ما هي النّظرة المحرَّمة إلى المرأة؟!

ما هي النّظرة المحرَّمة إلى المرأة؟!

عندما ندرس النصّ القرآني الذي يتعرّض إلى مسألة النظر، فإنّنا نجد أنّ الفكرة التي نستوحيها من هذا النصّ القرآنيّ، هي أنّ الله تعالى يريد للأحاسيس والمشاعر النفسيّة لدى الإنسان المؤمن تجاه الإنسانة المؤمنة، أو المؤمنة تجاه المؤمن، أن تكون المشاعر والأحاسيس طاهرة، بحيث لا توحي بأيّ نيّة سيّئة تبتعد عن الأخلاق، وتجعل الإنسان المؤمن أو الإنسانة المؤمنة في حالة طوارئ نفسيّة قد تهيّئ الأجواء لانحرافات مستقبليّة في هذه التّجربة أو غيرها، لأنّ الله يريد للإنسان أن يعيش العصمة في داخل نفسه من ناحية فكريّة، لتكون هذه العصمة وسيلةً من وسائل الوصول إلى العصمة العمليّة، لأنَّ العمل ينطلق من خلال فكرة أو شعور أو إحساس.

فنحن عندما نقرأ الآية الكريمة: {قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ}[النّور: 30]، نفهم من تعبير {أَزْكَى لَهُمْ}، أنّ الله يريد أن يجعل للإنسان الطهارة النفسية التي تتحوّل إلى طهارة عمليّة. وهكذا في قوله تعالى: {وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ}[النّور: 31]، من خلال ذلك، ومن خلال نصٍّ آخر يتّصل بطريقة المرأة في حديثها مع الرجل: {فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ}[الأحزاب: 32]، حيث نرى أنّ الله يريد للمرأة أن تتحدّث بشكلٍ طبيعي، وأنّها إذا تحدّثت بترقيق الصّوت وتغنيجه، فإنّ ذلك قد يوحي للآخرين بأنْ يتحرّكوا في الاتجاه المنحرف حيال هذه المرأة، بما يعطيه ذلك من إيحاءات للإنسان الآخر.

النظرة الخائنة!

من كلّ ذلك، نجد أنّ المطلوب في النظرة التي ينطلق فيها الرّجل إلى المرأة، أن تكون نظرة طبيعيّة، حيث لا يفكّر - وهو ينظر - بريبة، أي بمعنى أن يجعل نظرته إلى المرأة نظرة يعيش فيها أجواء الرغبة في الحرام، أو فيما أشبه ذلك بما يسمّى بــ (النظرة الخائنة)، وهذا ما تعبّر عنه الآية الكريمة: {يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ}[غافر: 19]، والدعاء الذي يقول: "اللّهمّ طهِّر لي قلبي من النفاق، وعملي من الرّياء، ولساني من الكذب، وعيني من الخيانة، فإنّك تعلم خائنة الأعين وما تُخفي الصّدور".

فالنظرة الخائنة هي النظرة التي تتحرّك من موقع شعور يختزن في داخله الخيانة الّتي هي كناية عن الرّغبة المحرّمة، والتي يحاول الإنسان من خلالها أن يتحرّك، ولو بعد حين، في الاتجاه المنحرف.

لا ريبة ولا تلذُّذ

وهكذا، نلاحظ أنّ المطلوب هو أن لا تكون النظرة نظرة تلذُّذ، بحيث يحدّق الرّجل في المرأة ليعيش الالتذاذ بجمالها، الأمر الذي قد يؤدّي إلى نتائج سلبيّة ولو بنسبة عشرة في المائة، لأنَّ هناك فرقاً بين أن ينظر إلى المرأة الجميلة نظرة لذّة، أو ينظر إلى المناظر الطبيعيّة نظرة التذاذ، فإنَّ الالتذاذ بجمال المرأة يتحرّك تلقائياً إلى الشعور الجنسي الّذي يجتذبه إلى المرأة، ما يقوده إلى نتائج سلبيّة في هذا المجال، بينما الالتذاذ بالمناظر الطبيعيّة لا يحقّق شيئاً من ذلك.

