كتابات
11/12/2018

لندرس مشاكلنا بصراحة

لندرس مشاكلنا بصراحة

ما نطلبه ـ كضرورة لتقدّمنا الحياتي ـ أن نكون صريحين مع أنفسنا، أن تكون الصراحة هي السبيل الذي نجابه به مشاكلنا التي يعيشها واقعنا الدّيني والاجتماعي والفكري، فلا نسلك السبل الملتوية في بحث هذه المشاكل، ولا نتناولها بطريقة اللّفّ والدوران، فإننا إن فعلنا ذلك، فلن نجني إلا التسيّب والضياع والبعد عن واقع المشكلة وجوهرها.

انتشار الطفيليّات

وهذا ما نحاول أن نتلافاه، وهذا ما نريد أن نتخلّص من آثاره وعواقبه. فهناك الكثير الكثير من الطفيليات التي نشأت في أحضان ظروف معيّنة نتيجة مؤثرات خاصّة، فلم نقتصر فيها على تلك الظروف وعلى تلك المؤثّرات؛ وإنما مددناها إلى أبعد مجال من مجالاتنا العملية والعقائدية، حتى أصبحت وكأنها ضرورة من ضرورات واقعنا الحياتي، في الوقت الذي قد تكون خطراً على كياننا وثقافتنا وعقائدنا.

وتوغلت هذه الطفيليات في نفوس السُذّج من أبناء الأمّة، حتى عادت لديهم جزءاً لا يتجزأ من العقيدة وقضية حيوية من قضاياها، الأمر الذي جعل مناقشتها ومحاكمتها، على أساس منطقي، شيئاً خطراً على الدِّين والعقيدة في نظرهم. ولذا، فهم لا يمتنعون عن أن يلصقوا أية تهمة ظالمة بأيّ إنسان يحاول أن يسلِّط الأضواء على مثل هذه الأمور.

وهكذا بدأنا نلمح في حياتنا العامّة الكثير الكثير من هذه الطفيليات، من دون أن نجرؤ على تحليلها وتناولها بشيء من الدقّة والعمق والاتزان، ما أدّى إلى أن يعتبرها الكثيرون ـ إزاء هذا السكوت ـ جزءاً من عقيدتنا وديننا، فهاجموا هذه العقيدة وهذا الدِّين على أساس وجود هذه الطفيليات فيه.

وهذا ما نجده في كثير من مؤلَّفات المستشرقين، وأصحاب العصبيّة العمياء، ممن قد تمنعهم عصبيّتهم وأغراضهم الشخصيّة من أن يبحثوا ويتعمّقوا، لتكون أحكامهم أكثر عمقاً واتّزاناً في ميزان البحث والتحليل.

مسؤوليّة المصلحين

نعرض هذا أمام المصلحين الدّينيّين الذين يعون دقّة المرحلة التي نمرّ بها، لننبه إلى خطر هذا السكوت وهذا الإهمال على الإسلام؛ نظراً إلى أنَّ بقاء هذه الأمور على قدسيّتها في نفوس العامّة من النّاس، وتأثيرها في مجرى حياتهم العملية، يوجب تشويه الإسلام في النفوس.

كما أنَّ عقدة الخوف من العامّة قد تجرنا إلى مزالق خطرة في ميدان الفكر والعقيدة، لأنها لا تصدر في معارضتها عن وعي واتّزان، وإنما تصدر عن عاطفة بدائيّة، وعن خوفهم من تغيير الحالة التي درجوا عليها، والتفكير الذي عاشوا في أفقه.

وإذا نظرنا إلى التاريخ، وجدنا العامّة قد شاركت مشاركةً فعّالة في عرقلة الكثير من المشاريع الإصلاحيّة التي قام بها المصلحون الدّينيون.

