... إنَّ الأئمّة من أهل البيت (ع) اعتبروا القرآن الأساس الذي يمثّل المقياس
الصحيح في تصحيح الأحاديث، بحيث يكون الظاهر القرآني هو الشاهد على صحّة الحديث
وفساده، ما يفرض علينا دراسة المفاهيم القرآنية من خلال ظواهر القرآن، للدخول في
مقارنة بينها وبين المفاهيم الحديثيّة، على أساس الخطوط الفكرية المستفادة من هذا
أو ذاك، لا على مستوى جمود الكلمات بالطريقة الحرفيّة.
ونحن إذ نؤكّد ذلك، فإنَّنا لا نُنكر شرعيّة حمل القرآن على خلاف ظاهره بالتّخصيص
والتّقييد والتّأويل، ولكن لا بُدَّ من أن يكون ذلك منسجماً مع قواعد اللّغة
العربيّة التي يقوم عليها التفاهم بأسلوب الاستعارة والكناية ونحوهما، ممّا يتنوَّع
فيه التعبير، ولا يجوز الخروج عن هذه القواعد، لأنَّه يفقد الأساس العلمي للأسلوب
القرآني، ولا سيّما إذا كان التفسير الباطني أو التأويلي بعيداً عن المستوى البلاغي
الفني الرفيع الذي هو في الدرجة العليا من البلاغة، الأمر الذي يجعلنا نحمل ما صحّ
من الحديث على طريقة الاستيحاء والانطلاق في ذلك من الجزئيّ إلى الكليّ، أو من
المادي إلى المعنوي، لا على طريقة استعمال اللّفظ في معناه الخاضع لقواعد حاسمة لا
تنسجم مع ذلك.
إنَّنا ندعو إلى إعادة النظر في الدراسات القرآنيّة، ليكون القرآن هو القاعدة التي
يخضع لها الحديث، بدلاً من العكس، مع ملاحظة مهمّة، وهي أنَّ توثيق الأحاديث قد عاش
الكثير من المشاكل التاريخية، والمنازعات المذهبية، بحيث أصبحت علامات الاستفهام
كثيرة أمام الباحث الذي يريد أن يوثّق راوياً، أو حديثاً، فلا بُدَّ من الحذر في
الأخذ بالأحاديث، ولا سيّما إذا كان متضمّناً لتغيير الظاهر القرآني.
ومشكلتنا في هذا المجال، هي أنَّ الذهنية التفسيرية قد خضعت للمؤثرات الفلسفيّة من
جهة، وللمدرسة الإخبارية التي لا تدقّق في نقد الأحاديث من حيث السَّند والمضمون من
جهة أخرى، ما ترك تأثيره السلبي على التصوّر القرآني، بحيث أصبح البعض يفهمون
القرآن من خلال الحديث - حتى لو كان ضعيفاً - ولا يفهمونه من خلال ظاهره، ما دفع
ببعض المدارس الأصوليّة إلى إنكار الآيات القرآنيّة، إلّا من خلال الأحاديث
المأثورة، بحيث لو سُئل بعض أتباع هذه المدرسة عن السَّبب في ذلك، فإنَّه يبادر إلى
القول بأنَّه لا يفهمها، لأنَّه يخشى أن يكون الفهم الظاهري من التفسير بالرأي.
إنَّ الله تعالى قد أنزل القرآن كتاباً هادياً بلسان عربيّ مبين، فلا بُدَّ لنا من
أن نهتدي به، وقاعدة الهداية تكون من خلال الأساليب الفنيّة لفهم النص في اللّغة
العربية.
*كتيّب "عقائد" للعلامة المرجع السيد محمد حسين فضل الله(رض).
... إنَّ الأئمّة من أهل البيت (ع) اعتبروا القرآن الأساس الذي يمثّل المقياس
الصحيح في تصحيح الأحاديث، بحيث يكون الظاهر القرآني هو الشاهد على صحّة الحديث
وفساده، ما يفرض علينا دراسة المفاهيم القرآنية من خلال ظواهر القرآن، للدخول في
مقارنة بينها وبين المفاهيم الحديثيّة، على أساس الخطوط الفكرية المستفادة من هذا
أو ذاك، لا على مستوى جمود الكلمات بالطريقة الحرفيّة.
ونحن إذ نؤكّد ذلك، فإنَّنا لا نُنكر شرعيّة حمل القرآن على خلاف ظاهره بالتّخصيص
والتّقييد والتّأويل، ولكن لا بُدَّ من أن يكون ذلك منسجماً مع قواعد اللّغة
العربيّة التي يقوم عليها التفاهم بأسلوب الاستعارة والكناية ونحوهما، ممّا يتنوَّع
فيه التعبير، ولا يجوز الخروج عن هذه القواعد، لأنَّه يفقد الأساس العلمي للأسلوب
القرآني، ولا سيّما إذا كان التفسير الباطني أو التأويلي بعيداً عن المستوى البلاغي
الفني الرفيع الذي هو في الدرجة العليا من البلاغة، الأمر الذي يجعلنا نحمل ما صحّ
من الحديث على طريقة الاستيحاء والانطلاق في ذلك من الجزئيّ إلى الكليّ، أو من
المادي إلى المعنوي، لا على طريقة استعمال اللّفظ في معناه الخاضع لقواعد حاسمة لا
تنسجم مع ذلك.
إنَّنا ندعو إلى إعادة النظر في الدراسات القرآنيّة، ليكون القرآن هو القاعدة التي
يخضع لها الحديث، بدلاً من العكس، مع ملاحظة مهمّة، وهي أنَّ توثيق الأحاديث قد عاش
الكثير من المشاكل التاريخية، والمنازعات المذهبية، بحيث أصبحت علامات الاستفهام
كثيرة أمام الباحث الذي يريد أن يوثّق راوياً، أو حديثاً، فلا بُدَّ من الحذر في
الأخذ بالأحاديث، ولا سيّما إذا كان متضمّناً لتغيير الظاهر القرآني.
ومشكلتنا في هذا المجال، هي أنَّ الذهنية التفسيرية قد خضعت للمؤثرات الفلسفيّة من
جهة، وللمدرسة الإخبارية التي لا تدقّق في نقد الأحاديث من حيث السَّند والمضمون من
جهة أخرى، ما ترك تأثيره السلبي على التصوّر القرآني، بحيث أصبح البعض يفهمون
القرآن من خلال الحديث - حتى لو كان ضعيفاً - ولا يفهمونه من خلال ظاهره، ما دفع
ببعض المدارس الأصوليّة إلى إنكار الآيات القرآنيّة، إلّا من خلال الأحاديث
المأثورة، بحيث لو سُئل بعض أتباع هذه المدرسة عن السَّبب في ذلك، فإنَّه يبادر إلى
القول بأنَّه لا يفهمها، لأنَّه يخشى أن يكون الفهم الظاهري من التفسير بالرأي.
إنَّ الله تعالى قد أنزل القرآن كتاباً هادياً بلسان عربيّ مبين، فلا بُدَّ لنا من
أن نهتدي به، وقاعدة الهداية تكون من خلال الأساليب الفنيّة لفهم النص في اللّغة
العربية.
*كتيّب "عقائد" للعلامة المرجع السيد محمد حسين فضل الله(رض).