كتابات
10/12/2018

موقف المرجع فضل الله من الاجتياح الإسرائيلي للبنان العام 1982

موقف المرجع فضل الله من الاجتياح الإسرائيلي للبنان العام 1982

حدث الاجتياح الإسرائيلي للبنان في (5 حزيران/1982م)، فقد قامت القوات الإسرائيلية بقصف مدن جنوب لبنان، وكذلك مقرّ منظّمة التحرير الفلسطينية في بيروت، فقامت قوّات منظمة التحرير الفلسطينية بقصف مواقع القوّات الإسرائيليّة شمال إسرائيل، عندها قرّرت القوات الإسرائيلية اجتياح جنوب لبنان، حيث مقرّ المقاومة الفلسطينيّة، وإخراجها من لبنان([1]).

  وكان السبب المباشر للاجتياح الإسرائيلي هو محاولة الاغتيال التي تعرّض لها السفير الإسرائيلي في لندن، وإصابته بجروح خطيرة، فاتخذت إسرائيل ذلك ذريعةً، لأنها كانت قد اتخذت قرار الغزو قبل هذا الحادث بعام تقريباً([2]). لذلك، بدأت إسرائيل هجومها بثلاثة محاور على لبنان، وعرفت هذه العملية باسم السّلام من أجل الجليل([3])، وبلغ عدد القوات الإسرائيلية حوالى مئة ألف جنديّ، وعدداً كبيراً من الدبّابات والطائرات، فضلاً عن مستلزمات القتال، وبدأ الاجتياح من الجهة الشرقية باتجاه شبعا، والجهة الأخرى (الجهة الوسطية) متجهةً نحو نهر الليطاني، أما الجهة الثالثة، من الجهة الغربيّة على الخطّ الساحلي، وصولاً إلى مدينتي صور وصيدا([4]).

قام الجيش الإسرائيلي بقصف هذه المناطق من البرّ والبحر والجوّ، مستهدفاً في المقام الأوّل منظمة التحرير الفلسطينية، التي عجزت عن مقاومة الغزو الإسرائيلي، فانسحبت نحو بيروت، ولكن القوات الإسرائيلية اندفعت إلى العمق لكي تحقّق غايتها في تدمير قوات منظمة التحرير الفلسطينية وتشتيت اللاجئين الفلسطينيّين في لبنان، وخلق نظام سياسي جديد في لبنان يكون موالياً لإسرائيل([5]).

  تقدّمت القوات الإسرائيلية نحو العاصمة بيروت، وقابلتها قوات حركة أمل بالتضامن مع قوات منظمة التحرير الفلسطينية بالدفاع عن مدنهم ضدّ الغزو الإسرائيلي، ما أدّى إلى إخفاق محاولات عسكرية عديدة، الأمر الذي رفع الروح المعنوية لسكان لبنان عامّة، والشيعة منهم بشكل خاصّ([6]).

  وهذا التقارب بين الفلسطينيّين والشيعة في جنوب لبنان، كوّن شعوراً مشتركاً بالصمود والتحدّي ضدّ الاحتلال الإسرائيلي، وكان هناك أمرٌ يقوّي هذا الصمود ويعزّزه، ويولّد شعور التضامن بين السكّان، ألا وهو مواعظ علماء الشيعة، وكان من أبرزهم السيد محمد حسين فضل الله([7]).

في أثناء هذه الأحداث، كانت إيران تحتفل بذكرى انتصار الثّورة الإيرانيّة التي حدثت العام (1979)، وانتهاء نظام الشاه محمد رضا بهلوي، وكان السيد فضل الله في زيارة إلى إيران لحضور هذه الاحتفالات عندما حدث الاجتياح الإسرائيلي([8])، وعند سماعه تلك الأحداث في لبنان، قام بعقد اجتماع للعلماء اللّبنانيّين الذين كانوا هناك، وتشاوروا في الأمر، وأصدروا بياناً مستعجلاً رفضوا فيه الاجتياح، وقرر السيد فضل الله العودة إلى لبنان بسرعة، لكن عند عودته إلى لبنان، وجد مداخله مغلقة وقد سيطرت عليها القوات الإسرائيلية([9]).

