ورد في الحديث التّعبير بالعبادة عن بعض السلوكيّات العامّة، سواء في نطاق الحياة الماديّة أو الأخلاقيّة أو العلميّة.
وروي عنه (ص): "العبادة سبعون جزءاً، أفضلها طلب الحلال".
فاعتبر أنّ الإنسان الذي يعمل في سبيل الحصول على الرّزق الحلال، هو إنسانٌ عابدٌ لله بأفضل أنواع العبادة.
وقد ورد في بعض الأحاديث تفصيل الأهداف التي يرضاها الله سبحانه في طلب الرّزق، فعن النبيّ (ص) أنّه كان جالساً وحوله أصحابه، ومرّ شابّ يحمل بعض أوراق العمل وهو متّجهٌ إلى عمله، ويُروى أنّ بعض أصحاب النبيّ (ص) علّق على هذا الشّاب قائلاً: "لو أنَّ هذا الشّابّ جَعل شبابَه ونشاطَه وقوّتَه في سبيلِ اللهِ! فَسَمِعَ رسولُ اللهِ (ص) مقالتَنا وقال: "وما سبيلُ اللهِ إلا مَن قُتِلَ؟ مَن سعى على والدَيْهِ ففي سبيلِ اللهِ، ومَن سعى على عيالِه ففي سبيلِ اللهِ، ومَن سعى على نفسهِ لِيَعُفَّها فهو في سبيلِ اللهِ، ومَن سعى على التّكاثر فهو في سبيل الشّيطان".
وأضاف النبيّ (ص)، كما ورد في الرواية: "إن كان هذا الشابّ خرج لأبوين عنده يعولهما، فقد خرج في سبيل الله، وإن كان قد خرج ليعود بالمال على نفسه وعياله، فقد خرج في سبيل الله، وإن كان خرج ليكفّ ماء وجهه عن النّاس، فقد خرج في سبيل الله، وإن كان خرج ليستعلي بالمال على النّاس، فقد خرج في سبيل الشّيطان"، "إن كان خرج يسعى على وُلده صغاراً فهو في سبيل الله، وإن كان خرج يسعى على أبوين شيخين كبيرين فهو في سبيل الله، وإن كان خرج يسعى على نفسه يعفّها فهو في سبيل الله، وإن كان خرج يسعى رياءً ومفاخرةً فهو في سبيل الشّيطان".
على ضوء هذه الرؤية النبويّة، والصورة الإسلاميّة، فإنّ هناك أهدافاً ثلاثةً لطلب الرّزق يعتبر طلب الرّزق فيها عملاً في سبيل الله، كما لو كان مجاهداً في سبيل الله، وهو أن يطلب الإنسان الرّزق لإعالة والديه، ولإعالة أولاده، أو لكفِّ ماء وجهه عن النَّاس.
وأمّا النقطة الرابعة، فهي أن يطلب المرء المال ليصير غنيّاً، ليتكبّر على الناس بماله وليستعلي عليهم، ممّا يُدخله في سبيل الشّيطان.
وقد ورد: "الكادّ على عياله كالمجاهد في سبيل الله".
إنّ العمل في سبيل طلب الحلال هو من أفضل أنواع العبادة، إذا قام الإنسان به وشَادَ بُنيانَهُ على أساس الشّروط الشرعيّة في ذلك كلّه، فالإنسان العامل المؤدّي لواجباته الشرعيّة هو في عبادةٍ من الصباح إلى المساء.
الأخذ بالأسباب الحلال
وقد ورد عن بعض أئمَّة أهل البيت (ع): "من بات كالّاً ـ تعبان ـ من طلب الحلال، بات مغفوراً له". فالله يغفر ذنوبه، والإسلام لا يريد من الإنسان المتقرِّب إلى الله أن يجلس من الصّباح إلى المساء في المسجد، أو يصوم احتساباً أو استحباباً، أو يصلّي النوافل فحسب، ولكن أن يأخذ مضافاً إلى واجباته كلّها بأسباب حياته.
فالله تعالى يبغض العبد البطّال، الذي يعيش البطالة والعالة على الآخرين، فيتدبّرُ الآخرون شؤونه، ويمنحونه ما يقوته وما يُمكنه من مزاولة الحياة.
وقد سأل الإمام أبو عبد الله الصّادق (ع) عن رجل وأنا عنده ـ فقيل له: أصابته الحاجة، قال: "فماذا يصنع اليوم؟"، قيل: في البيت يعبد ربَّه عزّ وجلّ، قال: "فمن أين قُوتُه؟"، قيل: من عند بعض إخوانه، قال (ع): "والله، لَلّذي يقوته أشدُّ عبادةً منه"، لأنه يقوم بعملٍ في سبيل إخوانه عامّةً.
إنَّ الله لا يريدنا أن نقضي أوقاتنا في الصّلوات والأدعية فحسب، لأنّ للحياة علينا واجباً ومسؤوليّة كبرى نستوحيها من سورة الجمعة: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ * فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللهِ وَاذْكُرُوا اللهَ كَثِيراً لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}(الجمعة: 9 -10). ففضل الله هو العمل الدّؤوب الذي لا عطلة تقليديّة فيه ـ إلا وقت الراحة ـ {هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولاً فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ}(الملك: 15). ومناكب الأرض ما سهّله الله للإنسان، ليُحصِّل رزقه ونتاجه وقوته، ليكمل مسيرة الحياة وفق ما أراده الله سبحانه.
إنَّ لكلِّ عمرٍ من أعمار الإنسان عملاً! وطلب الحلال عبادة من عبادات الله الّذي لا يريد للإنسان أن يلقي كَلَّهُ على النّاس.
*من كتاب "في رحاب رسالة الحقوق".
