تخلّت عني وارتبطت بصديقي المقرب.. فمن المذنب؟

تخلّت عني وارتبطت بصديقي المقرب.. فمن المذنب؟

استشارة..

ربطتني علاقة حب بفتاة لعدة سنوات، ولم نستطع الارتباط لأسباب اقتصادية. لم أؤذ مشاعرها يوماً طوال تلك الفترة، وكنت كثير التفكير في كيفية تأمين المنزل ومتطلّبات الزواج، فكانت تظهر على وجهي أمارات الحزن، وأبدو عابساً طوال الوقت، الأمر الذي كان يزعجها، وعلى الرغم من محاولتي الحثيثة للتخلص من هذا الطبع، فقد كنت أفشل دائماً في إخفاء ألمي.
بعد أن تأزمَتْ نفسياً من هذا الموضوع، بدأت تشكو إلى صديقي المقرب وتبث إليه وجعها، علماً أنني كنت أسهّل لقاءهما، لثقتي الكبيرة بهما.
عندما حصلت على فرصة عمل خارج البلاد، لم أتردد في قبولها، كونها ستيسّر أموري المالية، وهي بدورها رحّبت بالفكرة، ولكنني فوجئت بعد فترة بأنها تريد الانفصال عني، من دون تبرير مقنع. وقد أصبت بصدمة كبرى عندما عرفت بالصدفة أنها تحب صديقي، حتى إنهما لم ينكرا الأمر عندما واجهتهما، بل اعتبراه أمراً عادياً، فحصلت مشادات كلامية بيننا ولوم وعتاب، لأنني اعتبرت ما حصل خيانةً لي من الطرفين.
لقد أضعت ست سنوات من عمري، ولم أحصد سوى خيبة الأمل، وخسارة شخصين عزيزين على قلبي، فأرجو من سماحتكم النظر في قضيتي، من الناحيتين الشرعية والاجتماعية، وأود أن أسأل: هل يعد تصرفهما خيانةً؟ ومن هو المذنب فيما حصل؟

وجواب..

أولاً: إننا نقدر ألمك مما حدث، ولا سيما أنك وضعت كل آمالك في الفتاة التي أحببتها، وقد صعب عليك أن تنهار هذه الآمال فجأة ومن دون توقع.

ثانياً: على كل شخص محبّ أن لا يغرق في الأمل، وأن يضع في حسابه أنه قد ينصرف عن حب من أحبه، أو قد ينصرف من أحبه عن حبه، فإن ذلك يحدث كثيراً حتى بعد الزواج.

ثالثاً: إننا لا نلزم من أحبنا بالاستمرار بهذا الحب، فإنَّ انصرافه عنه ليس في يده، وخصوصاً أن فترة حبكما هي في الوقت نفسه فترة تعارف، وقد يرى أحدكما في الآخر ما يصرفه عن حبه.

رابعاً: إن قيام علاقة الحب بين صديقك وحبيبتك هي نتيجة طبيعية لتعارفهما ولو من خلالك، ولا تلام الفتاة إن خفَّ حبك في قلبها، وصار يتّجه إلى صديقك، فلا يحكم عليها بعدم الوفاء لك ما دمتما لم تكونا متزوجين، وما دمتما في فترة توثيق العلاقة، كما أن صديقك لا يعتبر خائناً حين وقع حب الفتاة في قلبه، علماً أننا من موقعنا الشرعي، واستهداء بالتعاليم الإسلامية، لا نحبّذ قيام علاقات صداقة وطيدة بين الرجل والمرأة، وخصوصاً إن طالت العلاقة وكثرت فيها الأحاديث واللقاءات، فإنه يخشى ـ كما يحدث كثيراً ـ أن تتحوّل إلى علاقات حميمة، كما حدث كثيراً مع نساء متزوجات تركن أزواجهن بعد أن وقعن في حبّ رجال آخرين من زملاء العمل أو أصدقاء الزوج، ومع رجال متزوجين عشقوا غير زوجاتهم.

