بيان تناول فيه محاولات رئيس العدو الصهيوني، شمعون بيريز، للإيقاع بين السنة والشيعة،

بيان تناول فيه محاولات رئيس العدو الصهيوني، شمعون بيريز، للإيقاع بين السنة والشيعة،

نبّه إلى أنّ إسرائيل أرادت من عنوان "حوار الأديان" الإيقاع بين السنّة والشيعة

فضل الله دعا علماء السنّة والشيعة إلى لقاء سريع يحسم أولويات الأمة لحساب الإسلام لا لحسابات المذاهب


أصدر سماحة العلامة المرجع، السيد محمد حسين فضل الله، بياناً تناول فيه محاولات رئيس العدو الصهيوني، شمعون بيريز، الأخيرة الإيقاع بين السنة والشيعة، فقال:


يوماً بعد يوم يتبيّن للجميع أن إسرائيل التي تعيش حال من الاهتزاز السياسي والأمني، لم تشهده منذ أقامت كيانها الغاصب على أرض الفلسطينيين، واستطاعت أن تتلاعب بالمواقف العربية، وأن تستدرج العرب إلى فخّ جديد تحت عنوان "حوار الأديان" بعدما استطاعت أن تتلاعب بهم في مؤتمر أنابوليس، وأن تدغدغ أحلامهم بكلمات معسولة، لتعود فتزرع الأراضي الفلسطينية بالمستوطنات، وتهجّر آلاف الفلسطينيين وتهدم بيوت المقدسيين وتعمل ليل نهار لتغيير الواقع الديموغرافي في فلسطين المحتلة، إلى جانب سعيها لتغيير الواقع السياسي والأمني في المنطقة كلها.


لقد لاحظنا كيف أن العرب الذين انتظروا الحصول على هدية إسرائيلية، ولو على مستوى الكلمات والوعود في مؤتمر حوار الأديان، أصيبوا بخيبة أمل كبيرة، لأنه ليس عند إسرائيل ما تعطيه للعرب إلا المزيد من سفك دمائهم ومصادرة أراضيهم، انسجاماً مع الفتاوى الجديدة لحاخامات اليهود في فلسطين المحتلة الذي أصدروا مؤخراً المزيد من الفتاوى التي تبيح للمستوطنين طرد الفلسطينيين من أرضهم وقتلهم وتهجيرهم، في إشارة واضحة الدلالة قبل أيام من انعقاد مؤتمر حوار الأديان في نيويورك تحت قبة الأمم المتحدة.


بيد أن ما تخطط له إسرائيل يتجاوز كل هذه الغبطة والفرحة العربية برئيس الكيان الصهيوني المجرم، شمعون بيريز، أو الدخول مبدئياً في بوابة التطبيع من خلال العنوان الديني، لأن العدو يتطلع جدياً لإشعال نيران الفتنة بين السنة والشيعة في المنطقة، ويعمل في هذه الأيام لركوب موجة "الأكثريات" بعدما عمل في العقود الماضية على ركوب موجة الأقليات التي حاول الإيحاء بأنها تشترك معه في مزايا الدفاع عن الوجود والمصير، وقد بدأ ينفخ ببوق المذهبية في شكل متواصل من دون أن ينبري أحدٌ ليرد عليه أو ليفنّد تهاويله وأحابيله.


لقد لاحظنا أنّ ما لم يتحدث به بيريز بصراحة في مؤتمر حوار الأديان وإن ألمح له تلميحاً، صرّح به في شكل مكشوف في خلال لقائه مع "اتحاد الجاليات اليهودية في أمريكا الشمالية" حيث قال إنّ "من الأسباب التي تدفع إسرائيل إلى عقد سلام مع الفلسطينيين ووضع حد للاحتلال، إعلام السنة في الشرق الأوسط أنهم ليسوا مجبرين على الخضوع لإيران وللأقلية الشيعية المتطرفة"، كما تحدث عن إيران بطريقة تهويلية زاعماً أنها تمتلك طموحات إمبريالية وأنها تسعى لحكم الشرق الأوسط، وكل ذلك في سياق لعبة جديدة للإيحاء بأن من الممكن دخول السنة في مصالحة مع إسرائيل، بينما لا يمكن دخول الشيعة في هذا الخط، لأنهم متطرفون بحسب زعمه.


