كتابات
02/04/2014

علّة تعدُّد الزّوجات وعدم تعدّد الأزواج

علّة تعدُّد الزّوجات وعدم تعدّد الأزواج

في حركة تنظيم الواقع، لا بُدَّ من ملاحظة المعطيات والمبرّرات لأيِّ قانون، لأنَّ القانون ليس مجرّد حالةٍ مزاجيّةٍ طارئةٍ، يمكن أن تحلّل فيها شيئاً أو تحرّمه، لتجعل ذلك قانوناً، بل هو قضايا ترتبط بالواقع.

لذلك، عندما نأتي إلى مسألة تعدُّد الزّوجات، فإنَّنا نواجه هذا السؤال: لماذا التعدُّد؟ والجواب أوّلاً، أنّه عندما ندرس المسألة في الجانب الجنسي، وهو الجانب الحيويّ في العلاقات الزوجيَّة، وإن لم يكن الجانب الوحيد، فإنَّنا نجد أنَّ الرّجل قد لا يعيش الاكتفاء الجنسي مع امرأة واحدة، ولذلك، كان تطلّع الرّجل في مدى التاريخ إلى العلاقات الأخرى، وهو أمرٌ يحكم حركة الرّجل في التاريخ. وربَّما يعيش الكثير من النَّاس وحدة العلاقة الزوجيّة، ولكنَّهم في الوقت نفسه، يعيشون واقع التعدّد في العلاقات الجنسيّة.

ومن هنا، كان الزّنا مصاحباً للعلاقات الزوجيّة على مدى التاريخ، حتَّى في الواقع المعاصر الذي يشرّع فيه العالم الغربي، ومن يتبعه من المسلمين وغيرهم، وحدة الزوجة، فإنَّه يفسح المجال بشكلٍ قانوني أو غير قانوني، للعلاقات غير الشرعيّة خارج نطاق الزوجيّة، حتَّى إنَّنا رأينا أنَّ بعض القوانين الغربية، تعطي للعلاقات غير الشرعيّة بُعداً قانونياً، يجعلها تساوي العلاقات الشرعيّة، إن لم تتقدّم عليها في بعض الحالات. إنَّ ذلك يعني أنَّ التعدُّديّة في العلاقات الجنسيّة أمرٌ يفرضه واقع الإنسان في التّاريخ، هذا من جهة.

ومن جهة ثانية، فإنَّ الرّجل هو الأكثر سرعةً في الإثارة، ومن هنا، فإنَّه قد يعيش في كثير من الحالات، حاجةً أكبر من حاجة المرأة إلى الجنس، بحيث إنَّ امرأة واحدة لا تسدّ حاجته تلك. لذلك، لا بُدَّ من معالجة جادّة ليسدّ هذه الثغرة (حتَّى وإن كانت لا تمثِّل الأغلبيّة)، ولا سيّما في الحالات الّتي يحتاج فيها الرّجل إلى الاستقرار في العلاقات الجنسيّة المتعدّدة. ومن هنا، كانت مسألة التعدُّديّة في العلاقات الزوجيّة لمواجهة هذه الحالة الجنسيّة المتميّزة.

والنقطة الثالثة، هي أنَّ الحروب تجتاح الرّجال أكثر مما تجتاح النِّساء، وهذا أمرٌ تاريخي، لأنَّ الرّجال دائماً هم وقود هذه الحروب ـ وإذا كانت بعض الأنظمة الجديدة في الجيوش الحديثة، تفسح المجال للمرأة لتدخل في الحرب، فإنَّها لا تمثِّل حجماً كبيراً في هذا المجال ـ ما يؤثر حتماً في نسبة التوازن بين عدد النِّساء والرّجال.

إذاً، ماذا نفعل بهذا الفائض من النِّساء؟ هل نحكم بحرمانه من العلاقة الجنسيّة، أو ندفع به إلى الانحراف؟ وهذا يمثِّل تعقيداً للمشكلة أو هروباً منها، بدلاً من أن يمثِّل حلاً لها. لذلك، فإنَّ الزواج الثاني أو الثالث، بالرّغم من سلبياته، يمثِّل إيجابيّة في هذا المجال.

