أكره الظلم كلّه، لأنه لا يتناسب مع إنسانية الإنسان التي أكّدتها من خلال ما قرّرته من تكريم بني آدم، كما لا ينسجم مع خطّ التوازن الذي يمثّله العدل الذي يجسّد الاستقامة في الحياة، الذي أردت للحياة أن تستقيم من خلاله...

وإذا كنت أكره ظلم الآخرين لي، فإني أتوسّل إليك أن تقوّي إنسانيتي، فلا أسقط تحت تأثير نقاط الضعف في نوازع النفس الأمّارة بالسوء، فلا تجعلني ممن يكره الظلم من الآخرين ويرضاه لنفسه ضدّ الآخرين، بل اجعلني ممن يكره الظلم من نفسه، فلا يظلم الآخرين، كما يكرهه من غيره، لأكون إنسان العدل في خطّ رضاك، على أساس وحدة المبدأ لا اختلاف التفاصيل.

* * *

إنّ شكواي إليك لا تُسقط عزّة نفسي ولا تثقل عنفوانها، لأنها شكوى المخلوق الذي يستمدّ كلّ حيوية عمره وفاعلية حياته منك، فذلك هو الأمر الطبيعي في حركة وجودي، أمّا شكواي إلى سواك، فإنها تحطّم كبريائي وتهدم مقامي، لأنّ شكوى المخلوق إلى المخلوق سفهٌ من رأيه، وضلّة من عقله، وتأكيد لضعفه.

إنني ـ يا ربّ ـ لا أستعين، عندما أعجز عن تركيز أموري المهمّة في الحياة، بقدراتي الذاتية، بحاكم غيرك، ممن يملك القوّة والسلطة والقدرة، لأنه لا قيمة لأيّ شخص أمامك، ولا قوّة لحاكم غيرك، لأن كل المخلوقين محكومون لك، خاضعون لسطوتك، تعاليت ـ يا رب ـ أن يكون هناك حاكم غيرك، وحاشا مجدك ووحدانيّتك أن يكون لك في الوجود شريك سبحانك ـ يا ربّ ـ.

هذا دعائي ـ يا ربّ ـ النابع من عمق قلبي، فاقرنه بالإجابة كما وعدت، وهذه شكواي من ضغط الواقع الذي يطبق عليّ، فاقرنه بتغيير حياتي من حال الضّيق إلى السعة، ومن الشدّة إلى الرخاء، ومن العسر إلى اليسر، ومن الظّلم إلى العدل، لأنّ بيديك تغيير الواقع وتغيير الإنسان...

*من كتاب "آفاق الروح"، ج 1.

[كان من دعاء الإمام زين العابدين(ع) إذا اعتديَ عليه أو رأى من الظّالمين ما لا يحبّ]:

"اللّهُمَّ صلِّ على محمّدٍ وآلِه، وأعِدْني عليْهِ عدْوَى حاضِرةً، تكون من غيظي به شفاءً، ومنْ حنَقي عليه وفاءً. اللّهُمَّ صلِّ على محمّدٍ وآله، وعوِّضني من ظُلمِهِ لي عفوَك، وأبْدِلني بسوءِ صَنيعِهِ بي رحْمتَكَ، فكلُّ مكْروهٍ جلَلٌ دونَ سخطِكَ، وكلُّ مرزئةٍ سواءٌ مع موْجِدَتِكَ.

اللّهُمَّ فكما كرَّهْتَ إليَّ أن أُظْلَمَ، فقِني من أنْ أظْلِمَ، اللّهُمَّ لا أشْكو إلى أحدٍ سواكَ، ولا أسْتعينُ بحاكمٍ غيرَك، حاشاك، فصلِّ على محمَّدٍ وآله، وصِلْ دُعائي بالإجابَةِ، واقْرِن شكايَتي بالتَّغيير".

* * *

يا ربّ، وتستمر أفكاري في الأجواء الصعبة التي تحيط بي في مواقع الظلم في خط المواجهة بيني وبين ظالمي، لأبقى في توسّلاتي إليك بالدعم والرعاية والقوّة، لتنصرني عليه نصرةً عاجلةً سريعةً، تنفّس عما في نفسي من الغيظ الذي عشته في إحساسي بالقهر في محاولته لإذلالي، وهجومه عليَّ لإسقاطي، وتشبع الحالة النفسية الصعبة التي تضغط عليَّ في النتائج القاسية للظلم. وليست المسألة ـ يا ربّ ـ مسألة حقد ذاتي دفين ضده، أو عقدة نفسية تجاهه، ولكنها المشكلة الصعبة التي أوقعني بها، والعدوان الشديد الذي وجّهه إليّ، بحيث كانت إنسانيّتي مقهورة تحت تأثير ضغوطه، ما جعل من القضية قضية شرّ لا بدّ من التخلص منه، وحالة سوء لا بدّ من إخضاعها، فلم يكن الغيظ الذي يتطلّب الشفاء موجّهاً إلى ذات الإنسان فيه، بل إلى عنصر الظلم في شخصيته، ليكون إذلاله إذلالاً لظلمه، والانتصار عليه انتصاراً على ظلمه، فلا معنى للعفو عنه بعد أن كان مصراً على الاستمرار في الظلم، لأنّ موقع العفو في خطّ التوازن الأخلاقي في الإسلام، هو أن لا يكون العفو مضراً بالمعفوّ عنه، أو بالواقع الذي يتحرّك فيه، لأنّ العفو لا يكون حينئذٍ إحساناً، بل إساءة إليه أو إلى الواقع كلّه.

