النظرة الإسلاميّة إلى الشهادة

النظرة الإسلاميّة إلى الشهادة

يحدثنا القرآن الكريم عن الصورة الحية والرائعة للمضحين والمستشهدين في سبيل الله، فهم يعبرون من الموت والتضحية إلى حياة أبدية خالدة فيها كلّ الرفعة والشرف والكرامة والعزة والأمان، حيث يحيا الشهداء دوماً في سرور وفرح، ويحملون في أنفسهم كل بشارة لمن سيلحق بهم ويسير في خطهم ودربهم، ويستبشرون بما يقبلون عليه من درجات وألطاف معنوية وغير معنوية وهبها الله تعالى لهم ثواباً على ما قدموه من تضحيات، قال تعالى في كتابه العزيز: {ولا تحسبنَّ الذين قتلوا في سبيل الله أمواتاً بل أحياءٌ عند ربِّهم يرزقون * فرحين بما آتاهُمُ الله من فضله ويستبشرون بالذين لـم يلحقوا بهم من خلفهم ألا خـوفٌ عليهم ولا هم يحزنون * يستبشرون بنعمةٍ من الله وفضلٍ وأنَّ الله لا يُضيعُ أجـر المؤمنين}.

إن الله تعالى يريد للناس أن تمتنع عن التفكير بأن الشهداء الذي يبذلون المهج في سبيل الله ودفاعاً عن الحق والتزاماً بالخير، هم أموات، فهذه نظرة مادية ضيقة لا ترقى إلى مستوى مقام الشهداء وما هم عليه من حال ونعم عند الله، فبشهادتهم قد تفتحت لهم أبواب الخلود، وهم أحياء حقيقيون لما هم فيه من ألطاف ومن آفاق فيها كلّ الرحمة والتكرم من الله تعالى.

هذا، وقد أوضح العلامة المرجع السيد محمد حسين فضل الله(رض) النظرة إلى الشّهادة، في معرض تفسيره لما تقدّم من آيات مباركة، فقال:

"الذين يؤمنون بالله واليوم الآخر، فإنَّ الصورة عندهم هي أنّ الحياة تتفجّر من جديد بعد الموت، فليس الموت إلاَّ سفراً كما هو السّفر الذي يمثِّل الانتقال من جوٍّ إلى جوٍّ آخر، ومن مرحلةٍ إلى مرحلةٍ أخرى، وفي هذه الحياة شقاء وسعادة، وفرح وألـم، وجحيم ونعيم... ولكن ذلك كلّه يمثِّل نتاج الحياة الأولى في ما عمله الإنسان من خيرٍ أو شرّ {فَمَنْ يَعْمَلْ مثقال ذرَّةٍ خيراً يرهُ * ومن يعمل مثقال ذرَّةٍ شراً يره}(الزلزلة: 7ـ 8).

وتتحرّك الصورة في وعينا الإيماني من خلال القرآن الكريـم، لتقدِّم لنا الشهداء الذين جاهدوا في سبيل الله بالصورة المشرقة، التي تملأ الروح بالفرح الكبير الذي يوحي بالشعور العميق بالسعادة الروحيّة، بدلاً من الصورة الظاهرية القاتمة: {ولا تحسبنَّ الذين قتلوا في سبيل الله أمواتاً بل أحياءٌ عند ربِّهم يرزقون}، فهم عند الله أحياء، تضجّ الحياة في داخلهم، وتشرق في عيونهم، وتتحرَّك في مظاهر الحياة لديهم... وتلك هي الحياة التي لا يشوبها الكدر والألـم في ما يعيشه النَّاس في هذه الدُّنيا، {فرحين بما آتاهُمُ الله من فضله}، فهم يعيشون الفرح الروحي، في ما أتاهم الله من فضله ولطفه ورحمته، وذلك هو الفرح الحقيقيّ الذي يحسّ الإنسان معه بالسعادة المطلقة التي لا تعكّر صفوها أيّة شائبة، مما كان يجده الفرحون في الدُّنيا الذين يفرحون لشهوةٍ أو لذّةٍ أو انتصار طارئ، في الأجواء التي تمزج ذلك كلّه بالحسرة والألـم من جهات أخرى: {ويستبشرون بالّذين لـم يلحقوا بهم من خلفهم ألا خوفٌ عليهم ولا هم يحزنون}، ويمنحهم الله البُشرى بأولئك الذين تركوهم من خلفهم في الحياة لما يريهم الله من نعمته عليهم ولطفه بهم فيرتاحون لذلك.

