صور متفرّقة

صور متفرّقة

الصّورة الأولى: عضّ على شفتيك!
في أواسط الثمانينات، كانت لبعض الإخوة العراقيّين المسفّرين القدامى، حسينيّة تعرف بـ (الحسينيَّة الحيدريَّة)، تمَّ الاستيلاء عليها من بعض المدعومين من قبل (المجلس الأعلى)، فأبعد عنها أصحابها عنوة، واستحوذ عليها بعض المجلسيّين، فاختار المطرودون من حسينيَّتهم مسجداً إيرانيّاً ليتَّخذوه حسينيَّة، وكانوا يطلقون على الحسينيَّة المصادرة (الحسينيَّة المغتصبة) !
وذات يوم، زار السيّد محمَّد حسين الحسينيّة الجديدة، والتقى أعضاء هيئتها الإداريَّة، فاشتكى له المسؤول الأوَّل في الحسينيّة شكوى مريرة من فعلة الفاعلين، وكان السيّد يحاول صرفه عن التشكّي، فقال له المسؤول باللَّهجة العراقيّة: سيّدنا، واحد يدوس ببطنك، ألا تصيح آخ! فأجابه السيّد: عضّ على شفتيك!!
الصّورة الثَّانية: المخابرات العراقيّة!
تعرَّضت الدَّعوة الإسلاميّة – في أواسط الثمانينات أيضاً – إلى هجوم بالمنشورات الصَّفراء من بعض المسيئين، فانتدبت صحيفة (الجهاد) أحد المحرّرين لمحاورة السيّد الَّذي كان في زيارة للجمهوريَّة الإسلاميّة، فطرح عليه ما تتعرَّض له الدَّعوة، وقال له: ألا ترى سيّدنا أنَّ وراء هذه المنشورات (المخابرات العراقيّة)؟ فأجابه السيّد: إن لم تكن وراءها المخابرات العراقيّة، فهي تصبّ في مصلحة المخابرات العراقيّة!!
الصّورة الثَّالثة: (الحسناء)!
التقت مجلَّة نسويَّة ذائعة الصّيت تُوزَّع على نطاق واسع في الوطن العربي اسمها (الحسناء) بسماحة السيّد فضل الله (رحمه الله)، لتحاوره في هموم المرأة وقضاياها ومشاكلها من منظور إسلامي، وكان أن نشرت على صفحة غلافها صورة السيّد، وصورة على الصَّفحة نفسها لإحدى الفنانات.
أحد روَّاد ندوة السبت طرح على السيّد إشكاليَّة أن تجاور صورتُه -بصفته مرجعاً وعالماً دينيّاً - صورة فنّانة، فكان ردُّ السيّد: أوَّلاً: أنا لا أتدخَّل في الأمور الفنّية للصّحف والمجلَّات الَّتي تجري معي مقابلات، ولا هم يستأذنوني في ذلك. ثانياً: أنا هنا أستحضر جواب الشَّهيد الشيخ (مرتضى مطهَّري)، حيث التقت معه مجلَّة نسويَّة في زمن الشاه، فقيل له في ذلك (أي انتقده بعضهم)، فقال: أنا أشكر المجلَّة على أن أتاحت لصوتي وكلماتي أن تصل إلى عشرات، بل مئات الآلاف من النساء اللَّواتي قد لا يسمعن كلمة الإسلام في المرأة إلَّا من خلال مجلَّة شهيرة !
الصّورة الرَّابعة: أختك في الله!
حضرتُ بعض عقود الزّواج الَّتي كان يتشرَّف فيها العروسان بأن يعقد السيّد قرانهما، فكان يخاطب الزوج بعد العقد: إنَّها زوجتك في الجسد وأختك في الله، وهكذا يقال للمرأة، ثمَّ يعقّب موضحاً: أي إن لها عليك حقّين: حقّ الأخوّة في الله، وحقّ الزَّوجيّة، مثلما لك عليها حقَّان: حقّ الأخوّة في الله وحقّ الزوجيّة، فانظرا كيف يراعي كلٌّ منكما حقَّ الآخر.
الصّورة الخامسة: خطابه للصّغار!
