كتابات
10/07/2015

المرجع فضل الله(رض): الصَّوم هو عن كلِّ ما يُفسد طهارة الإنسان

المرجع فضل الله(رض): الصَّوم هو عن كلِّ ما يُفسد طهارة الإنسان

ويكمل الإمام عليّ بن الحسين(ع) دعاءه في وداع الشَّهر الكريم: "وقد أقام فينا هذا الشّهر مقام حَمْدٍ، وصحبنا صحبة مبرورٍ، وأربحنا أفضل أرباح العالمين، ثم قد فارقنا عند تمام وقته، وانقطاع مدَّته، ووفاء عدده، فنحن مودّعوه وداع مَنْ عزَّ فراقُهُ علينا، وغمَّنا وأوحشنا انصرافه عنَّا، ولزمنا له الذّمام المحفوظ، والحُرمَةُ المرعيّة، والحقّ المقضي".

هنا، يأتي الدّعاء في سياق وداع الشّهر الفضيل، بعدما كان صاحباً ودوداً للمؤمن، يجلب له البركات والخيرات والرّحمة التي لا تنقطع، بحيث يفتح له كلَّ الأبواب كي يعود إلى ربّه، ويتلمَّس ما عنده من فضلٍ وخيرٍ، فهو ـ شهر رمضان المبارك ـ فرصة زمنيَّة لها خصوصيَّة مميَّزة عن باقي الشّهور، بما جعله الله من أقدس الأوقات الّتي ينبغي للعبد أن يقتنصها، وأن لا يضيِّع أجرها وبركاتها، بل أن يقبل عليها بكلِّ همّةٍ ووعيٍ ومسؤوليّة، فالفرصة لا تتكرَّر، وقد يأتي الشَّهر الفضيل في العام التّالي، والإنسان قد انقضى أجله قبل ذلك.

المؤمن هو من يعيش فعلاً أجواء هذا الشَّهر الروحيَّة والأخلاقيّة والعباديّة، فهو يعيش الحمد لله كأروع ما يكون الحمد، إذ يعلم ما لله تعالى عليه من حقوق، فيحمد الله تعالى على ما أعطاه من نعمة الوجود، ويشكر الله على ما كسبه من الحسنات، وفعله من البرّ والخيرات في هذا الشَّهر، حيث الأجر مضاعف، ويحمد الله تعالى على ما سمت فيه روحه، وسمت فيه أخلاقه، وتحركت في أجواء الإيمان، ويحمد الله على ما تحرَّك فيه من استقامةٍ في القول، فلم يقل إلا خيراً، ولم يلهج لسانه إلا فيما ينفع النّاس ويقرّب بين قلوبهم بمشاعر الودّ والرّحمة، ويبتعد عن كلِّ أذى وفتنة، ويحمد الله على التزامه بحدود الله وعدم تجاوزه لها، فهو الفرِح بذلك، فالفرح الحقيقيّ لديه، هو ما يجعله قريباً أكثر من الله تعالى، حيث النيّات الصّادقة، والأقوال والأفعال المخلصة في توحيدها لله وعبادتها له.

إنَّ المؤمن يكون مسروراً في هذا الشَّهر باكتساب الحسنات والابتعاد عن السيّئات، ولا سيّما إذ انعكس ذلك تهذيباً أكثر لمشاعر المحبّة والرّحمة لديه، فانطلق في محيطه ومجتمعه ينشر من عقله وعياً، ومن عاطفته محبّةً، ومن قلبه مواساةً ورحمةً.

وعن صحبة الشَّهر، وفي سياق ما تقدَّم، يقول المرجع السيّد محمد حسين فضل الله(رض): "عاش هذا الشَّهر في حياتنا كأفضل ما يعيشه زمنٌ مباركٌ في ما يمنحه من البركة لكلِّ النّاس الّذين يعيشون فيه، من خلال الفرص التي يوفِّرها لهم في طاعة الله، والحصول على مغفرته ورضوانه، ومن خلال الأجواء الروحيَّة الّتي يثيرها في أجواء النَّاس الّذين يتحركون فيه.. وعشنا معه في حمدٍ وخيرٍ وسرور، وحصلنا على أفضل الأرباح على مستوى النّتائج الدنيويَّة والأخرويَّة، على أساس ما حصلنا عليه من عمقٍ في الرّوح، وسموٍّ في الأخلاق، واستقامةٍ في الخطى، وامتدادٍ في الالتزام بأوامر الله ونواهيه، وصومٍ عن كلّ ما يفسد الرّوح ويُسيء إلى طهارة الإنسان في نيّاته وأقواله وأفعاله..

