كتابات
25/12/2018

الاحتفاء بميلاد المسيح(ع)

الاحتفاء بميلاد المسيح(ع)

الاحتفاء بالأنبياء والانشداد إلى سيرهم منهج قرآني، فإنّ القرآن الكريم قد تحدث عن سير الأنبياء وحياتهم، ودعا البشرية للاقتداء بهم والانشداد إليهم، وفي سوره شواهد كثيرة، كما جاء مفصلًا ولادة نبي الله عيسى، وقد بشّر الله تعالى به مريم: ﴿إِذْ قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ...﴾.

فسمّي "كلمة الله"، لأن وجوده ارتبط بكلمة من الله تعالى: "كُنْ فَيَكُونُ"، ويحتمل أن يكون معنى "كلمة" هو المخلوق والموجود، كما في الآية الكريمة: ﴿قُلْ لَوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَادًا لِكَلِمَاتِ رَبِّي...﴾.

وسمِّي "الْمَسِيحُ"، إمّا لأنّ الله تعالى قد مسح عنه الإثم والرّجس، أو إشارة إلى معجزاته بأنّه كان يمسح على المرضى أو الموتى، فيطيبون أو يحيون بإذن الله تعالى.

في هذه الأيّام، يحتفي المسيحيون بذكرى ولادة نبيّ الله عيسى بن مريم، ونحن وإن كنا نختلف معهم دينيّاً، ولكن هذا الاختلاف لا يشرّع لنا أن ننظر إلى احتفائهم بذكرى ولادة السيد المسيح بنظرة سلبيّة، بل نرى أنّه احتفاء يجب أن يوظَّف في قراءة السيرة الصّحيحة لنبي الله عيسى، وفي الارتباط بالقيم المقدَّسة التي حملها وحملها جميع الأنبياء.

مهما اختلف أتباع الدّيانات الأخرى معنا في الدّين، إلا أنّ ديننا يأمرنا باحترامهم ما لم يعتدوا علينا: ﴿لَا يَنْهَاكُمُ اللهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ...﴾ نختلف معهم ونرى أنّ ديننا الحقّ، ولكنّنا ندعو إلى ديننا بالحكمة والموعظة الحسنة، وسيحاسبنا تعالى جميعًا غدًا.. وفي هذه الحياة، يجب أن يكون هناك احترام متبادل، وبحث في المشتركات: ﴿قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَىٰ كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ...﴾. لقد عاش المسيحيّون في ظلّ الحضارة الإسلاميّة، في حريّة ورفاه واحترام في المجمل، فرسول الله كان يعامل الآخرين بكلّ احترام، ويدعوهم إلى الدين، فإن لم يستجيبوا يتركهم واختيارهم، كما أمره الله تعالى. وفي سيرة أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب مشاهد كثيرة تدلّ على احترام أتباع الديانات الأخرى.

الآن في عالمنا الإسلامي، يوجد مواطنون من المنتمين إلى المسيحية في كثير من الدول العربية والإسلامية. هؤلاء المسيحيون يجب أن يتمتّعوا بحقوقهم الكاملة؛ حقوق المواطنة والإنسانية، ولا يجوز الاعتداء عليهم، ولا الإساءة إليهم ماداموا ملتزمين بحقوق الآخرين ولم يعتدوا.

المسلمون الواعون يرون أن المسيحيّين في أيّ بلد عربي أو إسلامي هم جزء من أوطانهم، لهم ما لبقية المواطنين من الحقوق، وعليهم ما عليهم من الواجبات. ونحن في المملكة العربيّة السعوديّة، وإن لم يكن بيننا مواطنون مسيحيون، فهناك وافدون وعمّال موجودون في بلادنا من أتباع الديانات الأخرى، ويجب التعامل معهم باحترام، هؤلاء أمانة عندنا، فهم من (أهل الذمّة) أي في ذمّتنا، وسوف يحاسبنا الله تعالى على طريقة التعامل معهم.

إنّ ما نسمعه وتنشره الصحف من إساءات لبعض الخدم من مسلمين وغير مسلمين، لهو أمر مشين معيب، لا ينبغي أن يحصل في مجتمع مسلم، لأنّه يخالف قيم الإسلام، ويخالف الحقوق الإنسانيّة.

وحينما تمرّ هذه المناسبة، علينا أن نبادل أتباع هذه الديانة المشاعر الإيجابيّة، وكما أننا نفرح حينما يتفاعل الآخرون مع مناسباتنا، علينا أن نتفاعل مع مناسباتهم.

ليس هناك مانع أن نتفاعل مع الآخرين في مناسباتهم، وخصوصاً في مناسبة إيجابيّة هي ذكرى ولادة نبيّ من أنبياء الله العظام، ومن أولي العزم.

*جريدة الدّار الكويتيّة: 31 / 12 / 2010م. العدد: 906.