وربَّما تكون المرأة التي يحبّها الرّجل عاقراً، وهو يبحث عن ولد ولا يريد أن يطلّقها، فإنَّ الزواج الثاني قد يكون حلاً في هذا المجال أيضاً، عندما يلبي رغبة الرّجل في الولد... وهناك أمور أخرى لا مجال للتّفصيل فيها.

وقد يُقال: لماذا التعدّد للرّجل دون المرأة؟ عندما ندرس المسألة من الناحية التاريخيّة، فإنَّنا لا نجد أنَّ تاريخ المرأة هو تاريخ التعدّد، إلا عندما تتحوّل المرأة إلى امرأةٍ تمتهن البغاء. والقضيّة، في هذه الحالة، لا تمثِّل حاجةً جنسيّة بالنّسبة إليها، بقدر ما تكون حاجة وظروفاً اقتصاديّة تلجئها إلى ذلك.

لذلك، فإنَّ التاريخ الطبيعي للمرأة هو تاريخ الوحدة في العلاقة، بدلاً من تعدّدها، حتّى إنَّه يُقال في هذا الموضوع، إنَّ المرأة بحسب طبيعتها، تميل إلى العلاقات الفردانيّة لا إلى العلاقات المتعدّدة، فهي تحبّ أن تتملّك الرّجل، وأن يتملّكها الرّجل من ناحية معيّنة، وإنَّ المرأة لا يمكن لها إلا أن تعطي كلّها لرجل واحد، ولا تستطيع أن تقسم نفسها بين رجلين.

كما أنَّ المرأة لا تواجه المشكلات التي ذكرناها سابقاً، في ما يمكن أن يكون مبرّراً للتعدُّد؛ فطبيعتها ليست كطبيعة الرّجل في حاجتها إلى الجنس، حيث إنَّ المرأة (وبشكلٍ عام)، أبطأ من الرّجل في الاستثارة الجنسيّة وحالة الهيجان الجنسي، وغالباً ما يكون رجل واحد كافياً تماماً لتلبية حاجاتها الجنسيّة ـ إلا في حالات الشّواذ، وهي طارئة ـ وإنَّ أغلب المشاكل الزوجيّة عادةً، تكون بسبب عدم تمكّن الرّجل من الوصول بالمرأة إلى الارتواء الجنسي، لبطئها، وقلّة هيجانها بالنّسبة إلى ما يعيشه هو. ثُمَّ ليست هناك حاجة على أساس افتراض كثرة الرجال في مقابل قلّة النِّساء، لأنَّ هذا ليس واقعاً عالمياً، لا من الناحية الذاتية، ولا من الناحية الطارئة، من جهة الحروب أو ما إلى ذلك.

كما أنَّ هناك نقطة، وهي أنَّ الإسلام يرى المصلحة في النظام العائلي الأبوي، حيث إنَّ المسألة تتصل بالجانب الطبيعي، إضافةً إلى الجانب الاجتماعي، لأنَّ الأسرة تحتاج إلى شخص يقوم عليها، والرّجل هو الأكثر قدرةً على تحمّل مسؤوليّة الأسرة من المرأة. قد يكون ذلك من ناحية عضليّة أو غير عضليّة، فإنَّ هذا ليس أساسيّاً، ولكنّ المرأة، بحسب إعدادها للحمل وللرّضاعة وغير ذلك، لا تملك حريّة التحرّك في تحمّل المسؤوليّة، إلا على حساب الأولاد والأطفال في هذا المجال. 

