هناك مَنْ عاش التّقوى وأحسن وانتقل من أرض إلى أرض، وتألَّم أشدَّ الآلام، فوجدَ عند الله كلَّ خير. مَنْ هو؟
هو الذي جاء بالقرآن، محمّد بن عبد الله (ص) رسول الله {وَالَّذِي جَاء بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ}[الزمر: 33]. كيف كان موقفه؟
التيّار كلُّه ضدّه، أقرب النّاس إليه يعاديه، كلُّ المجتمع بفقرائه وأغنيائه ووجهائه، مجتمع مكّة والجزيرة لا يرى رأيه، تماماً كما يأتي الدّاعية الرّساليّ إلى واقع النّاس، ليجد أنَّ أغلب المجتمع ضدَّ خطِّ الإيمان بالله والالتزام بالإسلام، وإذا لم يكن ضدّه بالأخلاق، فهو ضدّه بالاقتصاد والسياسة...
كلُّ مؤمن يتحرَّك في أيِّ موقع، هناك حاجزٌ ينتصب أمامه، حاجزٌ يقول له: لماذا تتحرّك بأخلاقك بهذه الطريقة، وأخلاق الناس شكلٌ آخر؟ لماذا تمتنع عن هذه المعاملة المحرّمة وتلك؟ الاقتصاد له نهجٌ آخر، لماذا تؤيّد هذا الفريق وترفض ذاك؟ السياسة لها اتّجاهٌ آخر، لماذا تقيم علاقة مع هذا الجانب ولا تقيمها مع ذلك الجانب؟ المجتمع له رأي آخر.. وكم من حاجز تلتقي به في حياتك حتّى من أقرب الناس إليك؟
هكذا، انطلق رسول الله (ص)، والمسألة التي واجهته لم تكن مسألة حواجز، كان هناك جدران منصوبة في كلِّ موقعٍ يتحرّك فيه، ولكنَّه وقف أمامهم وتحدَّاهم {قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللهَ مُخْلِصاً لَّهُ الدِّينَ}[الزمر: 11]. لا يمكن أن أعبد الأصنام والأوثان، هكذا أمرني الله الذي آمنت به عن وعيٍ ومعرفةٍ وعقل، أمرني أن أعبده وأُخلِصَ له في عبادتي، وعلامة الإخلاص أن أطرد من نفسي كلَّ خضوعٍ لغير الله، وكلَّ التزام بكلام لا يرضاه، أو التزامٍ بشخصٍ من دون الله {قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللهَ مُخْلِصاً لَّهُ الدِّينَ}.
هذا أمرٌ أساس، والأمر الآخر {وَأُمِرْتُ لِأَنْ أَكُونَ أَوَّلَ الْمُسْلِمِينَ}[الزّمر: 12]. لقد فتحت للنَّاس بابَ الإسلام على مصراعيه ليسجّلوا أسماءهم فيه وليدخلوا إليه، لأنَّ دخول الجنّة مرتبطٌ بدخول الإسلام {وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِيناً فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ}[آل عمران: 85]. لذلك {ادْخُلُوهَا بِسَلاَمٍ آمِنِينَ}[الحجر: 46] متى تدخل؟ تدخل إذا كنتَ تعي السّلامَ مع الله، أمّا إذا كنتَ تعيش الحرب معه سبحانه، فهل يمكن أن تدخل الجنّة؟ عند وقوفك على باب الجنّة، تُطلَب منك بطاقتُك، مَنْ أنت؟ هل كنت ممّن يعيش السّلام مع الله والنّاس؟ والسّلام أن تعيش في الحياة مطيعاً مسلماً لله، وهذا ما يجعل بينك وبين الله علاقة سلام.. فالنبيُّ (ص) سجَّل اسمه قبل أن يدعو النّاس إلى الإسلام، طبَّقَ الإسلام على نفسه قبل أن يطلب من النّاس أن يطبِّقوه على أنفسهم، صدَّق بالعقيدة قبل أن يطلب من النّاس أن يصدِّقوا بها {وَأُمِرْتُ لِأَنْ أَكُونَ أَوَّلَ الْمُسْلِمِينَ}[الزّمر: 12] عندما دعوت النّاس إلى التّقوى، فقد دعوت نفسي إلى التقوى قبلكم {قُلْ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ}[الزّمر: 13] إنَّكم تدعونني إلى المعصية، وأنا أخاف من عذاب يومٍ عظيم إذا عصيت {فَمَن يَنصُرُنِي مِنَ اللهِ إِنْ عَصَيْتُهُ فَمَا تَزِيدُونَنِي غَيْرَ تَخْسِيرٍ}[هود: 63]. مَنْ يؤمنني من عذاب الله؟
هكذا كان رسول الله (ص) يخاطب قومه، لنتعلّم منه أن نخاطب بذلك مَنْ يدعوننا إلى الانحراف عن خطِّ الله، من أقوامنا وآبائنا وأُمّهاتنا وأزواجنا وزوجاتنا وإخواننا وأصدقائنا وزعمائنا وأحزابنا. ونقول لهم جميعاً: {قُلْ إِنِّيَ أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ}[الزّمر: 13].
*من كتاب "من عرفان القرآن".