وهذا ما جعل الفقهاء يشترطون النظر فيما يجوز النظر فيه أن لا يكون نظر ريبة وتلذُّذ. وربّما يكون من الطريق الاستشهاد ببيت الشّعر الذي قاله أمير الشعراء (أحمد شوقي):

نظرةٌ فابتسامةٌ فكلامٌ      فسلامٌ فموعدٌ فلقاءُ

ويقصد بها النظرة التي تتحرّك من أجل التخطيط لما بعدها، وهذه هي نظرة الرّيبة أو التبدّل، وربّما نستطيع أن نفهم ذلك من الحديث المرويّ: "النظرة الأولى لك والثانية عليك". فعادةً، تكون النظرة الأولى طبيعيّة طارئة، ولكنّها عندما تجتذب نظرة ثانية وثالثة، فمعنى ذلك أنّ شيئاً وجد في النّفس يمكن أن يدفع الإنسان إلى النظر المتكرِّر بشعورٍ آخر.

وهكذا، نستوحي من الآية التي تحدّثت عن طريقة إطلاق المرأة للصوت، أنَّ الإسلام لا يريد من خلال تصرّفات المرأة مع الرّجل أن تنعكس سلباً على المسألة الأخلاقيّة، فكما أنّ على المرأة أن لا تتحرّك بطريقة وبأخرى لتوحي للرّجل الذي في قلبه مرض، فكذلك على الرّجل أن لا ينظر إلى المرأة لكي لا يحدث في قلبه مرض.

نفهم من هذا، أنّ على الإنسان أن لا يكون في قلبه مرض، وكلمة (مرض) كناية عن النّوايا السيّئة، وأنّ الله لا يريد للإنسان أن يعيش النيّة السيّئة، ولا يريد تهيئة الأجواء لتشجيع صاحب النيّة السيّئة. وبالنتيجة، فإنّ النظرة التي تقود بطبيعتها إلى الخيانة، هي النظرة المحرّمة في الإسلام.

*من كتاب "دنيا الشّباب".

عندما ندرس النصّ القرآني الذي يتعرّض إلى مسألة النظر، فإنّنا نجد أنّ الفكرة التي نستوحيها من هذا النصّ القرآنيّ، هي أنّ الله تعالى يريد للأحاسيس والمشاعر النفسيّة لدى الإنسان المؤمن تجاه الإنسانة المؤمنة، أو المؤمنة تجاه المؤمن، أن تكون المشاعر والأحاسيس طاهرة، بحيث لا توحي بأيّ نيّة سيّئة تبتعد عن الأخلاق، وتجعل الإنسان المؤمن أو الإنسانة المؤمنة في حالة طوارئ نفسيّة قد تهيّئ الأجواء لانحرافات مستقبليّة في هذه التّجربة أو غيرها، لأنّ الله يريد للإنسان أن يعيش العصمة في داخل نفسه من ناحية فكريّة، لتكون هذه العصمة وسيلةً من وسائل الوصول إلى العصمة العمليّة، لأنَّ العمل ينطلق من خلال فكرة أو شعور أو إحساس.

فنحن عندما نقرأ الآية الكريمة: {قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ}[النّور: 30]، نفهم من تعبير {أَزْكَى لَهُمْ}، أنّ الله يريد أن يجعل للإنسان الطهارة النفسية التي تتحوّل إلى طهارة عمليّة. وهكذا في قوله تعالى: {وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ}[النّور: 31]، من خلال ذلك، ومن خلال نصٍّ آخر يتّصل بطريقة المرأة في حديثها مع الرجل: {فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ}[الأحزاب: 32]، حيث نرى أنّ الله يريد للمرأة أن تتحدّث بشكلٍ طبيعي، وأنّها إذا تحدّثت بترقيق الصّوت وتغنيجه، فإنّ ذلك قد يوحي للآخرين بأنْ يتحرّكوا في الاتجاه المنحرف حيال هذه المرأة، بما يعطيه ذلك من إيحاءات للإنسان الآخر.

النظرة الخائنة!

