كتابات
05/02/2018

الكلمة وسيلة تربية ووعظ

الكلمة وسيلة تربية ووعظ
لعلّ مسألة التربية من المسائل التي تتنوّع مؤثّراتها حسب تنوّع أبعاد الإنسان في مواقع الإدراك فيه، سواء كانت هذه المواقع مواقع الفكر، أو مواقع العاطفة والإحساس، أو مواقع الجوّ الذي يحيط بالإنسان. ولذلك، فإنّ من الطبيعي أن تكون الكلمة التي هي وسيلة إيصال الفكرة من إنسان إلى إنسان، هي إحدى الوسائل المهمة والحيويّة جداً في مسألة التربية، من خلال المضمون الفكري والروحي والعملي الّذي تتناوله الكلمات، ومن خلال طبيعة نوع الكلمة فيما اختزنته في تاريخ التخاطب الإنساني من إيحاءاتٍ قد لا يحملها معناها في اللّغة، باعتبار أنَّ الكلمة تكتسب الكثير من الإيحاءات التي تعطي للمعنى أفقاً أوسع أو أضيق من أفقه.
لذلك، كانت الكلمة هي الوسيلة الإلهيّة في التربية، من خلال ما أرسل به الله رسله في الكتب التي أنزلها عليهم، حيث نجد أنَّ حركة التربية الإنسانيّة تمثّل الخطَّ الطويل الذي عاشته الكلمة في تاريخ الإنسان، وفي كلّ التّأثيرات السلبيّة أو الإيجابيّة في هذا التاريخ.
من خلال ذلك، نطلّ على بعض الأطر التي تتحرّك فيها الكلمة من خلال مضامينها: فهناك كلمة الوعظ التي استخدمت في القرآن الكريم في التّعبير عن خطاب لقمان لولده وهو يحاول أن يفتح آفاقه على كثير من قضايا العقيدة، وقضايا الحركة في الحياة، فنحن نلاحظ أن كلمة وعظ تعبّر عن المضمون الفكري الذي يختزن في داخله بعض الجوانب المتصلة بالإحساس، بحيث لا تتحرّك الفكرة بوعي الإنسان من خلال طبيعة الجفاف الفكري الذي يحيط بالفكرة المجرّدة، بل تحاول أن تلتقط بعض التعابير المتصلة بإحساس الإنسان.
لذلك، فإنّ الوعظ يتضمن بالإضافة إلى الفكرة، عنصر اقتحام العاطفة الإنسانيّة والشعور الإنساني، حتى تكون المسألة مزيجاً من العقل ومن العاطفة، وبذلك، فإنها تنفذ إلى عقل الإنسان وقلبه، وعندما يُمزج العقل بالعاطفة، فإنه يستطيع أن يصنع للإنسان جوّاً يهزّ كيانه ويدفعه لاحتضان الفكرة، باعتبار أن الفكرة تفسح لنفسها، من خلال عناصرها المتنوعة، المجال الواسع للدخول إلى كيان الإنسان، وهذا ما نلاحظه في كلّ المواعظ التي لا يبتعد فيها جانب الفكر عن جانب الإحساس.
ولعلنا نجد أنَّ هذا الأسلوب هو الأسلوب المؤثّر في إمكانيّة وصول الحركة التربويّة إلى أن تصنع من الإنسان شخصاً آخر على هدى الخطّ الذي تتحرّك فيه الموعظة أو تتحرك فيه التربية، لأنَّ الخطأ الذي يعيشه الكثيرون من الناس في إطلاق الفكرة، يكمن في أنَّ هناك من يطلق الفكرة بجفافها العقليّ، بحيث تكون المسألة مسألة معادلات هندسيّة جامدة تخاطب العقل الإنساني، من دون أن تستجيب لحاجة المناطق الأخرى في الإنسان، والمتّصلة بجانب الإحساس.
وهناك من يطلق المسألة بالشّكل العاطفي الذي لا يجعل الإنسان يفكّر بشكل عميق، ممّا يترك فاصلاً بين الفكر والإيمان، فنحن نجد أنّ هناك الكثيرين من النّاس الذين يحملون الفكر، ولكنهم لا يؤمنون به، لأنّ جانب الإيمان هو جانب تحوّل الفكر إلى حالة في الإحساس، وإلى حركة في الشّعور.
*العلامة المرجع السيِّد محمد حسين فضل الله(رض)، كتاب "دنيا الشّباب"، ص 12-13.
