من قواعد التّشريع للحياة الزوجيّة

من قواعد التّشريع للحياة الزوجيّة

إنَّ الإسلام جعل أساس العلاقة بين الرّجل والمرأة (الزوجين) قائمة على المودّة والرحمة، لأنّ النفس لا يمكن لها أن تسكن إلى نفس أخرى بالمعنى الذي يسمو بالطرفين، إلا من خلال المودّة والرحمة، والتي توحي بالعلاقة التبادليّة بين الطرفين {وجعلَ بينَكم مودّةً ورحمة}، وهذا لا ينسجم مع الأنانيّة في شيء أبداً. ولذلك، فإنَّ العديد من المشاكل التي تنجم بين الزّوجين، مردّها إلى عدم الوعي لمثل هذه العناوين، والتصرّف على أساس الأنانية والتفكير في الذات من دون تفكير في الآخر، وكان من الطبيعي أن يناط ذلك بالتربية، أي تربية الأفراد، للوصول إلى هذه المرتبة من الوعي والتفكير، وهذه هي النقطة الأساسية في فلسفة التشريع الإسلامي، فإنه عندما شرّع وقنّن للحياة الزوجية، انطلق من خلال هذه القاعدة، مع أنه من الممكن أن لا يكون كل الأفراد على نسق واحد، وبالتالي، فإن هناك العديد من المخالفات والابتعاد عن هذه القاعدة، وهذا أيضاً لم يغفله التشريع الإسلامي.

ومن هنا، فإننا نرى أن الفهم الخاطئ لقضايا الشريعة الإسلامية في هذا المجال، حتى من الذين يفترض بهم أن يفكروا إسلامياً لكونهم ينتمون إلى الإسلام، ينطلق من إغفال ضرورة الانسجام بين المقاصد التشريعية والأهداف الكبرى للإسلام، وفي الواقع الذي تفرضه طبيعة العلاقة بين الطرفين، وأيّ إغفال لأيّ قيمة من قيم هذه المعادلة يؤدي إلى نتائج خاطئة. وهنا، لا بد من التركيز على بعض النقاط:

1- ضرورة استخدام المفاهيم والمصطلحات بما ينسجم مع الخطّ العام للفكر الإسلامي، وانطلاقاً من تشريعاته التي لا ينبغي إغفال أيّ منها، وهذا ما نلاحظه في استخدام مصطلح الاغتصاب بين الزوجين، في الإيماء إلى ضرورة التسوية بين كلّ حالات الاغتصاب التي يلحظ جانب الاختيار والرضا الحالي والآني، من دون ملاحظة أصل العقد، فإذا كانت العلاقة محكومةً للعقد الزوجي، فهذا يعني وجود الرضا الابتدائي. ولذا، لا يمكن تسمية أيّ علاقة داخل العقد بأنها خالية من الرّضا، لأنّ الامتناع اللاحق من دون مبرّر شرعيّ، كالحيض والمرض والضرر، لا يمكن القبول به، لأنّ امتناع الزوجة عن الاستجابة لطلب الزوج من دون مبرّر، يتعارض مع الرضا السابق، والذي يتضمن عرفاً وشرعاً أنّه لا يحقّ لها الامتناع، مع أنه يمكن تطبيق الأمر نفسه على الزوج أيضاً، إذ لا يحقّ له الامتناع عن تلبية رغبات الزوجة من دون مبرّر شرعي أيضاً، وذلك انسجاماً مع المبدأ الآنف الذّكر. ولذلك، فإننا نتحفّظ عن مثل هذه التسمية وهذا الاصطلاح، والذي يوحي بالابتعاد عن المنطلقات الإسلامية، والتي أشرنا إليها.

2- لا مانع من تدريس الثقافة الجنسية بكافة أبعادها، ولكن المشكلة قد لا تكون مرتبطة بهذا البعد وحسب، بل لا بدّ من ربط ذلك بالتربية أيضاً، لبناء الجيل على أساس المفاهيم التي ينطلق منها الإسلام، حتى يتمّ الانسجام بين النظرية والتطبيق.

