تغيير النّعَم خاضع للسّلوك الإنسانيّ

تغيير النّعَم خاضع للسّلوك الإنسانيّ

في تفسيره للآية المباركة: {ذَلِكَ بِأَنَّ اللهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّراً نِّعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنفُسِهِمْ}[الأنفال: 53]، يشير سماحة المرجع السيّد محمّد حسين فضل الله(رض) إلى سنّة الله، حيث يُبقي النّعَم على أهلها محفوظة من الزّوال والتغيُّر، ما داموا هم حافظين لهذه النّعَم، ويؤدّون حقّها من خلال أداء حقوق الله تعالى، ومعرفة حجم تلك النّعَم وما تمثّله من فضلٍ من الله ورضوان.

وينتقل سماحته(رض) إلى تأكيد فكرة أنَّ تغيير النّعَم وزوالها خاضع للسّلوك العمليّ للناس، في ما يسيرون به من نيّات وأفعال.. ويلفت النظر إلى أهميَّة الاستمرار في الإخلاص لله وتوحيده، وفي الإخلاص لعباده وبلاده، ما يعزّز بقاء النّعَم ويحفظها ويديمها، مع ذلك، يرى سماحته(رض)، أن لا حتميَّة في تغيير الواقع عند تغيير النيّات والأعمال، فقد تقتضي الحكمة الإلهيّة بقاء النّعمة على بعض العباد مع اختلاف نيّاتهم وأعمالهم، وهذه من الأسرار الّتي لا يعلم تفاصيلها إلا الله تعالى.

والأمم الغابرة، كما يقول المرجع السيِّد فضل الله(رض)، نالت ما نالت من العقاب والهلاك بسبب استغراقها المفرط في الشّرور وفي تهديد الحياة ومسيرة الوجود. وحول ما تقدّم، يقول المرجع السيّد فضل الله(رض) التّالي: "{ذَلِكَ بِأَنَّ اللهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّراً نِّعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنفُسِهِمْ}[الأنفال: 53]، وتلك هي سنَّة الله في عباده، فإنَّ نِعَم الله الّتي ينزلها على عباده في ما تقتضيه رحمته وحكمته، لا تتغيَّر ولا تتبدَّل ما دامت النيّات خالصةً، والخطوات مستقيمةً على النّهج الذي يحبّه الله ويرضاه، فلا ينزل عذابه في الدّنيا ولا عقابه في الآخرة، إلا بعد أن يغيّروا ما بأنفسهم، في ما يواجهون به الأنبياء والدّعاة إلى الله من جحودٍ وكفرانٍ وتمرّدٍ وعصيان، وما يفسدون به الحياة بعد إصلاحها..

ولذلك، فإنَّ الأمم السَّابقة لم تتعرّض للعذاب أو للبلاء إلا بعد وصولها إلى المدى الذي يمثّل الخطورة على مسيرة الإيمان والمؤمنين، في ما يواجهونه من التّحدّيات والتعدّيات في هذا المجال.. وهكذا نستطيع أن نعرف أنّ تغيير النّعَم وزوالها خاضع للسّلوك العمليّ للناس، في ما يفعلون ويتركون، فإذا أرادوا بقاء النّعمة، فعليهم الاستمرار في الانفتاح على الله وفي الإخلاص له ولعباده، لأنَّ ذلك هو السّبيل الذي تتحرك فيه النّعَم في حياتهم، ولكن ليس معنى ذلك أنَّ هناك حتميّةً في تغيير الواقع عند تغيير النيّات والأعمال، فقد تقتضي حكمة الله أن يبقي لبعض عباده نعمتهم، مع اختلاف نيّاتهم وأعمالهم، لأنَّ هناك جانباً آخر يفرض بقاءها واستمرارها، وتلك هي أسرار الله في خلقه، لا يعلمها إلا هو، {وَأَنَّ اللهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ}، يسمع كلَّ شيء، ويعلم بكلّ شيء، فلا يعزب عنه مثقال ذرّة في السّموات والأرض". [تفسير من وحي القرآن، ج 10، ص 401، 402].

نستنتج مما تقدَّم أهميَّة المحافظة على نِعَم الله الكثيرة الّتي أغدقها على عباده، عبر تقوية الشعور الإيمانيّ، وتعزيز مناعتنا الروحيّة والأخلاقيّة بالتمسّك بالإخلاص لله تعالى وتوحيده وعدم الإشراك في عبادته، لجهة عبادة المال أو الجاه أو السّلطة، كما الإخلاص لبلاد الله وعباده، من خلال تحمّل المسؤوليّة الكاملة أمام الله، والعمل بما يجلب السّعادة والأمان والمنافع للإنسان والحياة.

إنَّ المجتمع الإيمانيّ هو المجتمع الصَّالح المحافِظ على نِعَم الله، المثابر على إكمال مسيرته الرّساليَّة، مهما كانت التّحدّيات والإغراءات، وهو المجتمع المتيقِّظ على الدَّوام، السّاعي إلى تكريس الإخلاص والتّوحيد عمليّاً في الحياة الخاصّة والعامّة.

فلنعمل على أن نكون من أهل حفظ النّعَم ومن أهل الإخلاص والتّوحيد فعلاً.

*إنَّ الآراء الواردة في هذا المقال، لا تعبِّر بالضَّرورة عن رأي الموقع، وإنَّما عن وجهة نظر صاحبها.