ومسألة الحكم في اختلاط المياه، تنطلق من أنَّ النظام الأسريّ القائم على النظام الأبوي، لا ينسجم مع نظام تعدّد الأزواج للمرأة، باعتبار أنَّه يوجب بشكلٍ عام ضياع النّسب في هذا المقام، وهذه المسألة لا يزال العالم يعيشها، حتّى إنَّ الغرب لا يزال يعتبر أنَّ النظام الأبويّ هو النظام المعتمد، على الرّغم من حالة المساواة بين المرأة والرّجل في الحقوق والواجبات. ولذلك، تأخذ المرأة اسم عائلة الرّجل، ولا يأخذ الرّجل اسم عائلة المرأة، ويأخذ الولد اسم أبيه ولا يأخذ اسم أمّه (إلا في حالات طارئة شاذّة)، الأمر الذي يعني أنَّ النظام العالمي قائم على أساس النظام الأبوي. والنظام الأبوي يفرض انتساب الولد إلى أبيه، وهذا لا يمكن أن يكون ممكناً في حالات التعدّد في الأزواج بشكلٍ عام، حتّى لو فرضنا الكثير من القيود والحدود والضّوابط، التي لا نستطيع الاطمئنان إليها، بأنَّ المرأة إذا حملت من شخص، فإنَّها تمتنع عن الاتصال بشخص ثان، فهذا أمرٌ غير طبيعي.

كما أنَّ مسألة إدارة المرأة للبيت، تختلف عن إدارة الرّجل له، من حيث الكثير من العناصر الموجودة في شخصيّة الرّجل، التي تحمي الطفل في إحساسه بالضّعف. ولذلك، فإنَّنا نجد أنَّ الرجال الذين عاشوا مع أمّهاتهم، يختلفون عن الرّجال الذين عاشوا مع آبائهم، وهذا هو السرّ الّذي جعل الإسلام يعطي حقّ الحضانة (خارج إطار مرحلة السنتين) للرّجل دون المرأة، على الرغم من وجود سلبيّات، ولكنّ الإيجابيّات أكثر في هذا الجانب. لذلك، فإنَّنا نتصوّر أنَّ المسألة تتحرّك على أساس أنَّ هناك خصائص في الرّجل تتّصل بتكوينه وبحركته في عناصر الشخصيّة، تختلف عن المرأة بالنّسبة إلى إدارة الأسرة، وربَّما العالم كلّه ـ حتّى العالم المتحضّر ـ يتحرّك على أساس أنَّ إدارة الرجال للقضايا الكبرى تتقدّم على إدارة النساء، حتّى في الحالات التي يفسح فيها المجال للنّساء في عالم الإدارة.

ولنتصوّر أنَّ بيتاً فيه امرأة واحدة لعدّة رجال، فكيف يكون حاله؟ إنَّ هذا البيت لن يكون بيت سلام، باعتبار أنَّ الخصائص الموجودة لدى الرّجل في علاقته بالمرأة، تجعل من هذا التعدّد حالة حرب ونزاع بين الرّجال، بينما نجد الظروف التاريخيّة، أو عناصر الشخصيّة التي عاشتها النِّساء مع الرّجل، لا تحوّل البيت إلى حالة حرب عندما يكون هناك رجل واحد وعدّة نساء، فقد تثار بعض التعقيدات، نتيجة أنَّ التعدّدية في النِّساء توجد أنواعاً من المشاكل؛ لكن عندما تكون المسألة مسألة امرأة وعدّة رجال، فإنَّ المسألة قد تتّخذ حالة حرب تهدم سلام البيت، وهذا ما نلاحظه عندما يجتمع عدّة رجال على الرّغبة في امرأة معيّنة، فإنَّ الأمر يمثِّل، عند وصول المسألة إلى خطوط التماس، إذا صحّ التّعبير، حالة حرب بين الفرقاء.

ويذكر التّاريخ أنَّ هناك نظاماً (أموميّاً) وجد في مراحل متناثرة في التّاريخ، ولكنَّنا لا نملك الكثير من تفاصيل حركته الواقعيّة في العلاقات بين الرّجل والمرأة. ومهما كانت المسألة، فإنَّها مجرّد حالة في منطقة معيّنة، وفي فجوة من التاريخ، لكنَّنا عندما ندرس التّاريخ، نجد أنَّ النظام الأبويّ هي الّذي يحكم الأسرة بشكل عامّ.