خامساً: عطفاً على ما سبق، فإننا لسنا في جلسة محاكمة لنحكم على صديقك أو على الفتاة، فما حدث قد حدث بأسبابه، وليس ذلك خيانة بالمعنى الديني والأخلاقي، بل ربما يكون كذلك من جهة طبيعة العلاقة الشخصية، ما يجعلها أشبه بالخيانة الشخصية التي لا يستنكرها العرف العام، وإن أزعجت الشخص نفسه.

سادساً: إننا نفضّل أن تصرف الأمر من ذهنك، ولا تعيش حالة الأسف الشديد، بل انظر إلى المستقبل بتفاؤل، ولا تحمّل نفسك مسؤولية ما حدث، فربما توفّق فيما بعد بزوجة مُحِبّة تسعدك إن شاء الله.
وعليك الاستفادة من هذا الدرس لجهة لزوم الاعتدال في العواطف، وعدم إطالة فترة الخطوبة بعد التعارف الجيد والمناسب بينك وبين زوجة المستقبل.
والملاحظة الأخيرة، هي أنه لا يجوز للشاب والفتاة أن يعيشا حالة حب حميمة مخالفة للشرع، إن كان يحدث خلالها خلوة مثيرة، أو تحادث ونظر بتلذذ وشهوة، وما أشبه ذلك، بل يجب الاقتصار على علاقة تعارف محتشمة، والإسراع في عقد القران لتقوم العلاقة العاطفية خلال فترة الخطوبة على الحلال.

حياك الله، وندعو لك بالتوفيق والسعادة.
***
مرسل الاستشارة: ع.
المجيب عن الاستشارة: الشيخ محسن عطوي، عالم دين وباحث ومؤلّف، عضو المكتب الشّرعي في مؤسّسة العلامة المرجع السيّد محمَّد حسين فضل الله(رض).
التاريخ: 1 تشرين الأول 2013م.
نوع الاستشارة: اجتماعية.

استشارة..

ربطتني علاقة حب بفتاة لعدة سنوات، ولم نستطع الارتباط لأسباب اقتصادية. لم أؤذ مشاعرها يوماً طوال تلك الفترة، وكنت كثير التفكير في كيفية تأمين المنزل ومتطلّبات الزواج، فكانت تظهر على وجهي أمارات الحزن، وأبدو عابساً طوال الوقت، الأمر الذي كان يزعجها، وعلى الرغم من محاولتي الحثيثة للتخلص من هذا الطبع، فقد كنت أفشل دائماً في إخفاء ألمي.
بعد أن تأزمَتْ نفسياً من هذا الموضوع، بدأت تشكو إلى صديقي المقرب وتبث إليه وجعها، علماً أنني كنت أسهّل لقاءهما، لثقتي الكبيرة بهما.
عندما حصلت على فرصة عمل خارج البلاد، لم أتردد في قبولها، كونها ستيسّر أموري المالية، وهي بدورها رحّبت بالفكرة، ولكنني فوجئت بعد فترة بأنها تريد الانفصال عني، من دون تبرير مقنع. وقد أصبت بصدمة كبرى عندما عرفت بالصدفة أنها تحب صديقي، حتى إنهما لم ينكرا الأمر عندما واجهتهما، بل اعتبراه أمراً عادياً، فحصلت مشادات كلامية بيننا ولوم وعتاب، لأنني اعتبرت ما حصل خيانةً لي من الطرفين.
لقد أضعت ست سنوات من عمري، ولم أحصد سوى خيبة الأمل، وخسارة شخصين عزيزين على قلبي، فأرجو من سماحتكم النظر في قضيتي، من الناحيتين الشرعية والاجتماعية، وأود أن أسأل: هل يعد تصرفهما خيانةً؟ ومن هو المذنب فيما حصل؟

وجواب..

