الرّضا على أمر الله تعالى

الرّضا على أمر الله تعالى

[مما جاء في دعاء الإمام زين العابدين(ع) إذا اعتدي عليه أو رأى من الظّالين ما لا يحبّ]:

"اللّهُمَّ وصلِّ على محمَّدٍ وآلِه، ووفِّقْني لقَبُولِ ما قضَيْتَ لي وعلَيَّ، ورضِّني بِما أخَذْتَ لي ومِنّي، واهْدِني للّتي هيَ أقْوَمُ، واسْتعمِلْني بما هُوَ أسْلَم.

اللّهُمَّ، وإن كانتِ الخيرةُ لي عنْدَكَ في تأخير الأخْذِ لي وترْكِ الانْتِقامِ ممَّنْ ظلَمني إلى يوم الفصْلِ ومَجْمَع الخصْمِ، فصلِّ على محمَّدٍ وآله، وأيِّدني منْكَ بنيَّةٍ صادقَةٍ وصبرٍ دائمٍ، وأعِذْني من سوء الرّغبةِ وهلَعِ أهْلِ الحِرْص، وصوِّر في قلبي مِثالِ ما ادَّخرْتَ لي من ثوابك، وأعدَدْتَ لخصْمي منْ جزائك وعقابك، واجْعل ذلك سبباً لقناعتي بما قضيْتَ، وثِقَتي بما تخَيَّرْتَ، آمين ربَّ العالمين، إنَّك ذو الفضْلِ العظيم، وأنتَ على كلّ شيءٍ قدير".

***

يا إلهي، مهما انطلق الفكر ليدرك سرَّ حكمك في قضائك وقدرك، في ما قضيت به على عبادك، أو قدَّرته من أمورهم في العافية والبلاء، والشدّة والرّخاء، والفقر والغنى، فإنّه لا يملك أن يدرك عمقه، أو يفهم امتداده، فقد يخيَّل إليه في البلاء أنّه لونٌ من العقوبة، كما قد يخطر في باله أنَّ العافية كرامة وثواب، وقد لا تكون المسألة كذلك في طبيعتها، بل قد تكون اختباراً يختبر الله فيه عباده، ليدفعهم إلى مواجهة المسؤوليّة من الموقع الصعب، وقد تكون ظاهراً من الشرّ يستبطن في داخله بعض الخير، أو يكون خيراً يختزن في أعماقه بعض الشرّ، لأنّ العبرة قد تكون بالنتائج لا بالمقدّمات، وبالنهايات لا بالبدايات.

لذلك، فإنّ الإيمان الحقّ يتحرّك في خطّ الثقة بك وبحكمتك في عطائك ومنعك، ويتعمّق في الرّضى بكلّ ما قضيت وقدّرت في ذلك كله، والتسليم في جميع الأمور إليك.

وهذا هو ما أتوسل إليك في توفيقي له، أن لا أتطلّع في ما قضيت لي إلى ما يوافق مزاجي منه، وما ينسجم مع رغباتي معه، لأقبل ما كان لي وعليّ، وأرضى بما أخذت لي ومنّي، فإني لا أملك معك شيئاً، فأنت تملكني وتملك ما أملك، فإذا أخذت مني، فقد أخذت ملكك، وإذا أخذت لي، فقد وهبتني لطفك، وإذا قضيت لي أو عليَّ، فذلك هو معنى حكمتك، وذلك هو ـ يا ربّ ـ مما أريد أن تؤكّده في نفسي من الرضى بقضائك في كلّ شيء، لتكون الحياة لديّ فرصة للمسؤوليّة لا للراحة، ومنطلقاً لرضاك لا لرضى الذات.

اللّهُمَّ أنقذني من الضّلال في ما تشتبه فيه المسالك، ووفِّقني للطريقة التي هي أكثر استقامةً واعتدالاً ووصولاً إلى الأهداف الكبيرة، حتى لا تختلط الأمور عليّ، فتنحرف بي الأهواء والأوهام إلى غير ما أحبّ، واستعملني ـ يا ربّ ـ بما يحقّق لي السَّلامة في الدنيا والآخرة، وبما يرتفع منها في الدّرجات العليا، في كلّ أعمالي وأقوالي وعلاقاتي ومواقعي، ليكون الخير هو الطابع العام لكلّ حياتي، فلا يكون للشرّ فيها موضع، لأنّك أردت لعبادك المؤمنين الصالحين أن يكون وجودهم الفاعل في حركة إرادتهم الواعية، وجوداً مباركاً، يعمل على إنتاج الصالح العام للناس، ولا يعمل على إيقاع الفساد في حياتهم، وتدمير السّلام في ساحاتهم.