ثُمَّ يُعطينا الجوّ الذي يعيشه هؤلاء عند الله، فهم يعيشون الأمن من الخوف، لأنَّ الخوف لا يكون إلاَّ من خلال حالةٍ صعبةٍ مترقّبةٍ، يواجه فيها الإنسان الألـم والشقاء، وليس عند الله للمؤمنين إلاَّ الفرح والسعادة، ويعيشون الأمن من الحزن الذي لا ينطلق إلاَّ من حالةٍ صعبةٍ يحسّ الإنسان بالأسف عليها فيحزن، وليس في حياة المؤمن في الدار الآخرة أيّ شيء أو أيّة خسارة يأسف عليها. فما معنى الخوف والحزن بعد ذلك؟!...

وتتفايض البُشرى، وتنساب حياة وفرحاً وسروراً في نفوسهم، فهم {يستبشرون بنعمةٍ من الله وفضلٍ}، وقد أجمل الله النعمة والفضل، ليوحي بالتصوّر المطلق الذي يلتقي فيه الإنسان بما شاء له التصوّر من آفاق واسعة شاملة لا يصل إليه الخيال... ويشعرون بالحقيقة التي كانت تحملها لهم رسالات السَّماء في ما تحمله للمؤمنين من الوعد بالثواب الجزيل عند الله، وهي {وأنَّ الله لا يُضيعُ أجر المؤمنين}، وها هم يرونه رأي العين في ما يرونهم من نعيم، وفي ما يفيض عليهم من رحمة ولطفٍ ورضوان". [تفسير من وحي القرآن، ج 6].

العلامة الشيخ محمد جواد مغنيّة (رحمه الله)، يشير إلى منزلة الشهداء عند الله، فهم أهل الحق وأهل الله بجدارة، وهم في خلود، لا يذوقون فيه المرارة والعناء والمشقة، وهم يعيشون الفرحة لأنفسهم ولإخوانهم المجاهدين الذين يمشون على درب التضحية والشهادة.

ويضيف الشيخ مغنية بأنّ الله تعالى عنده من الفضل والنعمة الكثير الذي ينتظر من هو بحقّ مشروع شهيد حيّ عند ربّه، الذي يضحي بكلّ ما يستطيعه في سبيل الله.

قال الشيخ مغنية (رحمه الله): {ولا تحسبنّ الذين قتلوا في سبيل الله أموات} أنصار الباطل هم والباطل عند الله سواء، كل منهما إلى زوال واضمحلال بنصّ القرآن {إنّ الباطل كان زهوق}. أما أنصار الحقّ، فهم عند الله وأهل الله تماماً كالحقّ {بل أحياء عند ربهم يرزقون}، كما كانوا في الحياة الدنيا، مع الفارق بأنهم عند الله لا يمسّهم نصب ولا تعب. {فرحين بما آتاهم الله من فضله}، ولا يوازي فضله فضل {ويستبشرون بالَّذين لم يلحقوا بهم من خلفهم} فرح الشّهداء بحظّهم الأوفر عند الله، وأيضاً فرحوا لإخوانهم المجاهدين الذين سيقتلون من بعدهم، وينالون من الله ما نالوه من السعادة القائمة والنعمة الدائمة {ألّا خوف عليهم ولا هم يحزنون}. للشهداء ثلاث فرحات: الفرحة الأولى لأنفسهم، والإشارة بقوله تعالى "فرحين ".. والفرحة الثانية لإخوانهم، وإليها أشار سبحانه بقوله "ويستبشرون".. والفرحة الثالثة لكلّ مؤمن مخلص، وأشار إليها تعالى بقوله {يستبشرون بنعمةٍ من الله وفضلٍ}. والنعمة أجر على عمل، والفضل تفضّل زائد. [التفسير المبين/ الشيخ مغنيّة].

الشهداء هم واقعاً وحقيقة في حياة مستمرة، كما كانوا في دنياهم أعزاء مضحّين، فهم في آخرتهم في حياة لا كدر فيها ولا نصب، بل فيها كلّ تفضّل ورحمة ولطف. من هنا، فهم غائبون بأجسادهم، أحياء مخلّدون بحياتهم التي كتبوها بدمائهم وأوجاعهم وتضحياتهم، فلا معنى للموت الجسدي والمادي أمام ما يجده الشّهداء من آفاق واسعة لفضل الله وثوابه.