كنَّا في سوريا نقيم كلَّ عام دورة صيفيّة للتعليم الدّيني للأولاد وللبنات في مدرستين منفصلتين، وكنَّا نسميها (دورة الشَّهيد الصَّدر الصيفيّة) للبنين، و(دورة الشَّهيدة بنت الهدى) للبنات. وفي إحدى السنوات، دعوت السيّد – بصفتي مديراً للدَّورة – أن يلقي كلمة تربويّة في الفتيان الصّغار، ومن كرم أخلاق السيّد أبي علي (تغمَّده الله بفيض الرَّحمة)، أنَّه لم يكن يرفض لي طلباً، فإذا به يفاجئني بلغة خطاب مختلفة تناسب المقام، حتَّى إنَّ الصّغار انشدّوا إلى كلمته بإصغاء ومحبَّة.
بعد أن انتهى اللّقاء صارحته، قلت له: سيّدنا، كنت خائفاً ألَّا يفهم عليك الصّغار ما تقول! فأجابني: تعلّمت هذه اللّغة في الخطاب من زياراتي المتكرّرة لمبرَّات ومدارس الأيتام !!
الصّورة السَّادسة: خالد العبود!
(خالد العبود) اسم ليس غريباً على كثير من أسماع من يتابعونني، فلقد كان عضواً في مجلس الشَّعب السوري أيام بشّار الأسد. هو أديب وشاعر قبل أن ينتقل إلى السياسة وحوار الفضائيَّات. التقيته في مكتب (دار الصبّاغ) في دمشق، حيث كنّا ننضّد ونخرج صحيفتي (الموقف) و(فكر وثقافة)، وسمعته يحدّث صاحب الدَّار بأنَّ لديه مشروعاً فكريّاً سيكون له أثره المدوّي في السَّاحة، وأخبره أنَّه خاطب أبرز رموز العلم والثقافة والفكر والجامعة في حينه، ومن مختلف الأطياف الدينيَّة وغير الدينيَّة، فدخلت على الخطّ، وقلت له: ما رأيك لو تضيف إلى القائمة (السيّد محمَّد حسين فضل الله)؟! ولم يكن يعرف السيّد معرفة كافية، فرأيته متردّداً، فشرحت له أوَّلاً من هو فضل الله، ثمَّ اقترحت عليه أن يحضر النَّدوة، فإن استحسن حديث السيّد، فتح معه باب الحوار، فرحّب، وحضر فعلاً، وكنتُ أبلغت السيّد بالأمر سلفاً.
بعد انتهاء النَّدوة، جاء خالد العبود ليسلّم على السيّد، فقال له السيّد، النَّدوة، كما ترى، ملتقى شعبيّ من مختلف المستويات، وكأنَّه أراد القول لا تحكم من خلال نظرة واحدة سريعة، فعرض خالد على السيّد الحوار، وفي اليوم التالي، رافقته إلى دار السيّد قبيل الظهر، فطرح عليه أسئلته الفكريّة والسياسيّة، وكان السيّد كعادته متألّقاً، فرمقت خالد بنظرة فوجدته مبهوراً. في أثناء إجابات السيّد، جاءه أحد عناصر الحماية وقال: سيّدنا، مكالمة مهمة! فاستأذن السيّد وغاب لبعض الوقت ثمَّ عاد. وهنا أترك الكلام لخالد وهو يصف لحسّان (صاحب دار الصباغ ما جرى)، قال له: تصوّر أنَّه جاءته مكالمة، فغاب ما يقرب الربع ساعة، وجاء ليكمل من حيث انتهى، وكأنَّ قطعاً في سلسلة حديثه لم يحصل!
وبالفعل، نشر اللّقاء مع بقيَّة الشَّخصيَّات السوريّة، وكان السيّد ممتنّاً لتلك البادرة !
الصّورة السابعة: الوجيه عنده!
كان بعض طلَّاب حوزة المرتضى، وحتَّى من خارجها – ممن أعرف وضعهم المادّيّ – وممن يزمعون على الزواج، يلتمسون منّي أن أخاطب السيّد لمساعدتهم – ربما كان ذلك قبل تشكيل الصّندوق الخيريّ المشترك – الَّذي ألمحت اليه، ولم يكن السيّد يردّ لي طلباً، بل ولم يسألني من هو طالب المساعدة، وإنَّما كنت من باب التعريف أخبره بالأسماء وبالكشف عن مورد الحاجة !