الاحتفاء بالأنبياء والانشداد إلى سيرهم منهج قرآني، فإنّ القرآن الكريم قد تحدث عن سير الأنبياء وحياتهم، ودعا البشرية للاقتداء بهم والانشداد إليهم، وفي سوره شواهد كثيرة، كما جاء مفصلًا ولادة نبي الله عيسى، وقد بشّر الله تعالى به مريم: ﴿إِذْ قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ...﴾.

فسمّي "كلمة الله"، لأن وجوده ارتبط بكلمة من الله تعالى: "كُنْ فَيَكُونُ"، ويحتمل أن يكون معنى "كلمة" هو المخلوق والموجود، كما في الآية الكريمة: ﴿قُلْ لَوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَادًا لِكَلِمَاتِ رَبِّي...﴾.

وسمِّي "الْمَسِيحُ"، إمّا لأنّ الله تعالى قد مسح عنه الإثم والرّجس، أو إشارة إلى معجزاته بأنّه كان يمسح على المرضى أو الموتى، فيطيبون أو يحيون بإذن الله تعالى.

في هذه الأيّام، يحتفي المسيحيون بذكرى ولادة نبيّ الله عيسى بن مريم، ونحن وإن كنا نختلف معهم دينيّاً، ولكن هذا الاختلاف لا يشرّع لنا أن ننظر إلى احتفائهم بذكرى ولادة السيد المسيح بنظرة سلبيّة، بل نرى أنّه احتفاء يجب أن يوظَّف في قراءة السيرة الصّحيحة لنبي الله عيسى، وفي الارتباط بالقيم المقدَّسة التي حملها وحملها جميع الأنبياء.

مهما اختلف أتباع الدّيانات الأخرى معنا في الدّين، إلا أنّ ديننا يأمرنا باحترامهم ما لم يعتدوا علينا: ﴿لَا يَنْهَاكُمُ اللهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ...﴾ نختلف معهم ونرى أنّ ديننا الحقّ، ولكنّنا ندعو إلى ديننا بالحكمة والموعظة الحسنة، وسيحاسبنا تعالى جميعًا غدًا.. وفي هذه الحياة، يجب أن يكون هناك احترام متبادل، وبحث في المشتركات: ﴿قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَىٰ كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ...﴾. لقد عاش المسيحيّون في ظلّ الحضارة الإسلاميّة، في حريّة ورفاه واحترام في المجمل، فرسول الله كان يعامل الآخرين بكلّ احترام، ويدعوهم إلى الدين، فإن لم يستجيبوا يتركهم واختيارهم، كما أمره الله تعالى. وفي سيرة أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب مشاهد كثيرة تدلّ على احترام أتباع الديانات الأخرى.

الآن في عالمنا الإسلامي، يوجد مواطنون من المنتمين إلى المسيحية في كثير من الدول العربية والإسلامية. هؤلاء المسيحيون يجب أن يتمتّعوا بحقوقهم الكاملة؛ حقوق المواطنة والإنسانية، ولا يجوز الاعتداء عليهم، ولا الإساءة إليهم ماداموا ملتزمين بحقوق الآخرين ولم يعتدوا.

المسلمون الواعون يرون أن المسيحيّين في أيّ بلد عربي أو إسلامي هم جزء من أوطانهم، لهم ما لبقية المواطنين من الحقوق، وعليهم ما عليهم من الواجبات. ونحن في المملكة العربيّة السعوديّة، وإن لم يكن بيننا مواطنون مسيحيون، فهناك وافدون وعمّال موجودون في بلادنا من أتباع الديانات الأخرى، ويجب التعامل معهم باحترام، هؤلاء أمانة عندنا، فهم من (أهل الذمّة) أي في ذمّتنا، وسوف يحاسبنا الله تعالى على طريقة التعامل معهم.

إنّ ما نسمعه وتنشره الصحف من إساءات لبعض الخدم من مسلمين وغير مسلمين، لهو أمر مشين معيب، لا ينبغي أن يحصل في مجتمع مسلم، لأنّه يخالف قيم الإسلام، ويخالف الحقوق الإنسانيّة.

وحينما تمرّ هذه المناسبة، علينا أن نبادل أتباع هذه الديانة المشاعر الإيجابيّة، وكما أننا نفرح حينما يتفاعل الآخرون مع مناسباتنا، علينا أن نتفاعل مع مناسباتهم.

ليس هناك مانع أن نتفاعل مع الآخرين في مناسباتهم، وخصوصاً في مناسبة إيجابيّة هي ذكرى ولادة نبيّ من أنبياء الله العظام، ومن أولي العزم.

*جريدة الدّار الكويتيّة: 31 / 12 / 2010م. العدد: 906.

اقرأ المزيد
نسخ الآية نُسِخ!
تفسير الآية