إثر ذلك، قام السيد فضل الله بتكوين رابطة إسلامية في أثناء تواجده في إيران، تضمّ عدداً من العلماء الناشطين الذين كان عددهم في أوّل الأمر عشرين عالماً ناشطاً من علماء الدين، وعملت هذه الرابطة على غرس الوفاق والتضامن والمحبّة لمواجهة العدوان الإسرائيلي، فكانت هذه الرابطة حافزاً لحركة تعبئة المقاومة الجماهيريّة ضدّ إسرائيل([10]).

بعد ذلك، قرَّر السيد فضل الله العودة ثانيةً إلى لبنان، وعند وصوله ورفاقه إلى مداخل لبنان، قامت مجموعة مسلَّحة من الكتائب المسيحيّة بإيقاف السيارة التي كانت تقل السيّد محمد حسين فضل الله وابنه علي، حيث قامت هذه الكتائب باختطاف السيد وابنه بعد عثورهم على منشورات إيرانيّة، لأنّ المقاومة الإيرانية - حسب ما تذكر أغلب المصادر- أسهمت في التصدّي للاجتياح الإسرائيلي، وكانت تقف مع السيد فضل الله([11]). وقد تم اعتقال السيد فضل الله وابنه واستجوابهما والتحقيق معهما، ولكن بعد مدة قصيرة لا تتجاوز الثلاث ساعات، تمّ الإفراج عنهما بسبب معارضة الناس لاختطافه، وعندما علمت الشخصيات السياسية، قامت بالتوسط للإفراج  عنه، لأنهم أدركوا أن مسألة اختطاف السيد فضل الله وابنه يعكّر الجوّ السياسيّ ويزيد الأمور تعقيداً. لذلك، تم الإفراج عنهم، وتوجيه الكتائب المسيحيّة الاعتذار لهم، ونقلهم إلى الضاحية الجنوبية لبيروت([12]).

قام السيد فضل الله بالذهاب إلى منزله في بئر العبد، وهو الحي القريب من مواقع الفدائيّين الفلسطينيّين في الضاحية الجنوبية، وهناك، ذهب إلى المسجد الموجود في الحيّ، وبدأ بالصلاة، وصعد على المنبر للخطابة، فوجَّه الكلمات اللاذعة ضدّ إسرائيل، وحثّ الشباب الشيعة على المقاومة وضرورة التماسك في هذه الفترة العصيبة وتجاوزها من أجل إخراج العدوّ الإسرائيلي من لبنان، وكذلك مساعدة الفدائيّين الفلسطينيّين دعماً للقضية الفلسطينية، واستمر السيد فضل الله بتوجيه الخطابات التي تؤكّد التضامن مع المسألة الفلسطينيّة، واعتبار العدوّ الإسرائيلي عدوّاً واحداً([13]).

وأثيرت في الوقت ذاته مسألة أخرى، وهي لجوء عدد من اللّبنانيّين والفلسطينيّين إلى بعض الدول العربية هرباً من الاجتياح الإسرائيلي، لكن السيد فضل الله رأى أنه لا بدّ من تكاتف اللبنانيين والفلسطينيين لحلّ المشاكل الداخليّة، لأنه اعتقد أنّ هذه الدول العربية تدعمها الدول العظمى، والدول العربية لم تكن سوى دول تابعة لها وممثّلة عنها([14]).

  عُدَّ السيد فضل الله المرشد الروحي للمقاومة الإسلامية، فقام بتوجيه المقاومة وحثّها على القتال والقيام بعمليات استشهادية ضد الجيش الإسرائيلي، لقلّة امتلاك المعدّات والأسلحة، وكذلك لقلّة الخبرة القتاليّة، لذلك كانوا يتوجهون إلى المواقع القريبة في أماكن تواجد الجيش الإسرائيلي للقيام بالعمليات الجهادية، واستطاعوا القيام بعمليات جهادية متنوّعة ضدّ القوات المتعدّدة الجنسيّات([15])، وقاموا بالعديد من العمليات النوعية، مثل نسف مركز مخابرات الإسرائيلية في مدينة صور، وغيرها من العمليات الاستشهادية والجهادية التي كانت تثير الرعب في نفوس العدوّ، ومعظم هذه العمليات قام بها الإسلاميون من حركة أمل والمقاومة الإسلاميّة الأخرى([16]).

