نسمع كثيراً اليوم بمصطلح "العزوف عن الزواج"، وإذا ما دقّقنا النظر في خلفيّاته وأسبابه، نراها في نسبة كبيرة منها اقتصاديّة وماديّة، فكثيرون من الشباب يودّون الاستقرار وبناء أسرة، وعيش رغبتهم الطبيعية بالزّواج، وألا تطول فترة الخطوبة أو العلاقة لسنوات دونما حلّ لجهة تأمين سكن أو عمل، مع ما يترتّب على ذلك من مساوئ نفسيّة واجتماعيّة خطيرة على بنيان المجتمع عموماً، والعائق الأساس والكبير اليوم أمام الشّباب والشابّات، هو في كيفيّة الحصول على بيت أو شقّة بسبب ارتفاع الأسعار إلى درجة يعجزون عن تحمّلها، ويصبح حلم تملك البيت أمراً مستحيلاً إن لم يكن خياليّاً، وهو ما يرهق الشّباب نفسيّاً، ويجعلهم في حالة تخبّط وعدم استقرار.
أما انعكاساته الاجتماعيّة فمباشرة، فقد ارتفعت وترتفع معدّلات تأخّر سنّ الزّواج، ففي المجتمعات العربيّة، أضحت سنّ زواج الفتيات أكثر من 26 سنة، والشبّان إلى أكثر من 31 سنة، بينما كانت معدّلات الزّواج في فترات سابقة تصل إلى 17 سنة للفتيات و21 سنة للشباب، ويبدي بعض الشابّات والشّباب امتعاضهم من الكلام الكثير والجارح من محيطهم حول العنوسة وتأخّر سنّ الزّواج والإنجاب ، وكثرة الأسئلة التي يتعرّضون لها، ما يسبّب لهم الإحراج ويزيد من معاناتهم النفسيّة.
وكثيرات يشكين حالهنّ نتيجة إقلاع قطار الزّواج بدونهنّ، فالفترة الطبيعية لزواجهن وإنجابهن قد ولّت منذ زمن، كما ويشكو العديد من الشباب من تأخّرهم عن الإنجاب، وما يعنيه ذلك من فروقات زمنيّة تترتّب على العلاقة بينهم وبين أطفالهم المستقبليّين، فلم يعد لكلّ هؤلاء من أمل في انفراج أزمتهم، فهي تتعقّد يوماً بعد يوم، في ظلّ ما تشهده الاقتصادات المحلّية والاقتصاد العالميّ عموماً، من تراجع وأزمات لا حصر لها ، فهم يدفعون ضريبة كلّ ذلك من أعمارهم وصحتهم النفسيّة والجسديّة.
ويشير الباحثون الاجتماعيّون إلى أنّ تأخّر سنّ الزّواج سببه ارتفاع نسبة البطالة، وتقلّص فرص العمل، وارتفاع أسعار الشّقق والمنازل، وهو ما يجبر الشباب على العزوف عن الزّواج ريثما تتحسّن الأحوال.
فالشباب في قلب تعقيدات الحياة، ينتظرون شهاداتهم العليا للحصول ربما على وظيفة مناسبة بمعاش لائق، كذلك تأمين سكن مقبول بالحدّ الأدنى قبل التّفكير في الزواج، ونسبة قليلة تعتبر أنّ على المرء أن يقدم على الزّواج بغضّ النّظر عن الظّروف المعقّدة، ولسان حالهم "الله كريم، ربّك يرزق".
بطالة وارتفاع أسعار العقارات وغلاء المعيشة، عوامل اجتمعت وساهمت إلى حدّ بعيد في عزوف الكثير من الشّباب عن الزّواج، ودفع نسبة كبيرة منهم للتّخطيط والعمل على الهجرة، حيث يعتبرون أنّ الهجرة مهما كانت قاسية عليهم، فلن تكون أقسى من الظّروف الّتي يعانونها في أوطانهم.
هذه مشكلة واقعيّة لا أحد يستطيع تجاهلها أو إنكارها ، وبالتّالي يتساءل المرء عن غياب المعالجات من قبل من يعنيه بقاء المجتمع محصّناً قويّاً، فالشّباب اليوم بآمالهم وطموحاتهم، هم سرّ نجاح المجتمع وتقدّمه وبقائه، وبهم يتحدّد مستوى وجوده ودوره وإنتاجه، لذا فالاهتمام بالحدّ الأدنى بالتّخفيف عن كاهل هؤلاء أصبح أمراً ضروريّاً وملحّاً، عبر إطلاق مشاريع تنمويّة وعمرانيّة تدعم وجود الشّباب في أرضهم ومناطقهم، وتساعدهم على الزّواج المبكر، مع ما يعنيه ذلك من إيجابيّة تنعكس على الصّالح العام، وتخفّف من كثير من المشاكل الّتي تعصف بالحياة من هنا وهناك.
فهل من يسمع ويهتمّ ويعمل من أجل حلّ هذه الأزمة، أم أنّها أكبر من كلّ المعالجات، وقدر الشّباب أن يبقوا ضحيّة الوضع القائم؟!
إن الآراء الواردة في هذا المقال لا تعبِّر بالضرورة عن رأي الموقع ، وإنما عن رأي صاحبه .