والواقع الشرعي والميداني يدحض أكاذيبه، لأن المرجعيات الإسلامية السنية والشيعية لا ترضى باغتصاب فلسطين ولا يمكن أن تقبل بالوقوف مع الظالم ضد المظلوم، كما أن الواقع الشعبي السني والشيعي على السواء يرفض الاعتراف للصهاينة باغتصاب فلسطين، وقد أثبت هذا الواقع ذلك، بوقوفه مع كل المجاهدين والمناضلين العاملين لتحرير فلسطين، واحتضانهم لهم والدفاع عنهم بكل الوسائل والإخلاص لهم على طول الخط.


إننا نقول للعرب، وخصوصاً أولئك الذي تضحك عليهم إسرائيل عندما تحدثهم عن أنها تقف معهم في جبهة واحدة لمواجهة ما تسميه الخطر الإيراني، أو عندما تحدثهم عن طموحات إيران: حذارِ من السقوط في هذا الفخ الإسرائيلي، لأنه يمثل الحالقة للدين ولقضايا الأمة، وسيدخلهم في حرب مباشرة مع شعوبهم، ليكتشفوا بعد خراب البصرة أن العدو يراهن أكثر ما يراهن على الفتنة المذهبية وعلى الصراعات العرقية التي تعيد العرب إلى الحمية الجاهلية وتجعلهم يتحدثون عن إخوتهم في الدين كما تحدث اليهود في بداية الدعوة الإسلامية، فقالوا عن المشركين: {هؤلاء أهدى من الذين آمنوا سبيلاً...} وفي ذلك سقوط عربي وإسلامي مريع لمصلحة إسرائيل التي شعرت في السنوات الأخيرة بأنها دخلت في الحلقة السياسية والأمنية المظلمة، وأن الظروف الإقليمية والدولية لم تعد مؤاتية بالكامل لمصلحتها، وخصوصاً مع سقوطها المدوّي في لبنان في تموز من العام 2006، وبداية العد العكسي للمحافظين الجدد في واشنطن.


ونقول للمسلمين، وخصوصاً لعلمائهم الذين ملأ بعضهم الدنيا بالضجيج في معالجة بعض قضايا التاريخ والواقع بطريقة عصبية ومذهبية، إن واقع التمزّق الذي تطرحه كلماتكم وتنطلق به مواقفكم بات يغري العدو بنا، ويجعله يراهن على إحداث شروخ خطيرة في الأمة من خلال استخدامه للعنوان المذهبي، إلى المستوى الذي يجرؤ فيه قادة العدو على الدعوة إلى وقف التداول ببعض الآيات القرآنية التي تتحدث عن اليهود في المنتديات العربية والإسلامية وفي المدارس والمساجد، وهو الأمر الذي يمثل استهانة كبرى بكل المقدسات الإسلامية، ودعوة صريحة إلى تدمير العقيدة الإسلامية لحساب العقيدة الصهيونية التلمودية العنصرية القاتلة.


إنني ومن موقع مسؤوليتي الشرعية، أدعو العلماء والأعلام من الطائفتين الكريمتين السنية والشيعية، إلى اللقاء اليوم قبل غد، وغداً قبل بعد غد، في اجتماع إسلامي يعكف على دراسة الواقع العربي والإسلامي في نطاق استراتيجية حاسمة تضع الأسس للأولويات الإسلامية الكبرى بعيداً عما هي مصلحة المذاهب، وقريباً مما هي مصلحة الإسلام العامة، ليصار إلى اعتماد آلية لتأكيد ذلك وإلزام الحكومات بها، وإنني في الوقت الذي أتطلع لتحقيق ذلك بما له من أثر كبير على واقع الأمة في هذه المرحلة الخطيرة والصعبة من تاريخها، أجزم من موقع المعرفة والمتابعة والعلم والدراية، بأن الجمهورية الإسلامية في إيران لا تمثل أي خطر على جيرانها العرب، ونحن لا نقبل أن تكون كذلك، وهي ليست في هذا الوارد على الإطلاق من خلال ما نعلمه من قادتها ومسؤوليها، ولذلك فإننا ندعو إلى عدم الأخذ بالتهاويل الصهيونية الباطلة، والعمل للدخول في حوار جدي معها ومع غيرها، لأنه أولى من الحديث مع الصهاينة المغتصبين وأنفع للأمة وحتى للذين يخشون على مواقعهم ومراكزهم.