الصّورة الثَّامنة: اقرأوا الممحي!
دعته (الحسينيّة الحيدريّة) في منطقة الحجيرة بدمشق عام 1999 لإلقاء كلمة في مولد الإمام المهدي (عج)، وكنت أنا عرّيف الحفل، فبعد تقديمه، تحدَّث في النصف الأوَّل من كلمته عن الإمام صاحب الزمان (عج)، وعن السياسة والشَّأن العراقي في نصفها الثاني، وكانت تلك عادته في كلّ الكلمات التي يلقيها في محافل العراقيّين، وكان من بين ما ذكره في هذا الجانب، قوله مخاطباً الجمهور العراقيّ: أنتم العراقيّين لديكم تعبير عن الدقَّة في التحري يقول (إنَّ فلان يقرأ ما بين السّطور)، ولكن لديكم كلمة أبلغ منها (فلان يقرأ الممحي)! فأدعوكم لقراءة الممحي !!
الصّورة التَّاسعة: بالنيابة عنه!
في أوَّل قدومي إلى ديربورن عام 2002، صادف انعقاد مؤتمر (الجماعة الإسلاميَّة السنويّ) في شيكاغو، وهو من أهمّ المؤتمرات الَّتي تجمع الجاليات المسلمة من مختلف الأقطار، والَّتي تضمّ الأسر المسلمة، فضلاً عن طلبة الجامعات والدّراسات العليا، فرغّب إليَّ بعض أصدقائي الحضور، وكان من بين المشاركين المحاضرين في المؤتمر لتلك السنة، السيد الأستاذ إبراهيم الجعفري (الأشيقر) (دام مؤيَّداً).
المؤتمر الَّذي يقام لثلاثة أيَّام يعقد في رأس السنة من كلّ عام، وكان أوَّل مؤتمر يعقد بعد أحداث الحادي عشر أيلول (سبتمبر)، حيث الأجواء المكهربة بالإسلاموفوبيا، وكان القائمون على المؤتمر قد طلبوا من السيّد محمد حسين فضل الله كلمة مكتوبة (جرت العادة أن تكون مرئيَّة متلفزة).
لما وصلتهم الكلمة، كانوا متردّدين في من يلقيها، فأشار صديق عليهم بأنَّ فلاناً ( يعنيني) هو الأصلح، لعمله مع السيّد، لكنهم ارتابوا، لأنهم لم يكونوا يعرفونني من قبل، وخصوصاً أنَّها المشاركة الأولى لي معهم، فاتَّصلوا بالسيّد في بيروت، وكنت حاضراً، وطلبوا أن أستأذنه بإلقاء الكلمة، وكانوا يسمعون مكالمتي وسلامي عليه، فأخبرته الخبر، فقال بكلّ رحابته المعهودة: ومن هو خيرٌ منك، إنَّها متعيّنة !
كانت كلمة السيّد للجماعة الإسلاميَّة ومن وراءهم، تتضمَّن فيما تضمَّنته وصيّته بوجوب احترام قوانين البلد والمحافظة على أجوائه الأمنيَّة والاقتصاديّة، وأنَّ وجودنا على أراضيه واعتبارنا مواطنين فيه يمثّل عقداً اجتماعيّاً بيننا وبينه.
بعد أن انتهت الكلمة، قال لي السيّد الجعفريّ: (ألا ترى أنَّ السيّد رايح زايد)؟! قلت: لعلَّه، لكنها وصيَّته للمغتربين دائماً، ولعلَّها جاءت في التوقيت المناسب.
الصّورة العاشرة: أيّ زمن؟
في حوار متلفز، سأل الإعلامي المصريّ الشَّهير (عماد الدين أديب) السيّد فضل الله: يقال إنَّ زمن (السيّد فضل الله) غير زمن (السيّد نصر الله)، فردَّ السيّد: إنَّ زمن نصر الله هو زمن فضل الله!
غداً بإذن الله تعالى: ماذا يعني أن تكون في خدمة عالم كبير؟!
* من صفحته على فايس بوك.

