لا أعتقد أنّ هناك أيّ تعارض بين النهي عن التكبّر وبين الحديث عن أنّ التكبّر على المتكبّر عبادة، فالنهي عن التكبّر هو النّهي عن أن يعيش الإنسان شخصيّة الاستعلاء على الآخرين، وأن يعيش الذهنيّة التي يفكّر فيها بضخامة شخصيّته مقارنةً بشخصيّة الآخرين، بطريقة {أَنَاْ خَيْرٌ مِّنْهُ خَلَقْتَنِي مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ}، أنا خيرٌ منه لأنّي عربي وهو أعجمي، أنا خير منه لأنّي من هذا البلد أو من ذاك البلد، أنا خير منه لأنّي هاشمي والآخر غير هاشمي، ثم تتحرَّك استعلاءً في ممارستك لعلاقتك معه.
إنّ الله ينهى عن أن تكون المتكبّر في عقلك وفي قلبك، والمتكبّر في شعورك وفي عملك مع الآخرين، أمَّا حديث، إذا صحّ هذا الحديث، "التكبّر على المتكبّر عبادة"، فإنّه يعطي الشكل وليس العمق، فإذا رأيت متكبّراً فأهن كبرياءه، أفقده تكبّره، تصرّف معه كما يتصرّف مع النّاس الآخرين، لتشعره بضآلة حجمه، ليكون ذلك إنكاراً لتكبرّه.
وليس معناه أن تكون متكبّراً في شخصيّتك، فلا يجوز لنا أن نعيش ولو ذرّةً من كبريائنا على أيّ إنسان آخر.
وكذلك، نجد مقابلة الإساءة بالإحسان، لأنَّ الأخلاق ليست سوقيّة، فالسوق عادةً يتكلّم بمنطق أعطني أعطك، والأخلاق الإسلامية ليست كذلك، أي ليس فيها حسابات، والنبيّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم) يقول: "من مكارم الأخلاق ثلاث خصال؛ تعطي مَن حرمَك، وتصل مَن قطعك، وتعفو عمّن ظلمك"، والإمام زين العابدين (عليه السلام) يحوّل هذه الفكرة الأخلاقيّة الإسلاميّة إلى دعاء في (مكارم الأخلاق): "اللّهم وسدّدني لأن أُعارِض مَنْ غشّني بالنّصح، وأجزيَ مَن هجرني بالبرِّ، وأُثيب مَن حرمني بالبذل، وأُكافي مَن قطعني بالصِّلة، وأُخالِف مَن اغتابني إلى حسن الذّكر، وأن أشكر الحسنة وأغضي عن السيّئة".
فالله يريد أن تكون أخلاقك جزءاً من شخصيّتك من خلال إيمانك بالقيمة الأخلاقيّة، بقطع النظر عن ردّ الفعل عند الآخرين، لتكون تماماً كما الشّمس تشرق على البرّ والفاجر، وكما هو الينبوع يتدفّق على الأرض الخصبة وعلى الأرض المالحة، لأنّ النبع يعيش طبيعة العطاء، ولأنّ الشّمس تعيش طبيعة العطاء.
ولقد قال الإمام زين العابدين (عليه السلام) في بعض وصاياه لولده الإمام الباقر (عليه السلام): "يا بنيّ، اِصنع الخير مع أهله ومع غير أهله، فإن لم يكن من أهله فأنتَ مِن أهله". وهذا المعنى استوحاه الإمام من دعائه لله سبحانه وتعالى: "فإنْ لم أكن أهلاً أن أبلُغ رحمتك، فرحمتك أهلٌ أن تبلغني وتسعني، لأنّها وسعت كلّ شيء". فأخلاقيّتنا تسع كل الناس وإنْ لم يسعنا الناس بأخلاقيّتهم، وأن تكون الأخلاق طبيعيّة فينا، لا أن تكون عُملةً نحرّكها بحسب ريح السّوق، فإذا أكرمتني فلأنّني أكرمتك، وإذا أعطيتني فلأنّني أعطيتك، فأين هي القيمة الأخلاقيّة؟! إنّ الأخلاق الإسلاميّة لا تخضع للبيع والشّراء!.
*من كتاب النّدوة، ج 2.
