في لقاء سابق، تحدّثنا عن أنّ أهمّ مقوّم لنجاح الحياة الزوجية، هو حسن اختيار
الشريك.
فالكثير من الأمّهات والآباء، وحتى البنات والشّباب، يقولون من أين لنا أن نعرف
حقيقة هذا الشَّريك، ونحن في عصر التكاذب، وفي زمن ترى الإنسان في وجه ثم عندما
تعاشره تكتشف أموراً مختلفة تماماً؟!
أنا الآن سوف أتحدّث في كيف يمكننا أن نضمن حسن الاختيار؟
سوف أتحدّث عن خمس قواعد تمكّن الشابّ والفتاة من أن يضمنا حسن الاختيار.
القاعدة الأولى: الالتزام بالحدود الشرعيّة في الاختلاط مع الجنس الآخر. فالذي
يلتزم بالحدود الشرعيّة عند الاختلاط، لا يكون قراره تابعاً لهواه، وإنما يكون
قراره تابعاً لعقل.، هذا الاختلاط غير المقنّن بين الشباب والفتيات، يوقع الكثير من
الفتيات والشباب تحت وطأة انجذاب وهميّ سريع، يأخذون على أساسه قراراً متعجّلاً،
متوهّمين بأنَّ هذا هو الحبّ. ولكن في الحقيقة، الحبّ هو الّذي يكون مبنيّاً على
أسس سليمة. فلا تتعجّلوا، والتزموا بقواعد الاختلاط.. فليلتزم الشباب والفتيات بغضّ
البصر، ولتلتزم الفتيات بالحجاب الشرعيّ وليس بحجاب الموضة. وليحرص الشباب والفتيات
على أن يكونوا جدّيين عندما يتواجدون في الأماكن المختلطة، فهذا سيساعدهم كثيراً
بأن لا يكون قرارهم مشوّشاً بالحبّ غير المتعقل.
المسألة الثّانية هي طلب التوفّق للشَّريك الجيِّد من الله سبحانه وتعالى. وأنا
أدعو كلّ فتاة وشابّ أن يكون الدّعاء صادقاً عقب كلّ صلاة: {رَبَّنَا هَبْ لَنَا
مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ
إِمَاماً}. هذه واحدة من الرزق الذي يعطيه الله للشابّ أو للفتاة، اسمه الزوج
الصّالح أو الزّوجة الصّالحة... أن نطلب من الله، ولا نعتمد على أنفسنا وشطارتنا.
القاعدة الثَّالثة هي الاستعانة بأهل الخبرة، فإن مال القلب إلى شخص معيّن، سواء
كنت شابّاً أو فتاةً، فليس عليك فقط أن تعتدّ بعقلك وتجربتك.. اسألوا أهل الخبرة
إذا لم تحبّوا أن تسألوا الأمَّ والأب، مع أنهما أكثر من يحبّ ابنهما وقادران على
تقديم النصيحة، وعندهما خبرة في هذا المجال. ومن الممكن أن نلجأ إلى العمّ أو الخال
أو العمّة أو الخالة، ومن الممكن أن نلجأ إلى مستشار أسريّ من الثّقات... اسألوا
واستشيروا قبل أن تأخذوا الخيار.
القاعدة الرابعة، هي أن يتوفر الوقت الكافي لاختبار الطرف الآخر.
أنا أقول للشباب والشابات، وحتّى أطلب من الأمّهات والآباء، أن لا يتعجّلوا. في
الفترة الأخيرة، لاحظنا آباءً وأمّهات إمَّا أنّهم مستقيلون من مسؤوليّاتهم: هي
يعجبها.. أنا لا أتدخّل في قرارها، أو ابني أعجبته... الأب والأمّ بالخبرة التي
عندهما، يجب أن ينصحا أولادهما بأن يكون هناك جلسات بين الشابّ والفتاة، ولكن ليست
جلسات فرديّة، يعني أن لا يكون اللّقاء فقط بين الشابّ والفتاة.. فإذا اقتنعت
الفتاة بشابّ معيّن، أو العكس، تدع فترة معيّنة لا تقلّ عن الشهر أو الشهرين ليكون
هناك تعارف بين العائلتين، وليس فقط بين الشخصين.
الولد ابن بيئته، والفتاة بنت بيئتها، وقد دعانا الرسول(ص) إلى أن نفتّش عن المنبت
الصالح. فمن الممكن بعد هذه المعاشرة، أن يتبيّن أنّ هذا الشّخص جيّد، ولكنّه لا
يناسب هذه الفتاة، أو العكس، هذه الفتاة جيدة، ولكنّها لا تناسب هذا الشابّ..
لماذا؟ لأنَّ هناك اختلافاً في وجهات النظر كبيراً جداً بين بيئة العائلتين.
فإذا التزمنا بالحدود الشرعيّة، وبالدعاء الصادق، وتمهّلنا، واستعنّا بخبرة الأهل،
أو استعنّا بخبرة استشاريّين، وإذا وفّرنا وقتاً للتّعارف وللسؤال، وخصوصاً عن
الشابّ في مركز عمله، لأنّ نجاح الشابّ في العلاقات في مركز عمله، دليل على أنّه
راجح العقل والتصرّف.
لماذا أركّز على الشابّ؟ لأنّ عقد الزوجيّة يقيّد الشابّة أكثر مما يقيّد الشابّ.
لذلك، كانت وصايا الرسول(ص) مركّزة لآباء الفتيات، وكان الإسلام يطلب موافقة وليّ
أمر الفتاة البكر، حتى يضمن حسن العاقبة لهذا القرار.
ونسأل الله سبحانه وتعالى لجميع شبابنا وفتياتنا حسن التوفيق باختيار الشّريك
الموافق.