يريدك الناس أن تكون واحداً منهم، ويدفعك المجتمع ألا تنمو خارج إطاره سلوكاً وعملاً ورأياً وفكراً، وحين تحاول التمرّد، يستخدم المجتمع بعقله الباطن، أو بسلوكيّاته الآثمة، كلّ الوسائل لتسير ضمن المألوف، حتى لو كان ذلك المألوف خطأً بيّناً، وإذا لم تجاره، فأنت جبان وضعيف الحجّة ومنهزم. أحياناً، يشتمك الناس ويتقوّلون عليك ويتّهمونك، ويشكّكون في أعمالك، ويفسّرونها كيف شاؤوا، وفوق كلّ ذلك، يزعجهم أن تصمت تجاه شراستهم ونيلهم منك.
يضغطك أصحابك ومحبّوك أحياناً بالسّؤال الذي يرونه بحاجة إلى إجابة شافية: لماذا تسكت؟ لماذا لا تدافع؟ لماذا لا تعامل الآخرين بالمثل؟
هكذا تنهمر عليك الأسئلة وتتدافع نحوك الضّغوط، والهدف واحد، هو أن تكون مثلهم.
لي أكثر من صديق يعملون في الأنشطة الاجتماعيّة المختلفة، يصرفون من وقتهم، ويعطون من حيويّتهم، ويقدّمون هموم الناس على راحتهم، ولكنّهم لا يسلمون، فهناك ألسن وهناك أقلام، وهناك صراعات، ومع كلّ تلك الألسن والأقلام والصراعات، هناك أمراض اجتماعية.
كنت دائماً أحدّث أصدقائي حين أرى أنّ الكيل قد طفح بهم، وتراكمت الضغوط عليهم، وكثرت افتراءات من لا يرحم ضدّهم، وأقول لهم لا تدخلوا معارك خاسرة، ولا تمارسوا أساليب لا يقبلها دينكم وضميركم.
لا يريد منكم الآخرون سوى أن تكونوا مثلهم، وحينها، ستفقدون المائز بينكم وبينهم، وستصبحون جزءاً من التخلف والمرض والصداع الذي يتعب أهلكم ومجتمعكم.
بعض الناس يعتقدون أنّ الطريقة المثلى هي الردّ بالمثل؛ أن نشتم من شتم، ونفتري على من افترى، ونشوّه من مسّنا تشويهه وتحريفه، وأن نقطع ألسنة المناوئين لنا بقساوة ألسنتنا..!.
نحن حين نمارس ما يمارس الناس من الخطأ، فسنكرّس القيم السيّئة في نفوس أبناء مجتمعنا، وسنخسر أن نكون المثل الصالح الذي يقتدى به. في حياة رسول الله محمّد (صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلّم)، ما يعلّمنا ويرشدنا إلى طريقة التعامل المثلى، فقد كانت قريش تسمّي الرّسول محمداً مذمَّماً، وينالون منه شتماً وسبّاً وانتهاكاً لكرامته وإنسانيّته، لكنه يلتفت إلى أصحابة كما يروى، ويقول لهم: «ألا ترون كيف يصرف الله عني شتم قريش ولعنهم، يشتمون مذمَّماً، ويلعنون مذمَّماً، وأنا محمّد«.
لقد كان يمارس التجاهل لهم ولكلّ سوء يبدر منهم، فيبعد الضغوط عن نفسه بهذا التجاهل، ويريح أصحابه من الانشغال والتشاغل بما يصدر عن أولئك من كلام فاحش وسيّئ.
أمام كلّ تشويه يمسّ شخصك، أيّها القارئ، لتتأمّل وتقول إنّ هناك مؤامرة تستهدفني لكي أنزلق إلى الوحل وإلى الفحش وإلى السوء، وحينها، عليك أن تصرّ على البقاء بعيداً من تلك المؤامرة، ولن تخسر شيئاً، لأنك ستربح نفسك وأخلاقك وآخرتك.
إنّ الله سبحانه وتعالى خلقنا لنقوم بدور حقيقيّ بنّاء في هذه الأرض ﴿... هُوَ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا...﴾، وكل تشاغل عن هذا الهدف ضياع وخسارة.
ولنتذكّر دائماً أنّ علينا التعامل بالمثل في الأمور الصالحة والطيّبة، وليس المطلوب منّا أن نعضّ الكلب الذي يعضّنا.
*مقالة نشرت في صحيفة اليوم، بتاريخ 30 أبريل (نيسان) 2011م.