من كلّ ذلك، نجد أنّ المطلوب في النظرة التي ينطلق فيها الرّجل إلى المرأة، أن تكون نظرة طبيعيّة، حيث لا يفكّر - وهو ينظر - بريبة، أي بمعنى أن يجعل نظرته إلى المرأة نظرة يعيش فيها أجواء الرغبة في الحرام، أو فيما أشبه ذلك بما يسمّى بــ (النظرة الخائنة)، وهذا ما تعبّر عنه الآية الكريمة: {يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ}[غافر: 19]، والدعاء الذي يقول: "اللّهمّ طهِّر لي قلبي من النفاق، وعملي من الرّياء، ولساني من الكذب، وعيني من الخيانة، فإنّك تعلم خائنة الأعين وما تُخفي الصّدور".

فالنظرة الخائنة هي النظرة التي تتحرّك من موقع شعور يختزن في داخله الخيانة الّتي هي كناية عن الرّغبة المحرّمة، والتي يحاول الإنسان من خلالها أن يتحرّك، ولو بعد حين، في الاتجاه المنحرف.

لا ريبة ولا تلذُّذ

وهكذا، نلاحظ أنّ المطلوب هو أن لا تكون النظرة نظرة تلذُّذ، بحيث يحدّق الرّجل في المرأة ليعيش الالتذاذ بجمالها، الأمر الذي قد يؤدّي إلى نتائج سلبيّة ولو بنسبة عشرة في المائة، لأنَّ هناك فرقاً بين أن ينظر إلى المرأة الجميلة نظرة لذّة، أو ينظر إلى المناظر الطبيعيّة نظرة التذاذ، فإنَّ الالتذاذ بجمال المرأة يتحرّك تلقائياً إلى الشعور الجنسي الّذي يجتذبه إلى المرأة، ما يقوده إلى نتائج سلبيّة في هذا المجال، بينما الالتذاذ بالمناظر الطبيعيّة لا يحقّق شيئاً من ذلك.

وهذا ما جعل الفقهاء يشترطون النظر فيما يجوز النظر فيه أن لا يكون نظر ريبة وتلذُّذ. وربّما يكون من الطريق الاستشهاد ببيت الشّعر الذي قاله أمير الشعراء (أحمد شوقي):

نظرةٌ فابتسامةٌ فكلامٌ      فسلامٌ فموعدٌ فلقاءُ

ويقصد بها النظرة التي تتحرّك من أجل التخطيط لما بعدها، وهذه هي نظرة الرّيبة أو التبدّل، وربّما نستطيع أن نفهم ذلك من الحديث المرويّ: "النظرة الأولى لك والثانية عليك". فعادةً، تكون النظرة الأولى طبيعيّة طارئة، ولكنّها عندما تجتذب نظرة ثانية وثالثة، فمعنى ذلك أنّ شيئاً وجد في النّفس يمكن أن يدفع الإنسان إلى النظر المتكرِّر بشعورٍ آخر.

وهكذا، نستوحي من الآية التي تحدّثت عن طريقة إطلاق المرأة للصوت، أنَّ الإسلام لا يريد من خلال تصرّفات المرأة مع الرّجل أن تنعكس سلباً على المسألة الأخلاقيّة، فكما أنّ على المرأة أن لا تتحرّك بطريقة وبأخرى لتوحي للرّجل الذي في قلبه مرض، فكذلك على الرّجل أن لا ينظر إلى المرأة لكي لا يحدث في قلبه مرض.

نفهم من هذا، أنّ على الإنسان أن لا يكون في قلبه مرض، وكلمة (مرض) كناية عن النّوايا السيّئة، وأنّ الله لا يريد للإنسان أن يعيش النيّة السيّئة، ولا يريد تهيئة الأجواء لتشجيع صاحب النيّة السيّئة. وبالنتيجة، فإنّ النظرة التي تقود بطبيعتها إلى الخيانة، هي النظرة المحرّمة في الإسلام.

*من كتاب "دنيا الشّباب".

اقرأ المزيد
نسخ الآية نُسِخ!
تفسير الآية