إذا ما راجع الإنسان قدراته وطاقاته، ونظر في حدود إمكاناته الجسديّة، فإنه يظلّ
محدوداً وضعيفاً، مقارنةً بمخلوقات وجمادات أخرى، فهو الضعيف الذي يهزّه أدنى مرض،
ويقعده عن الحركة والفعل، فلو لمسته شوكة صغيرة لا ترى بالعين، تراه يتالم ألماً
شديداً على ضخامة بدنه وصغر الشّوكة، ولكن الله تعالى أراده قوياً، منتفضاً على
الركون للخمول والضعف والاستكانة، ساعياً إلى سلوك درب الهداية، ومستثمراً كلّ
إمكاناته العقلية والبدنية والروحية في سبيل الخير والصلاح.
قال تعالى في كتابه العزيز: {يُرِيدُ اللهُ أَن يُخَفِّفَ عَنْكُمْ وَخُلِقَ
الإِنسَـنُ ضَعِيفاً}[النساء: 28].
يشير العلامة المرجع السيد محمد حسين فضل الله(رض)، إلى أن الله تعالى حثّ الإنسان
على استثمار نقاط القوّة لديه، وأراده قويّاً لجهة تفجير طاقاته في سبيل الخير
والحقّ، ودعاه إلى التزام سبيل الهدى، هذا السبيل الذي يزوّده بكلّ قوّة يحتاجها
للثبات على العدل والحقّ والخير، ومواجهة من يحاول إضعافه وإسقاطه، فليس مكتوباً
على الإنسان أن يخضع لنقاط ضعفه بشكل سلبيّ يقعده عن ممارسة دوره ومسؤوليّاته في
الحياة، فهذا ليس مرغوباً ومطلوباً عند الله تعالى.
قال سماحته(رض) في تعليقه على هذه الآية المباركة: " ومن خلال هذا الاستيحاء للآية،
نستطيع أن نواجه الفكرة الخاطئة التي يحاول البعض أن يفهمها من هذه الآية، وهي أنّ
القرآن الكريم يعمل على أن يعمّق إحساس الإنسان بالضّعف، ليشعر بالانسحاق في
إنسانيته تحت وطأة الشعور بضعفه، ما يعطّل فيه إرادة القوّة، ويشلّ فيه طموحه
الكبير في التطلع نحو الأفق الواسع الذي يتّسع لمواهبه الإنسانيّة الكبيرة التي
تخاطب الحياة كلَّها.
إنَّ خطأ الفكرة يكمن في أنَّ صاحبها لم يدرس أجواء الآية التي انطلقت لتوحي بأنَّ
التشريع راعى في عملية التخطيط للإنسان، في ما يريده له من هدى وقوّة، هذا الجانب
الذي تتوزّعه نقاط الضعف؛ ولهذا، فقد خفّف عنه، ليستطيع الوصول إلى طموحاته في
القوّة، والانطلاق بطريقة واقعيّة تتناسب مع طاقاته وإمكاناته.
وقد تحدَّث القرآن عن القوَّة في أكثر من آية، في أجواء السِّلم والحرب، وفي حركة
الفرد والمجتمع، ووجَّه الإنسان إلى الأخذ بأسباب القوَّة التي أودعها الله في نفسه
وفي الحياة؛ وأعطاه الثّقة بنفسه في الإمكانات المودعة فيه، ودفعه إلى جهاد النفس
الذي يتغلب الإنسان معه على كلّ نقاط الضعف في الداخل، وإلى مواجهة التحديات
الخارجية التي تعترضه، وأوحى إليه أن الله جعله خليفته في الأرض، لقدرته على القيام
بذلك من خلال عقله وإرادته، وسخَّر له السموات والأرض وما فيهما من قوى وظواهر
وآفاق، ما يجعل من قضيّة القوّة في حياته قضيّة أساسيّة، تدخل في دوره الفاعل في كلّ
مجالات الحياة".[تفسير من وحي القرآن، ج 7].
ولنا في وصايا الأنبياء والرسل كلّ الهدى والتوجيه والإرشاد، قال نبي الله عيسى بن
مريم (عليهما السّلام): "يا بن آدم، اتَّق ربّك، واتَّق طمعك، وكن في الدنيا عن
شهواتك عفيفاً، عوّد جسمك الصّبر، وقلبك الفكر، ولا تحبس لغد رزقاً، فإنها خطيئة
عليك، وأكثر حمد الله على الفقر، فإنّ من العصمة أن لا تقدر على ما تريد".
في هذه الوصيّة دعوة لنا حتى نتّقي الله تعالى في كلّ أوضاعنا وعلاقاتنا ومشاعرنا،
فنكون فعلاً في سلوكياتنا مصداقاً حقيقيّاً للمتقين الذين يخافون ربهم، ويلتزمون
نهجه وصراطه المستقيم، والذين لا يستعبدهم الطمع، فينقلبون على نعمة الله، ويظلمون
أنفسهم والناس من حولهم، والذين يصبرون ويتعقّلون ويفكّرون في نعم الله، والذين
يقنعون بما رزقهم الله تعالى، فلا يعيشون الحرص، والّذين يحمدون ربهم على ما هم
عليه من حال، فلا يقنطون من رحمته وأفضاله.
إنّ ابن آدم الضّعيف في بدنه، والمحدود في طاقاته، هو قويّ إذا استنار بهدى الله،
ولبّى دعوته، وانفتح على ربّه، عارفاً كيف يوجّه ما يملك من قدرات في سبيل الله
تعالى.
إنّ الآراء الواردة في هذا المقال، لا تعبّر بالضّرورة عن رأي الموقع، وإنّما عن
وجهة نظر صاحبها.