اللّهُمَّ، وإذا كنت قد وقعتُ تحت تأثير ظلمه، وعجزتُ عن مواجهته، فلا تجعلني أواجه قسوة ظلمه لي، وخطورة غضبك عليّ، في ما واجهته من الانحراف عنك، فأعطني من عفوك ما يعوّضني عن نتائج الظلم وفظاعتها، لأتخفّف بذلك من التأثيرات القاسية عليَّ، مما تحمله نفسي من حالة القهر والألم.

وإذا كنت قد تأثرت بسلوكه السيّئ معي، وصنيعه الشرير تجاهي، فأبدلني بذلك رحمتك، لتكون الضماد لجراحي، والدّواء لآلامي، لأن لمسة الرحمة في حياتي منك، تزيل كلّ مشاكلي في الحياة. إنّ كلّ مكروه يصيبني بالحياة لا قيمة له أمام خطورة سخطك، فإنّه المكروه الذي لا مكروه مثله، لأنه يمثّل انسحاق المصير في الدنيا والآخرة.

وإنّ كلّ مصيبة لا تأثير لها فيّ، فوجودها وعدمها سواء عندي، إذا لم أقع تحت تأثير غضبك، فإنّه المصيبة التي لا مصيبة مثلها.

* * *

اللّهم إنني أكره الظلم كلّه، لأنه لا يتناسب مع إنسانية الإنسان التي أكّدتها من خلال ما قرّرته من تكريم بني آدم، كما لا ينسجم مع خطّ التوازن الذي يمثّله العدل الذي يجسّد الاستقامة في الحياة، الذي أردت للحياة أن تستقيم من خلاله...

وإذا كنت أكره ظلم الآخرين لي، فإني أتوسّل إليك أن تقوّي إنسانيتي، فلا أسقط تحت تأثير نقاط الضعف في نوازع النفس الأمّارة بالسوء، فلا تجعلني ممن يكره الظلم من الآخرين ويرضاه لنفسه ضدّ الآخرين، بل اجعلني ممن يكره الظلم من نفسه، فلا يظلم الآخرين، كما يكرهه من غيره، لأكون إنسان العدل في خطّ رضاك، على أساس وحدة المبدأ لا اختلاف التفاصيل.

* * *

إنّ شكواي إليك لا تُسقط عزّة نفسي ولا تثقل عنفوانها، لأنها شكوى المخلوق الذي يستمدّ كلّ حيوية عمره وفاعلية حياته منك، فذلك هو الأمر الطبيعي في حركة وجودي، أمّا شكواي إلى سواك، فإنها تحطّم كبريائي وتهدم مقامي، لأنّ شكوى المخلوق إلى المخلوق سفهٌ من رأيه، وضلّة من عقله، وتأكيد لضعفه.

إنني ـ يا ربّ ـ لا أستعين، عندما أعجز عن تركيز أموري المهمّة في الحياة، بقدراتي الذاتية، بحاكم غيرك، ممن يملك القوّة والسلطة والقدرة، لأنه لا قيمة لأيّ شخص أمامك، ولا قوّة لحاكم غيرك، لأن كل المخلوقين محكومون لك، خاضعون لسطوتك، تعاليت ـ يا رب ـ أن يكون هناك حاكم غيرك، وحاشا مجدك ووحدانيّتك أن يكون لك في الوجود شريك سبحانك ـ يا ربّ ـ.

هذا دعائي ـ يا ربّ ـ النابع من عمق قلبي، فاقرنه بالإجابة كما وعدت، وهذه شكواي من ضغط الواقع الذي يطبق عليّ، فاقرنه بتغيير حياتي من حال الضّيق إلى السعة، ومن الشدّة إلى الرخاء، ومن العسر إلى اليسر، ومن الظّلم إلى العدل، لأنّ بيديك تغيير الواقع وتغيير الإنسان...

*من كتاب "آفاق الروح"، ج 1.

اقرأ المزيد
نسخ الآية نُسِخ!
تفسير الآية