عن أبي بكر، كما في بعض كتب الأحاديث، أنّ النبيّ الأكرم(ص) قال: "إنَّا معاشر
الأنبياءلا نورِّث، ما تركناه صدقة".
والسؤال: هل إنّ الأنبياء لا يشلمهم أحكام الميراث في الإسلام؟ وما علاقة هذا
الحديث بحديث آخر مفاده: "العلماء ورثة الأنبياء"؟
يستغرب الألوسي أن ينكر علماء الشيعة رواية أبي بكر المتقدّمة، وفي أحاديثهم أحاديث
قريبة منها تماماً. يقول: مذهب أهل السنّة، أنّ الأنبياء(ع) لا يرثون مالاً ولا
يورِّثون، لما صحّ عندهم من الأخبار. وقد جاء أيضاً ذلك من طريق الشّيعة، فقد روى
الكليني في (الكافي) عن أبي البحتري عن أبي عبد الله الصّادق(ع) أنّه قال: "إنّ
العلماء ورثة الأنبياء، وذلك أنّ الانبياء لم يورثوا درهماً ولا ديناراً، وإنما
ورّثوا أحاديث من أحاديثهم، فمن أخذ بشيء منها، فقد أخذ بحظّ وافر". وكلمة "إنما"
مفيدة للحصر قطعاً باعتراف الشّيعة... إلخ. [الألوسي، روح المعاني].
لكنّ العلّامة المرجع السيّد محمد حسين فضل الله(رض)، ينفي أن تكون مثل هذه
الأحاديث تشير إلى خروج الأنبياء من شمول أحكام الميراث لهم، ويوجِّه الحديث الوارد
في "الكافي" التوجيه المناسب، كما يتحدّث عن الحديث المرويّ عن أبي بكر. يقول
سماحته:
"لا يراد بهذه الأحاديث عدم شمول أحكام الميراث للنبيّ(ص) في ورثته لما يتركه من
مال ولو كان قليلاً، بل يراد بها الإشارة إلى الدّور الأساسي للنبوّة، وميراثها
المعنوي الذي هو العلم، وذلك في قبال ميراث ملوك الدّنيا وسلاطينها الذي هو الجاه
والثّروة.
أما حديث أبي بكر فغير صحيح، وكيف لم يروه غيره، ولم يسمعه غيره من النبيّ(ص).
وأمّا الحديث بأنّ الإمام عليّاً(ع) قال ذلك، فغير صحيح أيضاً. ومعنى أن الأنبياء
لم يورّثوا ديناراً ولا درهماً، ليس خروجهم من عموم حكم الإرث في الإسلام
واستثناءهم منه، بل إنهم لم يعتنوا بتوريث المال، ولم يكن همهم جمع المال لمن بعدهم،
بل إرثهم الحقيقيّ هو العلم. فأما إن ترك النبيّ(ص) مالاً فيما ترك، فيجري على
أحكام الإرث في الشّرع، وهذا ما تحدّثت به الزهراء(ع)، وهي سيدة نساء العالمين،
والمعصومة، وبضعة النبيّ(ص)، وعبّرت في كلامها بأنّ الله تعالى لم يخصِّص أحكام
الإرث لغير الأنبياء، واستشهدت بالآيات الكريمة...
أمّا الحديث عن أبي البختري عن أبي عبد الله(ع): "إنّ العلماء ورثة الأنبياء، وذاك
أن الأنبياء لم يورّثوا درهماً ولا ديناراً، وإنما أورثوا أحاديث من أحاديثهم، فمن
أخذ بشيء منها فقد أخذ حظاً وافراً"، فإنّ الحديث ضعيف السند، ولكنّه مشهور". [استفتاءات].
من جهته، يقول السيّد الخوئي(قده): "فالرّواية ناظرة إلى أنَّ شأن الأنبياء ليس أن
يجمعوا درهماً ولا ديناراً، أو ليس همّهم وحرصهم إلى ذلك وجمع الأموال، بل حرصهم أن
يتركوا الأحاديث (العلم)، وصرّحوا(ع) بذلك، وأنّ المتروك أيّ شيء في بعض الروايات.
وقال: لكن ورّثوا الأحاديث، ومن أخذ منها، فإنما أخذ بحظّ وافر. وليست هي ناظرة إلى
أن الأنبياء لم يتركوا شيئاً أصلاً من الدّار والثياب، بل لا ينافي بترك درهم
ودرهمين، إذ ليس ذلك من قبيل الحرص بجمع المال، وإلّا فالأئمّة(ع) كانوا يتملّكون
الدّار والثياب، ويورّثونها للوارث".[مصباح الفقاهة، ج 3، ص 288].
وممّا يستفاد ممّا تقدّم، أنّ الأنبياء يرثون ويورّثون، ويعيشون حياتهم الطبيعيّة،
وأهمّ ما يورّثه الأنبياء للناس، هو العلم النافع الذي يهديهم إلى الطريق، ويثبّتهم
على خطّ الاستقامة في الدنيا والآخرة...
