{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ بِطَانَةً مِّن دُونِكُمْ}[آل عمران: 118].
بطانة الرّجل: خاصّته، وهي مأخوذة من بطانة الثّوب، باعتبار أنَّها قطعة قماش تكون في داخل الثّوب.
والآية تعني ألّا تتّخذوا الذين يغايرونكم في العقيدة بطانةً، أي تجعلوا علاقاتكم معهم علاقات خاصّة، بحيث تعطونهم أسراركم، وتنفتحون عليهم في كلّ قضاياكم.
ولذلك، نلاحظ أنَّ الله سبحانه وتعالى لم يحذّر المسلمين من النّصارى كما حذّرهم من اليهود، بل إنَّه فرّق في طبيعة العلاقات التعايشيّة والاجتماعيّة والعمليّة، بين المسلمين واليهود والمشركين، وبين النّصارى: {لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِّلَّذِينَ آمَنُواْ الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُواْ وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَّوَدَّةً لِّلَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ قَالُوَاْ إِنَّا نَصَارَى ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَاناً وَأَنَّهُمْ لاَ يَسْتَكْبِرُونَ} [المائدة: 82].
ليست المسألة مسألة اختلاف دينيّ بين المسلمين واليهود فقط، لأنَّ الإسلام دعا ـ في القرآن ـ أهل الكتاب جميعاً إلى كلمة سواء. ولكنّ السّبب في ذلك يعود إلى الممارسة وطبيعة الواقع الَّذي كان اليهود يعيشونه، وما كانوا يبيّتونه من خطط ضدّ الإسلام والمسلمين.
لم تطرح القضيّة من جانب اليهودية في مقابل الإسلام، بالرّغم من وجود خلاف بين اليهوديّة والإسلام في أصول العقيدة والشّريعة، لأنّ الاختلاف الفكريّ مع فريقٍ آخر من النّاس، لا يمنع من الانفتاح عليه في بعض المواقع، والتّنسيق معه إذا كان في موقع الثّقة والأمن الذي تستطيع أن تأمن فيه على نفسك معه. ولكنَّ المسألة هي أنَّك عندما تعيش مع إنسانٍ تفتح كلَّ قلبك له، ويُغلق كلّ قلبه عنك، وتتحرَّك معه في مجالات التَّعايش والتّعاون والتّنسيق، ثمَّ يعمل ويخطّط لإلغائك أو لتعقيد حياتك، أو لإرباك كلّ أوضاعك، فيجب أن تكون في هذه الحال حذراً وواعياً ومفتوح العينين.
لقد دعانا الله سبحانه وتعالى لأن نحبّ النّاس الذين يتّفقون معنا في الرأي لنتعاون معهم في ما اتّفقنا عليه، وأن نحبّ النّاس الذين نختلف معهم في الرأي لتكون مشاعر الحبّ أساساً لهدايتهم لما نؤمن به، لأنَّك إذا لم تحبّ إنساناً، فإنَّك لا تستطيع أن تُدخل الهداية إلى قلبه، التي ربَّما دخلت من خلال العقل أو القلب. عندما تفتح قلبك لإنسانٍ، فإنَّك تستطيع أن تنفذ من خلال خفقات قلبك إلى خفقات قلبه، وعند ذلك، يمكن أن تنفذ إلى ثنايا عقله.
لهذا، لاحظنا أنَّ الله يركّز على اليهود، ويرفض بشدّة اعتبارهم خاصّتنا ومستودع أسرارنا، وأن نعيش معهم بشكل طبيعيّ، على أساس ما يعيشونه في داخل شخصيّاتهم من واقعٍ ضدّنا، ومن خلال ما يحكم حركتهم في الواقع الخارجيّ من تآمرٍ علينا.
وهذا ما عبّرت عنه الآيات: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ بِطَانَةً مِّن دُونِكُمْ لَا يَأْلُونَكُمْ خَبَالاً وَدُّواْ مَا عَنِتُّمْ}. العنت يعني المشقّة. فهم يعيشون معكم، ولكنَّهم يتمنّون ويودّون أن تتعبوا وتعانوا المشقّات والصّعوبات والعقبات.
{قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاء مِنْ أَفْوَاهِهِمْ}، يعني تسمعون بين وقت وآخر ما يهمسون به من كلمات، أو من خلال ما يظهر في مجال التحدّيات والصّراعات والخلافات، فتجدون أنَّ كلماتهم هي كلمات حاقدة وعدائيّة، تعبّر عن الحقد الكامن داخل نفوسهم.
{وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ}، ولو أنَّكم نفذتم إلى داخل صدورهم، واطّلعتم على مكامن أسرارهم، لرأيتم أنَّ ما يظهر منهم من هذه العداوة المتمثّلة بكلماتهم، أقلّ بكثير ممّا تخفي صدورهم من العداوة والبغضاء، لأنَّهم يريدون إلغاء وجودكم، وتدمير رسالتكم وحركتكم في خطّ الدّعوة إلى الله.
* من كتاب "إرادة القوّة".

