كتابات
14/03/2018

سكرات الموت

سكرات الموت

إنَّ الإنسان لدى سكرات الموت والاحتضار، يشاهد صور أعماله وآثارها، ويسمع من ملك الموت بشارة الجنة أو الوعيد بالنّار، وكما أنّ هذه الأمور تنكشف عليه قليلاً، كذلك تنكشف عليه الآثار الّتي تركتها أعماله وأفعاله في قلبه، من النوارنية وشرح الصّدر ورحابته، أو أضدادها أيضاً، من الظلام والكدورة والضّغط والضّيق في الصّدر، فإن كان من أهل الإيمان والسعادة، يستعدّ قلبه عند معاينة البرزخ لمشاهدة النفحات اللّطيفة والجمال، وتظهر فيه آثار تجلّيات اللطف والجمال، فيأخذ القلب في الحبّ للقاء الله، وتشتعل في قلبه جذوة الاشتياق إلى جمال المحبوب إن كان من أهل الحسنى، وحب الله والجاذبة الربوبيّة، ولا يعرف أحد إلا الله، مقدار اللذّات والكرامات الموجودة في هذا التجلّي والاشتياق!

وإن كان من أهل الإيمان والعمل الصّالح، أغدقت عليه كرامات الحقّ المتعالي بقدر إيمانه وأعماله، ويراها لدى الاحتضار، فيتوق إلى الموت ولقاء كرامات الحقّ، ويرتحل من هذا العالم مع البهجة والسّرور والرّوح والرّيحان، ولا تطيق الأعين المُلكيّة والذائقة الماديّة، رؤية هذه الكرامات ومشاهدة هذه البهجة والفرح .

وإن كان من أهل الشقاء والجحود والكفر والنفاق والأعمال القبيحة والأفعال السيّئة، انكشف عليه بقدر نصيبه من دار الدنيا، وما وفّره واكتسب لنفسه منها، من آثار السّخط الإلهي والقهر، ونموذج من دار الأشقياء، فيدخل الذّعر والهلع في نفسه، بدرجة لا يكون عنده شيء أبغض من التجليات الجلالية والقاهرة للحقّ المتعالي، ويستولي عليه من جراء هذا البغض والعداوة الشديدين، الضّغوط والصّعاب والعذاب، لا يعرف حجمهما أحد إلا الذّات الحقّ المقدَّس، وهذه المحن تكون لمن كان من الجاحدين والمنافقين ومن أعداء الله وأعداء أوليائه في هذه الدّنيا .

 وينكشف على أهل المعاصي والكبائر، بقدر اجتراحهم للسيّئات، نموذج من جهنّمهم، فلا يكون شيء عندهم أبغض من الرَّحيل من هذا العالم، فيرحلون بكلِّ عنف وقسوة وعذاب، وفي نفوسهم حسرات لم تتحقَّق في هذه الأحوال ...

إنّ الإنسان لا يرى في العوالم الأخرى من العذاب والعقاب، إلّا ما وفّره وهيّأه في هذه الدنيا، ولا يشاهد في العالم الآخر إلّا صورة ما أنجزه في هذا العالم من الأعمال الصّالحة والخلق الحسن، والعقائد الصّحيحة، مع رؤيته لما يتفضّل عليه الحقّ المتعالي بلطفه من الكرامات الأخرى.

*من كتاب "الأربعون حديثاً"، ص 492-493.

إنَّ الإنسان لدى سكرات الموت والاحتضار، يشاهد صور أعماله وآثارها، ويسمع من ملك الموت بشارة الجنة أو الوعيد بالنّار، وكما أنّ هذه الأمور تنكشف عليه قليلاً، كذلك تنكشف عليه الآثار الّتي تركتها أعماله وأفعاله في قلبه، من النوارنية وشرح الصّدر ورحابته، أو أضدادها أيضاً، من الظلام والكدورة والضّغط والضّيق في الصّدر، فإن كان من أهل الإيمان والسعادة، يستعدّ قلبه عند معاينة البرزخ لمشاهدة النفحات اللّطيفة والجمال، وتظهر فيه آثار تجلّيات اللطف والجمال، فيأخذ القلب في الحبّ للقاء الله، وتشتعل في قلبه جذوة الاشتياق إلى جمال المحبوب إن كان من أهل الحسنى، وحب الله والجاذبة الربوبيّة، ولا يعرف أحد إلا الله، مقدار اللذّات والكرامات الموجودة في هذا التجلّي والاشتياق!

وإن كان من أهل الإيمان والعمل الصّالح، أغدقت عليه كرامات الحقّ المتعالي بقدر إيمانه وأعماله، ويراها لدى الاحتضار، فيتوق إلى الموت ولقاء كرامات الحقّ، ويرتحل من هذا العالم مع البهجة والسّرور والرّوح والرّيحان، ولا تطيق الأعين المُلكيّة والذائقة الماديّة، رؤية هذه الكرامات ومشاهدة هذه البهجة والفرح .

وإن كان من أهل الشقاء والجحود والكفر والنفاق والأعمال القبيحة والأفعال السيّئة، انكشف عليه بقدر نصيبه من دار الدنيا، وما وفّره واكتسب لنفسه منها، من آثار السّخط الإلهي والقهر، ونموذج من دار الأشقياء، فيدخل الذّعر والهلع في نفسه، بدرجة لا يكون عنده شيء أبغض من التجليات الجلالية والقاهرة للحقّ المتعالي، ويستولي عليه من جراء هذا البغض والعداوة الشديدين، الضّغوط والصّعاب والعذاب، لا يعرف حجمهما أحد إلا الذّات الحقّ المقدَّس، وهذه المحن تكون لمن كان من الجاحدين والمنافقين ومن أعداء الله وأعداء أوليائه في هذه الدّنيا .

 وينكشف على أهل المعاصي والكبائر، بقدر اجتراحهم للسيّئات، نموذج من جهنّمهم، فلا يكون شيء عندهم أبغض من الرَّحيل من هذا العالم، فيرحلون بكلِّ عنف وقسوة وعذاب، وفي نفوسهم حسرات لم تتحقَّق في هذه الأحوال ...

إنّ الإنسان لا يرى في العوالم الأخرى من العذاب والعقاب، إلّا ما وفّره وهيّأه في هذه الدنيا، ولا يشاهد في العالم الآخر إلّا صورة ما أنجزه في هذا العالم من الأعمال الصّالحة والخلق الحسن، والعقائد الصّحيحة، مع رؤيته لما يتفضّل عليه الحقّ المتعالي بلطفه من الكرامات الأخرى.

*من كتاب "الأربعون حديثاً"، ص 492-493.

اقرأ المزيد
نسخ الآية نُسِخ!
تفسير الآية