كتابات
26/04/2018

المستضعفون الفكريّون والعقيديّون

المستضعفون الفكريّون والعقيديّون

العلّامة المرجع السيّد محمد حسين فضل الله(رض)

ورد في بعض أحاديث أئمة أهل البيت(ع)، الحديث عن المستضعف بأنّه الذي لا يستطيع حيلة ولا يهتدي سبيلاً، كالبهل من النّاس الذين لم يملكوا أية معرفة، ولا يملكون الوسائل للوصول إلى المعرفة، هؤلاء عسى الله أن يعفو عنهم.

فلقد حدَّد الإمام الصّادق(ع) المعرفة ـ كما روي عنه ـ بقوله: "من عرف اختلاف الناس فليس بمستضعف"، أي المستضعف الفكري والمستضعف العقيدي، وهو الذي عاش في بيئة لم يسمع أنَّ هناك أدياناً متفرقة، ولم يسمع أنَّ هناك مذاهب مختلفة، ولم يسمع أنَّ هناك خطوطاً سياسية مختلفة تمثّل مسألة المصير بالنّسبة إلى الإنسان، ولم يتعرّف اختلاف مواقع العاطفة بين السّلب والإيجاب، أو بين الحبّ والبغض.

فهذا الإنسان قد أُغلقت عنه كلّ أبواب المعرفة، لأنك عندما لا ترى، بحسب بيئتك، إلَّا شيئاً واحداً، ولم يكن هناك أيّ شيء آخر، فإنّ غفلتك قد تكون عذراً لك أمام الله، وربما لاحظنا أنّ الله عندما حدثنا عن المستضعفين، لم يقل إن الله يعفو عنهم، قال: {فَأُوْلَـئِكَ عَسَى اللهُ أَن يَعْفُوَ عَنْهُمْ}، حتى لا يعطي الإنسان الحرية في ذلك ليعتبر نفسه مستضعفاً بسرعة، بل أراد له أن يدقّق جيداً في شخصية الاستضعاف، حتى يعرف نفسه؛ هل هو مستضعف حقّاً أو ليس بمستضعف.

"من عرف اختلاف الناس فليس بمستضعف"، إذا عرفت أنّ هناك وجهتي نظر، فإنّ فطرتك في عقلك توحي لك أنّ عليك أن تطّلع على وجهة النظر الأخرى كما تطّلع على وجهة نظرك، فلعلّ وجهة نظرك لا تكون حقّاً، وهكذا الحال في كلّ موقع من المواقع، لأنَّ الله أقام عليك الحجّة في ذلك، وليس عذراً للضّعيف فكرياً أن يبقى على ضعفه إذا كان قادراً أن يحصل على القوّة الفكريّة من موقع آخر، وليس عذراً للإنسان الجاهل جهله، بل لا بدّ له من أن يتعلّم، حيث يؤتى بالإنسان يوم القيامة، فيُقال له "لِمَ لم تعمل؟! ـ كما في الحديث عن الأئمة(ع) ـ فيقول: لم أعلم، فيُقال له هلّا تعلّمت؟!"، ثم يعقب الحديث بالقول: وذلك تفسير قوله تعالى: {فَللّهِ الحُجَّةُ البَالِغَةُ}.

*كتاب النّدوة ، ج 4، ص 276.

العلّامة المرجع السيّد محمد حسين فضل الله(رض)

ورد في بعض أحاديث أئمة أهل البيت(ع)، الحديث عن المستضعف بأنّه الذي لا يستطيع حيلة ولا يهتدي سبيلاً، كالبهل من النّاس الذين لم يملكوا أية معرفة، ولا يملكون الوسائل للوصول إلى المعرفة، هؤلاء عسى الله أن يعفو عنهم.

فلقد حدَّد الإمام الصّادق(ع) المعرفة ـ كما روي عنه ـ بقوله: "من عرف اختلاف الناس فليس بمستضعف"، أي المستضعف الفكري والمستضعف العقيدي، وهو الذي عاش في بيئة لم يسمع أنَّ هناك أدياناً متفرقة، ولم يسمع أنَّ هناك مذاهب مختلفة، ولم يسمع أنَّ هناك خطوطاً سياسية مختلفة تمثّل مسألة المصير بالنّسبة إلى الإنسان، ولم يتعرّف اختلاف مواقع العاطفة بين السّلب والإيجاب، أو بين الحبّ والبغض.

فهذا الإنسان قد أُغلقت عنه كلّ أبواب المعرفة، لأنك عندما لا ترى، بحسب بيئتك، إلَّا شيئاً واحداً، ولم يكن هناك أيّ شيء آخر، فإنّ غفلتك قد تكون عذراً لك أمام الله، وربما لاحظنا أنّ الله عندما حدثنا عن المستضعفين، لم يقل إن الله يعفو عنهم، قال: {فَأُوْلَـئِكَ عَسَى اللهُ أَن يَعْفُوَ عَنْهُمْ}، حتى لا يعطي الإنسان الحرية في ذلك ليعتبر نفسه مستضعفاً بسرعة، بل أراد له أن يدقّق جيداً في شخصية الاستضعاف، حتى يعرف نفسه؛ هل هو مستضعف حقّاً أو ليس بمستضعف.

"من عرف اختلاف الناس فليس بمستضعف"، إذا عرفت أنّ هناك وجهتي نظر، فإنّ فطرتك في عقلك توحي لك أنّ عليك أن تطّلع على وجهة النظر الأخرى كما تطّلع على وجهة نظرك، فلعلّ وجهة نظرك لا تكون حقّاً، وهكذا الحال في كلّ موقع من المواقع، لأنَّ الله أقام عليك الحجّة في ذلك، وليس عذراً للضّعيف فكرياً أن يبقى على ضعفه إذا كان قادراً أن يحصل على القوّة الفكريّة من موقع آخر، وليس عذراً للإنسان الجاهل جهله، بل لا بدّ له من أن يتعلّم، حيث يؤتى بالإنسان يوم القيامة، فيُقال له "لِمَ لم تعمل؟! ـ كما في الحديث عن الأئمة(ع) ـ فيقول: لم أعلم، فيُقال له هلّا تعلّمت؟!"، ثم يعقب الحديث بالقول: وذلك تفسير قوله تعالى: {فَللّهِ الحُجَّةُ البَالِغَةُ}.

*كتاب النّدوة ، ج 4، ص 276.

اقرأ المزيد
نسخ الآية نُسِخ!
تفسير الآية