يحدثنا القرآن الكريم عن الصورة الحية والرائعة للمضحين والمستشهدين في سبيل الله، فهم يعبرون من الموت والتضحية إلى حياة أبدية خالدة فيها كلّ الرفعة والشرف والكرامة والعزة والأمان، حيث يحيا الشهداء دوماً في سرور وفرح، ويحملون في أنفسهم كل بشارة لمن سيلحق بهم ويسير في خطهم ودربهم، ويستبشرون بما يقبلون عليه من درجات وألطاف معنوية وغير معنوية وهبها الله تعالى لهم ثواباً على ما قدموه من تضحيات، قال تعالى في كتابه العزيز: {ولا تحسبنَّ الذين قتلوا في سبيل الله أمواتاً بل أحياءٌ عند ربِّهم يرزقون * فرحين بما آتاهُمُ الله من فضله ويستبشرون بالذين لـم يلحقوا بهم من خلفهم ألا خـوفٌ عليهم ولا هم يحزنون * يستبشرون بنعمةٍ من الله وفضلٍ وأنَّ الله لا يُضيعُ أجـر المؤمنين}.

إن الله تعالى يريد للناس أن تمتنع عن التفكير بأن الشهداء الذي يبذلون المهج في سبيل الله ودفاعاً عن الحق والتزاماً بالخير، هم أموات، فهذه نظرة مادية ضيقة لا ترقى إلى مستوى مقام الشهداء وما هم عليه من حال ونعم عند الله، فبشهادتهم قد تفتحت لهم أبواب الخلود، وهم أحياء حقيقيون لما هم فيه من ألطاف ومن آفاق فيها كلّ الرحمة والتكرم من الله تعالى.

هذا، وقد أوضح العلامة المرجع السيد محمد حسين فضل الله(رض) النظرة إلى الشّهادة، في معرض تفسيره لما تقدّم من آيات مباركة، فقال:

"الذين يؤمنون بالله واليوم الآخر، فإنَّ الصورة عندهم هي أنّ الحياة تتفجّر من جديد بعد الموت، فليس الموت إلاَّ سفراً كما هو السّفر الذي يمثِّل الانتقال من جوٍّ إلى جوٍّ آخر، ومن مرحلةٍ إلى مرحلةٍ أخرى، وفي هذه الحياة شقاء وسعادة، وفرح وألـم، وجحيم ونعيم... ولكن ذلك كلّه يمثِّل نتاج الحياة الأولى في ما عمله الإنسان من خيرٍ أو شرّ {فَمَنْ يَعْمَلْ مثقال ذرَّةٍ خيراً يرهُ * ومن يعمل مثقال ذرَّةٍ شراً يره}(الزلزلة: 7ـ 8).

وتتحرّك الصورة في وعينا الإيماني من خلال القرآن الكريـم، لتقدِّم لنا الشهداء الذين جاهدوا في سبيل الله بالصورة المشرقة، التي تملأ الروح بالفرح الكبير الذي يوحي بالشعور العميق بالسعادة الروحيّة، بدلاً من الصورة الظاهرية القاتمة: {ولا تحسبنَّ الذين قتلوا في سبيل الله أمواتاً بل أحياءٌ عند ربِّهم يرزقون}، فهم عند الله أحياء، تضجّ الحياة في داخلهم، وتشرق في عيونهم، وتتحرَّك في مظاهر الحياة لديهم... وتلك هي الحياة التي لا يشوبها الكدر والألـم في ما يعيشه النَّاس في هذه الدُّنيا، {فرحين بما آتاهُمُ الله من فضله}، فهم يعيشون الفرح الروحي، في ما أتاهم الله من فضله ولطفه ورحمته، وذلك هو الفرح الحقيقيّ الذي يحسّ الإنسان معه بالسعادة المطلقة التي لا تعكّر صفوها أيّة شائبة، مما كان يجده الفرحون في الدُّنيا الذين يفرحون لشهوةٍ أو لذّةٍ أو انتصار طارئ، في الأجواء التي تمزج ذلك كلّه بالحسرة والألـم من جهات أخرى: {ويستبشرون بالّذين لـم يلحقوا بهم من خلفهم ألا خوفٌ عليهم ولا هم يحزنون}، ويمنحهم الله البُشرى بأولئك الذين تركوهم من خلفهم في الحياة لما يريهم الله من نعمته عليهم ولطفه بهم فيرتاحون لذلك.

