كتابات
22/04/2019

لا تعارض بين الارتباط بالمرجعيّة والوطن

لا تعارض بين الارتباط بالمرجعيّة والوطن

هناك نوع من سوء الفهم لطبيعة علاقة الشيعة بالمرجعيّة الّتي تمثّل موقعاً دينياً أقرب إلى جانب إعطاء الفتاوى الشرعيّة، على أساس ما يتمثّل بالمرجع من كفاية فقهيّة، والغالب في هذه الفتاوى، أنّها تتّصل بالحياة الشخصيّة للإنسان، ولا تنفتح على القضايا العامَّة للمجتمع الإسلامي الواسع، إلا من خلال المرجعيات التي تعيش الأفق الواسع في الخطّ الإسلاميّ الّذي ينفتح على العالم كلّه، بحيث تكون قادرةً على تقديم حلول إسلاميّة حضاريّة إلى النّاس، كي يفهموا أنَّ الإسلام ليس مجرَّد علاقة بين الإنسان وربِّه من الناحية الذاتيَّة، بل هو منهجٌ للحياة، وعقيدة للفكر والعاطفة.

فعلاقة الشّيعة بالمؤسَّسة المرجعيّة أقرب إلى العلاقة الشخصيَّة منها إلى العلاقة القياديّة، أمّا الأطر العامَّة التي يعيش فيها النّاس، كالإطار الوطني أو القومي أو الإقليمي، فقد ترى أن لا دور لها في هذه السَّاحات، إلا إذا كانت مرجعيّةً تنفتح على العالم كلّه.

وفي ضوء ذلك، ليست هناك أيّ مشكلة في ارتباط الشّيعة الولائيّ ـ إذا صحّ التّعبير ـ بالمرجعيّة، مقابل ارتباطهم الوطني الّذي ينطلق من التزام الإنسان بحريّة وطنه أمام الذين يريدون أن يفرضوا عليه سلطتهم، وأن يصادروا ثرواته ويعبثوا بأمنه، كما نلاحظه في البلدان الإسلاميّة الّتي سيطر عليها الغرب تحت شعار الاستعمار فيما مضى، ومن خلال الاحتلال في ما نواجهه في الوقت الحاضر.

أنا لا أتصوَّر أنَّ هناك أيّ تعارض بين الارتباط بالوطن كموقع من المواقع التي يعيش فيها المسلمون الشّيعة، ويعملون على أساس رفع المستوى الثقافي والسياسي والاقتصادي فيها، وبين الالتزام بالمرجعيّة الدينيّة. وعلينا ألا ننسى أنّ الوطن ليس صنماً نعبده؛ فالأرض هي أرض الإنسان التي يعيش فيها، ومن الطبيعي أن ترتبط حريّة هذه الأرض بحريته. وفي هذا المجال، هناك كلمة مرويّة عن الإمام عليّ (ع): "ليس بلد أولى بك من بلد، خير البلاد ما حملك". فالقضيّة هي أنسنة الوطن؛ فإن ابتعد الوطن عن أن يؤنسن للإنسان شخصيَّته وحريّته، فعند ذلك، لا يكون بمستوى القيمة التي يمثّلها الإنسان من حريّة وكرامة...

خلاصة القول: إنّ ارتباط الشّيعة بالمرجعيّة، هو ارتباط شرعيّ وليس ارتباطاً سياسياً، كما أنّ التجربة التي عاشها المسلمون الشيعة ويعيشونها في أوطانهم، تبيِّن أنّهم يلتزمون حرية الوطن أكثر مما يلتزمها الآخرون، فالمقاومة الإسلاميّة في لبنان انطلقت من روح وطنيّة في الدفاع عن الأرض وتحريرها من الاحتلال الإسرائيلي، إلا أنَّ هناك اتّهاماً للمسلمين الشّيعة في المنطقة بأنّهم يخلصون لإيران أكثر مما يخلصون لأوطانهم، مع العلم أنَّ موقف الشّيعة من إيران ليس موقفاً واحداً، فقد يوافق البعض على سياستها ولا يوافق البعض الآخر.

وبعض من يسمّون المعتدلين العرب، يتحدّثون عن علاقة الشّيعة بإيران، ولكنّهم لا يتحدّثون عن علاقة الآخرين بأمريكا والغرب وحتى إسرائيل، وذلك بصرف النظر عن الموافقة أو عدم الموافقة على السياسة الإيرانيّة. وهذه المسألة إنما انطلقت من خلفيّات المشكلة بين أمريكا وإيران.

*من حوارٍ له مع مجلّة "الحوادث" اللّبنانيّة، بتاريخ 17-4-2009م.