إذا ما راجع الإنسان قدراته وطاقاته، ونظر في حدود إمكاناته الجسديّة، فإنه يظلّ
محدوداً وضعيفاً، مقارنةً بمخلوقات وجمادات أخرى، فهو الضعيف الذي يهزّه أدنى مرض،
ويقعده عن الحركة والفعل، فلو لمسته شوكة صغيرة لا ترى بالعين، تراه يتالم ألماً
شديداً على ضخامة بدنه وصغر الشّوكة، ولكن الله تعالى أراده قوياً، منتفضاً على
الركون للخمول والضعف والاستكانة، ساعياً إلى سلوك درب الهداية، ومستثمراً كلّ
إمكاناته العقلية والبدنية والروحية في سبيل الخير والصلاح.
قال تعالى في كتابه العزيز: {يُرِيدُ اللهُ أَن يُخَفِّفَ عَنْكُمْ وَخُلِقَ
الإِنسَـنُ ضَعِيفاً}[النساء: 28].
يشير العلامة المرجع السيد محمد حسين فضل الله(رض)، إلى أن الله تعالى حثّ الإنسان
على استثمار نقاط القوّة لديه، وأراده قويّاً لجهة تفجير طاقاته في سبيل الخير
والحقّ، ودعاه إلى التزام سبيل الهدى، هذا السبيل الذي يزوّده بكلّ قوّة يحتاجها
للثبات على العدل والحقّ والخير، ومواجهة من يحاول إضعافه وإسقاطه، فليس مكتوباً
على الإنسان أن يخضع لنقاط ضعفه بشكل سلبيّ يقعده عن ممارسة دوره ومسؤوليّاته في
الحياة، فهذا ليس مرغوباً ومطلوباً عند الله تعالى.
قال سماحته(رض) في تعليقه على هذه الآية المباركة: " ومن خلال هذا الاستيحاء للآية،
نستطيع أن نواجه الفكرة الخاطئة التي يحاول البعض أن يفهمها من هذه الآية، وهي أنّ
القرآن الكريم يعمل على أن يعمّق إحساس الإنسان بالضّعف، ليشعر بالانسحاق في
إنسانيته تحت وطأة الشعور بضعفه، ما يعطّل فيه إرادة القوّة، ويشلّ فيه طموحه
الكبير في التطلع نحو الأفق الواسع الذي يتّسع لمواهبه الإنسانيّة الكبيرة التي
تخاطب الحياة كلَّها.
إنَّ خطأ الفكرة يكمن في أنَّ صاحبها لم يدرس أجواء الآية التي انطلقت لتوحي بأنَّ
التشريع راعى في عملية التخطيط للإنسان، في ما يريده له من هدى وقوّة، هذا الجانب
الذي تتوزّعه نقاط الضعف؛ ولهذا، فقد خفّف عنه، ليستطيع الوصول إلى طموحاته في
القوّة، والانطلاق بطريقة واقعيّة تتناسب مع طاقاته وإمكاناته.
وقد تحدَّث القرآن عن القوَّة في أكثر من آية، في أجواء السِّلم والحرب، وفي حركة
الفرد والمجتمع، ووجَّه الإنسان إلى الأخذ بأسباب القوَّة التي أودعها الله في نفسه
وفي الحياة؛ وأعطاه الثّقة بنفسه في الإمكانات المودعة فيه، ودفعه إلى جهاد النفس
الذي يتغلب الإنسان معه على كلّ نقاط الضعف في الداخل، وإلى مواجهة التحديات
الخارجية التي تعترضه، وأوحى إليه أن الله جعله خليفته في الأرض، لقدرته على القيام
بذلك من خلال عقله وإرادته، وسخَّر له السموات والأرض وما فيهما من قوى وظواهر
وآفاق، ما يجعل من قضيّة القوّة في حياته قضيّة أساسيّة، تدخل في دوره الفاعل في كلّ
مجالات الحياة".[تفسير من وحي القرآن، ج 7].
ولنا في وصايا الأنبياء والرسل كلّ الهدى والتوجيه والإرشاد، قال نبي الله عيسى بن
مريم (عليهما السّلام): "يا بن آدم، اتَّق ربّك، واتَّق طمعك، وكن في الدنيا عن
شهواتك عفيفاً، عوّد جسمك الصّبر، وقلبك الفكر، ولا تحبس لغد رزقاً، فإنها خطيئة
عليك، وأكثر حمد الله على الفقر، فإنّ من العصمة أن لا تقدر على ما تريد".
في هذه الوصيّة دعوة لنا حتى نتّقي الله تعالى في كلّ أوضاعنا وعلاقاتنا ومشاعرنا،
فنكون فعلاً في سلوكياتنا مصداقاً حقيقيّاً للمتقين الذين يخافون ربهم، ويلتزمون
نهجه وصراطه المستقيم، والذين لا يستعبدهم الطمع، فينقلبون على نعمة الله، ويظلمون
أنفسهم والناس من حولهم، والذين يصبرون ويتعقّلون ويفكّرون في نعم الله، والذين
يقنعون بما رزقهم الله تعالى، فلا يعيشون الحرص، والّذين يحمدون ربهم على ما هم
عليه من حال، فلا يقنطون من رحمته وأفضاله.
إنّ ابن آدم الضّعيف في بدنه، والمحدود في طاقاته، هو قويّ إذا استنار بهدى الله،
ولبّى دعوته، وانفتح على ربّه، عارفاً كيف يوجّه ما يملك من قدرات في سبيل الله
تعالى.
إنّ الآراء الواردة في هذا المقال، لا تعبّر بالضّرورة عن رأي الموقع، وإنّما عن
وجهة نظر صاحبها.