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ بِطَانَةً مِّن دُونِكُمْ}[آل عمران: 118].
بطانة الرّجل: خاصّته، وهي مأخوذة من بطانة الثّوب، باعتبار أنَّها قطعة قماش تكون في داخل الثّوب.
والآية تعني ألّا تتّخذوا الذين يغايرونكم في العقيدة بطانةً، أي تجعلوا علاقاتكم معهم علاقات خاصّة، بحيث تعطونهم أسراركم، وتنفتحون عليهم في كلّ قضاياكم.
ولذلك، نلاحظ أنَّ الله سبحانه وتعالى لم يحذّر المسلمين من النّصارى كما حذّرهم من اليهود، بل إنَّه فرّق في طبيعة العلاقات التعايشيّة والاجتماعيّة والعمليّة، بين المسلمين واليهود والمشركين، وبين النّصارى: {لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِّلَّذِينَ آمَنُواْ الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُواْ وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَّوَدَّةً لِّلَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ قَالُوَاْ إِنَّا نَصَارَى ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَاناً وَأَنَّهُمْ لاَ يَسْتَكْبِرُونَ} [المائدة: 82].
ليست المسألة مسألة اختلاف دينيّ بين المسلمين واليهود فقط، لأنَّ الإسلام دعا ـ في القرآن ـ أهل الكتاب جميعاً إلى كلمة سواء. ولكنّ السّبب في ذلك يعود إلى الممارسة وطبيعة الواقع الَّذي كان اليهود يعيشونه، وما كانوا يبيّتونه من خطط ضدّ الإسلام والمسلمين.
لم تطرح القضيّة من جانب اليهودية في مقابل الإسلام، بالرّغم من وجود خلاف بين اليهوديّة والإسلام في أصول العقيدة والشّريعة، لأنّ الاختلاف الفكريّ مع فريقٍ آخر من النّاس، لا يمنع من الانفتاح عليه في بعض المواقع، والتّنسيق معه إذا كان في موقع الثّقة والأمن الذي تستطيع أن تأمن فيه على نفسك معه. ولكنَّ المسألة هي أنَّك عندما تعيش مع إنسانٍ تفتح كلَّ قلبك له، ويُغلق كلّ قلبه عنك، وتتحرَّك معه في مجالات التَّعايش والتّعاون والتّنسيق، ثمَّ يعمل ويخطّط لإلغائك أو لتعقيد حياتك، أو لإرباك كلّ أوضاعك، فيجب أن تكون في هذه الحال حذراً وواعياً ومفتوح العينين.
لقد دعانا الله سبحانه وتعالى لأن نحبّ النّاس الذين يتّفقون معنا في الرأي لنتعاون معهم في ما اتّفقنا عليه، وأن نحبّ النّاس الذين نختلف معهم في الرأي لتكون مشاعر الحبّ أساساً لهدايتهم لما نؤمن به، لأنَّك إذا لم تحبّ إنساناً، فإنَّك لا تستطيع أن تُدخل الهداية إلى قلبه، التي ربَّما دخلت من خلال العقل أو القلب. عندما تفتح قلبك لإنسانٍ، فإنَّك تستطيع أن تنفذ من خلال خفقات قلبك إلى خفقات قلبه، وعند ذلك، يمكن أن تنفذ إلى ثنايا عقله.
لهذا، لاحظنا أنَّ الله يركّز على اليهود، ويرفض بشدّة اعتبارهم خاصّتنا ومستودع أسرارنا، وأن نعيش معهم بشكل طبيعيّ، على أساس ما يعيشونه في داخل شخصيّاتهم من واقعٍ ضدّنا، ومن خلال ما يحكم حركتهم في الواقع الخارجيّ من تآمرٍ علينا.
وهذا ما عبّرت عنه الآيات: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ بِطَانَةً مِّن دُونِكُمْ لَا يَأْلُونَكُمْ خَبَالاً وَدُّواْ مَا عَنِتُّمْ}. العنت يعني المشقّة. فهم يعيشون معكم، ولكنَّهم يتمنّون ويودّون أن تتعبوا وتعانوا المشقّات والصّعوبات والعقبات.
{قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاء مِنْ أَفْوَاهِهِمْ}، يعني تسمعون بين وقت وآخر ما يهمسون به من كلمات، أو من خلال ما يظهر في مجال التحدّيات والصّراعات والخلافات، فتجدون أنَّ كلماتهم هي كلمات حاقدة وعدائيّة، تعبّر عن الحقد الكامن داخل نفوسهم.
{وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ}، ولو أنَّكم نفذتم إلى داخل صدورهم، واطّلعتم على مكامن أسرارهم، لرأيتم أنَّ ما يظهر منهم من هذه العداوة المتمثّلة بكلماتهم، أقلّ بكثير ممّا تخفي صدورهم من العداوة والبغضاء، لأنَّهم يريدون إلغاء وجودكم، وتدمير رسالتكم وحركتكم في خطّ الدّعوة إلى الله.
* من كتاب "إرادة القوّة".