لعلّ مسألة التربية من المسائل التي تتنوّع مؤثّراتها حسب تنوّع أبعاد الإنسان في مواقع الإدراك فيه، سواء كانت هذه المواقع مواقع الفكر، أو مواقع العاطفة والإحساس، أو مواقع الجوّ الذي يحيط بالإنسان. ولذلك، فإنّ من الطبيعي أن تكون الكلمة التي هي وسيلة إيصال الفكرة من إنسان إلى إنسان، هي إحدى الوسائل المهمة والحيويّة جداً في مسألة التربية، من خلال المضمون الفكري والروحي والعملي الّذي تتناوله الكلمات، ومن خلال طبيعة نوع الكلمة فيما اختزنته في تاريخ التخاطب الإنساني من إيحاءاتٍ قد لا يحملها معناها في اللّغة، باعتبار أنَّ الكلمة تكتسب الكثير من الإيحاءات التي تعطي للمعنى أفقاً أوسع أو أضيق من أفقه.
لذلك، كانت الكلمة هي الوسيلة الإلهيّة في التربية، من خلال ما أرسل به الله رسله في الكتب التي أنزلها عليهم، حيث نجد أنَّ حركة التربية الإنسانيّة تمثّل الخطَّ الطويل الذي عاشته الكلمة في تاريخ الإنسان، وفي كلّ التّأثيرات السلبيّة أو الإيجابيّة في هذا التاريخ.
من خلال ذلك، نطلّ على بعض الأطر التي تتحرّك فيها الكلمة من خلال مضامينها: فهناك كلمة الوعظ التي استخدمت في القرآن الكريم في التّعبير عن خطاب لقمان لولده وهو يحاول أن يفتح آفاقه على كثير من قضايا العقيدة، وقضايا الحركة في الحياة، فنحن نلاحظ أن كلمة وعظ تعبّر عن المضمون الفكري الذي يختزن في داخله بعض الجوانب المتصلة بالإحساس، بحيث لا تتحرّك الفكرة بوعي الإنسان من خلال طبيعة الجفاف الفكري الذي يحيط بالفكرة المجرّدة، بل تحاول أن تلتقط بعض التعابير المتصلة بإحساس الإنسان.
لذلك، فإنّ الوعظ يتضمن بالإضافة إلى الفكرة، عنصر اقتحام العاطفة الإنسانيّة والشعور الإنساني، حتى تكون المسألة مزيجاً من العقل ومن العاطفة، وبذلك، فإنها تنفذ إلى عقل الإنسان وقلبه، وعندما يُمزج العقل بالعاطفة، فإنه يستطيع أن يصنع للإنسان جوّاً يهزّ كيانه ويدفعه لاحتضان الفكرة، باعتبار أن الفكرة تفسح لنفسها، من خلال عناصرها المتنوعة، المجال الواسع للدخول إلى كيان الإنسان، وهذا ما نلاحظه في كلّ المواعظ التي لا يبتعد فيها جانب الفكر عن جانب الإحساس.
ولعلنا نجد أنَّ هذا الأسلوب هو الأسلوب المؤثّر في إمكانيّة وصول الحركة التربويّة إلى أن تصنع من الإنسان شخصاً آخر على هدى الخطّ الذي تتحرّك فيه الموعظة أو تتحرك فيه التربية، لأنَّ الخطأ الذي يعيشه الكثيرون من الناس في إطلاق الفكرة، يكمن في أنَّ هناك من يطلق الفكرة بجفافها العقليّ، بحيث تكون المسألة مسألة معادلات هندسيّة جامدة تخاطب العقل الإنساني، من دون أن تستجيب لحاجة المناطق الأخرى في الإنسان، والمتّصلة بجانب الإحساس.
وهناك من يطلق المسألة بالشّكل العاطفي الذي لا يجعل الإنسان يفكّر بشكل عميق، ممّا يترك فاصلاً بين الفكر والإيمان، فنحن نجد أنّ هناك الكثيرين من النّاس الذين يحملون الفكر، ولكنهم لا يؤمنون به، لأنّ جانب الإيمان هو جانب تحوّل الفكر إلى حالة في الإحساس، وإلى حركة في الشّعور.
*العلامة المرجع السيِّد محمد حسين فضل الله(رض)، كتاب "دنيا الشّباب"، ص 12-13.
اقرأ المزيد
نسخ الآية نُسِخ!
تفسير الآية