أولاً: إننا نقدر ألمك مما حدث، ولا سيما أنك وضعت كل آمالك في الفتاة التي أحببتها، وقد صعب عليك أن تنهار هذه الآمال فجأة ومن دون توقع.

ثانياً: على كل شخص محبّ أن لا يغرق في الأمل، وأن يضع في حسابه أنه قد ينصرف عن حب من أحبه، أو قد ينصرف من أحبه عن حبه، فإن ذلك يحدث كثيراً حتى بعد الزواج.

ثالثاً: إننا لا نلزم من أحبنا بالاستمرار بهذا الحب، فإنَّ انصرافه عنه ليس في يده، وخصوصاً أن فترة حبكما هي في الوقت نفسه فترة تعارف، وقد يرى أحدكما في الآخر ما يصرفه عن حبه.

رابعاً: إن قيام علاقة الحب بين صديقك وحبيبتك هي نتيجة طبيعية لتعارفهما ولو من خلالك، ولا تلام الفتاة إن خفَّ حبك في قلبها، وصار يتّجه إلى صديقك، فلا يحكم عليها بعدم الوفاء لك ما دمتما لم تكونا متزوجين، وما دمتما في فترة توثيق العلاقة، كما أن صديقك لا يعتبر خائناً حين وقع حب الفتاة في قلبه، علماً أننا من موقعنا الشرعي، واستهداء بالتعاليم الإسلامية، لا نحبّذ قيام علاقات صداقة وطيدة بين الرجل والمرأة، وخصوصاً إن طالت العلاقة وكثرت فيها الأحاديث واللقاءات، فإنه يخشى ـ كما يحدث كثيراً ـ أن تتحوّل إلى علاقات حميمة، كما حدث كثيراً مع نساء متزوجات تركن أزواجهن بعد أن وقعن في حبّ رجال آخرين من زملاء العمل أو أصدقاء الزوج، ومع رجال متزوجين عشقوا غير زوجاتهم.

خامساً: عطفاً على ما سبق، فإننا لسنا في جلسة محاكمة لنحكم على صديقك أو على الفتاة، فما حدث قد حدث بأسبابه، وليس ذلك خيانة بالمعنى الديني والأخلاقي، بل ربما يكون كذلك من جهة طبيعة العلاقة الشخصية، ما يجعلها أشبه بالخيانة الشخصية التي لا يستنكرها العرف العام، وإن أزعجت الشخص نفسه.

سادساً: إننا نفضّل أن تصرف الأمر من ذهنك، ولا تعيش حالة الأسف الشديد، بل انظر إلى المستقبل بتفاؤل، ولا تحمّل نفسك مسؤولية ما حدث، فربما توفّق فيما بعد بزوجة مُحِبّة تسعدك إن شاء الله.
وعليك الاستفادة من هذا الدرس لجهة لزوم الاعتدال في العواطف، وعدم إطالة فترة الخطوبة بعد التعارف الجيد والمناسب بينك وبين زوجة المستقبل.
والملاحظة الأخيرة، هي أنه لا يجوز للشاب والفتاة أن يعيشا حالة حب حميمة مخالفة للشرع، إن كان يحدث خلالها خلوة مثيرة، أو تحادث ونظر بتلذذ وشهوة، وما أشبه ذلك، بل يجب الاقتصار على علاقة تعارف محتشمة، والإسراع في عقد القران لتقوم العلاقة العاطفية خلال فترة الخطوبة على الحلال.

حياك الله، وندعو لك بالتوفيق والسعادة.
***
مرسل الاستشارة: ع.
المجيب عن الاستشارة: الشيخ محسن عطوي، عالم دين وباحث ومؤلّف، عضو المكتب الشّرعي في مؤسّسة العلامة المرجع السيّد محمَّد حسين فضل الله(رض).
التاريخ: 1 تشرين الأول 2013م.
نوع الاستشارة: اجتماعية.
اقرأ المزيد
نسخ الآية نُسِخ!
تفسير الآية