استشارة..
أعيش تجربة صعبة بسبب خيانة زوجتي لي، اكتشفت أنها على علاقة مع شخص، وصارحتها بالموضوع واعترفت بذلك. تعاطيت معها بمستوى عال من الأخلاق، على قاعدة تسريح بإحسان.
لديّ طفلتان بعمر الخمس سنوات والثّلاث سنوات، أحاول أن أعوّض غياب والدتهما عنهما، وأفكّر في الزّواج مجدَّداً، ولكنّني أعيش في دوّامةٍ من التّفكير السّلبي الّذي يشعرني بعدم القدرة على الارتباط من جديد، ولا أشعر بأنّني قادر على أن أثق بامرأة مرّة ثانية.
منذ أكثر من عام، وأنا أحاول التخلّص من هذه التّجربة القاسية، فهل يمكنني التغلّب عليها في رأيكم؟ وهل إنَّ قرار الزّواج يساعد، أم أحتاج إلى مزيد من الوقت؟
وجواب..
إنّ هذا الموقف بالتّأكيد سيولّد صراعاً نفسياً، ويسبّب الألم. وفي العادة، يصعب على الإنسان أن يتخطّى مثل هذه الأزمة وحده، وهذا ما يبدو من خلال الرّسالة. في مثل هذه الحالات، لا يكون الزواج حلّاً قبل أن تتبلور الأفكار وتصفى النّفس، بمعنى حصول الاستقرار النفسيّ، لأنّ استمرار الصِّراع والشّكّ قد ينتقل إلى الزوجة الجديدة ويزيد في المعاناة.
وإليك هذه الإرشادات الّتي تساعدك على تجاوز المشكلة:
- يجب أن تُدرك أنّ الزوجة السابقة قد خانت نفسها بعهدها معك أمام الله، وأنها لم تخنك أنت، بمعنى أن فعلها ينتقص من قيمتها فقط كإنسانة، ويضع من شأنها هي.
- لا تهتمّ لنظرة الناس إليك، ولا تُخطىء بنظرتك إلى نفسك، فما جرى لا ينتقص من رجولتك، ولا يمسّ كيانك الإنسانيّ، ولا يُقلّل من شأنك.
-تلك المرأة ليست الأولى، وللأسف لن تكون الأخيرة التي تقوم بهتك حرمة الزواج المقدَّس، لذا لا تعتبر نفسك ضحيّة لأفعالها وارض بما أصابك، بمعنى لا تُعظّم الأمر وكأنّه لم يُصب أحد سواك به.
-يجب أن تحاور نفسك وتعلم أنَّ التفكير فيما جرى لن يُغيّر شيئاً. هذا أوّلاً، وثانياً، عليك بالتوقّف عن الغضب منها، وأن تُقدَر نفسك أكثر، فهي لا تستحقّك ولا تستحقّ التّفكير فيها.
- لا بدّ من استعادة معاني الحياة العميقة بحكمة، والتأمّل بالحكمة الإلهيّة، واستمداد القوّة من تلك الحكمة.
- لا تدع أيّ مشاعر تتحكّم بك، وحرّر نفسك من الماضي، وذلك من خلال مواجهة هذه المشاعر بأفكار معاكسة. مثلاً، لحظة الغضب، خاطب قلبك، وقل يجب أن أهدأ، وأن لا أفكر في الانتقام، وركّز على التنفّس (هذه الخطوة لها تفاصيل أكثر لا يمكن تفصيلها هنا، لأنّ المعلومات طويلة جدّاً، وفي العادة تُفصَّل في العيادة).
- انّ اختيار زوجة أخرى يجب أن يكون حكيماً ومبنيّاً على الثّقة والتفاهم والاحترام، وهذا يأتي بعد طَيّ صفحة الماضي.
ونظراً إلى حساسيّة هذا الموقف، ننصح بضرورة الحصول على استشارة نفسيّة من مختصّ نفسيّ بشكل مباشر، لحلّ الموضوع وعودة الاستقرار.
يمكنكم التواصل مع الاختصاصيّة حنان مرجي من خلال صفحتها الخاصّة على مواقع التّواصل الاجتماعيّ: http://www.facebook.com/hanan.marji
هذا من النّاحية النّفسيّة، أمّا من الناحية الدينيّة، فما جرى هو أمر مؤسف، ومن الواضح أنّ خيانة المرأة الزوجيّة في المفهوم الدينيّ، هي معصية كبيرة، وجرأة على الله تعالى عظيمة، وتجاوز لحقّه عزّ وجلّ في الطاعة والعبوديّة، قبل أن تكون إساءة إلى عهد الزوجيّة وميثاقها الغليظ، ولذا فإنّ على الرّجل أن ينسجم مع إيمانه، ويجعل أسفه فيما جرى على ما جنته زوجته في حقّ الله تعالى أكثر من أسفه على كرامته، وذلك جدير بأن يخفِّف من تداعيات صدمته مما جرى، ويجعله أكثر واقعيّةً في تعاطيه مع الأمر. ومن الجيّد أن تتروّى في الزواج ريثما تستقرّ نفسيّاً، وأهمّ شيء أن لا تأخذ امرأة أخرى بجريرة زوجتك، فالخيّرات كثيرات، وعليك دراسة أسباب خيانتها، فقد يكون للزَّوج قدر من المسؤوليَّة عنها، ربما لعدم قيامه بما يملأ قلب زوجته عاطفيّاً ويغنيها عن التطلّع إلى غيره.
***
نوع الاستشارة: نفسيَّة.
تاريخ الاستشارة: 13 شباط 2017م.
المجيب عنها: الأستاذة حنان مرجي، مستشارة نفسيَّة - مختصَّة في علم النّفس العيادي والتّوافقي. والشّيخ محسن عطوي، عالم دين وباحث ومؤلّف، عضو المكتب الشّرعي في مؤسّسة المرجع فضل الله(رض).