ثم مضى وفارقنا كمرحلةٍ زمنيَّةٍ من أفضل مراحلنا، كما يمضي الزّمن في النّظام الكونيّ الّذي يطوي كائناً حيّاً يفتح معنا أفضل العلاقات، وتبقى لنا ـ بعد فراقه ـ أفضل الذّكريات، لنودّعه بأعذب الكلمات وأحرِّ المشاعر، ليكون التّفاعل بيننا وبين شهر الله هذا، في المستوى الّذي ينطلق فيه من الله ليتَّصل بكلّ شيء ينتسب إليه ويرتبط به، أكان زماناً أم مكاناً، إنساناً أم كتاباً من كتب الله، أم شِرعةً من شرائعه، أم خطّاً من خطوطه التي أراد لعباده أن يسيروا فيها".[كتاب: شهر رمضان رحلة الإنسان إلى الله، ص 76].

فلنحرص ونحن المنتسبون إلى الإسلام، على أن نودِّع هذا الشّهر الفضيل ونحن بأحسن حالٍ على الصّعد كافة؛ بأحسن حالٍ أخلاقيّاً، فنحسّن في أخلاقيّاتنا العامَّة، وأحسن حالٍ على مستوى العلاقات والرّوابط، فنصل أرحامنا، ونتفقَّد جيراننا، ونُحسِن إلى النّاس، ونقوّي أواصر التعارف والتعاون بيننا، وأحسن حال روحيّاً، فننفتح على آفاق الإيمان والسّلام، وأحسن حال شعوريّاً، فلا نحمل في قلوبنا ومشاعرنا سوى المحبّة والرّحمة للآخرين، وأحسن حال نفسيّاً، فنعمل على التخلّص من كلّ ما يسيء إلى طهارتنا وعفَّتنا من أحقاد وضغائن وعصبيّات وعُقَد ومزاجيّات وانحرافات، وأحسن حال عقلاً ووعياً، فلا نقبل إلا ما يغذِّي عقولنا من الفكر المفيد المستقيم والنّافع الّذي يثبّت إيماننا، ويزيدنا قوّةً إلى قوّتنا.

إنَّ التَّفاعل مع هذا الشَّهر وبركاته مع اقتراب نهايته الزمنيَّة هامّة لنا، كي نستزيد من الحسنات والبركات، ونخرج منه وقد ربحنا أنفسنا، وربحنا العلاقة الوطيدة مع الله ومع النّاس من حولنا، فالفرصة متاحة أمام الجميع كي يتفاعلوا مع بركات هذا الشَّهر الكريم، وهو يدعونا على الدّوام كي نقبل عليه وقد طهَّرنا نفوسنا وأرواحنا، فهو شهر الطّهارة والنّظافة من كلّ القذارات الأخلاقيَّة والسلوكيَّة.

*إنَّ الآراء الواردة في هذا المقال، لا تعبِّر بالضَّرورة عن رأي الموقع، وإنَّما عن وجهة نظر صاحبها.

ويكمل الإمام عليّ بن الحسين(ع) دعاءه في وداع الشَّهر الكريم: "وقد أقام فينا هذا الشّهر مقام حَمْدٍ، وصحبنا صحبة مبرورٍ، وأربحنا أفضل أرباح العالمين، ثم قد فارقنا عند تمام وقته، وانقطاع مدَّته، ووفاء عدده، فنحن مودّعوه وداع مَنْ عزَّ فراقُهُ علينا، وغمَّنا وأوحشنا انصرافه عنَّا، ولزمنا له الذّمام المحفوظ، والحُرمَةُ المرعيّة، والحقّ المقضي".

هنا، يأتي الدّعاء في سياق وداع الشّهر الفضيل، بعدما كان صاحباً ودوداً للمؤمن، يجلب له البركات والخيرات والرّحمة التي لا تنقطع، بحيث يفتح له كلَّ الأبواب كي يعود إلى ربّه، ويتلمَّس ما عنده من فضلٍ وخيرٍ، فهو ـ شهر رمضان المبارك ـ فرصة زمنيَّة لها خصوصيَّة مميَّزة عن باقي الشّهور، بما جعله الله من أقدس الأوقات الّتي ينبغي للعبد أن يقتنصها، وأن لا يضيِّع أجرها وبركاتها، بل أن يقبل عليها بكلِّ همّةٍ ووعيٍ ومسؤوليّة، فالفرصة لا تتكرَّر، وقد يأتي الشَّهر الفضيل في العام التّالي، والإنسان قد انقضى أجله قبل ذلك.

المؤمن هو من يعيش فعلاً أجواء هذا الشَّهر الروحيَّة والأخلاقيّة والعباديّة، فهو يعيش الحمد لله كأروع ما يكون الحمد، إذ يعلم ما لله تعالى عليه من حقوق، فيحمد الله تعالى على ما أعطاه من نعمة الوجود، ويشكر الله على ما كسبه من الحسنات، وفعله من البرّ والخيرات في هذا الشَّهر، حيث الأجر مضاعف، ويحمد الله تعالى على ما سمت فيه روحه، وسمت فيه أخلاقه، وتحركت في أجواء الإيمان، ويحمد الله على ما تحرَّك فيه من استقامةٍ في القول، فلم يقل إلا خيراً، ولم يلهج لسانه إلا فيما ينفع النّاس ويقرّب بين قلوبهم بمشاعر الودّ والرّحمة، ويبتعد عن كلِّ أذى وفتنة، ويحمد الله على التزامه بحدود الله وعدم تجاوزه لها، فهو الفرِح بذلك، فالفرح الحقيقيّ لديه، هو ما يجعله قريباً أكثر من الله تعالى، حيث النيّات الصّادقة، والأقوال والأفعال المخلصة في توحيدها لله وعبادتها له.