يريدك الناس أن تكون واحداً منهم، ويدفعك المجتمع ألا تنمو خارج إطاره سلوكاً وعملاً ورأياً وفكراً، وحين تحاول التمرّد، يستخدم المجتمع بعقله الباطن، أو بسلوكيّاته الآثمة، كلّ الوسائل لتسير ضمن المألوف، حتى لو كان ذلك المألوف خطأً بيّناً، وإذا لم تجاره، فأنت جبان وضعيف الحجّة ومنهزم. أحياناً، يشتمك الناس ويتقوّلون عليك ويتّهمونك، ويشكّكون في أعمالك، ويفسّرونها كيف شاؤوا، وفوق كلّ ذلك، يزعجهم أن تصمت تجاه شراستهم ونيلهم منك.
يضغطك أصحابك ومحبّوك أحياناً بالسّؤال الذي يرونه بحاجة إلى إجابة شافية: لماذا تسكت؟ لماذا لا تدافع؟ لماذا لا تعامل الآخرين بالمثل؟
هكذا تنهمر عليك الأسئلة وتتدافع نحوك الضّغوط، والهدف واحد، هو أن تكون مثلهم.
لي أكثر من صديق يعملون في الأنشطة الاجتماعيّة المختلفة، يصرفون من وقتهم، ويعطون من حيويّتهم، ويقدّمون هموم الناس على راحتهم، ولكنّهم لا يسلمون، فهناك ألسن وهناك أقلام، وهناك صراعات، ومع كلّ تلك الألسن والأقلام والصراعات، هناك أمراض اجتماعية.
كنت دائماً أحدّث أصدقائي حين أرى أنّ الكيل قد طفح بهم، وتراكمت الضغوط عليهم، وكثرت افتراءات من لا يرحم ضدّهم، وأقول لهم لا تدخلوا معارك خاسرة، ولا تمارسوا أساليب لا يقبلها دينكم وضميركم.
لا يريد منكم الآخرون سوى أن تكونوا مثلهم، وحينها، ستفقدون المائز بينكم وبينهم، وستصبحون جزءاً من التخلف والمرض والصداع الذي يتعب أهلكم ومجتمعكم.
بعض الناس يعتقدون أنّ الطريقة المثلى هي الردّ بالمثل؛ أن نشتم من شتم، ونفتري على من افترى، ونشوّه من مسّنا تشويهه وتحريفه، وأن نقطع ألسنة المناوئين لنا بقساوة ألسنتنا..!.
نحن حين نمارس ما يمارس الناس من الخطأ، فسنكرّس القيم السيّئة في نفوس أبناء مجتمعنا، وسنخسر أن نكون المثل الصالح الذي يقتدى به. في حياة رسول الله محمّد (صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلّم)، ما يعلّمنا ويرشدنا إلى طريقة التعامل المثلى، فقد كانت قريش تسمّي الرّسول محمداً مذمَّماً، وينالون منه شتماً وسبّاً وانتهاكاً لكرامته وإنسانيّته، لكنه يلتفت إلى أصحابة كما يروى، ويقول لهم: «ألا ترون كيف يصرف الله عني شتم قريش ولعنهم، يشتمون مذمَّماً، ويلعنون مذمَّماً، وأنا محمّد«.
لقد كان يمارس التجاهل لهم ولكلّ سوء يبدر منهم، فيبعد الضغوط عن نفسه بهذا التجاهل، ويريح أصحابه من الانشغال والتشاغل بما يصدر عن أولئك من كلام فاحش وسيّئ.
أمام كلّ تشويه يمسّ شخصك، أيّها القارئ، لتتأمّل وتقول إنّ هناك مؤامرة تستهدفني لكي أنزلق إلى الوحل وإلى الفحش وإلى السوء، وحينها، عليك أن تصرّ على البقاء بعيداً من تلك المؤامرة، ولن تخسر شيئاً، لأنك ستربح نفسك وأخلاقك وآخرتك.
إنّ الله سبحانه وتعالى خلقنا لنقوم بدور حقيقيّ بنّاء في هذه الأرض ﴿... هُوَ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا...﴾، وكل تشاغل عن هذا الهدف ضياع وخسارة.
ولنتذكّر دائماً أنّ علينا التعامل بالمثل في الأمور الصالحة والطيّبة، وليس المطلوب منّا أن نعضّ الكلب الذي يعضّنا.
*مقالة نشرت في صحيفة اليوم، بتاريخ 30 أبريل (نيسان) 2011م.