إزاء هذه الأحداث، كان السيد فضل الله مهتمّاً بصياغة مشروع إسلامي نهضوي قوامه الموروث الإسلامي من جهة، ورؤى العصر التي لا تعارض الشريعة الإسلامية والوحدة العربية من جهة أخرى، لذلك قام بدعم الوحدة الإسلاميّة، والتأكيد على وجوب توحيد المسلمين ضدّ العدوّ، وجعل وحدة المسلمين شرطاً أساسياً للنهضة الإسلامية([17]).

كانت أهداف الاجتياح الإسرائيلي من وجهة نظر السيّد فضل الله، هي إسقاط القضيّة الفلسطينية، وأوهمت العالم العربي بأنّ القضية الفلسطينية أصبحت عبئاً على العرب يجب التخلص منه بدلاً من الدفاع عنها أو دعمها([18])، فضلاً عن ذلك، لاحظ السيد فضل الله أنّ بعض العرب كانوا أداةً بيد الدول العظمى التي كانت تستخدمهم وسيلةً لإسقاط القضية الفلسطينية وطرد الفلسطينيّين من أراضيهم، وحتى تفكيرهم السياسي، فتصبح كلمة إسرائيل بديلةً من كلمة فلسطين، وأن تضع الفلسطينيّين خارج الحركة السياسية، وتمنعهم من المشاركة في كلّ القضايا، سواء كانت داخلية أو خارجية([19]).

*رسالة ماجستير، جامعة بابل ، 2013


([1])هيثم الكيلاني، الاستراتيجيات العسكرية للحروب العربية الإسرائيلية 1948- 1988، مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت، 1991، ص ص 498- 499.

([2]) محمد عطوي، حروب إسرائيل، دار الهادي، بيروت، 2002، ص 57.

([3]) جمال سنكري، المصدر السابق، ص 280.

([4]) هيثم الكيلاني، المصدر السابق، ص 499.

([5]) شكري نصر الله ، تاريخ لبنان واللبنانيين نظرة إلى الوراء، شركة المطبوعات للطباعة والنشر، لبنان،2006، ص 246.

([6]) توفيق المدني، أمل وحزب الله ، دار الهادي، بيروت، د.ت، ص 256.

([7]) تيودور هانف، التعايش في زمن الحرب من انهيار الدولة إلى انبعاث الأمة، ترجمة : موريس صليبا، دار التعارف، لبنان، 1998، ص 279.

([8]) جمال سنكري، المصدر السابق، ص 281.

([9]) مهدي خليل جعفر ومصطفى الحمصي، المصدر السابق، ص 43.

([10]) مقابلة تلفزيونية أجراها تلفزيون المنار اللبناني مع السيد محمد حسين فضل الله بتاريخ (5/10/2008).

([11]) محمد حسين ترحيني، المصدر السابق، ص 39.

([12]) مقابلة تلفزيونية أجرتها قناة آفاق العراقية الفضائية مع السيد جعفر فضل الله بتاريخ 29/7/2010.

([13]) مقابلة تلفزيونية أجراها تلفزيون NBN اللبناني مع السيد فضل الله بتاريخ 21/7/1997.

([14]) مقابلة للسيد فضل الله مع جريدة السفير الإيرانية، طهران، العدد (56)، بتاريخ 10 حزيران 1982.

([15]) محمد حسين فضل الله، حوارات في الفكر والسياسة والاجتماع، ص251.

([16]) عبد الإله بلقيز، المقاومة وتحرير جنوب لبنان، مركز الدراسات الوحدة العربية، بيروت، 2000، ص 62.

([17]) www.Bayynat.org.

([18]) علي حسن سرور، المصدر السابق، ص 77.