 * كتاب فقه الحياة

في حركة تنظيم الواقع، لا بُدَّ من ملاحظة المعطيات والمبرّرات لأيِّ قانون، لأنَّ القانون ليس مجرّد حالةٍ مزاجيّةٍ طارئةٍ، يمكن أن تحلّل فيها شيئاً أو تحرّمه، لتجعل ذلك قانوناً، بل هو قضايا ترتبط بالواقع.

لذلك، عندما نأتي إلى مسألة تعدُّد الزّوجات، فإنَّنا نواجه هذا السؤال: لماذا التعدُّد؟ والجواب أوّلاً، أنّه عندما ندرس المسألة في الجانب الجنسي، وهو الجانب الحيويّ في العلاقات الزوجيَّة، وإن لم يكن الجانب الوحيد، فإنَّنا نجد أنَّ الرّجل قد لا يعيش الاكتفاء الجنسي مع امرأة واحدة، ولذلك، كان تطلّع الرّجل في مدى التاريخ إلى العلاقات الأخرى، وهو أمرٌ يحكم حركة الرّجل في التاريخ. وربَّما يعيش الكثير من النَّاس وحدة العلاقة الزوجيّة، ولكنَّهم في الوقت نفسه، يعيشون واقع التعدّد في العلاقات الجنسيّة.

ومن هنا، كان الزّنا مصاحباً للعلاقات الزوجيّة على مدى التاريخ، حتَّى في الواقع المعاصر الذي يشرّع فيه العالم الغربي، ومن يتبعه من المسلمين وغيرهم، وحدة الزوجة، فإنَّه يفسح المجال بشكلٍ قانوني أو غير قانوني، للعلاقات غير الشرعيّة خارج نطاق الزوجيّة، حتَّى إنَّنا رأينا أنَّ بعض القوانين الغربية، تعطي للعلاقات غير الشرعيّة بُعداً قانونياً، يجعلها تساوي العلاقات الشرعيّة، إن لم تتقدّم عليها في بعض الحالات. إنَّ ذلك يعني أنَّ التعدُّديّة في العلاقات الجنسيّة أمرٌ يفرضه واقع الإنسان في التّاريخ، هذا من جهة.

ومن جهة ثانية، فإنَّ الرّجل هو الأكثر سرعةً في الإثارة، ومن هنا، فإنَّه قد يعيش في كثير من الحالات، حاجةً أكبر من حاجة المرأة إلى الجنس، بحيث إنَّ امرأة واحدة لا تسدّ حاجته تلك. لذلك، لا بُدَّ من معالجة جادّة ليسدّ هذه الثغرة (حتَّى وإن كانت لا تمثِّل الأغلبيّة)، ولا سيّما في الحالات الّتي يحتاج فيها الرّجل إلى الاستقرار في العلاقات الجنسيّة المتعدّدة. ومن هنا، كانت مسألة التعدُّديّة في العلاقات الزوجيّة لمواجهة هذه الحالة الجنسيّة المتميّزة.

والنقطة الثالثة، هي أنَّ الحروب تجتاح الرّجال أكثر مما تجتاح النِّساء، وهذا أمرٌ تاريخي، لأنَّ الرّجال دائماً هم وقود هذه الحروب ـ وإذا كانت بعض الأنظمة الجديدة في الجيوش الحديثة، تفسح المجال للمرأة لتدخل في الحرب، فإنَّها لا تمثِّل حجماً كبيراً في هذا المجال ـ ما يؤثر حتماً في نسبة التوازن بين عدد النِّساء والرّجال.

إذاً، ماذا نفعل بهذا الفائض من النِّساء؟ هل نحكم بحرمانه من العلاقة الجنسيّة، أو ندفع به إلى الانحراف؟ وهذا يمثِّل تعقيداً للمشكلة أو هروباً منها، بدلاً من أن يمثِّل حلاً لها. لذلك، فإنَّ الزواج الثاني أو الثالث، بالرّغم من سلبياته، يمثِّل إيجابيّة في هذا المجال.

