قاوم القرآن الكريم الإعلام المضادّ بالتثبّت، لأنّ مشكلة الإعلام المضادّ أنّه يلعب على عواطفنا وعلى نقاط ضعفنا، وأنّ مشكلة الإعلام المضادّ أنّه يعتمد على تسرّعك في قبول ما تسمع. لذلك، أعطانا الله قاعدة وقائيّة {وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ}، فلا تتّبع في عقيدتك وفي انطباعاتك وفي أحكامك وفي كلّ حركة حياتك، شيئاً لا تملك معرفته ولا تملك علمه {وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ}، لأنّ الله سيحمّلك مسؤوليّة ذلك، وسيسألك عن كلّ شيء كلّفك به وعن كلّ شيء مارسته {إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولـئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُول}، "السمع وما سمع، والبصر وما رأى، والعقل وما وعى". فالمسألة هي ممّن سمعت وكيف سمعت، فلقد قال عليّ (ع): "ليس بين الحقّ والباطل إلاّ أربعُ أصابع"، فسئل (ع) عن معنى قوله هذا، فجمع أصابعه ووضعها بين أذنه وعينه، ثم قال: "الباطلُ أنْ تقولَ سمعتُ، والحقّ أن تقول رأيتُ".
فالسمع يعطي العقل مادّة خاماً من المسموعات، والبصر يعطي العقل مادّة خاماً من المبصرات، والعقل هو المصنع، وفي المصنع آلة تعزل العناصر الخبيثة الرّديئة من العناصر الطيّبة الجيّدة، ثم بعد ذلك، تعرف كيف ترتّب المسموعات، وكيف ترتّب المبصرات، وكيف تقارن بين هذا وذاك، حيث سيسألك الله كيف فكّرت وكيف لاحظت.
هذا هو المنهج. لذلك، فالمؤمنون لا يعيشون إذا استحضروا إيمانهم تحت رهبة الإشاعة، لأنّ الإشاعة عندما تنطلق، فإنّ المسؤوليّة العقليّة تواجه الإشاعة {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ}، فعندما تسمع خبراً، فكّر هل إنّ المخبر فاسق لا يخاف الله، أو أنّه ثقة عادل يخاف الله. وهكذا عندما يتحدَّث النّاس، وعندما يخطب الخطباء، وعندما يعظ الواعظون حاول أن تعرف مَنْ هم هؤلاء، فلعلّ مثل هؤلاء يعيشون الفسق في عقولهم، والفسق في قلوبهم، بحيث يتحوّل هذا الفسق العقليّ والفسق القلبيّ إلى كلمات تجعل الفسق والفتنة والحقد يعيش في النّاس.
وهذا هو الذي يتحرّك من خلال قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيراً مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ}، وقوله عزّ من قائل: {وَإِذَا جَاءهُمْ أَمْرٌ مِّنَ الأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُواْ بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُوْلِي الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَهُ مِنْهُمْ}.
وهكذا، عليك أن تدقّق فيما سمعت وأن تفكّر فيه، وإذا كنت الإنسان الذي يفكّر بعقل وهدوء ومسؤوليّة، فلن يستطيع الإعلام المضادّ أن يهزم عقلك أو يهزم قناعتك.
*من كتاب "النّدوة"، ج 2.
قاوم القرآن الكريم الإعلام المضادّ بالتثبّت، لأنّ مشكلة الإعلام المضادّ أنّه يلعب على عواطفنا وعلى نقاط ضعفنا، وأنّ مشكلة الإعلام المضادّ أنّه يعتمد على تسرّعك في قبول ما تسمع. لذلك، أعطانا الله قاعدة وقائيّة {وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ}، فلا تتّبع في عقيدتك وفي انطباعاتك وفي أحكامك وفي كلّ حركة حياتك، شيئاً لا تملك معرفته ولا تملك علمه {وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ}، لأنّ الله سيحمّلك مسؤوليّة ذلك، وسيسألك عن كلّ شيء كلّفك به وعن كلّ شيء مارسته {إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولـئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُول}، "السمع وما سمع، والبصر وما رأى، والعقل وما وعى". فالمسألة هي ممّن سمعت وكيف سمعت، فلقد قال عليّ (ع): "ليس بين الحقّ والباطل إلاّ أربعُ أصابع"، فسئل (ع) عن معنى قوله هذا، فجمع أصابعه ووضعها بين أذنه وعينه، ثم قال: "الباطلُ أنْ تقولَ سمعتُ، والحقّ أن تقول رأيتُ".
فالسمع يعطي العقل مادّة خاماً من المسموعات، والبصر يعطي العقل مادّة خاماً من المبصرات، والعقل هو المصنع، وفي المصنع آلة تعزل العناصر الخبيثة الرّديئة من العناصر الطيّبة الجيّدة، ثم بعد ذلك، تعرف كيف ترتّب المسموعات، وكيف ترتّب المبصرات، وكيف تقارن بين هذا وذاك، حيث سيسألك الله كيف فكّرت وكيف لاحظت.
هذا هو المنهج. لذلك، فالمؤمنون لا يعيشون إذا استحضروا إيمانهم تحت رهبة الإشاعة، لأنّ الإشاعة عندما تنطلق، فإنّ المسؤوليّة العقليّة تواجه الإشاعة {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ}، فعندما تسمع خبراً، فكّر هل إنّ المخبر فاسق لا يخاف الله، أو أنّه ثقة عادل يخاف الله. وهكذا عندما يتحدَّث النّاس، وعندما يخطب الخطباء، وعندما يعظ الواعظون حاول أن تعرف مَنْ هم هؤلاء، فلعلّ مثل هؤلاء يعيشون الفسق في عقولهم، والفسق في قلوبهم، بحيث يتحوّل هذا الفسق العقليّ والفسق القلبيّ إلى كلمات تجعل الفسق والفتنة والحقد يعيش في النّاس.
وهذا هو الذي يتحرّك من خلال قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيراً مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ}، وقوله عزّ من قائل: {وَإِذَا جَاءهُمْ أَمْرٌ مِّنَ الأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُواْ بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُوْلِي الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَهُ مِنْهُمْ}.
وهكذا، عليك أن تدقّق فيما سمعت وأن تفكّر فيه، وإذا كنت الإنسان الذي يفكّر بعقل وهدوء ومسؤوليّة، فلن يستطيع الإعلام المضادّ أن يهزم عقلك أو يهزم قناعتك.
*من كتاب "النّدوة"، ج 2.