وقد يضعف الإنسان عن تحقيق ذلك في نفسه، من خلال المؤثّرات السلبيّة المتحكّمة في إرادته، فيحتاج إلى توفيقك وتسديدك، ليملك القوّة والوعي على السّير في الطريق المستقيم الذي يحقّق له السلام من السقوط والوصول إلى الأهداف.

* * *

يا إلهي، إنني أعرف من خلال متابعتي لسنّتك في الوجود، وحكمتك في قضائك وقدرك للإنسان، أنّك قد تعجِّل له الأخذ بحقّه في الدنيا، فتنتقم له ممن ظلمه، وترجع إليه حقَّه، وقد تؤجّل له ذلك إلى الآخرة، فيبقى مهيض الجناح، مسلوب الحقّ، ضعيف الموقع...

فإذا كان اختيارك لي أن أكون من الصنف الثاني، فلا تسقط إيماني تحت تأثير ذلك، ولا تدفعني إلى الجزع على ما وقعت فيه من المصائب، بل وفّقني لأن أنتظر يوم الفصل الذي تفصل فيه الخصوم الذين تجمعهم لديك، فيأخذ كلّ إنسان حقَّه من خصمه، في نيّةٍ صادقةٍ لا تدفعني إلى التحرّك بعيداً من حكمتك، في ما قد لا يتحقّق الصلاح لي أو للناس من حولي في الإعداد للانتقام منه، في الوقت الذي لا تكون الظروف ملائمة لذلك، لأنّ القضيّة في مثل هذه الأمور، ليست في الاندفاع الذاتي الذي ينطلق فيه المظلوم بشكل مباشر، ولكن في التخطيط الواعي الذي يدرس فيه الأمور بحكمةٍ ورويةٍ وتدقيق، ليعرف موقع الصلاح من موقع الفساد، وفي صبر دائم لا يضعف ولا يتزلزل، بل يتابع الثّبات والإصرارعلى تحمّل آلام الحرمان في كلّ الأمور.

وأعذني ـ يا ربّ ـ من الرغبات السيّئة الخبيثة التي تدفعني إلى القيام بما لا مصلحة لي فيه، وتؤدّي بي إلى الهلاك في ما أخذت به، ومن الحرص الجازع الخائف المترقّب الذي يستعجل الأمور خوفاً من ضياعها، فيستغرق في أطماع الدنيا ولهوها، فلا يفكّر في الآخرة، ولا يترفّع إلى الدرجات العليا في أخلاق النبيّين والصدّيقين والصالحين من عبادك... اللّهمّ امنحني في نفسي وضوح الرؤية للأشياء، ليكون رضاك هو كلّ شيء في حياتي، ولتكون ـ أنت ـ الهدف الأول والأخير لي في كل أعمالي وأقوالي ورغباتي في الدنيا والآخرة.

* * *

وقد تكون الصورة مهتزّة مشوّشة ضائعةً في العقل، حائرة الملامح في القلب، فيهتزّ الموقف الذي تمثّله الصورة في الواقع.. وهكذا، نجد أن حركة الإنسان في مسيرته، خاضعة غالباً للصورة الثابتة في وجدانه.

اللّهمّ افتح لي في قلبي نافذةً تطلُّ على الدّار الآخرة، وصوّر في قلبي، من خلال الإطلالة على نتائج الخير هناك، كلّ مشاهد الرضوان ونعيم الجنان، في ما أعددته للصابرين المظلومين الواعين من عبادك الصالحين من الثّواب هناك.

وحرّك ـ إلى جانب هذه الصّورة ـ صورة أخرى، من خلال الإطلال على نتائج الشرّ هناك، وهي صورة ما أعددته للظّالمين الطاغين من عبادك، من كلّ مشاهد السّخط لديك، وعذاب النيران عندك، فقد تطمئنّ نفسي بذلك، وقد يقتنع عقلي به، وتزداد ثقتي بما اخترته من خطّ الاستقامة الذي يؤدّي إلى مثل هذه النتائج، آمين ربّ العالمين، إنّك ذو الفضل العظيم الذي يفيض بفضله على الوجود كلّه، من خلال قدرته المطلقة التي لا يعجزها شيء، وإن عظم من أمور الدّنيا والآخرة.

*من كتاب "آفاق الروح"، ج 1.