ثُمَّ يُعطينا الجوّ الذي يعيشه هؤلاء عند الله، فهم يعيشون الأمن من الخوف، لأنَّ الخوف لا يكون إلاَّ من خلال حالةٍ صعبةٍ مترقّبةٍ، يواجه فيها الإنسان الألـم والشقاء، وليس عند الله للمؤمنين إلاَّ الفرح والسعادة، ويعيشون الأمن من الحزن الذي لا ينطلق إلاَّ من حالةٍ صعبةٍ يحسّ الإنسان بالأسف عليها فيحزن، وليس في حياة المؤمن في الدار الآخرة أيّ شيء أو أيّة خسارة يأسف عليها. فما معنى الخوف والحزن بعد ذلك؟!...

وتتفايض البُشرى، وتنساب حياة وفرحاً وسروراً في نفوسهم، فهم {يستبشرون بنعمةٍ من الله وفضلٍ}، وقد أجمل الله النعمة والفضل، ليوحي بالتصوّر المطلق الذي يلتقي فيه الإنسان بما شاء له التصوّر من آفاق واسعة شاملة لا يصل إليه الخيال... ويشعرون بالحقيقة التي كانت تحملها لهم رسالات السَّماء في ما تحمله للمؤمنين من الوعد بالثواب الجزيل عند الله، وهي {وأنَّ الله لا يُضيعُ أجر المؤمنين}، وها هم يرونه رأي العين في ما يرونهم من نعيم، وفي ما يفيض عليهم من رحمة ولطفٍ ورضوان". [تفسير من وحي القرآن، ج 6].

العلامة الشيخ محمد جواد مغنيّة (رحمه الله)، يشير إلى منزلة الشهداء عند الله، فهم أهل الحق وأهل الله بجدارة، وهم في خلود، لا يذوقون فيه المرارة والعناء والمشقة، وهم يعيشون الفرحة لأنفسهم ولإخوانهم المجاهدين الذين يمشون على درب التضحية والشهادة.

ويضيف الشيخ مغنية بأنّ الله تعالى عنده من الفضل والنعمة الكثير الذي ينتظر من هو بحقّ مشروع شهيد حيّ عند ربّه، الذي يضحي بكلّ ما يستطيعه في سبيل الله.

قال الشيخ مغنية (رحمه الله): {ولا تحسبنّ الذين قتلوا في سبيل الله أموات} أنصار الباطل هم والباطل عند الله سواء، كل منهما إلى زوال واضمحلال بنصّ القرآن {إنّ الباطل كان زهوق}. أما أنصار الحقّ، فهم عند الله وأهل الله تماماً كالحقّ {بل أحياء عند ربهم يرزقون}، كما كانوا في الحياة الدنيا، مع الفارق بأنهم عند الله لا يمسّهم نصب ولا تعب. {فرحين بما آتاهم الله من فضله}، ولا يوازي فضله فضل {ويستبشرون بالَّذين لم يلحقوا بهم من خلفهم} فرح الشّهداء بحظّهم الأوفر عند الله، وأيضاً فرحوا لإخوانهم المجاهدين الذين سيقتلون من بعدهم، وينالون من الله ما نالوه من السعادة القائمة والنعمة الدائمة {ألّا خوف عليهم ولا هم يحزنون}. للشهداء ثلاث فرحات: الفرحة الأولى لأنفسهم، والإشارة بقوله تعالى "فرحين ".. والفرحة الثانية لإخوانهم، وإليها أشار سبحانه بقوله "ويستبشرون".. والفرحة الثالثة لكلّ مؤمن مخلص، وأشار إليها تعالى بقوله {يستبشرون بنعمةٍ من الله وفضلٍ}. والنعمة أجر على عمل، والفضل تفضّل زائد. [التفسير المبين/ الشيخ مغنيّة].

الشهداء هم واقعاً وحقيقة في حياة مستمرة، كما كانوا في دنياهم أعزاء مضحّين، فهم في آخرتهم في حياة لا كدر فيها ولا نصب، بل فيها كلّ تفضّل ورحمة ولطف. من هنا، فهم غائبون بأجسادهم، أحياء مخلّدون بحياتهم التي كتبوها بدمائهم وأوجاعهم وتضحياتهم، فلا معنى للموت الجسدي والمادي أمام ما يجده الشّهداء من آفاق واسعة لفضل الله وثوابه.

اقرأ المزيد
نسخ الآية نُسِخ!
تفسير الآية