فقد وقفت أمام أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب (ع)، عندما كان يحاول إزالة بعض الزوائد التي علقت بالإسلام، نتيجة بعض المؤثّرات وبعض الظروف، ومنعته من تنفيذ خطّته الإصلاحية التي لو قدّر لها أن تنفّذ، لوفّرت علينا الكثير من الجهد الفكري الذي لانزال نبذله في تنقية ما علق بالإسلام وما شاب أحكامه من شوائب.

ولم يكن الوقوف أمام معارضتها ـ في ذلك الوقت ـ أمراً عملياً، بالنظر إلى ما أحاط به من مشاكل داخلية وخارجية...

تأثّر البعض من العامة ـ بالنظر إلى ضعف تفكيرهم ـ بدعاية الشيوعيّة وأحابيلها، فلم يهضموا موقف العلماء من الشيوعيّة والحكم بكفرها وإلحادها، بحجّة أنَّ هذا يعتبر تدخلاً في السياسة.

وهذا ما يحظره الدِّين على العلماء ـ في نظرهم ـ ثُمَّ يضيفون إلى ذلك أنَّ الشيوعيّة لا علاقة لها بالدِّين من قريب أو بعيد، ولذا فليس من مهمّة العلماء ولا من اختصاصهم الوقوف أمامها أو أمام أيّ تيار سياسي آخر.

ولولا الجرأة التي تحلى بها علماؤنا الأعلام، ولولا الصراحة النقيّة التي جابهوا بها هذه المشكلة الخطرة، لما وقف هذا التيار عند حدِّه، ولما وضحت القضيّة لهؤلاء السذّج بعد ذلك.

وهكذا نرى أنَّ علينا أن نكون صريحين في مجابهة مشاكلنا التي يثيرها ما علق بأذهان العامّة من طفيليات وخرافات.

وإلاَّ.. فقد يجيء الوقت الذي لا نستطيع فيه معالجة هذه القضايا، فضلاً عن الوقوف أمامها. والله سبحانه وتعالى من وراء القصد.

*من كتاب "قضايانا على ضوء الإسلام".

ما نطلبه ـ كضرورة لتقدّمنا الحياتي ـ أن نكون صريحين مع أنفسنا، أن تكون الصراحة هي السبيل الذي نجابه به مشاكلنا التي يعيشها واقعنا الدّيني والاجتماعي والفكري، فلا نسلك السبل الملتوية في بحث هذه المشاكل، ولا نتناولها بطريقة اللّفّ والدوران، فإننا إن فعلنا ذلك، فلن نجني إلا التسيّب والضياع والبعد عن واقع المشكلة وجوهرها.

انتشار الطفيليّات

وهذا ما نحاول أن نتلافاه، وهذا ما نريد أن نتخلّص من آثاره وعواقبه. فهناك الكثير الكثير من الطفيليات التي نشأت في أحضان ظروف معيّنة نتيجة مؤثرات خاصّة، فلم نقتصر فيها على تلك الظروف وعلى تلك المؤثّرات؛ وإنما مددناها إلى أبعد مجال من مجالاتنا العملية والعقائدية، حتى أصبحت وكأنها ضرورة من ضرورات واقعنا الحياتي، في الوقت الذي قد تكون خطراً على كياننا وثقافتنا وعقائدنا.

وتوغلت هذه الطفيليات في نفوس السُذّج من أبناء الأمّة، حتى عادت لديهم جزءاً لا يتجزأ من العقيدة وقضية حيوية من قضاياها، الأمر الذي جعل مناقشتها ومحاكمتها، على أساس منطقي، شيئاً خطراً على الدِّين والعقيدة في نظرهم. ولذا، فهم لا يمتنعون عن أن يلصقوا أية تهمة ظالمة بأيّ إنسان يحاول أن يسلِّط الأضواء على مثل هذه الأمور.

