من الطبيعيّ أن تكون للحرّية حدودها الأخلاقيّة من خلال الفلسفة الإنسانيّة في عمق المصلحة العامّة للإنسان.
فهناك الفلسفة الماديّة التي تتحدّث عن الحرّية الفرديّة بطريقةٍ تشبه المطلق، فلا تضع لها حدوداً إلا في المدى الذي تتحوّل فيه إلى حالةٍ عدوانيّة ضدّ الآخر، فللإنسان الذّكر والأنثى، الحقّ في ممارسة حرّيته في حدود حياته الشخصيّة، من دون حدود خاصّة مفروضة عليه من جهةٍ عليا ـــ أيّاً كانت طبيعتها ــــ إلا في نطاق النظام العام الذي يفرضه القانون المدنيّ، في حدود الحريّات العامّة.
ولكنَّ بعض النّاس ـــ من الخاضعين لهذه الفلسفة ـــ قد ينتقدون واضعي القانون في فرض هذه القيود، لأنّها ترهق الإنسان، وتصادر إنسانيَّته.
وقد يجمع الخيالُ ببعض الشّعراء في استغراقهم في الذّات في أجواء المطلق، فلا يجدون أيّ عذرٍ لتقييد الحركة، تماماً كما هي الحال عندما نفكّر بحبس الهواء الذي يتنفّسه النّاس، أو الضوء الذي تشرق به الحياة...! حتّى إِنّ هؤلاء قد يجدون في القانون تهديداً للحريّة، بحيث يفكّرون في أنّ على الحياة ألا تخضع للقانون في المطلق.
وهناك الفلسفة الدينيّة التي تضع الإنسان في صورته الطبيعيّة الواقعيّة، فهو مخلوق لله بكلّ وجوده وبكلّ طاقاته، وهو جزء من الكون من حيث طبيعة التّفاعل العضويّ بينه وبين مفرداته التكوينيّة والاجتماعيّة، فهو عنصر فاعلٌ في الحياة ومنفعل بها، لا يملك أن ينفصل عنها، كما لا تملك الانفصال عنه في ساحة الوجود الحيّ في داخله وفي ساحاتها، ولذلك، فإنّ حركته جزءٌ من حركة النظام الكونيّ.
وهو ـــ من خلال ذلك ـــ عبد الله، خاضع لأوامره ونواهيه التي لن تكون ضدّ مصلحته الفرديّة والجماعيّة في مستوى إنسانيّته، لأنّها جزءٌ من نظام التّوازن الذي أقام الله عليه الحياة، وأراد للإنسان أن يطبّقه على نفسه وعلى الكون من حوله. وهكذا، كان النّظام الأخلاقيّ خطاً طويلاً ممتداً في كلّ مفاصل وجوده، وفي كلّ دروبه المنفتحة على الله وعلى الإنسان، وفي الآفاق المنفتحة على حاجاته الجسديّة والروحيّة، باعتباره مزيجاً من الرّوح والمادة في سرّ وجوده العميق.
وهكذا كانت المسألة الأخلاقيّة هي التي تنظِّم له حركة حرّيته، لتوازن له حياته العامّة والخاصّة، فليست القضيّة قضيّة مزاج ذاتيّ، ولا خيالات ضائعة في المطلق، بل هي قضيّة واقعٍ محدود بحدود المصلحة العليا التي حدّدها خالق الإنسان للإنسان.
وبذلك، لن تكون هذه الحدود الموضوعة للحريّة حالة مأساويّة للإنسان الخاضع لها، لأنّ المأساة ليست مجرّد حالة شعوريّة في الإحساس، بل هي حالة عمليّة في الواقع، فهي مسألة نسبيّة في الحياة، فلا بدّ للإنسان من أن يعاني مثل هذه الأحاسيس الذاتيّة المأساويّة عندما تصطدم حرّيته بحريّة الآخرين، فلا مشكلة ـــ من هذه الجهة ـــ عندما تعيش حالة التّصادم بين الجانب الفردي والاجتماعيّ في المسألة الأخلاقيّة التي هي سرّ مصلحة الإنسان.
*من كتاب "تأمّلات إسلاميّة حول المرأة".