نسمع كثيراً اليوم بمصطلح "العزوف عن الزواج"، وإذا ما دقّقنا النظر في خلفيّاته وأسبابه، نراها في نسبة كبيرة منها اقتصاديّة وماديّة، فكثيرون من الشباب يودّون الاستقرار وبناء أسرة، وعيش رغبتهم الطبيعية بالزّواج، وألا تطول فترة الخطوبة أو العلاقة لسنوات دونما حلّ لجهة تأمين سكن أو عمل، مع ما يترتّب على ذلك من مساوئ نفسيّة واجتماعيّة خطيرة على بنيان المجتمع عموماً، والعائق الأساس والكبير اليوم أمام الشّباب والشابّات، هو في كيفيّة الحصول على بيت أو شقّة بسبب ارتفاع الأسعار إلى درجة يعجزون عن تحمّلها، ويصبح حلم تملك البيت أمراً مستحيلاً إن لم يكن خياليّاً، وهو ما يرهق الشّباب نفسيّاً، ويجعلهم في حالة تخبّط وعدم استقرار.
أما انعكاساته الاجتماعيّة فمباشرة، فقد ارتفعت وترتفع معدّلات تأخّر سنّ الزّواج، ففي المجتمعات العربيّة، أضحت سنّ زواج الفتيات أكثر من 26 سنة، والشبّان إلى أكثر من 31 سنة، بينما كانت معدّلات الزّواج في فترات سابقة تصل إلى 17 سنة للفتيات و21 سنة للشباب، ويبدي بعض الشابّات والشّباب امتعاضهم من الكلام الكثير والجارح من محيطهم حول العنوسة وتأخّر سنّ الزّواج والإنجاب ، وكثرة الأسئلة التي يتعرّضون لها، ما يسبّب لهم الإحراج ويزيد من معاناتهم النفسيّة.
وكثيرات يشكين حالهنّ نتيجة إقلاع قطار الزّواج بدونهنّ، فالفترة الطبيعية لزواجهن وإنجابهن قد ولّت منذ زمن، كما ويشكو العديد من الشباب من تأخّرهم عن الإنجاب، وما يعنيه ذلك من فروقات زمنيّة تترتّب على العلاقة بينهم وبين أطفالهم المستقبليّين، فلم يعد لكلّ هؤلاء من أمل في انفراج أزمتهم، فهي تتعقّد يوماً بعد يوم، في ظلّ ما تشهده الاقتصادات المحلّية والاقتصاد العالميّ عموماً، من تراجع وأزمات لا حصر لها ، فهم يدفعون ضريبة كلّ ذلك من أعمارهم وصحتهم النفسيّة والجسديّة.
ويشير الباحثون الاجتماعيّون إلى أنّ تأخّر سنّ الزّواج سببه ارتفاع نسبة البطالة، وتقلّص فرص العمل، وارتفاع أسعار الشّقق والمنازل، وهو ما يجبر الشباب على العزوف عن الزّواج ريثما تتحسّن الأحوال.
فالشباب في قلب تعقيدات الحياة، ينتظرون شهاداتهم العليا للحصول ربما على وظيفة مناسبة بمعاش لائق، كذلك تأمين سكن مقبول بالحدّ الأدنى قبل التّفكير في الزواج، ونسبة قليلة تعتبر أنّ على المرء أن يقدم على الزّواج بغضّ النّظر عن الظّروف المعقّدة، ولسان حالهم "الله كريم، ربّك يرزق".
بطالة وارتفاع أسعار العقارات وغلاء المعيشة، عوامل اجتمعت وساهمت إلى حدّ بعيد في عزوف الكثير من الشّباب عن الزّواج، ودفع نسبة كبيرة منهم للتّخطيط والعمل على الهجرة، حيث يعتبرون أنّ الهجرة مهما كانت قاسية عليهم، فلن تكون أقسى من الظّروف الّتي يعانونها في أوطانهم.
هذه مشكلة واقعيّة لا أحد يستطيع تجاهلها أو إنكارها ، وبالتّالي يتساءل المرء عن غياب المعالجات من قبل من يعنيه بقاء المجتمع محصّناً قويّاً، فالشّباب اليوم بآمالهم وطموحاتهم، هم سرّ نجاح المجتمع وتقدّمه وبقائه، وبهم يتحدّد مستوى وجوده ودوره وإنتاجه، لذا فالاهتمام بالحدّ الأدنى بالتّخفيف عن كاهل هؤلاء أصبح أمراً ضروريّاً وملحّاً، عبر إطلاق مشاريع تنمويّة وعمرانيّة تدعم وجود الشّباب في أرضهم ومناطقهم، وتساعدهم على الزّواج المبكر، مع ما يعنيه ذلك من إيجابيّة تنعكس على الصّالح العام، وتخفّف من كثير من المشاكل الّتي تعصف بالحياة من هنا وهناك.
فهل من يسمع ويهتمّ ويعمل من أجل حلّ هذه الأزمة، أم أنّها أكبر من كلّ المعالجات، وقدر الشّباب أن يبقوا ضحيّة الوضع القائم؟!
إن الآراء الواردة في هذا المقال لا تعبِّر بالضرورة عن رأي الموقع ، وإنما عن رأي صاحبه .