لا أعتقد أنّ هناك أيّ تعارض بين النهي عن التكبّر وبين الحديث عن أنّ التكبّر على المتكبّر عبادة، فالنهي عن التكبّر هو النّهي عن أن يعيش الإنسان شخصيّة الاستعلاء على الآخرين، وأن يعيش الذهنيّة التي يفكّر فيها بضخامة شخصيّته مقارنةً بشخصيّة الآخرين، بطريقة {أَنَاْ خَيْرٌ مِّنْهُ خَلَقْتَنِي مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ}، أنا خيرٌ منه لأنّي عربي وهو أعجمي، أنا خير منه لأنّي من هذا البلد أو من ذاك البلد، أنا خير منه لأنّي هاشمي والآخر غير هاشمي، ثم تتحرَّك استعلاءً في ممارستك لعلاقتك معه.
إنّ الله ينهى عن أن تكون المتكبّر في عقلك وفي قلبك، والمتكبّر في شعورك وفي عملك مع الآخرين، أمَّا حديث، إذا صحّ هذا الحديث، "التكبّر على المتكبّر عبادة"، فإنّه يعطي الشكل وليس العمق، فإذا رأيت متكبّراً فأهن كبرياءه، أفقده تكبّره، تصرّف معه كما يتصرّف مع النّاس الآخرين، لتشعره بضآلة حجمه، ليكون ذلك إنكاراً لتكبرّه.
وليس معناه أن تكون متكبّراً في شخصيّتك، فلا يجوز لنا أن نعيش ولو ذرّةً من كبريائنا على أيّ إنسان آخر.
وكذلك، نجد مقابلة الإساءة بالإحسان، لأنَّ الأخلاق ليست سوقيّة، فالسوق عادةً يتكلّم بمنطق أعطني أعطك، والأخلاق الإسلامية ليست كذلك، أي ليس فيها حسابات، والنبيّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم) يقول: "من مكارم الأخلاق ثلاث خصال؛ تعطي مَن حرمَك، وتصل مَن قطعك، وتعفو عمّن ظلمك"، والإمام زين العابدين (عليه السلام) يحوّل هذه الفكرة الأخلاقيّة الإسلاميّة إلى دعاء في (مكارم الأخلاق): "اللّهم وسدّدني لأن أُعارِض مَنْ غشّني بالنّصح، وأجزيَ مَن هجرني بالبرِّ، وأُثيب مَن حرمني بالبذل، وأُكافي مَن قطعني بالصِّلة، وأُخالِف مَن اغتابني إلى حسن الذّكر، وأن أشكر الحسنة وأغضي عن السيّئة".
فالله يريد أن تكون أخلاقك جزءاً من شخصيّتك من خلال إيمانك بالقيمة الأخلاقيّة، بقطع النظر عن ردّ الفعل عند الآخرين، لتكون تماماً كما الشّمس تشرق على البرّ والفاجر، وكما هو الينبوع يتدفّق على الأرض الخصبة وعلى الأرض المالحة، لأنّ النبع يعيش طبيعة العطاء، ولأنّ الشّمس تعيش طبيعة العطاء.
ولقد قال الإمام زين العابدين (عليه السلام) في بعض وصاياه لولده الإمام الباقر (عليه السلام): "يا بنيّ، اِصنع الخير مع أهله ومع غير أهله، فإن لم يكن من أهله فأنتَ مِن أهله". وهذا المعنى استوحاه الإمام من دعائه لله سبحانه وتعالى: "فإنْ لم أكن أهلاً أن أبلُغ رحمتك، فرحمتك أهلٌ أن تبلغني وتسعني، لأنّها وسعت كلّ شيء". فأخلاقيّتنا تسع كل الناس وإنْ لم يسعنا الناس بأخلاقيّتهم، وأن تكون الأخلاق طبيعيّة فينا، لا أن تكون عُملةً نحرّكها بحسب ريح السّوق، فإذا أكرمتني فلأنّني أكرمتك، وإذا أعطيتني فلأنّني أعطيتك، فأين هي القيمة الأخلاقيّة؟! إنّ الأخلاق الإسلاميّة لا تخضع للبيع والشّراء!.
*من كتاب النّدوة، ج 2.