([19]) المصدر نفسه،  ص 78.

حدث الاجتياح الإسرائيلي للبنان في (5 حزيران/1982م)، فقد قامت القوات الإسرائيلية بقصف مدن جنوب لبنان، وكذلك مقرّ منظّمة التحرير الفلسطينية في بيروت، فقامت قوّات منظمة التحرير الفلسطينية بقصف مواقع القوّات الإسرائيليّة شمال إسرائيل، عندها قرّرت القوات الإسرائيلية اجتياح جنوب لبنان، حيث مقرّ المقاومة الفلسطينيّة، وإخراجها من لبنان([1]).

  وكان السبب المباشر للاجتياح الإسرائيلي هو محاولة الاغتيال التي تعرّض لها السفير الإسرائيلي في لندن، وإصابته بجروح خطيرة، فاتخذت إسرائيل ذلك ذريعةً، لأنها كانت قد اتخذت قرار الغزو قبل هذا الحادث بعام تقريباً([2]). لذلك، بدأت إسرائيل هجومها بثلاثة محاور على لبنان، وعرفت هذه العملية باسم السّلام من أجل الجليل([3])، وبلغ عدد القوات الإسرائيلية حوالى مئة ألف جنديّ، وعدداً كبيراً من الدبّابات والطائرات، فضلاً عن مستلزمات القتال، وبدأ الاجتياح من الجهة الشرقية باتجاه شبعا، والجهة الأخرى (الجهة الوسطية) متجهةً نحو نهر الليطاني، أما الجهة الثالثة، من الجهة الغربيّة على الخطّ الساحلي، وصولاً إلى مدينتي صور وصيدا([4]).

قام الجيش الإسرائيلي بقصف هذه المناطق من البرّ والبحر والجوّ، مستهدفاً في المقام الأوّل منظمة التحرير الفلسطينية، التي عجزت عن مقاومة الغزو الإسرائيلي، فانسحبت نحو بيروت، ولكن القوات الإسرائيلية اندفعت إلى العمق لكي تحقّق غايتها في تدمير قوات منظمة التحرير الفلسطينية وتشتيت اللاجئين الفلسطينيّين في لبنان، وخلق نظام سياسي جديد في لبنان يكون موالياً لإسرائيل([5]).

  تقدّمت القوات الإسرائيلية نحو العاصمة بيروت، وقابلتها قوات حركة أمل بالتضامن مع قوات منظمة التحرير الفلسطينية بالدفاع عن مدنهم ضدّ الغزو الإسرائيلي، ما أدّى إلى إخفاق محاولات عسكرية عديدة، الأمر الذي رفع الروح المعنوية لسكان لبنان عامّة، والشيعة منهم بشكل خاصّ([6]).

  وهذا التقارب بين الفلسطينيّين والشيعة في جنوب لبنان، كوّن شعوراً مشتركاً بالصمود والتحدّي ضدّ الاحتلال الإسرائيلي، وكان هناك أمرٌ يقوّي هذا الصمود ويعزّزه، ويولّد شعور التضامن بين السكّان، ألا وهو مواعظ علماء الشيعة، وكان من أبرزهم السيد محمد حسين فضل الله([7]).

في أثناء هذه الأحداث، كانت إيران تحتفل بذكرى انتصار الثّورة الإيرانيّة التي حدثت العام (1979)، وانتهاء نظام الشاه محمد رضا بهلوي، وكان السيد فضل الله في زيارة إلى إيران لحضور هذه الاحتفالات عندما حدث الاجتياح الإسرائيلي([8])، وعند سماعه تلك الأحداث في لبنان، قام بعقد اجتماع للعلماء اللّبنانيّين الذين كانوا هناك، وتشاوروا في الأمر، وأصدروا بياناً مستعجلاً رفضوا فيه الاجتياح، وقرر السيد فضل الله العودة إلى لبنان بسرعة، لكن عند عودته إلى لبنان، وجد مداخله مغلقة وقد سيطرت عليها القوات الإسرائيلية([9]).