إنَّ المؤمن يكون مسروراً في هذا الشَّهر باكتساب الحسنات والابتعاد عن السيّئات، ولا سيّما إذ انعكس ذلك تهذيباً أكثر لمشاعر المحبّة والرّحمة لديه، فانطلق في محيطه ومجتمعه ينشر من عقله وعياً، ومن عاطفته محبّةً، ومن قلبه مواساةً ورحمةً.

وعن صحبة الشَّهر، وفي سياق ما تقدَّم، يقول المرجع السيّد محمد حسين فضل الله(رض): "عاش هذا الشَّهر في حياتنا كأفضل ما يعيشه زمنٌ مباركٌ في ما يمنحه من البركة لكلِّ النّاس الّذين يعيشون فيه، من خلال الفرص التي يوفِّرها لهم في طاعة الله، والحصول على مغفرته ورضوانه، ومن خلال الأجواء الروحيَّة الّتي يثيرها في أجواء النَّاس الّذين يتحركون فيه.. وعشنا معه في حمدٍ وخيرٍ وسرور، وحصلنا على أفضل الأرباح على مستوى النّتائج الدنيويَّة والأخرويَّة، على أساس ما حصلنا عليه من عمقٍ في الرّوح، وسموٍّ في الأخلاق، واستقامةٍ في الخطى، وامتدادٍ في الالتزام بأوامر الله ونواهيه، وصومٍ عن كلّ ما يفسد الرّوح ويُسيء إلى طهارة الإنسان في نيّاته وأقواله وأفعاله..

ثم مضى وفارقنا كمرحلةٍ زمنيَّةٍ من أفضل مراحلنا، كما يمضي الزّمن في النّظام الكونيّ الّذي يطوي كائناً حيّاً يفتح معنا أفضل العلاقات، وتبقى لنا ـ بعد فراقه ـ أفضل الذّكريات، لنودّعه بأعذب الكلمات وأحرِّ المشاعر، ليكون التّفاعل بيننا وبين شهر الله هذا، في المستوى الّذي ينطلق فيه من الله ليتَّصل بكلّ شيء ينتسب إليه ويرتبط به، أكان زماناً أم مكاناً، إنساناً أم كتاباً من كتب الله، أم شِرعةً من شرائعه، أم خطّاً من خطوطه التي أراد لعباده أن يسيروا فيها".[كتاب: شهر رمضان رحلة الإنسان إلى الله، ص 76].

فلنحرص ونحن المنتسبون إلى الإسلام، على أن نودِّع هذا الشّهر الفضيل ونحن بأحسن حالٍ على الصّعد كافة؛ بأحسن حالٍ أخلاقيّاً، فنحسّن في أخلاقيّاتنا العامَّة، وأحسن حالٍ على مستوى العلاقات والرّوابط، فنصل أرحامنا، ونتفقَّد جيراننا، ونُحسِن إلى النّاس، ونقوّي أواصر التعارف والتعاون بيننا، وأحسن حال روحيّاً، فننفتح على آفاق الإيمان والسّلام، وأحسن حال شعوريّاً، فلا نحمل في قلوبنا ومشاعرنا سوى المحبّة والرّحمة للآخرين، وأحسن حال نفسيّاً، فنعمل على التخلّص من كلّ ما يسيء إلى طهارتنا وعفَّتنا من أحقاد وضغائن وعصبيّات وعُقَد ومزاجيّات وانحرافات، وأحسن حال عقلاً ووعياً، فلا نقبل إلا ما يغذِّي عقولنا من الفكر المفيد المستقيم والنّافع الّذي يثبّت إيماننا، ويزيدنا قوّةً إلى قوّتنا.

إنَّ التَّفاعل مع هذا الشَّهر وبركاته مع اقتراب نهايته الزمنيَّة هامّة لنا، كي نستزيد من الحسنات والبركات، ونخرج منه وقد ربحنا أنفسنا، وربحنا العلاقة الوطيدة مع الله ومع النّاس من حولنا، فالفرصة متاحة أمام الجميع كي يتفاعلوا مع بركات هذا الشَّهر الكريم، وهو يدعونا على الدّوام كي نقبل عليه وقد طهَّرنا نفوسنا وأرواحنا، فهو شهر الطّهارة والنّظافة من كلّ القذارات الأخلاقيَّة والسلوكيَّة.

*إنَّ الآراء الواردة في هذا المقال، لا تعبِّر بالضَّرورة عن رأي الموقع، وإنَّما عن وجهة نظر صاحبها.

اقرأ المزيد
نسخ الآية نُسِخ!
تفسير الآية