الصّورة الأولى: عضّ على شفتيك!
في أواسط الثمانينات، كانت لبعض الإخوة العراقيّين المسفّرين القدامى، حسينيّة تعرف بـ (الحسينيَّة الحيدريَّة)، تمَّ الاستيلاء عليها من بعض المدعومين من قبل (المجلس الأعلى)، فأبعد عنها أصحابها عنوة، واستحوذ عليها بعض المجلسيّين، فاختار المطرودون من حسينيَّتهم مسجداً إيرانيّاً ليتَّخذوه حسينيَّة، وكانوا يطلقون على الحسينيَّة المصادرة (الحسينيَّة المغتصبة) !
وذات يوم، زار السيّد محمَّد حسين الحسينيّة الجديدة، والتقى أعضاء هيئتها الإداريَّة، فاشتكى له المسؤول الأوَّل في الحسينيّة شكوى مريرة من فعلة الفاعلين، وكان السيّد يحاول صرفه عن التشكّي، فقال له المسؤول باللَّهجة العراقيّة: سيّدنا، واحد يدوس ببطنك، ألا تصيح آخ! فأجابه السيّد: عضّ على شفتيك!!
الصّورة الثَّانية: المخابرات العراقيّة!
تعرَّضت الدَّعوة الإسلاميّة – في أواسط الثمانينات أيضاً – إلى هجوم بالمنشورات الصَّفراء من بعض المسيئين، فانتدبت صحيفة (الجهاد) أحد المحرّرين لمحاورة السيّد الَّذي كان في زيارة للجمهوريَّة الإسلاميّة، فطرح عليه ما تتعرَّض له الدَّعوة، وقال له: ألا ترى سيّدنا أنَّ وراء هذه المنشورات (المخابرات العراقيّة)؟ فأجابه السيّد: إن لم تكن وراءها المخابرات العراقيّة، فهي تصبّ في مصلحة المخابرات العراقيّة!!
الصّورة الثَّالثة: (الحسناء)!
التقت مجلَّة نسويَّة ذائعة الصّيت تُوزَّع على نطاق واسع في الوطن العربي اسمها (الحسناء) بسماحة السيّد فضل الله (رحمه الله)، لتحاوره في هموم المرأة وقضاياها ومشاكلها من منظور إسلامي، وكان أن نشرت على صفحة غلافها صورة السيّد، وصورة على الصَّفحة نفسها لإحدى الفنانات.
أحد روَّاد ندوة السبت طرح على السيّد إشكاليَّة أن تجاور صورتُه -بصفته مرجعاً وعالماً دينيّاً - صورة فنّانة، فكان ردُّ السيّد: أوَّلاً: أنا لا أتدخَّل في الأمور الفنّية للصّحف والمجلَّات الَّتي تجري معي مقابلات، ولا هم يستأذنوني في ذلك. ثانياً: أنا هنا أستحضر جواب الشَّهيد الشيخ (مرتضى مطهَّري)، حيث التقت معه مجلَّة نسويَّة في زمن الشاه، فقيل له في ذلك (أي انتقده بعضهم)، فقال: أنا أشكر المجلَّة على أن أتاحت لصوتي وكلماتي أن تصل إلى عشرات، بل مئات الآلاف من النساء اللَّواتي قد لا يسمعن كلمة الإسلام في المرأة إلَّا من خلال مجلَّة شهيرة !
الصّورة الرَّابعة: أختك في الله!
حضرتُ بعض عقود الزّواج الَّتي كان يتشرَّف فيها العروسان بأن يعقد السيّد قرانهما، فكان يخاطب الزوج بعد العقد: إنَّها زوجتك في الجسد وأختك في الله، وهكذا يقال للمرأة، ثمَّ يعقّب موضحاً: أي إن لها عليك حقّين: حقّ الأخوّة في الله، وحقّ الزَّوجيّة، مثلما لك عليها حقَّان: حقّ الأخوّة في الله وحقّ الزوجيّة، فانظرا كيف يراعي كلٌّ منكما حقَّ الآخر.
الصّورة الخامسة: خطابه للصّغار!