في تفسيره للآية المباركة: {ذَلِكَ بِأَنَّ اللهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّراً نِّعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنفُسِهِمْ}[الأنفال: 53]، يشير سماحة المرجع السيّد محمّد حسين فضل الله(رض) إلى سنّة الله، حيث يُبقي النّعَم على أهلها محفوظة من الزّوال والتغيُّر، ما داموا هم حافظين لهذه النّعَم، ويؤدّون حقّها من خلال أداء حقوق الله تعالى، ومعرفة حجم تلك النّعَم وما تمثّله من فضلٍ من الله ورضوان.

وينتقل سماحته(رض) إلى تأكيد فكرة أنَّ تغيير النّعَم وزوالها خاضع للسّلوك العمليّ للناس، في ما يسيرون به من نيّات وأفعال.. ويلفت النظر إلى أهميَّة الاستمرار في الإخلاص لله وتوحيده، وفي الإخلاص لعباده وبلاده، ما يعزّز بقاء النّعَم ويحفظها ويديمها، مع ذلك، يرى سماحته(رض)، أن لا حتميَّة في تغيير الواقع عند تغيير النيّات والأعمال، فقد تقتضي الحكمة الإلهيّة بقاء النّعمة على بعض العباد مع اختلاف نيّاتهم وأعمالهم، وهذه من الأسرار الّتي لا يعلم تفاصيلها إلا الله تعالى.

والأمم الغابرة، كما يقول المرجع السيِّد فضل الله(رض)، نالت ما نالت من العقاب والهلاك بسبب استغراقها المفرط في الشّرور وفي تهديد الحياة ومسيرة الوجود. وحول ما تقدّم، يقول المرجع السيّد فضل الله(رض) التّالي: "{ذَلِكَ بِأَنَّ اللهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّراً نِّعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنفُسِهِمْ}[الأنفال: 53]، وتلك هي سنَّة الله في عباده، فإنَّ نِعَم الله الّتي ينزلها على عباده في ما تقتضيه رحمته وحكمته، لا تتغيَّر ولا تتبدَّل ما دامت النيّات خالصةً، والخطوات مستقيمةً على النّهج الذي يحبّه الله ويرضاه، فلا ينزل عذابه في الدّنيا ولا عقابه في الآخرة، إلا بعد أن يغيّروا ما بأنفسهم، في ما يواجهون به الأنبياء والدّعاة إلى الله من جحودٍ وكفرانٍ وتمرّدٍ وعصيان، وما يفسدون به الحياة بعد إصلاحها..

ولذلك، فإنَّ الأمم السَّابقة لم تتعرّض للعذاب أو للبلاء إلا بعد وصولها إلى المدى الذي يمثّل الخطورة على مسيرة الإيمان والمؤمنين، في ما يواجهونه من التّحدّيات والتعدّيات في هذا المجال.. وهكذا نستطيع أن نعرف أنّ تغيير النّعَم وزوالها خاضع للسّلوك العمليّ للناس، في ما يفعلون ويتركون، فإذا أرادوا بقاء النّعمة، فعليهم الاستمرار في الانفتاح على الله وفي الإخلاص له ولعباده، لأنَّ ذلك هو السّبيل الذي تتحرك فيه النّعَم في حياتهم، ولكن ليس معنى ذلك أنَّ هناك حتميّةً في تغيير الواقع عند تغيير النيّات والأعمال، فقد تقتضي حكمة الله أن يبقي لبعض عباده نعمتهم، مع اختلاف نيّاتهم وأعمالهم، لأنَّ هناك جانباً آخر يفرض بقاءها واستمرارها، وتلك هي أسرار الله في خلقه، لا يعلمها إلا هو، {وَأَنَّ اللهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ}، يسمع كلَّ شيء، ويعلم بكلّ شيء، فلا يعزب عنه مثقال ذرّة في السّموات والأرض". [تفسير من وحي القرآن، ج 10، ص 401، 402].

نستنتج مما تقدَّم أهميَّة المحافظة على نِعَم الله الكثيرة الّتي أغدقها على عباده، عبر تقوية الشعور الإيمانيّ، وتعزيز مناعتنا الروحيّة والأخلاقيّة بالتمسّك بالإخلاص لله تعالى وتوحيده وعدم الإشراك في عبادته، لجهة عبادة المال أو الجاه أو السّلطة، كما الإخلاص لبلاد الله وعباده، من خلال تحمّل المسؤوليّة الكاملة أمام الله، والعمل بما يجلب السّعادة والأمان والمنافع للإنسان والحياة.

إنَّ المجتمع الإيمانيّ هو المجتمع الصَّالح المحافِظ على نِعَم الله، المثابر على إكمال مسيرته الرّساليَّة، مهما كانت التّحدّيات والإغراءات، وهو المجتمع المتيقِّظ على الدَّوام، السّاعي إلى تكريس الإخلاص والتّوحيد عمليّاً في الحياة الخاصّة والعامّة.

فلنعمل على أن نكون من أهل حفظ النّعَم ومن أهل الإخلاص والتّوحيد فعلاً.

*إنَّ الآراء الواردة في هذا المقال، لا تعبِّر بالضَّرورة عن رأي الموقع، وإنَّما عن وجهة نظر صاحبها.

اقرأ المزيد
نسخ الآية نُسِخ!
تفسير الآية