كتابات
31/10/2018

ما المقصود بالمهر؟ وما هي رمزيّته؟

ما المقصود بالمهر؟ وما هي رمزيّته؟

ـ المهر هو عطيّة من الرجل للمرأة بلا مقابل، وهذا ما يكشف عنه تعبير القرآن الكريم بقوله: {وآتوا النساء صدقاتهنّ نحلة} [النساء: 4]. فالنحلة هي العطية من دون مقابل. وهذا النصّ القرآني يحدّد معنى المهر، ويؤكّد أنه ليس مجرد مال يُدفع في مقابل ما تبذله المرأة من نفسها، وإنما هو هدية يقدمها الرجل للمرأة بشكل ملزم في عقد الزواج، إما لاجتذاب محبتها، وإما لأن الرجل في العرف العام هو المستفيد من الزواج، مقابل المرأة التي تبذل نفسها له، الأمر الذي يوحي بضرورة أن يقدّم الرجل شيئاً للمرأة مقابل ما تقدّمه له داخل العلاقة.

والمسألة بهذا المعنى ليست معاوضة بالمعنى الدقيق للمعاوضة، ولكنّها تتصل بالجانب الإيحائي، فكأنّ الإنسان عندما يقدّم أو يبذل شيئاً للآخر، فإنّ طبيعة الأمور تقتضي أن يتجاوب الآخر مع ما قدّمه الأوّل ويقدّم له تعويضاً عن ذلك، أو أنها تقتضي اجتذاب الآخر، لأن يبذل ويعطي مقابل ما قدّمه الأوّل له، إنها عملية إيحائيّة.

يعتبر البعض المهر شكلاً من أشكال الضّمان، نظراً إلى كون المرأة الحلقة الأضعف في النسيج الاجتماعي، وعدم امتلاكها غالباً فرصةً واسعةً للإنتاج، وحاجتها بالتالي إلى نوع من الضمان، وهو إمّا تحمّل الآخرين مسؤوليّتها كالأب والزّوج، وإمّا امتلاك رصيد ماليّ يؤمنه عملها أو مهرها، هذا الضّمان ليس ملحوظاً في الجانب الشّرعي للمهر، مع أنه قد يؤمّن ذلك في الواقع.

المهر من ناحية المصطلح الشّرعي هو عبارة عمّا يبذله الزّوج في عقد الزواج من مال أو غيره للمرأة من دون مقابل، ويكون ملزماً بتقديمه لها فعلاً على أساس التراضي بين الرّجل والمرأة...

ـ إن إقرار المهر يتصل بالصورة الرائجة لعلاقة الرجل بالمرأة، حيث يلعب الرجل دور العنصر الفاعل داخل العلاقة الزوجية، وتلعب المرأة فيها دور المنفعل، وكأنه هو من يطلب اللذّة وهي التي تعطيها، وبما أن الرجل يأخذ، فإنّ ذلك يستدعي أن يعطي المرأة مقابل ما يأخذ. ولكن نحن نعرف أن الرجل والمرأة سواء في حاجتهما الغريزية إلى بعضهما البعض وإلى الجنس، ولكن الجانب الشكلي للعلاقة يوحي بعدم توازن الأخذ والعطاء بينهما.

وقد يعود ذلك الاعتقاد إلى تجذّر هذه الصورة في اللاوعي الجماعي، إلى درجة جعل الرجل هو من يطلب يد المرأة، وليس العكس، وكأن الرجل يطلب منها شيئاً يحتاجه هو بالذات ولا تحتاج إليه هي، كالأولاد واللذّة وما إلى ذلك، علماً أنّ حاجات الرجل والمرأة تتساوى واقعاً في العلاقة الزوجية، فالولد ولد الرجل والمرأة، والجنس للرجل والمرأة معاً، واستقرار الحياة الزوجية حاجة لهما معاً. وبما أن المرأة، في الإسلام،لا تتحمل مسؤولية البيت، فلا يمكن القول إنّ المهر تعويض عن عملها المنزلي. ولكن عندما تتجذّر في الذهنية العامة فكرة معيَّنة، فإن التعبير عنها، ولو شكلياً، يصبح أمراً لازماً.

والمهر في تعبيره عن تلك الفكرة، يأخذ بعداً رمزياً حبيّاً، لا بعداً عوضياً مالياً، والدليل على ذلك، أنّه من الممكن للرجل أن يقدّم أيّ شيء لا قيمة مادية فعلية له للمرأة كمهر. وهذا ما نستدلّ عليه من قصة تلك المرأة التي جاءت إلى النبيّ(ص) ليزوجها، ولم يقبل من أصحابه الزواج بها إلا شخص لا يملك شيئاً من المال، فسأله(ص) عند ذلك إن كان لديه شيء من القرآن؟ قال: نعم، قال(ص): "زوّجتكها بما معك من القرآن"، فلو كان للمهر أيُّ بُعدٍ ماديّ، لما كان هذا المهر مقبولاً، لأنه لا يمثّل قيمة مادية تذكر. فالمهر، إذاً، مسألة رمزية، تجعل دخول المرأة إلى الحياة الزوجيّة مشروعاً بتقديم الرجل شيئاً معيّناً لها يعبر به عن محبته وعن مسؤوليّته عنها، وربما تضمَّن المهر شكلاً من أشكال التعبير عن مسؤوليّة الرجل المادية داخل العلاقة الزوجية، لأنه هو من يتحمل مسؤولية الإنفاق المالي على المرأة.

