المشكلة في بعض هؤلاء الكتّاب، أنهم يبحثون في بعض الأمور منطلقين من أمور يأخذونها مسلّمة، وهي محلّ نقاش ولا يمكن الموافقة عليها أبداً، ثم يبنون على ذلك نتائج يرومون إليها مسبقاً، وتكون أشبه شيء بالإسقاط.. وهذا ما يدّعيه البعض بكون القرآن كتاباً فلسفياً، أو أنه عالج بعض القضايا الفلسفيّة، وكأنّ ذلك أمر مفروغ عنه ومنه.
وهذا غير واقعيّ، لأنّ القرآن هو كتاب هداية، وكتاب يدعو إلى الإيمان بالله الواحد الأحد، ويقيم دعواه على هذا الأساس. ولذلك، فهو ينطلق في بعض الحالات من قضايا فكريّة، وفي بعض الحالات الأخرى، يواجه القضايا من خلال إثارة الوجدان والعاطفة.
من هنا، فلا يصحّ القول أيضاً بأن القرآن لم يكن وافياً للخطاب الذي يعتمد على الفكر الفلسفيّ، لأنه كان يخرج عن هذا السياق إلى الاعتماد على قوّة البيان وإثارة العاطفة، وذلك لأنّ القرآن لم يأخذ على عاتقه أن يتبع منهجاً معيّناً كي يقال بأنّه لم يفِ بذلك، وإنما هو كتاب هداية ودعوة إلى التّوحيد وبناء نظام متكامل قائم على هذين الأساسين والرّكنين، وهو بالتّالي يعمد إلى الاستعانة بكلّ المناهج التي تساعد في الوصول إلى أهدافه.
وتاليًا.. فالإشكال المذكور، وهو أنّ القرآن تأليف بشريّ، مبنيّ على عدم فهم هذه الحقيقة، وهو ما لا يمكن الموافقة عليه أبداً.
* استفتاءات .