إثر ذلك، قام السيد فضل الله بتكوين رابطة إسلامية في أثناء تواجده في إيران، تضمّ عدداً من العلماء الناشطين الذين كان عددهم في أوّل الأمر عشرين عالماً ناشطاً من علماء الدين، وعملت هذه الرابطة على غرس الوفاق والتضامن والمحبّة لمواجهة العدوان الإسرائيلي، فكانت هذه الرابطة حافزاً لحركة تعبئة المقاومة الجماهيريّة ضدّ إسرائيل([10]).

بعد ذلك، قرَّر السيد فضل الله العودة ثانيةً إلى لبنان، وعند وصوله ورفاقه إلى مداخل لبنان، قامت مجموعة مسلَّحة من الكتائب المسيحيّة بإيقاف السيارة التي كانت تقل السيّد محمد حسين فضل الله وابنه علي، حيث قامت هذه الكتائب باختطاف السيد وابنه بعد عثورهم على منشورات إيرانيّة، لأنّ المقاومة الإيرانية - حسب ما تذكر أغلب المصادر- أسهمت في التصدّي للاجتياح الإسرائيلي، وكانت تقف مع السيد فضل الله([11]). وقد تم اعتقال السيد فضل الله وابنه واستجوابهما والتحقيق معهما، ولكن بعد مدة قصيرة لا تتجاوز الثلاث ساعات، تمّ الإفراج عنهما بسبب معارضة الناس لاختطافه، وعندما علمت الشخصيات السياسية، قامت بالتوسط للإفراج  عنه، لأنهم أدركوا أن مسألة اختطاف السيد فضل الله وابنه يعكّر الجوّ السياسيّ ويزيد الأمور تعقيداً. لذلك، تم الإفراج عنهم، وتوجيه الكتائب المسيحيّة الاعتذار لهم، ونقلهم إلى الضاحية الجنوبية لبيروت([12]).

قام السيد فضل الله بالذهاب إلى منزله في بئر العبد، وهو الحي القريب من مواقع الفدائيّين الفلسطينيّين في الضاحية الجنوبية، وهناك، ذهب إلى المسجد الموجود في الحيّ، وبدأ بالصلاة، وصعد على المنبر للخطابة، فوجَّه الكلمات اللاذعة ضدّ إسرائيل، وحثّ الشباب الشيعة على المقاومة وضرورة التماسك في هذه الفترة العصيبة وتجاوزها من أجل إخراج العدوّ الإسرائيلي من لبنان، وكذلك مساعدة الفدائيّين الفلسطينيّين دعماً للقضية الفلسطينية، واستمر السيد فضل الله بتوجيه الخطابات التي تؤكّد التضامن مع المسألة الفلسطينيّة، واعتبار العدوّ الإسرائيلي عدوّاً واحداً([13]).

وأثيرت في الوقت ذاته مسألة أخرى، وهي لجوء عدد من اللّبنانيّين والفلسطينيّين إلى بعض الدول العربية هرباً من الاجتياح الإسرائيلي، لكن السيد فضل الله رأى أنه لا بدّ من تكاتف اللبنانيين والفلسطينيين لحلّ المشاكل الداخليّة، لأنه اعتقد أنّ هذه الدول العربية تدعمها الدول العظمى، والدول العربية لم تكن سوى دول تابعة لها وممثّلة عنها([14]).

  عُدَّ السيد فضل الله المرشد الروحي للمقاومة الإسلامية، فقام بتوجيه المقاومة وحثّها على القتال والقيام بعمليات استشهادية ضد الجيش الإسرائيلي، لقلّة امتلاك المعدّات والأسلحة، وكذلك لقلّة الخبرة القتاليّة، لذلك كانوا يتوجهون إلى المواقع القريبة في أماكن تواجد الجيش الإسرائيلي للقيام بالعمليات الجهادية، واستطاعوا القيام بعمليات جهادية متنوّعة ضدّ القوات المتعدّدة الجنسيّات([15])، وقاموا بالعديد من العمليات النوعية، مثل نسف مركز مخابرات الإسرائيلية في مدينة صور، وغيرها من العمليات الاستشهادية والجهادية التي كانت تثير الرعب في نفوس العدوّ، ومعظم هذه العمليات قام بها الإسلاميون من حركة أمل والمقاومة الإسلاميّة الأخرى([16]).