هناك نوع من سوء الفهم لطبيعة علاقة الشيعة بالمرجعيّة الّتي تمثّل موقعاً دينياً أقرب إلى جانب إعطاء الفتاوى الشرعيّة، على أساس ما يتمثّل بالمرجع من كفاية فقهيّة، والغالب في هذه الفتاوى، أنّها تتّصل بالحياة الشخصيّة للإنسان، ولا تنفتح على القضايا العامَّة للمجتمع الإسلامي الواسع، إلا من خلال المرجعيات التي تعيش الأفق الواسع في الخطّ الإسلاميّ الّذي ينفتح على العالم كلّه، بحيث تكون قادرةً على تقديم حلول إسلاميّة حضاريّة إلى النّاس، كي يفهموا أنَّ الإسلام ليس مجرَّد علاقة بين الإنسان وربِّه من الناحية الذاتيَّة، بل هو منهجٌ للحياة، وعقيدة للفكر والعاطفة.

فعلاقة الشّيعة بالمؤسَّسة المرجعيّة أقرب إلى العلاقة الشخصيَّة منها إلى العلاقة القياديّة، أمّا الأطر العامَّة التي يعيش فيها النّاس، كالإطار الوطني أو القومي أو الإقليمي، فقد ترى أن لا دور لها في هذه السَّاحات، إلا إذا كانت مرجعيّةً تنفتح على العالم كلّه.

وفي ضوء ذلك، ليست هناك أيّ مشكلة في ارتباط الشّيعة الولائيّ ـ إذا صحّ التّعبير ـ بالمرجعيّة، مقابل ارتباطهم الوطني الّذي ينطلق من التزام الإنسان بحريّة وطنه أمام الذين يريدون أن يفرضوا عليه سلطتهم، وأن يصادروا ثرواته ويعبثوا بأمنه، كما نلاحظه في البلدان الإسلاميّة الّتي سيطر عليها الغرب تحت شعار الاستعمار فيما مضى، ومن خلال الاحتلال في ما نواجهه في الوقت الحاضر.

أنا لا أتصوَّر أنَّ هناك أيّ تعارض بين الارتباط بالوطن كموقع من المواقع التي يعيش فيها المسلمون الشّيعة، ويعملون على أساس رفع المستوى الثقافي والسياسي والاقتصادي فيها، وبين الالتزام بالمرجعيّة الدينيّة. وعلينا ألا ننسى أنّ الوطن ليس صنماً نعبده؛ فالأرض هي أرض الإنسان التي يعيش فيها، ومن الطبيعي أن ترتبط حريّة هذه الأرض بحريته. وفي هذا المجال، هناك كلمة مرويّة عن الإمام عليّ (ع): "ليس بلد أولى بك من بلد، خير البلاد ما حملك". فالقضيّة هي أنسنة الوطن؛ فإن ابتعد الوطن عن أن يؤنسن للإنسان شخصيَّته وحريّته، فعند ذلك، لا يكون بمستوى القيمة التي يمثّلها الإنسان من حريّة وكرامة...

خلاصة القول: إنّ ارتباط الشّيعة بالمرجعيّة، هو ارتباط شرعيّ وليس ارتباطاً سياسياً، كما أنّ التجربة التي عاشها المسلمون الشيعة ويعيشونها في أوطانهم، تبيِّن أنّهم يلتزمون حرية الوطن أكثر مما يلتزمها الآخرون، فالمقاومة الإسلاميّة في لبنان انطلقت من روح وطنيّة في الدفاع عن الأرض وتحريرها من الاحتلال الإسرائيلي، إلا أنَّ هناك اتّهاماً للمسلمين الشّيعة في المنطقة بأنّهم يخلصون لإيران أكثر مما يخلصون لأوطانهم، مع العلم أنَّ موقف الشّيعة من إيران ليس موقفاً واحداً، فقد يوافق البعض على سياستها ولا يوافق البعض الآخر.

وبعض من يسمّون المعتدلين العرب، يتحدّثون عن علاقة الشّيعة بإيران، ولكنّهم لا يتحدّثون عن علاقة الآخرين بأمريكا والغرب وحتى إسرائيل، وذلك بصرف النظر عن الموافقة أو عدم الموافقة على السياسة الإيرانيّة. وهذه المسألة إنما انطلقت من خلفيّات المشكلة بين أمريكا وإيران.

*من حوارٍ له مع مجلّة "الحوادث" اللّبنانيّة، بتاريخ 17-4-2009م.

اقرأ المزيد
نسخ الآية نُسِخ!
تفسير الآية