من الطبيعيّ أن تكون للحرّية حدودها الأخلاقيّة من خلال الفلسفة الإنسانيّة في عمق المصلحة العامّة للإنسان.
فهناك الفلسفة الماديّة التي تتحدّث عن الحرّية الفرديّة بطريقةٍ تشبه المطلق، فلا تضع لها حدوداً إلا في المدى الذي تتحوّل فيه إلى حالةٍ عدوانيّة ضدّ الآخر، فللإنسان الذّكر والأنثى، الحقّ في ممارسة حرّيته في حدود حياته الشخصيّة، من دون حدود خاصّة مفروضة عليه من جهةٍ عليا ـــ أيّاً كانت طبيعتها ــــ إلا في نطاق النظام العام الذي يفرضه القانون المدنيّ، في حدود الحريّات العامّة.
ولكنَّ بعض النّاس ـــ من الخاضعين لهذه الفلسفة ـــ قد ينتقدون واضعي القانون في فرض هذه القيود، لأنّها ترهق الإنسان، وتصادر إنسانيَّته.
وقد يجمع الخيالُ ببعض الشّعراء في استغراقهم في الذّات في أجواء المطلق، فلا يجدون أيّ عذرٍ لتقييد الحركة، تماماً كما هي الحال عندما نفكّر بحبس الهواء الذي يتنفّسه النّاس، أو الضوء الذي تشرق به الحياة...! حتّى إِنّ هؤلاء قد يجدون في القانون تهديداً للحريّة، بحيث يفكّرون في أنّ على الحياة ألا تخضع للقانون في المطلق.
وهناك الفلسفة الدينيّة التي تضع الإنسان في صورته الطبيعيّة الواقعيّة، فهو مخلوق لله بكلّ وجوده وبكلّ طاقاته، وهو جزء من الكون من حيث طبيعة التّفاعل العضويّ بينه وبين مفرداته التكوينيّة والاجتماعيّة، فهو عنصر فاعلٌ في الحياة ومنفعل بها، لا يملك أن ينفصل عنها، كما لا تملك الانفصال عنه في ساحة الوجود الحيّ في داخله وفي ساحاتها، ولذلك، فإنّ حركته جزءٌ من حركة النظام الكونيّ.
وهو ـــ من خلال ذلك ـــ عبد الله، خاضع لأوامره ونواهيه التي لن تكون ضدّ مصلحته الفرديّة والجماعيّة في مستوى إنسانيّته، لأنّها جزءٌ من نظام التّوازن الذي أقام الله عليه الحياة، وأراد للإنسان أن يطبّقه على نفسه وعلى الكون من حوله. وهكذا، كان النّظام الأخلاقيّ خطاً طويلاً ممتداً في كلّ مفاصل وجوده، وفي كلّ دروبه المنفتحة على الله وعلى الإنسان، وفي الآفاق المنفتحة على حاجاته الجسديّة والروحيّة، باعتباره مزيجاً من الرّوح والمادة في سرّ وجوده العميق.
وهكذا كانت المسألة الأخلاقيّة هي التي تنظِّم له حركة حرّيته، لتوازن له حياته العامّة والخاصّة، فليست القضيّة قضيّة مزاج ذاتيّ، ولا خيالات ضائعة في المطلق، بل هي قضيّة واقعٍ محدود بحدود المصلحة العليا التي حدّدها خالق الإنسان للإنسان.
وبذلك، لن تكون هذه الحدود الموضوعة للحريّة حالة مأساويّة للإنسان الخاضع لها، لأنّ المأساة ليست مجرّد حالة شعوريّة في الإحساس، بل هي حالة عمليّة في الواقع، فهي مسألة نسبيّة في الحياة، فلا بدّ للإنسان من أن يعاني مثل هذه الأحاسيس الذاتيّة المأساويّة عندما تصطدم حرّيته بحريّة الآخرين، فلا مشكلة ـــ من هذه الجهة ـــ عندما تعيش حالة التّصادم بين الجانب الفردي والاجتماعيّ في المسألة الأخلاقيّة التي هي سرّ مصلحة الإنسان.
*من كتاب "تأمّلات إسلاميّة حول المرأة".