[مما جاء في دعاء الإمام زين العابدين(ع) إذا اعتدي عليه أو رأى من الظّالين ما لا يحبّ]:

"اللّهُمَّ وصلِّ على محمَّدٍ وآلِه، ووفِّقْني لقَبُولِ ما قضَيْتَ لي وعلَيَّ، ورضِّني بِما أخَذْتَ لي ومِنّي، واهْدِني للّتي هيَ أقْوَمُ، واسْتعمِلْني بما هُوَ أسْلَم.

اللّهُمَّ، وإن كانتِ الخيرةُ لي عنْدَكَ في تأخير الأخْذِ لي وترْكِ الانْتِقامِ ممَّنْ ظلَمني إلى يوم الفصْلِ ومَجْمَع الخصْمِ، فصلِّ على محمَّدٍ وآله، وأيِّدني منْكَ بنيَّةٍ صادقَةٍ وصبرٍ دائمٍ، وأعِذْني من سوء الرّغبةِ وهلَعِ أهْلِ الحِرْص، وصوِّر في قلبي مِثالِ ما ادَّخرْتَ لي من ثوابك، وأعدَدْتَ لخصْمي منْ جزائك وعقابك، واجْعل ذلك سبباً لقناعتي بما قضيْتَ، وثِقَتي بما تخَيَّرْتَ، آمين ربَّ العالمين، إنَّك ذو الفضْلِ العظيم، وأنتَ على كلّ شيءٍ قدير".

***

يا إلهي، مهما انطلق الفكر ليدرك سرَّ حكمك في قضائك وقدرك، في ما قضيت به على عبادك، أو قدَّرته من أمورهم في العافية والبلاء، والشدّة والرّخاء، والفقر والغنى، فإنّه لا يملك أن يدرك عمقه، أو يفهم امتداده، فقد يخيَّل إليه في البلاء أنّه لونٌ من العقوبة، كما قد يخطر في باله أنَّ العافية كرامة وثواب، وقد لا تكون المسألة كذلك في طبيعتها، بل قد تكون اختباراً يختبر الله فيه عباده، ليدفعهم إلى مواجهة المسؤوليّة من الموقع الصعب، وقد تكون ظاهراً من الشرّ يستبطن في داخله بعض الخير، أو يكون خيراً يختزن في أعماقه بعض الشرّ، لأنّ العبرة قد تكون بالنتائج لا بالمقدّمات، وبالنهايات لا بالبدايات.

لذلك، فإنّ الإيمان الحقّ يتحرّك في خطّ الثقة بك وبحكمتك في عطائك ومنعك، ويتعمّق في الرّضى بكلّ ما قضيت وقدّرت في ذلك كله، والتسليم في جميع الأمور إليك.

وهذا هو ما أتوسل إليك في توفيقي له، أن لا أتطلّع في ما قضيت لي إلى ما يوافق مزاجي منه، وما ينسجم مع رغباتي معه، لأقبل ما كان لي وعليّ، وأرضى بما أخذت لي ومنّي، فإني لا أملك معك شيئاً، فأنت تملكني وتملك ما أملك، فإذا أخذت مني، فقد أخذت ملكك، وإذا أخذت لي، فقد وهبتني لطفك، وإذا قضيت لي أو عليَّ، فذلك هو معنى حكمتك، وذلك هو ـ يا ربّ ـ مما أريد أن تؤكّده في نفسي من الرضى بقضائك في كلّ شيء، لتكون الحياة لديّ فرصة للمسؤوليّة لا للراحة، ومنطلقاً لرضاك لا لرضى الذات.

اللّهُمَّ أنقذني من الضّلال في ما تشتبه فيه المسالك، ووفِّقني للطريقة التي هي أكثر استقامةً واعتدالاً ووصولاً إلى الأهداف الكبيرة، حتى لا تختلط الأمور عليّ، فتنحرف بي الأهواء والأوهام إلى غير ما أحبّ، واستعملني ـ يا ربّ ـ بما يحقّق لي السَّلامة في الدنيا والآخرة، وبما يرتفع منها في الدّرجات العليا، في كلّ أعمالي وأقوالي وعلاقاتي ومواقعي، ليكون الخير هو الطابع العام لكلّ حياتي، فلا يكون للشرّ فيها موضع، لأنّك أردت لعبادك المؤمنين الصالحين أن يكون وجودهم الفاعل في حركة إرادتهم الواعية، وجوداً مباركاً، يعمل على إنتاج الصالح العام للناس، ولا يعمل على إيقاع الفساد في حياتهم، وتدمير السّلام في ساحاتهم.