عن أبي بكر، كما في بعض كتب الأحاديث، أنّ النبيّ الأكرم(ص) قال: "إنَّا معاشر
الأنبياءلا نورِّث، ما تركناه صدقة".
والسؤال: هل إنّ الأنبياء لا يشلمهم أحكام الميراث في الإسلام؟ وما علاقة هذا
الحديث بحديث آخر مفاده: "العلماء ورثة الأنبياء"؟
يستغرب الألوسي أن ينكر علماء الشيعة رواية أبي بكر المتقدّمة، وفي أحاديثهم أحاديث
قريبة منها تماماً. يقول: مذهب أهل السنّة، أنّ الأنبياء(ع) لا يرثون مالاً ولا
يورِّثون، لما صحّ عندهم من الأخبار. وقد جاء أيضاً ذلك من طريق الشّيعة، فقد روى
الكليني في (الكافي) عن أبي البحتري عن أبي عبد الله الصّادق(ع) أنّه قال: "إنّ
العلماء ورثة الأنبياء، وذلك أنّ الانبياء لم يورثوا درهماً ولا ديناراً، وإنما
ورّثوا أحاديث من أحاديثهم، فمن أخذ بشيء منها، فقد أخذ بحظّ وافر". وكلمة "إنما"
مفيدة للحصر قطعاً باعتراف الشّيعة... إلخ. [الألوسي، روح المعاني].
لكنّ العلّامة المرجع السيّد محمد حسين فضل الله(رض)، ينفي أن تكون مثل هذه
الأحاديث تشير إلى خروج الأنبياء من شمول أحكام الميراث لهم، ويوجِّه الحديث الوارد
في "الكافي" التوجيه المناسب، كما يتحدّث عن الحديث المرويّ عن أبي بكر. يقول
سماحته:
"لا يراد بهذه الأحاديث عدم شمول أحكام الميراث للنبيّ(ص) في ورثته لما يتركه من
مال ولو كان قليلاً، بل يراد بها الإشارة إلى الدّور الأساسي للنبوّة، وميراثها
المعنوي الذي هو العلم، وذلك في قبال ميراث ملوك الدّنيا وسلاطينها الذي هو الجاه
والثّروة.
أما حديث أبي بكر فغير صحيح، وكيف لم يروه غيره، ولم يسمعه غيره من النبيّ(ص).
وأمّا الحديث بأنّ الإمام عليّاً(ع) قال ذلك، فغير صحيح أيضاً. ومعنى أن الأنبياء
لم يورّثوا ديناراً ولا درهماً، ليس خروجهم من عموم حكم الإرث في الإسلام
واستثناءهم منه، بل إنهم لم يعتنوا بتوريث المال، ولم يكن همهم جمع المال لمن بعدهم،
بل إرثهم الحقيقيّ هو العلم. فأما إن ترك النبيّ(ص) مالاً فيما ترك، فيجري على
أحكام الإرث في الشّرع، وهذا ما تحدّثت به الزهراء(ع)، وهي سيدة نساء العالمين،
والمعصومة، وبضعة النبيّ(ص)، وعبّرت في كلامها بأنّ الله تعالى لم يخصِّص أحكام
الإرث لغير الأنبياء، واستشهدت بالآيات الكريمة...
أمّا الحديث عن أبي البختري عن أبي عبد الله(ع): "إنّ العلماء ورثة الأنبياء، وذاك
أن الأنبياء لم يورّثوا درهماً ولا ديناراً، وإنما أورثوا أحاديث من أحاديثهم، فمن
أخذ بشيء منها فقد أخذ حظاً وافراً"، فإنّ الحديث ضعيف السند، ولكنّه مشهور". [استفتاءات].
من جهته، يقول السيّد الخوئي(قده): "فالرّواية ناظرة إلى أنَّ شأن الأنبياء ليس أن
يجمعوا درهماً ولا ديناراً، أو ليس همّهم وحرصهم إلى ذلك وجمع الأموال، بل حرصهم أن
يتركوا الأحاديث (العلم)، وصرّحوا(ع) بذلك، وأنّ المتروك أيّ شيء في بعض الروايات.
وقال: لكن ورّثوا الأحاديث، ومن أخذ منها، فإنما أخذ بحظّ وافر. وليست هي ناظرة إلى
أن الأنبياء لم يتركوا شيئاً أصلاً من الدّار والثياب، بل لا ينافي بترك درهم
ودرهمين، إذ ليس ذلك من قبيل الحرص بجمع المال، وإلّا فالأئمّة(ع) كانوا يتملّكون
الدّار والثياب، ويورّثونها للوارث".[مصباح الفقاهة، ج 3، ص 288].
وممّا يستفاد ممّا تقدّم، أنّ الأنبياء يرثون ويورّثون، ويعيشون حياتهم الطبيعيّة،
وأهمّ ما يورّثه الأنبياء للناس، هو العلم النافع الذي يهديهم إلى الطريق، ويثبّتهم
على خطّ الاستقامة في الدنيا والآخرة...