*من كتاب "دنيا المرأة"، ص 177-179.

ـ المهر هو عطيّة من الرجل للمرأة بلا مقابل، وهذا ما يكشف عنه تعبير القرآن الكريم بقوله: {وآتوا النساء صدقاتهنّ نحلة} [النساء: 4]. فالنحلة هي العطية من دون مقابل. وهذا النصّ القرآني يحدّد معنى المهر، ويؤكّد أنه ليس مجرد مال يُدفع في مقابل ما تبذله المرأة من نفسها، وإنما هو هدية يقدمها الرجل للمرأة بشكل ملزم في عقد الزواج، إما لاجتذاب محبتها، وإما لأن الرجل في العرف العام هو المستفيد من الزواج، مقابل المرأة التي تبذل نفسها له، الأمر الذي يوحي بضرورة أن يقدّم الرجل شيئاً للمرأة مقابل ما تقدّمه له داخل العلاقة.

والمسألة بهذا المعنى ليست معاوضة بالمعنى الدقيق للمعاوضة، ولكنّها تتصل بالجانب الإيحائي، فكأنّ الإنسان عندما يقدّم أو يبذل شيئاً للآخر، فإنّ طبيعة الأمور تقتضي أن يتجاوب الآخر مع ما قدّمه الأوّل ويقدّم له تعويضاً عن ذلك، أو أنها تقتضي اجتذاب الآخر، لأن يبذل ويعطي مقابل ما قدّمه الأوّل له، إنها عملية إيحائيّة.

يعتبر البعض المهر شكلاً من أشكال الضّمان، نظراً إلى كون المرأة الحلقة الأضعف في النسيج الاجتماعي، وعدم امتلاكها غالباً فرصةً واسعةً للإنتاج، وحاجتها بالتالي إلى نوع من الضمان، وهو إمّا تحمّل الآخرين مسؤوليّتها كالأب والزّوج، وإمّا امتلاك رصيد ماليّ يؤمنه عملها أو مهرها، هذا الضّمان ليس ملحوظاً في الجانب الشّرعي للمهر، مع أنه قد يؤمّن ذلك في الواقع.

المهر من ناحية المصطلح الشّرعي هو عبارة عمّا يبذله الزّوج في عقد الزواج من مال أو غيره للمرأة من دون مقابل، ويكون ملزماً بتقديمه لها فعلاً على أساس التراضي بين الرّجل والمرأة...

ـ إن إقرار المهر يتصل بالصورة الرائجة لعلاقة الرجل بالمرأة، حيث يلعب الرجل دور العنصر الفاعل داخل العلاقة الزوجية، وتلعب المرأة فيها دور المنفعل، وكأنه هو من يطلب اللذّة وهي التي تعطيها، وبما أن الرجل يأخذ، فإنّ ذلك يستدعي أن يعطي المرأة مقابل ما يأخذ. ولكن نحن نعرف أن الرجل والمرأة سواء في حاجتهما الغريزية إلى بعضهما البعض وإلى الجنس، ولكن الجانب الشكلي للعلاقة يوحي بعدم توازن الأخذ والعطاء بينهما.

وقد يعود ذلك الاعتقاد إلى تجذّر هذه الصورة في اللاوعي الجماعي، إلى درجة جعل الرجل هو من يطلب يد المرأة، وليس العكس، وكأن الرجل يطلب منها شيئاً يحتاجه هو بالذات ولا تحتاج إليه هي، كالأولاد واللذّة وما إلى ذلك، علماً أنّ حاجات الرجل والمرأة تتساوى واقعاً في العلاقة الزوجية، فالولد ولد الرجل والمرأة، والجنس للرجل والمرأة معاً، واستقرار الحياة الزوجية حاجة لهما معاً. وبما أن المرأة، في الإسلام،لا تتحمل مسؤولية البيت، فلا يمكن القول إنّ المهر تعويض عن عملها المنزلي. ولكن عندما تتجذّر في الذهنية العامة فكرة معيَّنة، فإن التعبير عنها، ولو شكلياً، يصبح أمراً لازماً.

والمهر في تعبيره عن تلك الفكرة، يأخذ بعداً رمزياً حبيّاً، لا بعداً عوضياً مالياً، والدليل على ذلك، أنّه من الممكن للرجل أن يقدّم أيّ شيء لا قيمة مادية فعلية له للمرأة كمهر. وهذا ما نستدلّ عليه من قصة تلك المرأة التي جاءت إلى النبيّ(ص) ليزوجها، ولم يقبل من أصحابه الزواج بها إلا شخص لا يملك شيئاً من المال، فسأله(ص) عند ذلك إن كان لديه شيء من القرآن؟ قال: نعم، قال(ص): "زوّجتكها بما معك من القرآن"، فلو كان للمهر أيُّ بُعدٍ ماديّ، لما كان هذا المهر مقبولاً، لأنه لا يمثّل قيمة مادية تذكر. فالمهر، إذاً، مسألة رمزية، تجعل دخول المرأة إلى الحياة الزوجيّة مشروعاً بتقديم الرجل شيئاً معيّناً لها يعبر به عن محبته وعن مسؤوليّته عنها، وربما تضمَّن المهر شكلاً من أشكال التعبير عن مسؤوليّة الرجل المادية داخل العلاقة الزوجية، لأنه هو من يتحمل مسؤولية الإنفاق المالي على المرأة.

*من كتاب "دنيا المرأة"، ص 177-179.

اقرأ المزيد
نسخ الآية نُسِخ!
تفسير الآية