وقد يضعف الإنسان عن تحقيق ذلك في نفسه، من خلال المؤثّرات السلبيّة المتحكّمة في إرادته، فيحتاج إلى توفيقك وتسديدك، ليملك القوّة والوعي على السّير في الطريق المستقيم الذي يحقّق له السلام من السقوط والوصول إلى الأهداف.

* * *

يا إلهي، إنني أعرف من خلال متابعتي لسنّتك في الوجود، وحكمتك في قضائك وقدرك للإنسان، أنّك قد تعجِّل له الأخذ بحقّه في الدنيا، فتنتقم له ممن ظلمه، وترجع إليه حقَّه، وقد تؤجّل له ذلك إلى الآخرة، فيبقى مهيض الجناح، مسلوب الحقّ، ضعيف الموقع...

فإذا كان اختيارك لي أن أكون من الصنف الثاني، فلا تسقط إيماني تحت تأثير ذلك، ولا تدفعني إلى الجزع على ما وقعت فيه من المصائب، بل وفّقني لأن أنتظر يوم الفصل الذي تفصل فيه الخصوم الذين تجمعهم لديك، فيأخذ كلّ إنسان حقَّه من خصمه، في نيّةٍ صادقةٍ لا تدفعني إلى التحرّك بعيداً من حكمتك، في ما قد لا يتحقّق الصلاح لي أو للناس من حولي في الإعداد للانتقام منه، في الوقت الذي لا تكون الظروف ملائمة لذلك، لأنّ القضيّة في مثل هذه الأمور، ليست في الاندفاع الذاتي الذي ينطلق فيه المظلوم بشكل مباشر، ولكن في التخطيط الواعي الذي يدرس فيه الأمور بحكمةٍ ورويةٍ وتدقيق، ليعرف موقع الصلاح من موقع الفساد، وفي صبر دائم لا يضعف ولا يتزلزل، بل يتابع الثّبات والإصرارعلى تحمّل آلام الحرمان في كلّ الأمور.

وأعذني ـ يا ربّ ـ من الرغبات السيّئة الخبيثة التي تدفعني إلى القيام بما لا مصلحة لي فيه، وتؤدّي بي إلى الهلاك في ما أخذت به، ومن الحرص الجازع الخائف المترقّب الذي يستعجل الأمور خوفاً من ضياعها، فيستغرق في أطماع الدنيا ولهوها، فلا يفكّر في الآخرة، ولا يترفّع إلى الدرجات العليا في أخلاق النبيّين والصدّيقين والصالحين من عبادك... اللّهمّ امنحني في نفسي وضوح الرؤية للأشياء، ليكون رضاك هو كلّ شيء في حياتي، ولتكون ـ أنت ـ الهدف الأول والأخير لي في كل أعمالي وأقوالي ورغباتي في الدنيا والآخرة.

* * *

وقد تكون الصورة مهتزّة مشوّشة ضائعةً في العقل، حائرة الملامح في القلب، فيهتزّ الموقف الذي تمثّله الصورة في الواقع.. وهكذا، نجد أن حركة الإنسان في مسيرته، خاضعة غالباً للصورة الثابتة في وجدانه.

اللّهمّ افتح لي في قلبي نافذةً تطلُّ على الدّار الآخرة، وصوّر في قلبي، من خلال الإطلالة على نتائج الخير هناك، كلّ مشاهد الرضوان ونعيم الجنان، في ما أعددته للصابرين المظلومين الواعين من عبادك الصالحين من الثّواب هناك.

وحرّك ـ إلى جانب هذه الصّورة ـ صورة أخرى، من خلال الإطلال على نتائج الشرّ هناك، وهي صورة ما أعددته للظّالمين الطاغين من عبادك، من كلّ مشاهد السّخط لديك، وعذاب النيران عندك، فقد تطمئنّ نفسي بذلك، وقد يقتنع عقلي به، وتزداد ثقتي بما اخترته من خطّ الاستقامة الذي يؤدّي إلى مثل هذه النتائج، آمين ربّ العالمين، إنّك ذو الفضل العظيم الذي يفيض بفضله على الوجود كلّه، من خلال قدرته المطلقة التي لا يعجزها شيء، وإن عظم من أمور الدّنيا والآخرة.

*من كتاب "آفاق الروح"، ج 1.

اقرأ المزيد
نسخ الآية نُسِخ!
تفسير الآية