3- إن إعادة النظر الفقهي في بعض المسائل والمشاكل بين الزوجين، لا بدّ من أن لا تبتعد عن المفاهيم القرآنية، والتي جعلت العلاقة الزوجية تدور بين أمرين؛ إما المعاشرة بالمعروف، وإما التسريح بإحسان. ثم بالتالي، ليس من الضروري أن نعطي المرأة مساحة كبيرة للمطالبة بالطلاق في كلّ صغيرة وكبيرة، بحيث يكون أيّ إشكال أو سوء تفاهم مدعاة لطلب الطلاق، لأنّ ذلك لا ينسجم مع كون الطلاق أبغض الحلال عند الله، ونحن نعرف أنّ الإسلام قد سمح بالطلاق، ولكن ضيّق مساحته، من خلال تقييده بالعديد من الشّروط التي تجعل منه صعباً بعض الشيء، وقد ألمحنا في السابق إلى أن بناء الحياة الزوجية على المودّة والرحمة، لا ينسجم مع الطلاق الذي ندعو إليه لأبسط مشكلة، إنّه لا بدّ وأن يكون الحلّ الذي هو آخر الدواء، لا أنه الوصفة السريعة لكلّ حالات الوجع والألم الناتج من المشاكل الزوجية.

ونحن لسنا ضدّ أن ترفع المرأة أمرها إلى الحاكم الشَّرعي في بعض الموارد، ولكن لا يعني ذلك أنّ أيّ طلاق بين الزوجين لا بدّ وأن ترفع المرأة فيه أمرها إلى الحاكم الشرعي ليطلقها، وإلا سوف تكثر عندنا قضايا الطلاق ومشاكله، وسوف يكون ذلك أشدّ فتكاً من مشاكل بعض العلاقات الزوجية الخاطئة.

*من كتاب "قضايا المرأة" / أسئلة وأجوبة.

إنَّ الإسلام جعل أساس العلاقة بين الرّجل والمرأة (الزوجين) قائمة على المودّة والرحمة، لأنّ النفس لا يمكن لها أن تسكن إلى نفس أخرى بالمعنى الذي يسمو بالطرفين، إلا من خلال المودّة والرحمة، والتي توحي بالعلاقة التبادليّة بين الطرفين {وجعلَ بينَكم مودّةً ورحمة}، وهذا لا ينسجم مع الأنانيّة في شيء أبداً. ولذلك، فإنَّ العديد من المشاكل التي تنجم بين الزّوجين، مردّها إلى عدم الوعي لمثل هذه العناوين، والتصرّف على أساس الأنانية والتفكير في الذات من دون تفكير في الآخر، وكان من الطبيعي أن يناط ذلك بالتربية، أي تربية الأفراد، للوصول إلى هذه المرتبة من الوعي والتفكير، وهذه هي النقطة الأساسية في فلسفة التشريع الإسلامي، فإنه عندما شرّع وقنّن للحياة الزوجية، انطلق من خلال هذه القاعدة، مع أنه من الممكن أن لا يكون كل الأفراد على نسق واحد، وبالتالي، فإن هناك العديد من المخالفات والابتعاد عن هذه القاعدة، وهذا أيضاً لم يغفله التشريع الإسلامي.

ومن هنا، فإننا نرى أن الفهم الخاطئ لقضايا الشريعة الإسلامية في هذا المجال، حتى من الذين يفترض بهم أن يفكروا إسلامياً لكونهم ينتمون إلى الإسلام، ينطلق من إغفال ضرورة الانسجام بين المقاصد التشريعية والأهداف الكبرى للإسلام، وفي الواقع الذي تفرضه طبيعة العلاقة بين الطرفين، وأيّ إغفال لأيّ قيمة من قيم هذه المعادلة يؤدي إلى نتائج خاطئة. وهنا، لا بد من التركيز على بعض النقاط:

1- ضرورة استخدام المفاهيم والمصطلحات بما ينسجم مع الخطّ العام للفكر الإسلامي، وانطلاقاً من تشريعاته التي لا ينبغي إغفال أيّ منها، وهذا ما نلاحظه في استخدام مصطلح الاغتصاب بين الزوجين، في الإيماء إلى ضرورة التسوية بين كلّ حالات الاغتصاب التي يلحظ جانب الاختيار والرضا الحالي والآني، من دون ملاحظة أصل العقد، فإذا كانت العلاقة محكومةً للعقد الزوجي، فهذا يعني وجود الرضا الابتدائي. ولذا، لا يمكن تسمية أيّ علاقة داخل العقد بأنها خالية من الرّضا، لأنّ الامتناع اللاحق من دون مبرّر شرعيّ، كالحيض والمرض والضرر، لا يمكن القبول به، لأنّ امتناع الزوجة عن الاستجابة لطلب الزوج من دون مبرّر، يتعارض مع الرضا السابق، والذي يتضمن عرفاً وشرعاً أنّه لا يحقّ لها الامتناع، مع أنه يمكن تطبيق الأمر نفسه على الزوج أيضاً، إذ لا يحقّ له الامتناع عن تلبية رغبات الزوجة من دون مبرّر شرعي أيضاً، وذلك انسجاماً مع المبدأ الآنف الذّكر. ولذلك، فإننا نتحفّظ عن مثل هذه التسمية وهذا الاصطلاح، والذي يوحي بالابتعاد عن المنطلقات الإسلامية، والتي أشرنا إليها.

2- لا مانع من تدريس الثقافة الجنسية بكافة أبعادها، ولكن المشكلة قد لا تكون مرتبطة بهذا البعد وحسب، بل لا بدّ من ربط ذلك بالتربية أيضاً، لبناء الجيل على أساس المفاهيم التي ينطلق منها الإسلام، حتى يتمّ الانسجام بين النظرية والتطبيق.

3- إن إعادة النظر الفقهي في بعض المسائل والمشاكل بين الزوجين، لا بدّ من أن لا تبتعد عن المفاهيم القرآنية، والتي جعلت العلاقة الزوجية تدور بين أمرين؛ إما المعاشرة بالمعروف، وإما التسريح بإحسان. ثم بالتالي، ليس من الضروري أن نعطي المرأة مساحة كبيرة للمطالبة بالطلاق في كلّ صغيرة وكبيرة، بحيث يكون أيّ إشكال أو سوء تفاهم مدعاة لطلب الطلاق، لأنّ ذلك لا ينسجم مع كون الطلاق أبغض الحلال عند الله، ونحن نعرف أنّ الإسلام قد سمح بالطلاق، ولكن ضيّق مساحته، من خلال تقييده بالعديد من الشّروط التي تجعل منه صعباً بعض الشيء، وقد ألمحنا في السابق إلى أن بناء الحياة الزوجية على المودّة والرحمة، لا ينسجم مع الطلاق الذي ندعو إليه لأبسط مشكلة، إنّه لا بدّ وأن يكون الحلّ الذي هو آخر الدواء، لا أنه الوصفة السريعة لكلّ حالات الوجع والألم الناتج من المشاكل الزوجية.

ونحن لسنا ضدّ أن ترفع المرأة أمرها إلى الحاكم الشَّرعي في بعض الموارد، ولكن لا يعني ذلك أنّ أيّ طلاق بين الزوجين لا بدّ وأن ترفع المرأة فيه أمرها إلى الحاكم الشرعي ليطلقها، وإلا سوف تكثر عندنا قضايا الطلاق ومشاكله، وسوف يكون ذلك أشدّ فتكاً من مشاكل بعض العلاقات الزوجية الخاطئة.

*من كتاب "قضايا المرأة" / أسئلة وأجوبة.

اقرأ المزيد
نسخ الآية نُسِخ!
تفسير الآية