مكتب سماحة آية الله العظمى السيد محمد حسين فضل الله (رض)
التاريخ: 25-11-1429 هـ  الموافق: 23/11/2008 م

نبّه إلى أنّ إسرائيل أرادت من عنوان "حوار الأديان" الإيقاع بين السنّة والشيعة

فضل الله دعا علماء السنّة والشيعة إلى لقاء سريع يحسم أولويات الأمة لحساب الإسلام لا لحسابات المذاهب


أصدر سماحة العلامة المرجع، السيد محمد حسين فضل الله، بياناً تناول فيه محاولات رئيس العدو الصهيوني، شمعون بيريز، الأخيرة الإيقاع بين السنة والشيعة، فقال:


يوماً بعد يوم يتبيّن للجميع أن إسرائيل التي تعيش حال من الاهتزاز السياسي والأمني، لم تشهده منذ أقامت كيانها الغاصب على أرض الفلسطينيين، واستطاعت أن تتلاعب بالمواقف العربية، وأن تستدرج العرب إلى فخّ جديد تحت عنوان "حوار الأديان" بعدما استطاعت أن تتلاعب بهم في مؤتمر أنابوليس، وأن تدغدغ أحلامهم بكلمات معسولة، لتعود فتزرع الأراضي الفلسطينية بالمستوطنات، وتهجّر آلاف الفلسطينيين وتهدم بيوت المقدسيين وتعمل ليل نهار لتغيير الواقع الديموغرافي في فلسطين المحتلة، إلى جانب سعيها لتغيير الواقع السياسي والأمني في المنطقة كلها.


لقد لاحظنا كيف أن العرب الذين انتظروا الحصول على هدية إسرائيلية، ولو على مستوى الكلمات والوعود في مؤتمر حوار الأديان، أصيبوا بخيبة أمل كبيرة، لأنه ليس عند إسرائيل ما تعطيه للعرب إلا المزيد من سفك دمائهم ومصادرة أراضيهم، انسجاماً مع الفتاوى الجديدة لحاخامات اليهود في فلسطين المحتلة الذي أصدروا مؤخراً المزيد من الفتاوى التي تبيح للمستوطنين طرد الفلسطينيين من أرضهم وقتلهم وتهجيرهم، في إشارة واضحة الدلالة قبل أيام من انعقاد مؤتمر حوار الأديان في نيويورك تحت قبة الأمم المتحدة.


بيد أن ما تخطط له إسرائيل يتجاوز كل هذه الغبطة والفرحة العربية برئيس الكيان الصهيوني المجرم، شمعون بيريز، أو الدخول مبدئياً في بوابة التطبيع من خلال العنوان الديني، لأن العدو يتطلع جدياً لإشعال نيران الفتنة بين السنة والشيعة في المنطقة، ويعمل في هذه الأيام لركوب موجة "الأكثريات" بعدما عمل في العقود الماضية على ركوب موجة الأقليات التي حاول الإيحاء بأنها تشترك معه في مزايا الدفاع عن الوجود والمصير، وقد بدأ ينفخ ببوق المذهبية في شكل متواصل من دون أن ينبري أحدٌ ليرد عليه أو ليفنّد تهاويله وأحابيله.


لقد لاحظنا أنّ ما لم يتحدث به بيريز بصراحة في مؤتمر حوار الأديان وإن ألمح له تلميحاً، صرّح به في شكل مكشوف في خلال لقائه مع "اتحاد الجاليات اليهودية في أمريكا الشمالية" حيث قال إنّ "من الأسباب التي تدفع إسرائيل إلى عقد سلام مع الفلسطينيين ووضع حد للاحتلال، إعلام السنة في الشرق الأوسط أنهم ليسوا مجبرين على الخضوع لإيران وللأقلية الشيعية المتطرفة"، كما تحدث عن إيران بطريقة تهويلية زاعماً أنها تمتلك طموحات إمبريالية وأنها تسعى لحكم الشرق الأوسط، وكل ذلك في سياق لعبة جديدة للإيحاء بأن من الممكن دخول السنة في مصالحة مع إسرائيل، بينما لا يمكن دخول الشيعة في هذا الخط، لأنهم متطرفون بحسب زعمه.