إزاء هذه الأحداث، كان السيد فضل الله مهتمّاً بصياغة مشروع إسلامي نهضوي قوامه الموروث الإسلامي من جهة، ورؤى العصر التي لا تعارض الشريعة الإسلامية والوحدة العربية من جهة أخرى، لذلك قام بدعم الوحدة الإسلاميّة، والتأكيد على وجوب توحيد المسلمين ضدّ العدوّ، وجعل وحدة المسلمين شرطاً أساسياً للنهضة الإسلامية([17]).

كانت أهداف الاجتياح الإسرائيلي من وجهة نظر السيّد فضل الله، هي إسقاط القضيّة الفلسطينية، وأوهمت العالم العربي بأنّ القضية الفلسطينية أصبحت عبئاً على العرب يجب التخلص منه بدلاً من الدفاع عنها أو دعمها([18])، فضلاً عن ذلك، لاحظ السيد فضل الله أنّ بعض العرب كانوا أداةً بيد الدول العظمى التي كانت تستخدمهم وسيلةً لإسقاط القضية الفلسطينية وطرد الفلسطينيّين من أراضيهم، وحتى تفكيرهم السياسي، فتصبح كلمة إسرائيل بديلةً من كلمة فلسطين، وأن تضع الفلسطينيّين خارج الحركة السياسية، وتمنعهم من المشاركة في كلّ القضايا، سواء كانت داخلية أو خارجية([19]).

*رسالة ماجستير، جامعة بابل ، 2013


([1])هيثم الكيلاني، الاستراتيجيات العسكرية للحروب العربية الإسرائيلية 1948- 1988، مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت، 1991، ص ص 498- 499.

([2]) محمد عطوي، حروب إسرائيل، دار الهادي، بيروت، 2002، ص 57.

([3]) جمال سنكري، المصدر السابق، ص 280.

([4]) هيثم الكيلاني، المصدر السابق، ص 499.

([5]) شكري نصر الله ، تاريخ لبنان واللبنانيين نظرة إلى الوراء، شركة المطبوعات للطباعة والنشر، لبنان،2006، ص 246.

([6]) توفيق المدني، أمل وحزب الله ، دار الهادي، بيروت، د.ت، ص 256.

([7]) تيودور هانف، التعايش في زمن الحرب من انهيار الدولة إلى انبعاث الأمة، ترجمة : موريس صليبا، دار التعارف، لبنان، 1998، ص 279.

([8]) جمال سنكري، المصدر السابق، ص 281.

([9]) مهدي خليل جعفر ومصطفى الحمصي، المصدر السابق، ص 43.

([10]) مقابلة تلفزيونية أجراها تلفزيون المنار اللبناني مع السيد محمد حسين فضل الله بتاريخ (5/10/2008).

([11]) محمد حسين ترحيني، المصدر السابق، ص 39.

([12]) مقابلة تلفزيونية أجرتها قناة آفاق العراقية الفضائية مع السيد جعفر فضل الله بتاريخ 29/7/2010.

([13]) مقابلة تلفزيونية أجراها تلفزيون NBN اللبناني مع السيد فضل الله بتاريخ 21/7/1997.

([14]) مقابلة للسيد فضل الله مع جريدة السفير الإيرانية، طهران، العدد (56)، بتاريخ 10 حزيران 1982.

([15]) محمد حسين فضل الله، حوارات في الفكر والسياسة والاجتماع، ص251.

([16]) عبد الإله بلقيز، المقاومة وتحرير جنوب لبنان، مركز الدراسات الوحدة العربية، بيروت، 2000، ص 62.

([17]) www.Bayynat.org.

([18]) علي حسن سرور، المصدر السابق، ص 77.

([19]) المصدر نفسه،  ص 78.

اقرأ المزيد
نسخ الآية نُسِخ!
تفسير الآية