{فَأَوْحَى إِلَيْهِمْ رَبُّهُمْ لَنُهْلِكَنَّ الظَّالِمِينَ}، فهذه هي إرادة
الله في إهلاك هؤلاء الذين ظلموا أنفسهم، وظلموا النّاس من حولهم، بعد أن أقام الله
عليهم الحجّة تلو الحجّة من خلال الرسل، فلم يأخذوا بأسباب الإيمان، بل أمعنوا في
خطّ الكفر والعناد والضّلال. وهكذا أراد الله أن يعيش الرّسل الشعور بالقوّة، عندما
يتابعون الموقف بصلابةٍ وقوّة، ويستقرُّون في أرضهم بعد أن يخرج منها الظالمون إلى
غير رجعة بعد أن يهلكهم الله، {وَلَنُسْكِنَنَّـكُمُ الأَرْضَ مِن بَعْدِهِمْ}،
فتكونون أولى بالقوّة، ويكونون أولى بالسقوط، {ذَلِكَ لِمَنْ خَافَ مَقَامِي وَخَافَ
وَعِيدِ}، فراقب الله في كلّ مواقفه، وخشي عذابه الذي توعّد به المنحرفين عن هداه،
فأطاع الله في كلّ أوامره ونواهيه.
{وَاسْتَفْتَحُو}، أي طلبوا الفتح والانتصار على الرّسل ومن اتبعهم من المؤمنين،
ولكنهم لم يحصلوا على شيء مما أرادوه، {وَخَابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ} من هؤلاء
الذين عاشوا الكبرياء، فيما كانوا يتمتعون به من مالٍ وجاهٍ وقوَّةٍ، دفعهم إلى
العناد والتمرّد والجحود، فلم ينفعهم ذلك كلّه، {مِّن وَرَآئِهِ جَهَنَّمُ} الّتي
دخلوها من خلال أعمالهم السيّئة وعنادهم وكبريائهم، {وَيُسْقَى مِن مَّآءٍ صَدِيدٍ}
وهو القيح المختلط بالدّم، {يَتَجَرَّعُهُ} الكافر عندما يحسّ بالعطش، {وَلاَ
يَكَادُ يُسِيغُهُ}، أي يبتلعه، لأن نفسه لا تتقبّله، لما يثيره في داخله من مشاعر
القرف، {وَيَأْتِيهِ الْمَوْتُ مِن كُلِّ مَكَانٍ} من خلال العذاب الغليظ الذي يحيط
به من كل جهة، حتى يشعر وكأنّ نفسه تزهق من ذلك، ويتمنّى لو يريحه الموت، ويتحوّل
بالنسبة إليه إلى حلم لذيذ يطلبه، ولكنّ الموت لا يأتي إليه {وَمَا هُوَ بِمَيِّتٍ}،
فتبقى مكامن الإحساس في جسده، ليتعذَّب بها، وليمتدّ عذابه ما امتدّت حياته {وَمِن
وَرَآئِهِ عَذَابٌ غَلِيظٌ} في حجمه ونتائجه، وذلك جزاء الكافرين المتكبّرين
المعاندين.
*من كتاب: "تفسير من وحي القرآن"، ج 13.
{فَأَوْحَى إِلَيْهِمْ رَبُّهُمْ لَنُهْلِكَنَّ الظَّالِمِينَ}، فهذه هي إرادة
الله في إهلاك هؤلاء الذين ظلموا أنفسهم، وظلموا النّاس من حولهم، بعد أن أقام الله
عليهم الحجّة تلو الحجّة من خلال الرسل، فلم يأخذوا بأسباب الإيمان، بل أمعنوا في
خطّ الكفر والعناد والضّلال. وهكذا أراد الله أن يعيش الرّسل الشعور بالقوّة، عندما
يتابعون الموقف بصلابةٍ وقوّة، ويستقرُّون في أرضهم بعد أن يخرج منها الظالمون إلى
غير رجعة بعد أن يهلكهم الله، {وَلَنُسْكِنَنَّـكُمُ الأَرْضَ مِن بَعْدِهِمْ}،
فتكونون أولى بالقوّة، ويكونون أولى بالسقوط، {ذَلِكَ لِمَنْ خَافَ مَقَامِي وَخَافَ
وَعِيدِ}، فراقب الله في كلّ مواقفه، وخشي عذابه الذي توعّد به المنحرفين عن هداه،
فأطاع الله في كلّ أوامره ونواهيه.
{وَاسْتَفْتَحُو}، أي طلبوا الفتح والانتصار على الرّسل ومن اتبعهم من المؤمنين،
ولكنهم لم يحصلوا على شيء مما أرادوه، {وَخَابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ} من هؤلاء
الذين عاشوا الكبرياء، فيما كانوا يتمتعون به من مالٍ وجاهٍ وقوَّةٍ، دفعهم إلى
العناد والتمرّد والجحود، فلم ينفعهم ذلك كلّه، {مِّن وَرَآئِهِ جَهَنَّمُ} الّتي
دخلوها من خلال أعمالهم السيّئة وعنادهم وكبريائهم، {وَيُسْقَى مِن مَّآءٍ صَدِيدٍ}
وهو القيح المختلط بالدّم، {يَتَجَرَّعُهُ} الكافر عندما يحسّ بالعطش، {وَلاَ
يَكَادُ يُسِيغُهُ}، أي يبتلعه، لأن نفسه لا تتقبّله، لما يثيره في داخله من مشاعر
القرف، {وَيَأْتِيهِ الْمَوْتُ مِن كُلِّ مَكَانٍ} من خلال العذاب الغليظ الذي يحيط
به من كل جهة، حتى يشعر وكأنّ نفسه تزهق من ذلك، ويتمنّى لو يريحه الموت، ويتحوّل
بالنسبة إليه إلى حلم لذيذ يطلبه، ولكنّ الموت لا يأتي إليه {وَمَا هُوَ بِمَيِّتٍ}،
فتبقى مكامن الإحساس في جسده، ليتعذَّب بها، وليمتدّ عذابه ما امتدّت حياته {وَمِن
وَرَآئِهِ عَذَابٌ غَلِيظٌ} في حجمه ونتائجه، وذلك جزاء الكافرين المتكبّرين
المعاندين.
*من كتاب: "تفسير من وحي القرآن"، ج 13.