وربَّما تكون المرأة التي يحبّها الرّجل عاقراً، وهو يبحث عن ولد ولا يريد أن يطلّقها، فإنَّ الزواج الثاني قد يكون حلاً في هذا المجال أيضاً، عندما يلبي رغبة الرّجل في الولد... وهناك أمور أخرى لا مجال للتّفصيل فيها.

وقد يُقال: لماذا التعدّد للرّجل دون المرأة؟ عندما ندرس المسألة من الناحية التاريخيّة، فإنَّنا لا نجد أنَّ تاريخ المرأة هو تاريخ التعدّد، إلا عندما تتحوّل المرأة إلى امرأةٍ تمتهن البغاء. والقضيّة، في هذه الحالة، لا تمثِّل حاجةً جنسيّة بالنّسبة إليها، بقدر ما تكون حاجة وظروفاً اقتصاديّة تلجئها إلى ذلك.

لذلك، فإنَّ التاريخ الطبيعي للمرأة هو تاريخ الوحدة في العلاقة، بدلاً من تعدّدها، حتّى إنَّه يُقال في هذا الموضوع، إنَّ المرأة بحسب طبيعتها، تميل إلى العلاقات الفردانيّة لا إلى العلاقات المتعدّدة، فهي تحبّ أن تتملّك الرّجل، وأن يتملّكها الرّجل من ناحية معيّنة، وإنَّ المرأة لا يمكن لها إلا أن تعطي كلّها لرجل واحد، ولا تستطيع أن تقسم نفسها بين رجلين.

كما أنَّ المرأة لا تواجه المشكلات التي ذكرناها سابقاً، في ما يمكن أن يكون مبرّراً للتعدُّد؛ فطبيعتها ليست كطبيعة الرّجل في حاجتها إلى الجنس، حيث إنَّ المرأة (وبشكلٍ عام)، أبطأ من الرّجل في الاستثارة الجنسيّة وحالة الهيجان الجنسي، وغالباً ما يكون رجل واحد كافياً تماماً لتلبية حاجاتها الجنسيّة ـ إلا في حالات الشّواذ، وهي طارئة ـ وإنَّ أغلب المشاكل الزوجيّة عادةً، تكون بسبب عدم تمكّن الرّجل من الوصول بالمرأة إلى الارتواء الجنسي، لبطئها، وقلّة هيجانها بالنّسبة إلى ما يعيشه هو. ثُمَّ ليست هناك حاجة على أساس افتراض كثرة الرجال في مقابل قلّة النِّساء، لأنَّ هذا ليس واقعاً عالمياً، لا من الناحية الذاتية، ولا من الناحية الطارئة، من جهة الحروب أو ما إلى ذلك.

كما أنَّ هناك نقطة، وهي أنَّ الإسلام يرى المصلحة في النظام العائلي الأبوي، حيث إنَّ المسألة تتصل بالجانب الطبيعي، إضافةً إلى الجانب الاجتماعي، لأنَّ الأسرة تحتاج إلى شخص يقوم عليها، والرّجل هو الأكثر قدرةً على تحمّل مسؤوليّة الأسرة من المرأة. قد يكون ذلك من ناحية عضليّة أو غير عضليّة، فإنَّ هذا ليس أساسيّاً، ولكنّ المرأة، بحسب إعدادها للحمل وللرّضاعة وغير ذلك، لا تملك حريّة التحرّك في تحمّل المسؤوليّة، إلا على حساب الأولاد والأطفال في هذا المجال. 

