{وَقَالُواْ لَوْلاَ نُزِّلَ هَذَا الْقُرْآنُ عَلَى رَجُلٍ مِّنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ}. وهذا أسلوب جديد من أساليبهم المثيرة التي يستهدفون ـ من خلالها ـ احتواء تأثيرات الدّعوة الإِيجابيّة في الناس، وإرباك الوجدان العام حولها.
ويعتمد هذا الأسلوب على التركيز على العنصر الطبقي في عقليّة المجتمع الجاهلي، الذي يرى أنّ الرجال الكبار الذين يملكون الموقع الاجتماعي المميّز، هم وحدهم الذين يحقّ لهم أن يتولوا قيادة المجتمع بما يحملونه من أفكار وبما يحركونه من أوضاع، وهم الموقع الطبيعيّ الذي يجب أن تنزل عليه الرّسالات من الله ـ إذا كانت مسألة الوحي في الرّسالة أمراً وارداً بالنّسبة إلى العقل ـ لأنهم يملكون تحريك الرّسالة في وجدان الناس من خلال قوَّة تأثيرهم في مواقع حياتهم، في ما يملكونه من أمورهم الاقتصاديّة والاجتماعيّة التي تمكّنهم من الضغط عليهم.
وفي ضوء ذلك، كانوا يشيرون إلى فقر النبيّ وفقدانه الموقع الاجتماعي البارز الذي يملكه أصحاب رؤوس الأموال، ليؤكّدوا للناس أن الرسالة التي يكلف الله ربّ العالمين بها بعضهم، فينزل الوحي عليهم، وهو القرآن الذي يدّعي النبيّ أنه منزلٌ من الله، لا يمكن أن تنزل على هذا الفقير اليتيم المعدم الذي لا يستطيع حماية نفسه من العدوان، فكيف يحمي دعوته! كما أنّه لا يملك الوسائل التي يستطيع بها التأثير في الناس، لأنهم لا يسمعون إلا من الكبار في المجتمع، ولهذا، كان لا بدّ من أن ينزل القرآن ـ لو كان حقيقة ـ على رجل عظيم من القريتين ـ مكّة والطائف ـ.
وقد تحدّث المفسرون عن أسماء عديدة، كالوليد بن المغيرة وعتبة بن أبي ربيعة من مكة، وعروة بن مسعود الثقفي من الطائف، وغيرهم.
وربما كان ذلك صحيحاً، وربما كانوا لا يقصدون شخصاً بعينه، وهذا هو الأقرب، لأنهم تحدثوا عن رجل عظيم من القريتين، باعتبارهما البلدين اللّذين يعيشون فيهما، ما يوحي بأنّ الميزان الطبقي هو مبدأ يشيرون إليه، لا شخص بعينه.
{أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَةَ رَبِّكَ}، وهذا هو التعليق القرآني على هذه المقولة، فإنّ الرّسالة ليست شأناً بشريّاً يرجع أمره إلى الناس، ليحدِّدوا ملامح الرّسول على أساس طبقي، بل هي شأنٌ إلهيٌّ، يرحم الله به من يشاء فيمن يصطفيه لكرامته، ويختاره لرسالته، ممن تتوفّر في فكره وأخلاقه ومنهجه الصّفات الرساليّة.
ولهذا، فإنهم عندما يتحدّثون بهذه الطريقة، فإنهم يتدخلون في شؤون الإرادة الإلهيّة لجهة ما يقسم الله فيه رحمته بين عباده من خلال ما يعرفه من أمور صلاحهم وفسادهم، مما لا مكان لإِبداء الرأي فيه، ولا أساس للاعتراض عليه.
*من كتاب "تفسيرمن وحي القرآن" .
{وَقَالُواْ لَوْلاَ نُزِّلَ هَذَا الْقُرْآنُ عَلَى رَجُلٍ مِّنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ}. وهذا أسلوب جديد من أساليبهم المثيرة التي يستهدفون ـ من خلالها ـ احتواء تأثيرات الدّعوة الإِيجابيّة في الناس، وإرباك الوجدان العام حولها.
ويعتمد هذا الأسلوب على التركيز على العنصر الطبقي في عقليّة المجتمع الجاهلي، الذي يرى أنّ الرجال الكبار الذين يملكون الموقع الاجتماعي المميّز، هم وحدهم الذين يحقّ لهم أن يتولوا قيادة المجتمع بما يحملونه من أفكار وبما يحركونه من أوضاع، وهم الموقع الطبيعيّ الذي يجب أن تنزل عليه الرّسالات من الله ـ إذا كانت مسألة الوحي في الرّسالة أمراً وارداً بالنّسبة إلى العقل ـ لأنهم يملكون تحريك الرّسالة في وجدان الناس من خلال قوَّة تأثيرهم في مواقع حياتهم، في ما يملكونه من أمورهم الاقتصاديّة والاجتماعيّة التي تمكّنهم من الضغط عليهم.
وفي ضوء ذلك، كانوا يشيرون إلى فقر النبيّ وفقدانه الموقع الاجتماعي البارز الذي يملكه أصحاب رؤوس الأموال، ليؤكّدوا للناس أن الرسالة التي يكلف الله ربّ العالمين بها بعضهم، فينزل الوحي عليهم، وهو القرآن الذي يدّعي النبيّ أنه منزلٌ من الله، لا يمكن أن تنزل على هذا الفقير اليتيم المعدم الذي لا يستطيع حماية نفسه من العدوان، فكيف يحمي دعوته! كما أنّه لا يملك الوسائل التي يستطيع بها التأثير في الناس، لأنهم لا يسمعون إلا من الكبار في المجتمع، ولهذا، كان لا بدّ من أن ينزل القرآن ـ لو كان حقيقة ـ على رجل عظيم من القريتين ـ مكّة والطائف ـ.
وقد تحدّث المفسرون عن أسماء عديدة، كالوليد بن المغيرة وعتبة بن أبي ربيعة من مكة، وعروة بن مسعود الثقفي من الطائف، وغيرهم.
وربما كان ذلك صحيحاً، وربما كانوا لا يقصدون شخصاً بعينه، وهذا هو الأقرب، لأنهم تحدثوا عن رجل عظيم من القريتين، باعتبارهما البلدين اللّذين يعيشون فيهما، ما يوحي بأنّ الميزان الطبقي هو مبدأ يشيرون إليه، لا شخص بعينه.
{أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَةَ رَبِّكَ}، وهذا هو التعليق القرآني على هذه المقولة، فإنّ الرّسالة ليست شأناً بشريّاً يرجع أمره إلى الناس، ليحدِّدوا ملامح الرّسول على أساس طبقي، بل هي شأنٌ إلهيٌّ، يرحم الله به من يشاء فيمن يصطفيه لكرامته، ويختاره لرسالته، ممن تتوفّر في فكره وأخلاقه ومنهجه الصّفات الرساليّة.
ولهذا، فإنهم عندما يتحدّثون بهذه الطريقة، فإنهم يتدخلون في شؤون الإرادة الإلهيّة لجهة ما يقسم الله فيه رحمته بين عباده من خلال ما يعرفه من أمور صلاحهم وفسادهم، مما لا مكان لإِبداء الرأي فيه، ولا أساس للاعتراض عليه.
*من كتاب "تفسيرمن وحي القرآن" .