الحديث عن أنَّ مسألة التّرغيب كانت من سمات المرحلة المكيّة، وأنَّ مسألة الترهيب كانت من سمات المرحلة المدنيّة، هذا الكلام غير دقيق، لأنَّنا عندما ندرس المرحلة المكيّة، نجد أنَّ الآيات التي نزلت فيها قد تكون أكثر ترهيباً من الآيات التي نزلت في المرحلة المدنيّة أو مساوية لها، بل إنَّنا عندما ندرس الآيات التي نزلت في المرحلة المكيّة، نجد فيها ترهيباً؛ وربّما استهدفت إحداث صدمة للمشركين الذين كانوا يحتاجون إلى ما يهزّ مواقع وثنيّتهم في وجدانهم، لأنَّ الوثنيّة لم تكن حالة فكريّة لتناقش فكرياً، وإنَّما كانت حالة تخلُّف مغرقة في التقليد وفي التاريخ وما إلى ذلك. ولذلك، فإنّ القرآن كان عنيفاً جدّاً في المرحلة المكيّة...
عندما ندرس الآيات المدنيّة، فإنَّنا نراها أكثر انفتاحاً على فكر الإنسان وعلى وجدانه. إنَّ الله يقول: {اسْتَجِيبُواْ للهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُم لِمَا يُحْيِيكُمْ}[الأنفال: 24].. إنَّه يخاطب في الإنسان عقله وقناعته، لأنَّ الإسلام لا يريد أن يقيم دولته على أساس إلغاء وجدان الإنسان وقناعته، لأنَّ القناعة فعل إيمان. وقضية الإلزام بالأحكام الإسلاميّة، تماماً كما هو الإلزام بالقانون في أيّ نظام من الأنظمة.
إنَّنا نلاحظ أنَّ أيَّ قانون من القوانين في العالَم ينطلق من حالة إلزام، تواكبها القوانين الجزائيّة والجنائيّة وما إلى ذلك. فالإسلام في مسألة فرض القانون انطلاقاً من سلطة القانون، ليس بدعاً من المواقع، بل هو يلتقي مع كلّ سلطة تملك قانوناً، حتّى لا يعيش المجتمع الفوضى في شؤون حياته.
أمَّا الحديث عن أنَّ الدّين يُلغي الآخر، فإنَّنا لا نستطيع أن نتحدَّث عن الإسلام تحت هذا العنوان، إلَّا إذا أراد بعض الناس أن يتحدّث عن أديان أخرى لا تؤمن بما يقول هذا الدّين: {قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْاْ إِلَى كَلَمَةٍ سَوَاء بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ}[آل عمران: 64]. إنَّ الواقع الذي عاشه الإنسان في مرحلة حركة الأديان كان واقع التعدُّدية الدينيّة، كما أنَّنا نعيش في عصرنا التعدُّدية السياسيّة.
ونحن نلاحظ أنَّ الإسلام حافظ على التعدُّدية الدينيّة، ولذلك عاش اليهود والنصارى جنباً إلى جنب مع المسلمين في كلّ المراحل. ونحن نجد أنَّ اليهود والنصارى موجودون في البلاد الإسلاميّة حتّى الآن؛ وقد سلك الإسلام طريقاً واقعيّاً في البحث عن نقاط اللّقاء وإعطاء اليهود والنصارى حريّتهم الدينيّة.
*من كتاب "حوارات في الفكر والسياسة والاجتماع".

الحديث عن أنَّ مسألة التّرغيب كانت من سمات المرحلة المكيّة، وأنَّ مسألة الترهيب كانت من سمات المرحلة المدنيّة، هذا الكلام غير دقيق، لأنَّنا عندما ندرس المرحلة المكيّة، نجد أنَّ الآيات التي نزلت فيها قد تكون أكثر ترهيباً من الآيات التي نزلت في المرحلة المدنيّة أو مساوية لها، بل إنَّنا عندما ندرس الآيات التي نزلت في المرحلة المكيّة، نجد فيها ترهيباً؛ وربّما استهدفت إحداث صدمة للمشركين الذين كانوا يحتاجون إلى ما يهزّ مواقع وثنيّتهم في وجدانهم، لأنَّ الوثنيّة لم تكن حالة فكريّة لتناقش فكرياً، وإنَّما كانت حالة تخلُّف مغرقة في التقليد وفي التاريخ وما إلى ذلك. ولذلك، فإنّ القرآن كان عنيفاً جدّاً في المرحلة المكيّة...
عندما ندرس الآيات المدنيّة، فإنَّنا نراها أكثر انفتاحاً على فكر الإنسان وعلى وجدانه. إنَّ الله يقول: {اسْتَجِيبُواْ للهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُم لِمَا يُحْيِيكُمْ}[الأنفال: 24].. إنَّه يخاطب في الإنسان عقله وقناعته، لأنَّ الإسلام لا يريد أن يقيم دولته على أساس إلغاء وجدان الإنسان وقناعته، لأنَّ القناعة فعل إيمان. وقضية الإلزام بالأحكام الإسلاميّة، تماماً كما هو الإلزام بالقانون في أيّ نظام من الأنظمة.
إنَّنا نلاحظ أنَّ أيَّ قانون من القوانين في العالَم ينطلق من حالة إلزام، تواكبها القوانين الجزائيّة والجنائيّة وما إلى ذلك. فالإسلام في مسألة فرض القانون انطلاقاً من سلطة القانون، ليس بدعاً من المواقع، بل هو يلتقي مع كلّ سلطة تملك قانوناً، حتّى لا يعيش المجتمع الفوضى في شؤون حياته.
أمَّا الحديث عن أنَّ الدّين يُلغي الآخر، فإنَّنا لا نستطيع أن نتحدَّث عن الإسلام تحت هذا العنوان، إلَّا إذا أراد بعض الناس أن يتحدّث عن أديان أخرى لا تؤمن بما يقول هذا الدّين: {قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْاْ إِلَى كَلَمَةٍ سَوَاء بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ}[آل عمران: 64]. إنَّ الواقع الذي عاشه الإنسان في مرحلة حركة الأديان كان واقع التعدُّدية الدينيّة، كما أنَّنا نعيش في عصرنا التعدُّدية السياسيّة.
ونحن نلاحظ أنَّ الإسلام حافظ على التعدُّدية الدينيّة، ولذلك عاش اليهود والنصارى جنباً إلى جنب مع المسلمين في كلّ المراحل. ونحن نجد أنَّ اليهود والنصارى موجودون في البلاد الإسلاميّة حتّى الآن؛ وقد سلك الإسلام طريقاً واقعيّاً في البحث عن نقاط اللّقاء وإعطاء اليهود والنصارى حريّتهم الدينيّة.
*من كتاب "حوارات في الفكر والسياسة والاجتماع".