هناك مَنْ عاش التّقوى وأحسن وانتقل من أرض إلى أرض، وتألَّم أشدَّ الآلام، فوجدَ عند الله كلَّ خير. مَنْ هو؟
هو الذي جاء بالقرآن، محمّد بن عبد الله (ص) رسول الله {وَالَّذِي جَاء بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ}[الزمر: 33]. كيف كان موقفه؟
التيّار كلُّه ضدّه، أقرب النّاس إليه يعاديه، كلُّ المجتمع بفقرائه وأغنيائه ووجهائه، مجتمع مكّة والجزيرة لا يرى رأيه، تماماً كما يأتي الدّاعية الرّساليّ إلى واقع النّاس، ليجد أنَّ أغلب المجتمع ضدَّ خطِّ الإيمان بالله والالتزام بالإسلام، وإذا لم يكن ضدّه بالأخلاق، فهو ضدّه بالاقتصاد والسياسة...
كلُّ مؤمن يتحرَّك في أيِّ موقع، هناك حاجزٌ ينتصب أمامه، حاجزٌ يقول له: لماذا تتحرّك بأخلاقك بهذه الطريقة، وأخلاق الناس شكلٌ آخر؟ لماذا تمتنع عن هذه المعاملة المحرّمة وتلك؟ الاقتصاد له نهجٌ آخر، لماذا تؤيّد هذا الفريق وترفض ذاك؟ السياسة لها اتّجاهٌ آخر، لماذا تقيم علاقة مع هذا الجانب ولا تقيمها مع ذلك الجانب؟ المجتمع له رأي آخر.. وكم من حاجز تلتقي به في حياتك حتّى من أقرب الناس إليك؟
هكذا، انطلق رسول الله (ص)، والمسألة التي واجهته لم تكن مسألة حواجز، كان هناك جدران منصوبة في كلِّ موقعٍ يتحرّك فيه، ولكنَّه وقف أمامهم وتحدَّاهم {قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللهَ مُخْلِصاً لَّهُ الدِّينَ}[الزمر: 11]. لا يمكن أن أعبد الأصنام والأوثان، هكذا أمرني الله الذي آمنت به عن وعيٍ ومعرفةٍ وعقل، أمرني أن أعبده وأُخلِصَ له في عبادتي، وعلامة الإخلاص أن أطرد من نفسي كلَّ خضوعٍ لغير الله، وكلَّ التزام بكلام لا يرضاه، أو التزامٍ بشخصٍ من دون الله {قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللهَ مُخْلِصاً لَّهُ الدِّينَ}.
هذا أمرٌ أساس، والأمر الآخر {وَأُمِرْتُ لِأَنْ أَكُونَ أَوَّلَ الْمُسْلِمِينَ}[الزّمر: 12]. لقد فتحت للنَّاس بابَ الإسلام على مصراعيه ليسجّلوا أسماءهم فيه وليدخلوا إليه، لأنَّ دخول الجنّة مرتبطٌ بدخول الإسلام {وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِيناً فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ}[آل عمران: 85]. لذلك {ادْخُلُوهَا بِسَلاَمٍ آمِنِينَ}[الحجر: 46] متى تدخل؟ تدخل إذا كنتَ تعي السّلامَ مع الله، أمّا إذا كنتَ تعيش الحرب معه سبحانه، فهل يمكن أن تدخل الجنّة؟ عند وقوفك على باب الجنّة، تُطلَب منك بطاقتُك، مَنْ أنت؟ هل كنت ممّن يعيش السّلام مع الله والنّاس؟ والسّلام أن تعيش في الحياة مطيعاً مسلماً لله، وهذا ما يجعل بينك وبين الله علاقة سلام.. فالنبيُّ (ص) سجَّل اسمه قبل أن يدعو النّاس إلى الإسلام، طبَّقَ الإسلام على نفسه قبل أن يطلب من النّاس أن يطبِّقوه على أنفسهم، صدَّق بالعقيدة قبل أن يطلب من النّاس أن يصدِّقوا بها {وَأُمِرْتُ لِأَنْ أَكُونَ أَوَّلَ الْمُسْلِمِينَ}[الزّمر: 12] عندما دعوت النّاس إلى التّقوى، فقد دعوت نفسي إلى التقوى قبلكم {قُلْ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ}[الزّمر: 13] إنَّكم تدعونني إلى المعصية، وأنا أخاف من عذاب يومٍ عظيم إذا عصيت {فَمَن يَنصُرُنِي مِنَ اللهِ إِنْ عَصَيْتُهُ فَمَا تَزِيدُونَنِي غَيْرَ تَخْسِيرٍ}[هود: 63]. مَنْ يؤمنني من عذاب الله؟
هكذا كان رسول الله (ص) يخاطب قومه، لنتعلّم منه أن نخاطب بذلك مَنْ يدعوننا إلى الانحراف عن خطِّ الله، من أقوامنا وآبائنا وأُمّهاتنا وأزواجنا وزوجاتنا وإخواننا وأصدقائنا وزعمائنا وأحزابنا. ونقول لهم جميعاً: {قُلْ إِنِّيَ أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ}[الزّمر: 13].
*من كتاب "من عرفان القرآن".