وهكذا بدأنا نلمح في حياتنا العامّة الكثير الكثير من هذه الطفيليات، من دون أن نجرؤ على تحليلها وتناولها بشيء من الدقّة والعمق والاتزان، ما أدّى إلى أن يعتبرها الكثيرون ـ إزاء هذا السكوت ـ جزءاً من عقيدتنا وديننا، فهاجموا هذه العقيدة وهذا الدِّين على أساس وجود هذه الطفيليات فيه.

وهذا ما نجده في كثير من مؤلَّفات المستشرقين، وأصحاب العصبيّة العمياء، ممن قد تمنعهم عصبيّتهم وأغراضهم الشخصيّة من أن يبحثوا ويتعمّقوا، لتكون أحكامهم أكثر عمقاً واتّزاناً في ميزان البحث والتحليل.

مسؤوليّة المصلحين

نعرض هذا أمام المصلحين الدّينيّين الذين يعون دقّة المرحلة التي نمرّ بها، لننبه إلى خطر هذا السكوت وهذا الإهمال على الإسلام؛ نظراً إلى أنَّ بقاء هذه الأمور على قدسيّتها في نفوس العامّة من النّاس، وتأثيرها في مجرى حياتهم العملية، يوجب تشويه الإسلام في النفوس.

كما أنَّ عقدة الخوف من العامّة قد تجرنا إلى مزالق خطرة في ميدان الفكر والعقيدة، لأنها لا تصدر في معارضتها عن وعي واتّزان، وإنما تصدر عن عاطفة بدائيّة، وعن خوفهم من تغيير الحالة التي درجوا عليها، والتفكير الذي عاشوا في أفقه.

وإذا نظرنا إلى التاريخ، وجدنا العامّة قد شاركت مشاركةً فعّالة في عرقلة الكثير من المشاريع الإصلاحيّة التي قام بها المصلحون الدّينيون.

فقد وقفت أمام أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب (ع)، عندما كان يحاول إزالة بعض الزوائد التي علقت بالإسلام، نتيجة بعض المؤثّرات وبعض الظروف، ومنعته من تنفيذ خطّته الإصلاحية التي لو قدّر لها أن تنفّذ، لوفّرت علينا الكثير من الجهد الفكري الذي لانزال نبذله في تنقية ما علق بالإسلام وما شاب أحكامه من شوائب.

ولم يكن الوقوف أمام معارضتها ـ في ذلك الوقت ـ أمراً عملياً، بالنظر إلى ما أحاط به من مشاكل داخلية وخارجية...

تأثّر البعض من العامة ـ بالنظر إلى ضعف تفكيرهم ـ بدعاية الشيوعيّة وأحابيلها، فلم يهضموا موقف العلماء من الشيوعيّة والحكم بكفرها وإلحادها، بحجّة أنَّ هذا يعتبر تدخلاً في السياسة.

وهذا ما يحظره الدِّين على العلماء ـ في نظرهم ـ ثُمَّ يضيفون إلى ذلك أنَّ الشيوعيّة لا علاقة لها بالدِّين من قريب أو بعيد، ولذا فليس من مهمّة العلماء ولا من اختصاصهم الوقوف أمامها أو أمام أيّ تيار سياسي آخر.

ولولا الجرأة التي تحلى بها علماؤنا الأعلام، ولولا الصراحة النقيّة التي جابهوا بها هذه المشكلة الخطرة، لما وقف هذا التيار عند حدِّه، ولما وضحت القضيّة لهؤلاء السذّج بعد ذلك.

وهكذا نرى أنَّ علينا أن نكون صريحين في مجابهة مشاكلنا التي يثيرها ما علق بأذهان العامّة من طفيليات وخرافات.

وإلاَّ.. فقد يجيء الوقت الذي لا نستطيع فيه معالجة هذه القضايا، فضلاً عن الوقوف أمامها. والله سبحانه وتعالى من وراء القصد.

*من كتاب "قضايانا على ضوء الإسلام".

اقرأ المزيد
نسخ الآية نُسِخ!
تفسير الآية