كنَّا في سوريا نقيم كلَّ عام دورة صيفيّة للتعليم الدّيني للأولاد وللبنات في مدرستين منفصلتين، وكنَّا نسميها (دورة الشَّهيد الصَّدر الصيفيّة) للبنين، و(دورة الشَّهيدة بنت الهدى) للبنات. وفي إحدى السنوات، دعوت السيّد – بصفتي مديراً للدَّورة – أن يلقي كلمة تربويّة في الفتيان الصّغار، ومن كرم أخلاق السيّد أبي علي (تغمَّده الله بفيض الرَّحمة)، أنَّه لم يكن يرفض لي طلباً، فإذا به يفاجئني بلغة خطاب مختلفة تناسب المقام، حتَّى إنَّ الصّغار انشدّوا إلى كلمته بإصغاء ومحبَّة.
بعد أن انتهى اللّقاء صارحته، قلت له: سيّدنا، كنت خائفاً ألَّا يفهم عليك الصّغار ما تقول! فأجابني: تعلّمت هذه اللّغة في الخطاب من زياراتي المتكرّرة لمبرَّات ومدارس الأيتام !!
الصّورة السَّادسة: خالد العبود!
(خالد العبود) اسم ليس غريباً على كثير من أسماع من يتابعونني، فلقد كان عضواً في مجلس الشَّعب السوري أيام بشّار الأسد. هو أديب وشاعر قبل أن ينتقل إلى السياسة وحوار الفضائيَّات. التقيته في مكتب (دار الصبّاغ) في دمشق، حيث كنّا ننضّد ونخرج صحيفتي (الموقف) و(فكر وثقافة)، وسمعته يحدّث صاحب الدَّار بأنَّ لديه مشروعاً فكريّاً سيكون له أثره المدوّي في السَّاحة، وأخبره أنَّه خاطب أبرز رموز العلم والثقافة والفكر والجامعة في حينه، ومن مختلف الأطياف الدينيَّة وغير الدينيَّة، فدخلت على الخطّ، وقلت له: ما رأيك لو تضيف إلى القائمة (السيّد محمَّد حسين فضل الله)؟! ولم يكن يعرف السيّد معرفة كافية، فرأيته متردّداً، فشرحت له أوَّلاً من هو فضل الله، ثمَّ اقترحت عليه أن يحضر النَّدوة، فإن استحسن حديث السيّد، فتح معه باب الحوار، فرحّب، وحضر فعلاً، وكنتُ أبلغت السيّد بالأمر سلفاً.
بعد انتهاء النَّدوة، جاء خالد العبود ليسلّم على السيّد، فقال له السيّد، النَّدوة، كما ترى، ملتقى شعبيّ من مختلف المستويات، وكأنَّه أراد القول لا تحكم من خلال نظرة واحدة سريعة، فعرض خالد على السيّد الحوار، وفي اليوم التالي، رافقته إلى دار السيّد قبيل الظهر، فطرح عليه أسئلته الفكريّة والسياسيّة، وكان السيّد كعادته متألّقاً، فرمقت خالد بنظرة فوجدته مبهوراً. في أثناء إجابات السيّد، جاءه أحد عناصر الحماية وقال: سيّدنا، مكالمة مهمة! فاستأذن السيّد وغاب لبعض الوقت ثمَّ عاد. وهنا أترك الكلام لخالد وهو يصف لحسّان (صاحب دار الصباغ ما جرى)، قال له: تصوّر أنَّه جاءته مكالمة، فغاب ما يقرب الربع ساعة، وجاء ليكمل من حيث انتهى، وكأنَّ قطعاً في سلسلة حديثه لم يحصل!
وبالفعل، نشر اللّقاء مع بقيَّة الشَّخصيَّات السوريّة، وكان السيّد ممتنّاً لتلك البادرة !
الصّورة السابعة: الوجيه عنده!
كان بعض طلَّاب حوزة المرتضى، وحتَّى من خارجها – ممن أعرف وضعهم المادّيّ – وممن يزمعون على الزواج، يلتمسون منّي أن أخاطب السيّد لمساعدتهم – ربما كان ذلك قبل تشكيل الصّندوق الخيريّ المشترك – الَّذي ألمحت اليه، ولم يكن السيّد يردّ لي طلباً، بل ولم يسألني من هو طالب المساعدة، وإنَّما كنت من باب التعريف أخبره بالأسماء وبالكشف عن مورد الحاجة !