ومسألة الحكم في اختلاط المياه، تنطلق من أنَّ النظام الأسريّ القائم على النظام الأبوي، لا ينسجم مع نظام تعدّد الأزواج للمرأة، باعتبار أنَّه يوجب بشكلٍ عام ضياع النّسب في هذا المقام، وهذه المسألة لا يزال العالم يعيشها، حتّى إنَّ الغرب لا يزال يعتبر أنَّ النظام الأبويّ هو النظام المعتمد، على الرّغم من حالة المساواة بين المرأة والرّجل في الحقوق والواجبات. ولذلك، تأخذ المرأة اسم عائلة الرّجل، ولا يأخذ الرّجل اسم عائلة المرأة، ويأخذ الولد اسم أبيه ولا يأخذ اسم أمّه (إلا في حالات طارئة شاذّة)، الأمر الذي يعني أنَّ النظام العالمي قائم على أساس النظام الأبوي. والنظام الأبوي يفرض انتساب الولد إلى أبيه، وهذا لا يمكن أن يكون ممكناً في حالات التعدّد في الأزواج بشكلٍ عام، حتّى لو فرضنا الكثير من القيود والحدود والضّوابط، التي لا نستطيع الاطمئنان إليها، بأنَّ المرأة إذا حملت من شخص، فإنَّها تمتنع عن الاتصال بشخص ثان، فهذا أمرٌ غير طبيعي.

كما أنَّ مسألة إدارة المرأة للبيت، تختلف عن إدارة الرّجل له، من حيث الكثير من العناصر الموجودة في شخصيّة الرّجل، التي تحمي الطفل في إحساسه بالضّعف. ولذلك، فإنَّنا نجد أنَّ الرجال الذين عاشوا مع أمّهاتهم، يختلفون عن الرّجال الذين عاشوا مع آبائهم، وهذا هو السرّ الّذي جعل الإسلام يعطي حقّ الحضانة (خارج إطار مرحلة السنتين) للرّجل دون المرأة، على الرغم من وجود سلبيّات، ولكنّ الإيجابيّات أكثر في هذا الجانب. لذلك، فإنَّنا نتصوّر أنَّ المسألة تتحرّك على أساس أنَّ هناك خصائص في الرّجل تتّصل بتكوينه وبحركته في عناصر الشخصيّة، تختلف عن المرأة بالنّسبة إلى إدارة الأسرة، وربَّما العالم كلّه ـ حتّى العالم المتحضّر ـ يتحرّك على أساس أنَّ إدارة الرجال للقضايا الكبرى تتقدّم على إدارة النساء، حتّى في الحالات التي يفسح فيها المجال للنّساء في عالم الإدارة.

ولنتصوّر أنَّ بيتاً فيه امرأة واحدة لعدّة رجال، فكيف يكون حاله؟ إنَّ هذا البيت لن يكون بيت سلام، باعتبار أنَّ الخصائص الموجودة لدى الرّجل في علاقته بالمرأة، تجعل من هذا التعدّد حالة حرب ونزاع بين الرّجال، بينما نجد الظروف التاريخيّة، أو عناصر الشخصيّة التي عاشتها النِّساء مع الرّجل، لا تحوّل البيت إلى حالة حرب عندما يكون هناك رجل واحد وعدّة نساء، فقد تثار بعض التعقيدات، نتيجة أنَّ التعدّدية في النِّساء توجد أنواعاً من المشاكل؛ لكن عندما تكون المسألة مسألة امرأة وعدّة رجال، فإنَّ المسألة قد تتّخذ حالة حرب تهدم سلام البيت، وهذا ما نلاحظه عندما يجتمع عدّة رجال على الرّغبة في امرأة معيّنة، فإنَّ الأمر يمثِّل، عند وصول المسألة إلى خطوط التماس، إذا صحّ التّعبير، حالة حرب بين الفرقاء.

ويذكر التّاريخ أنَّ هناك نظاماً (أموميّاً) وجد في مراحل متناثرة في التّاريخ، ولكنَّنا لا نملك الكثير من تفاصيل حركته الواقعيّة في العلاقات بين الرّجل والمرأة. ومهما كانت المسألة، فإنَّها مجرّد حالة في منطقة معيّنة، وفي فجوة من التاريخ، لكنَّنا عندما ندرس التّاريخ، نجد أنَّ النظام الأبويّ هي الّذي يحكم الأسرة بشكل عامّ.

 * كتاب فقه الحياة

اقرأ المزيد
نسخ الآية نُسِخ!
تفسير الآية