الحضور الإلهيّ وتكامل الشخصيَّة

الحضور الإلهيّ وتكامل الشخصيَّة

... لقد أراد الإسلام للإنسان أن يكون المؤمن الواعي لإيمانه، الذّاكر لربّه، المحاسب لنفسه في عملية المراقبة الناقدة، المجاهد لها في عمليّة التربية بالمحاكمة والمقاومة، فإنّ ذلك هو الذي يحاصر عناصر الانحراف، ويقوّي عناصر الاستقامة، ويربط القول بالفعل، ويؤكّد الانتماء في وحدة الشخصيّة على مستوى الخطوط الفكرية والعمليّة.

في هذا الاتجاه، ربط الإسلام بين ذكر الله وذكر الذّات في الجانب الإيجابي، كما ربط في الجانب السلبي بين نسيان الله ونسيان النفس، لأنّ ذكر الله ليس كلمة تقليدية في اللسان، ولكنه وعيٌ في التصور والإرادة، وإحساس في الكيان، وحضور في الفكر والروح والقلب، وحركة في الحياة، بحيث لا يرى الإنسان شيئاً إلا ويرى الله معه، الأمر الذي يحوِّل الذات المؤمنة إلى ذات خاشعةٍ خاضعةٍ لله، من خلال موقف العبوديّة الخالصة أمام الألوهيّة العظيمة المطلقة، ليقوى الإنسان بالله ويكبر به، ويعتزّ بطاعته، ويتحرّك بحوله وقوَّته، فيعيش التّكبير له في لسانه، ليتمثَّل أنّه الأكبر من كلّ كبير، ولينفتح على حمده على أساس صفاته الحسنى وأمثاله العليا وآلائه العظمى، وليسبِّحه بكرةً وأصيلاً، تدليلاً على الإحساس بعظمته مما يتمثّل من عظمة خلقه الدالّة على أنّه العظيم الأعظم من كلّ عظيم، والأعلى من كلّ أحد، وليشكره على نعمه الممتدّة في الإنسان والكون والحياة، وليستعين به في كلّ أموره، وليوحِّده في العقيدة والطاعة والعبادة، فلا يرى معه غيره مهما كانت عظمته، لأنَّ كلّ مخلوق هو مربوب له، ولأنّ كلّ قويّ خاضع لقوَّته.

إنَّ الانفتاح على الله هو العمق العميق في الشخصيّة، وهو الذي يعمِّق سرّ القوّة لحركة التربية وفاعليّة الإرادة في الإنسان المؤمن، فكلَّما كان الاتّصال بالله أعمق، والإحساس بحضوره في الوجدان أكثر، كانت التقوى أكثر تأكيداً وتأثيراً في النّفس وفي الواقع، ولهذا كانت الصلاة عمود الدين، لأنها تعرج بروح المؤمن إلى الله، وتعمّق إخلاصه له وحضوره في قلبه، فيعيش روحيّة القرب منه، ويخاطبه مخاطبة القريب للقريب، والحبيب للحبيب، فيستعيد في صلاته كلّ عقيدته ومفاهيمه الروحية المنفتحة على الحياة من خلال الله، وينطلق في الصوم والحجّ والدعاء وغيرها من أساليب العبادة، لتكون أسلوباً تربوياً روحياً يأخذ بالإنسان نحو التقوى، والنهي عن الفحشاء والمنكر، والورع عن معاصي الله، والسموّ الروحي والأخلاقي الذي يزداد ارتفاعاً كلّما تكرّرت الممارسات الإنسانية في الأجواء العبادية الواسعة، ولكن ذلك كلّه يحتاج إلى العيش الروحي في داخل الذات، إضافةً إلى الأقوال والأفعال الصادرة من الإنسان...

*من كتاب "الاجتهاد بين أسر الماضي وآفاق المستقبل".

... لقد أراد الإسلام للإنسان أن يكون المؤمن الواعي لإيمانه، الذّاكر لربّه، المحاسب لنفسه في عملية المراقبة الناقدة، المجاهد لها في عمليّة التربية بالمحاكمة والمقاومة، فإنّ ذلك هو الذي يحاصر عناصر الانحراف، ويقوّي عناصر الاستقامة، ويربط القول بالفعل، ويؤكّد الانتماء في وحدة الشخصيّة على مستوى الخطوط الفكرية والعمليّة.

في هذا الاتجاه، ربط الإسلام بين ذكر الله وذكر الذّات في الجانب الإيجابي، كما ربط في الجانب السلبي بين نسيان الله ونسيان النفس، لأنّ ذكر الله ليس كلمة تقليدية في اللسان، ولكنه وعيٌ في التصور والإرادة، وإحساس في الكيان، وحضور في الفكر والروح والقلب، وحركة في الحياة، بحيث لا يرى الإنسان شيئاً إلا ويرى الله معه، الأمر الذي يحوِّل الذات المؤمنة إلى ذات خاشعةٍ خاضعةٍ لله، من خلال موقف العبوديّة الخالصة أمام الألوهيّة العظيمة المطلقة، ليقوى الإنسان بالله ويكبر به، ويعتزّ بطاعته، ويتحرّك بحوله وقوَّته، فيعيش التّكبير له في لسانه، ليتمثَّل أنّه الأكبر من كلّ كبير، ولينفتح على حمده على أساس صفاته الحسنى وأمثاله العليا وآلائه العظمى، وليسبِّحه بكرةً وأصيلاً، تدليلاً على الإحساس بعظمته مما يتمثّل من عظمة خلقه الدالّة على أنّه العظيم الأعظم من كلّ عظيم، والأعلى من كلّ أحد، وليشكره على نعمه الممتدّة في الإنسان والكون والحياة، وليستعين به في كلّ أموره، وليوحِّده في العقيدة والطاعة والعبادة، فلا يرى معه غيره مهما كانت عظمته، لأنَّ كلّ مخلوق هو مربوب له، ولأنّ كلّ قويّ خاضع لقوَّته.

إنَّ الانفتاح على الله هو العمق العميق في الشخصيّة، وهو الذي يعمِّق سرّ القوّة لحركة التربية وفاعليّة الإرادة في الإنسان المؤمن، فكلَّما كان الاتّصال بالله أعمق، والإحساس بحضوره في الوجدان أكثر، كانت التقوى أكثر تأكيداً وتأثيراً في النّفس وفي الواقع، ولهذا كانت الصلاة عمود الدين، لأنها تعرج بروح المؤمن إلى الله، وتعمّق إخلاصه له وحضوره في قلبه، فيعيش روحيّة القرب منه، ويخاطبه مخاطبة القريب للقريب، والحبيب للحبيب، فيستعيد في صلاته كلّ عقيدته ومفاهيمه الروحية المنفتحة على الحياة من خلال الله، وينطلق في الصوم والحجّ والدعاء وغيرها من أساليب العبادة، لتكون أسلوباً تربوياً روحياً يأخذ بالإنسان نحو التقوى، والنهي عن الفحشاء والمنكر، والورع عن معاصي الله، والسموّ الروحي والأخلاقي الذي يزداد ارتفاعاً كلّما تكرّرت الممارسات الإنسانية في الأجواء العبادية الواسعة، ولكن ذلك كلّه يحتاج إلى العيش الروحي في داخل الذات، إضافةً إلى الأقوال والأفعال الصادرة من الإنسان...

*من كتاب "الاجتهاد بين أسر الماضي وآفاق المستقبل".

اقرأ المزيد
نسخ الآية نُسِخ!
تفسير الآية