ورد في الحديث التّعبير بالعبادة عن بعض السلوكيّات العامّة، سواء في نطاق الحياة الماديّة أو الأخلاقيّة أو العلميّة.
وروي عنه (ص): "العبادة سبعون جزءاً، أفضلها طلب الحلال".
فاعتبر أنّ الإنسان الذي يعمل في سبيل الحصول على الرّزق الحلال، هو إنسانٌ عابدٌ لله بأفضل أنواع العبادة.
وقد ورد في بعض الأحاديث تفصيل الأهداف التي يرضاها الله سبحانه في طلب الرّزق، فعن النبيّ (ص) أنّه كان جالساً وحوله أصحابه، ومرّ شابّ يحمل بعض أوراق العمل وهو متّجهٌ إلى عمله، ويُروى أنّ بعض أصحاب النبيّ (ص) علّق على هذا الشّاب قائلاً: "لو أنَّ هذا الشّابّ جَعل شبابَه ونشاطَه وقوّتَه في سبيلِ اللهِ! فَسَمِعَ رسولُ اللهِ (ص) مقالتَنا وقال: "وما سبيلُ اللهِ إلا مَن قُتِلَ؟ مَن سعى على والدَيْهِ ففي سبيلِ اللهِ، ومَن سعى على عيالِه ففي سبيلِ اللهِ، ومَن سعى على نفسهِ لِيَعُفَّها فهو في سبيلِ اللهِ، ومَن سعى على التّكاثر فهو في سبيل الشّيطان".
وأضاف النبيّ (ص)، كما ورد في الرواية: "إن كان هذا الشابّ خرج لأبوين عنده يعولهما، فقد خرج في سبيل الله، وإن كان قد خرج ليعود بالمال على نفسه وعياله، فقد خرج في سبيل الله، وإن كان خرج ليكفّ ماء وجهه عن النّاس، فقد خرج في سبيل الله، وإن كان خرج ليستعلي بالمال على النّاس، فقد خرج في سبيل الشّيطان"، "إن كان خرج يسعى على وُلده صغاراً فهو في سبيل الله، وإن كان خرج يسعى على أبوين شيخين كبيرين فهو في سبيل الله، وإن كان خرج يسعى على نفسه يعفّها فهو في سبيل الله، وإن كان خرج يسعى رياءً ومفاخرةً فهو في سبيل الشّيطان".
على ضوء هذه الرؤية النبويّة، والصورة الإسلاميّة، فإنّ هناك أهدافاً ثلاثةً لطلب الرّزق يعتبر طلب الرّزق فيها عملاً في سبيل الله، كما لو كان مجاهداً في سبيل الله، وهو أن يطلب الإنسان الرّزق لإعالة والديه، ولإعالة أولاده، أو لكفِّ ماء وجهه عن النَّاس.
وأمّا النقطة الرابعة، فهي أن يطلب المرء المال ليصير غنيّاً، ليتكبّر على الناس بماله وليستعلي عليهم، ممّا يُدخله في سبيل الشّيطان.
وقد ورد: "الكادّ على عياله كالمجاهد في سبيل الله".
إنّ العمل في سبيل طلب الحلال هو من أفضل أنواع العبادة، إذا قام الإنسان به وشَادَ بُنيانَهُ على أساس الشّروط الشرعيّة في ذلك كلّه، فالإنسان العامل المؤدّي لواجباته الشرعيّة هو في عبادةٍ من الصباح إلى المساء.
الأخذ بالأسباب الحلال
وقد ورد عن بعض أئمَّة أهل البيت (ع): "من بات كالّاً ـ تعبان ـ من طلب الحلال، بات مغفوراً له". فالله يغفر ذنوبه، والإسلام لا يريد من الإنسان المتقرِّب إلى الله أن يجلس من الصّباح إلى المساء في المسجد، أو يصوم احتساباً أو استحباباً، أو يصلّي النوافل فحسب، ولكن أن يأخذ مضافاً إلى واجباته كلّها بأسباب حياته.
فالله تعالى يبغض العبد البطّال، الذي يعيش البطالة والعالة على الآخرين، فيتدبّرُ الآخرون شؤونه، ويمنحونه ما يقوته وما يُمكنه من مزاولة الحياة.
وقد سأل الإمام أبو عبد الله الصّادق (ع) عن رجل وأنا عنده ـ فقيل له: أصابته الحاجة، قال: "فماذا يصنع اليوم؟"، قيل: في البيت يعبد ربَّه عزّ وجلّ، قال: "فمن أين قُوتُه؟"، قيل: من عند بعض إخوانه، قال (ع): "والله، لَلّذي يقوته أشدُّ عبادةً منه"، لأنه يقوم بعملٍ في سبيل إخوانه عامّةً.
إنَّ الله لا يريدنا أن نقضي أوقاتنا في الصّلوات والأدعية فحسب، لأنّ للحياة علينا واجباً ومسؤوليّة كبرى نستوحيها من سورة الجمعة: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ * فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللهِ وَاذْكُرُوا اللهَ كَثِيراً لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}(الجمعة: 9 -10). ففضل الله هو العمل الدّؤوب الذي لا عطلة تقليديّة فيه ـ إلا وقت الراحة ـ {هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولاً فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ}(الملك: 15). ومناكب الأرض ما سهّله الله للإنسان، ليُحصِّل رزقه ونتاجه وقوته، ليكمل مسيرة الحياة وفق ما أراده الله سبحانه.
إنَّ لكلِّ عمرٍ من أعمار الإنسان عملاً! وطلب الحلال عبادة من عبادات الله الّذي لا يريد للإنسان أن يلقي كَلَّهُ على النّاس.
*من كتاب "في رحاب رسالة الحقوق".