يرتكز العلامة المرجع السيد محمد حسين فضل الله (طيّب الله ثراه)، في رؤيته، على
أنّ المشروع الإسلامي "ليس مشروعاً متهوّراً أو مجازفاً، ولا يتنكّر للطبيعة
الإنسانية التي جعلت من الإنسان مزيجاً من العقل والعاطفة، وعلى ضوء ذلك، فهو يخطو
خطواته بتمهّل ودراية، فلا يطلب من الإنسان ما لا يستطيع، ولا يُحمّله فوق طاقته،
ولكنّه يثير فيه الأمل والطموح، ويحثّه على أن يبقى متحرّكاً في خطّ العلم والعمل
لما ينفع الناس ويمكث في الأرض.
فـ "الاختلاف غنىً، لأنه يُثري التجربة الإنسانية، ويُثري الواقع الإنساني، ولكن
المشكلة هي أننا لا نعرف كيف ندير خلافاتنا، ولا نعرف كيف نتّفق، ولا نعرف كيف
نختلف، لأننا اذا تعلّمنا كيف ندير خلافاتنا، فإنها لن تتحوّل إلى شيء يهدّم حياتنا
وحضارتنا، بل تتحوّل إلى شيء يُغني ذلك كلّه، ويشقّ الطريق نحو ما نلتقي عليه،
ويفتح العقل على الحوار في ما نختلف فيه... فالقصة هي كيف تكون إنساناً في حركة
الاختلاف بينك وبين الآخر.. فسبب اختلافك مع الآخر، هو أنّ فكرك لم يلتقِ بفكره،
وربما لم يلتقِ فكره بفكرك، فلماذا تُعطي لنفسك الحريّة في أن تختلف معه وتحجب عليه
حرّيته؟... وقمّة الأسلوب القرآنيّ الذي لم يتعلّم منه المسلمون، أنه يُعطي الطرف
الآخر الجوّ والمناخ الذي لا يشعر فيه بالحكم السلبي من خلال محاوره: {وَإِنَّا أَوْ
إِيَّاكُمْ لَعَلَىٰ هُدًى أَوْ فِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ}[سبأ: ٢٤]".
ويضع السيد فضل الله – من أجل ذلك – سؤالاً مهماً، وهو: لماذا نختلف؟!
وبعد جملة من التساؤلات، يحاول (رحمه الله) أن يردم كلّ هذه التموّجات المتعاكسة،
بأنه "يجب أن تكون لنا روحية الحركة الإسلامية، بالطريقة التي تجعل كلّاً منا لا
يشعر بأنّه يملك الحقيقة كلّها، ولكن يعي بأنه يملك وجهة نظر يقتنع بها في فهم
الحقيقة، وعليه أن يستمع إلى وجهة النظر الأخرى حتى تغتني المعرفة... عندما تتحاور
مع الآخر لا تُدخل ذاتك، لا تُدخل إيمانك في عمق وجدانك في ساحة الحوار، قل لمحاورك
إن هناك حقيقة ضائعة بيننا، قد أكون على ضلال وأنت على هدى، وقد أكون على هدى وأنت
على ضلال، فتعال لننطلق معاً لنتحاور، فلعلّنا نكتشف الحقيقة الضائعة معاً لنتوحّد،
أو يكتشف أحدنا ذلك ليفهمه الآخر، إذا لم يقتنع به".
ألا رحمات الله عليك يا سيّد...
منشورات الهيئة الشرعيّة، بيروت في 20/12/2018.
يرتكز العلامة المرجع السيد محمد حسين فضل الله (طيّب الله ثراه)، في رؤيته، على
أنّ المشروع الإسلامي "ليس مشروعاً متهوّراً أو مجازفاً، ولا يتنكّر للطبيعة
الإنسانية التي جعلت من الإنسان مزيجاً من العقل والعاطفة، وعلى ضوء ذلك، فهو يخطو
خطواته بتمهّل ودراية، فلا يطلب من الإنسان ما لا يستطيع، ولا يُحمّله فوق طاقته،
ولكنّه يثير فيه الأمل والطموح، ويحثّه على أن يبقى متحرّكاً في خطّ العلم والعمل
لما ينفع الناس ويمكث في الأرض.
فـ "الاختلاف غنىً، لأنه يُثري التجربة الإنسانية، ويُثري الواقع الإنساني، ولكن
المشكلة هي أننا لا نعرف كيف ندير خلافاتنا، ولا نعرف كيف نتّفق، ولا نعرف كيف
نختلف، لأننا اذا تعلّمنا كيف ندير خلافاتنا، فإنها لن تتحوّل إلى شيء يهدّم حياتنا
وحضارتنا، بل تتحوّل إلى شيء يُغني ذلك كلّه، ويشقّ الطريق نحو ما نلتقي عليه،
ويفتح العقل على الحوار في ما نختلف فيه... فالقصة هي كيف تكون إنساناً في حركة
الاختلاف بينك وبين الآخر.. فسبب اختلافك مع الآخر، هو أنّ فكرك لم يلتقِ بفكره،
وربما لم يلتقِ فكره بفكرك، فلماذا تُعطي لنفسك الحريّة في أن تختلف معه وتحجب عليه
حرّيته؟... وقمّة الأسلوب القرآنيّ الذي لم يتعلّم منه المسلمون، أنه يُعطي الطرف
الآخر الجوّ والمناخ الذي لا يشعر فيه بالحكم السلبي من خلال محاوره: {وَإِنَّا أَوْ
إِيَّاكُمْ لَعَلَىٰ هُدًى أَوْ فِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ}[سبأ: ٢٤]".
ويضع السيد فضل الله – من أجل ذلك – سؤالاً مهماً، وهو: لماذا نختلف؟!
وبعد جملة من التساؤلات، يحاول (رحمه الله) أن يردم كلّ هذه التموّجات المتعاكسة،
بأنه "يجب أن تكون لنا روحية الحركة الإسلامية، بالطريقة التي تجعل كلّاً منا لا
يشعر بأنّه يملك الحقيقة كلّها، ولكن يعي بأنه يملك وجهة نظر يقتنع بها في فهم
الحقيقة، وعليه أن يستمع إلى وجهة النظر الأخرى حتى تغتني المعرفة... عندما تتحاور
مع الآخر لا تُدخل ذاتك، لا تُدخل إيمانك في عمق وجدانك في ساحة الحوار، قل لمحاورك
إن هناك حقيقة ضائعة بيننا، قد أكون على ضلال وأنت على هدى، وقد أكون على هدى وأنت
على ضلال، فتعال لننطلق معاً لنتحاور، فلعلّنا نكتشف الحقيقة الضائعة معاً لنتوحّد،
أو يكتشف أحدنا ذلك ليفهمه الآخر، إذا لم يقتنع به".
ألا رحمات الله عليك يا سيّد...
منشورات الهيئة الشرعيّة، بيروت في 20/12/2018.