الصّورة الثَّامنة: اقرأوا الممحي!
دعته (الحسينيّة الحيدريّة) في منطقة الحجيرة بدمشق عام 1999 لإلقاء كلمة في مولد الإمام المهدي (عج)، وكنت أنا عرّيف الحفل، فبعد تقديمه، تحدَّث في النصف الأوَّل من كلمته عن الإمام صاحب الزمان (عج)، وعن السياسة والشَّأن العراقي في نصفها الثاني، وكانت تلك عادته في كلّ الكلمات التي يلقيها في محافل العراقيّين، وكان من بين ما ذكره في هذا الجانب، قوله مخاطباً الجمهور العراقيّ: أنتم العراقيّين لديكم تعبير عن الدقَّة في التحري يقول (إنَّ فلان يقرأ ما بين السّطور)، ولكن لديكم كلمة أبلغ منها (فلان يقرأ الممحي)! فأدعوكم لقراءة الممحي !!
الصّورة التَّاسعة: بالنيابة عنه!
في أوَّل قدومي إلى ديربورن عام 2002، صادف انعقاد مؤتمر (الجماعة الإسلاميَّة السنويّ) في شيكاغو، وهو من أهمّ المؤتمرات الَّتي تجمع الجاليات المسلمة من مختلف الأقطار، والَّتي تضمّ الأسر المسلمة، فضلاً عن طلبة الجامعات والدّراسات العليا، فرغّب إليَّ بعض أصدقائي الحضور، وكان من بين المشاركين المحاضرين في المؤتمر لتلك السنة، السيد الأستاذ إبراهيم الجعفري (الأشيقر) (دام مؤيَّداً).
المؤتمر الَّذي يقام لثلاثة أيَّام يعقد في رأس السنة من كلّ عام، وكان أوَّل مؤتمر يعقد بعد أحداث الحادي عشر أيلول (سبتمبر)، حيث الأجواء المكهربة بالإسلاموفوبيا، وكان القائمون على المؤتمر قد طلبوا من السيّد محمد حسين فضل الله كلمة مكتوبة (جرت العادة أن تكون مرئيَّة متلفزة).
لما وصلتهم الكلمة، كانوا متردّدين في من يلقيها، فأشار صديق عليهم بأنَّ فلاناً ( يعنيني) هو الأصلح، لعمله مع السيّد، لكنهم ارتابوا، لأنهم لم يكونوا يعرفونني من قبل، وخصوصاً أنَّها المشاركة الأولى لي معهم، فاتَّصلوا بالسيّد في بيروت، وكنت حاضراً، وطلبوا أن أستأذنه بإلقاء الكلمة، وكانوا يسمعون مكالمتي وسلامي عليه، فأخبرته الخبر، فقال بكلّ رحابته المعهودة: ومن هو خيرٌ منك، إنَّها متعيّنة !
كانت كلمة السيّد للجماعة الإسلاميَّة ومن وراءهم، تتضمَّن فيما تضمَّنته وصيّته بوجوب احترام قوانين البلد والمحافظة على أجوائه الأمنيَّة والاقتصاديّة، وأنَّ وجودنا على أراضيه واعتبارنا مواطنين فيه يمثّل عقداً اجتماعيّاً بيننا وبينه.
بعد أن انتهت الكلمة، قال لي السيّد الجعفريّ: (ألا ترى أنَّ السيّد رايح زايد)؟! قلت: لعلَّه، لكنها وصيَّته للمغتربين دائماً، ولعلَّها جاءت في التوقيت المناسب.
الصّورة العاشرة: أيّ زمن؟
في حوار متلفز، سأل الإعلامي المصريّ الشَّهير (عماد الدين أديب) السيّد فضل الله: يقال إنَّ زمن (السيّد فضل الله) غير زمن (السيّد نصر الله)، فردَّ السيّد: إنَّ زمن نصر الله هو زمن فضل الله!
غداً بإذن الله تعالى: ماذا يعني أن تكون في خدمة عالم كبير؟!
* من صفحته على فايس بوك.

اقرأ المزيد
نسخ الآية نُسِخ!
تفسير الآية