والواقع الشرعي والميداني يدحض أكاذيبه، لأن المرجعيات الإسلامية السنية والشيعية لا ترضى باغتصاب فلسطين ولا يمكن أن تقبل بالوقوف مع الظالم ضد المظلوم، كما أن الواقع الشعبي السني والشيعي على السواء يرفض الاعتراف للصهاينة باغتصاب فلسطين، وقد أثبت هذا الواقع ذلك، بوقوفه مع كل المجاهدين والمناضلين العاملين لتحرير فلسطين، واحتضانهم لهم والدفاع عنهم بكل الوسائل والإخلاص لهم على طول الخط.


إننا نقول للعرب، وخصوصاً أولئك الذي تضحك عليهم إسرائيل عندما تحدثهم عن أنها تقف معهم في جبهة واحدة لمواجهة ما تسميه الخطر الإيراني، أو عندما تحدثهم عن طموحات إيران: حذارِ من السقوط في هذا الفخ الإسرائيلي، لأنه يمثل الحالقة للدين ولقضايا الأمة، وسيدخلهم في حرب مباشرة مع شعوبهم، ليكتشفوا بعد خراب البصرة أن العدو يراهن أكثر ما يراهن على الفتنة المذهبية وعلى الصراعات العرقية التي تعيد العرب إلى الحمية الجاهلية وتجعلهم يتحدثون عن إخوتهم في الدين كما تحدث اليهود في بداية الدعوة الإسلامية، فقالوا عن المشركين: {هؤلاء أهدى من الذين آمنوا سبيلاً...} وفي ذلك سقوط عربي وإسلامي مريع لمصلحة إسرائيل التي شعرت في السنوات الأخيرة بأنها دخلت في الحلقة السياسية والأمنية المظلمة، وأن الظروف الإقليمية والدولية لم تعد مؤاتية بالكامل لمصلحتها، وخصوصاً مع سقوطها المدوّي في لبنان في تموز من العام 2006، وبداية العد العكسي للمحافظين الجدد في واشنطن.


ونقول للمسلمين، وخصوصاً لعلمائهم الذين ملأ بعضهم الدنيا بالضجيج في معالجة بعض قضايا التاريخ والواقع بطريقة عصبية ومذهبية، إن واقع التمزّق الذي تطرحه كلماتكم وتنطلق به مواقفكم بات يغري العدو بنا، ويجعله يراهن على إحداث شروخ خطيرة في الأمة من خلال استخدامه للعنوان المذهبي، إلى المستوى الذي يجرؤ فيه قادة العدو على الدعوة إلى وقف التداول ببعض الآيات القرآنية التي تتحدث عن اليهود في المنتديات العربية والإسلامية وفي المدارس والمساجد، وهو الأمر الذي يمثل استهانة كبرى بكل المقدسات الإسلامية، ودعوة صريحة إلى تدمير العقيدة الإسلامية لحساب العقيدة الصهيونية التلمودية العنصرية القاتلة.


إنني ومن موقع مسؤوليتي الشرعية، أدعو العلماء والأعلام من الطائفتين الكريمتين السنية والشيعية، إلى اللقاء اليوم قبل غد، وغداً قبل بعد غد، في اجتماع إسلامي يعكف على دراسة الواقع العربي والإسلامي في نطاق استراتيجية حاسمة تضع الأسس للأولويات الإسلامية الكبرى بعيداً عما هي مصلحة المذاهب، وقريباً مما هي مصلحة الإسلام العامة، ليصار إلى اعتماد آلية لتأكيد ذلك وإلزام الحكومات بها، وإنني في الوقت الذي أتطلع لتحقيق ذلك بما له من أثر كبير على واقع الأمة في هذه المرحلة الخطيرة والصعبة من تاريخها، أجزم من موقع المعرفة والمتابعة والعلم والدراية، بأن الجمهورية الإسلامية في إيران لا تمثل أي خطر على جيرانها العرب، ونحن لا نقبل أن تكون كذلك، وهي ليست في هذا الوارد على الإطلاق من خلال ما نعلمه من قادتها ومسؤوليها، ولذلك فإننا ندعو إلى عدم الأخذ بالتهاويل الصهيونية الباطلة، والعمل للدخول في حوار جدي معها ومع غيرها، لأنه أولى من الحديث مع الصهاينة المغتصبين وأنفع للأمة وحتى للذين يخشون على مواقعهم ومراكزهم.


مكتب سماحة آية الله العظمى السيد محمد حسين فضل الله (رض)
التاريخ: 25-11-1429 هـ  الموافق: 23/11/2008 م
اقرأ المزيد
نسخ الآية نُسِخ!
تفسير الآية