يوم القيامة، يُنادي اللهُ عباده الَّذين آمنوا به وعَمِلوا صالحاً واستقاموا على طريق الله وتوحيدِه، واستقاموا على كلمة الله: {يَا عِبَادِ لَا خَوْفٌ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ وَلَا أَنتُمْ تَحْزَنُونَ}[الزخرف: 68]. إذا كنتم فقدتُم العَوْن في الدّنيا، وتنكَّر لكم أهلُكم وأصدقاؤكم ورفضوا قناعاتكم، فإنّي أنا ربُّكم ووليُّكم، ومَنْ كان اللهُ وليَّه في يوم القيامة، فإنّه يدبِّر أمرَه، ولذا، فمن أيِّ شيءٍ يخافُ؟ وعلى أيِّ شيءٍ يحزن؟ فالإنسانُ المؤمنُ يحظى بالأمن الكبير عندما يكون مع الله، وعندما يكونُ الله معه، فهناك الفرحُ الكبير الَّذي لا حُزْنَ معه، والأمنُ العظيم الَّذي لا خوف معه.
مَنْ هم عبادُه؟ {الَّذِينَ آمَنُوا بِآيَاتِنَا وَكَانُوا مُسْلِمِينَ}[الزخرف: 69] آمنوا بما أنزَلَ اللهُ على رُسله، ولم يُفرِّقوا بين أحدٍ منهم، وسلَّموا أمرَهم إلى الله في كلّ ما أمرهم فلم يعترضوا.
{ادْخُلُوا الْجَنَّةَ أَنتُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ تُحْبَرُونَ}[الزخرف: 70] ادخُلوا الجنّة أيّها المؤمنون من الرّجال والنّساء؛ فلتدخُلِ المرأةُ مع مَنِ ارتضته زوجاً لها، وليدخُلِ الرَّجلُ مع زوجته، حيث تجدون الفرحَ الكبير وتتلقَّون السّرور {يُطَافُ عَلَيْهِم بِصِحَافٍ مِّن ذَهَبٍ وَأَكْوَابٍ وَفِيهَا مَا تَشْتَهِيهِ الْأَنفُسُ وَتَلَذُّ الْأَعْيُنُ وَأَنتُمْ فِيهَا خَالِدُونَ}[الزخرف: 71]. هناك السَّعادة كلُّ السّعادة، حيث لا تَعَبٌ ولا مَرَضٌ، بل الرّاحةُ والخلودُ في النَّعيم {وَتِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ}[الزّخرف: 72]، فأورثكَم اللهُ تعالى الجنَّةَ بعملكم. ولا تُعطى الجنَّةُ مجَّاناً، بل للجنَّةِ ثمنُها وجُهدُها وتَعبُها، وعلى الإنسان الَّذي يطمحُ للوصول إلى الجنّة، أن يكابدَ في خطِّ الاستقامة، ويعيشَ الحركةَ في طاعة الله {لَكُمْ فِيهَا فَاكِهَةٌ كَثِيرَةٌ مِنْهَا تَأْكُلُونَ}[الزخرف: 73]، وهذه هي النَّتيجةُ التي يحصلُ عليها المؤمنون بإيمانهم، والعاملون بعملِهم الصَّالح.
وكما أنَّ المؤمنين في نعيمِ الجنَّة خالدون، فالمجرمون في جهنَّم خالدون: {إِنَّ الْمُجْرِمِينَ فِي عَذَابِ جَهَنَّمَ خَالِدُونَ * لَا يُفَتَّرُ عَنْهُمْ وَهُمْ فِيهِ مُبْلِسُونَ}[الزخرف: 74 ـــ 75]. فالعذابُ لا ينفصلُ عنهم، فهم في عذابٍ دائم، لذلك هم مُتعَبون متألِّمون {وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَكِن كَانُوا هُمُ الظَّالِمِينَ}[الزخرف: 76]، فظلمُوا أنفسهم عندما اختاروا الكفرَ على الإيمان، والمعصية على الطَّاعة، واختاروا الانحراف على الطاعة.
وهم في شدَّة العذاب ينادون: {وَنَادَوْا يَا مَالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ}، لقد عشنا الألمَ كأقصى ما يكون الألم، ولا قدرةَ لنا على البقاء في هذا العذاب، فليقضِ علينا ربُّك بالموت حتّى نتخفَّف من عذاب جهنَّم وآلامِها { قَالَ إِنَّكُم مَّاكِثُونَ}[الزخرف : 77]. ويأتيهُم الجواب: هذا مقامُكم الَّذي لا خروجَ لكم منه {لَقَدْ جِئْنَاكُم بِالْحَقِّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَكُمْ لِلْحَقِّ كَارِهُونَ}[الزخرف: 78] وما تنالُونه من عذاب، فلأنّكم رفضتُم الحقّ الذي جاءكم به الرّسل من عند الله، وهذا الحقّ تمثّل في العقيدةِ والشريعة، وفي حركةِ الحياة، وفي علاقات النّاس، ولكنّكم كرهتم هذا الحقّ وتصدّيتم له، {أَمْ أَبْرَمُوا أَمْراً فَإِنَّا مُبْرِمُونَ}[الزخرف: 79]، وفي مواجهتِكم للحقّ وضَعتم الخُطَط، وأبرمتُم أموراً من خلال ما كنتم تتحرّكون في الدّنيا لتُفْتِنوا النّاس ولتصدُّوا عن سبيل الله، ولكنَّ الله تعالى كان لكم بالمرصاد، فإنَّه سبحانه عندما يُبرم الأمور، يُبرمها بأقوى ممّا يُبرمها النَّاسُ ويُخطِّط بأقوى ممّا يخطّطون {أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لَا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُم بَلَى وَرُسُلُنَا لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ}[الزخرف: 80]، إنْ كانوا يظنُّون أنَّ الله تعالى لا يكتشفُ خطَطهم ومؤامراتِهم وانحرافاتِهم فإنّهم واهمون، لأنَّ الله سبحانه يعرف خطَطهم السرّية، ويسمعُ سرَّهم عندما يستبطنون السرّ الَّذي يتحرّك في خطّ الخطيئةِ والظلمِ والانحراف، ويعلمُ نجواهم عندما يتناجوْن ويُحدِّثون بعضَهم بعضاً بالشرّ، فاللهُ تعالى يعلمُ كلَّ ذلك، وملائكتُه المرسلونَ يكتُبون عليهم كلَّ ما يتحرّكون فيه {مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ}[ق: 18].
ويُنكر عليهم القرآن الكريم اعتقادَهم الخاطئ عن الله سبحانه {قُلْ إِن كَانَ لِلرَّحْمَنِ وَلَدٌ فَأَنَا أَوَّلُ الْعَابِدِينَ}[الزخرف: 81]، فأنا أكفرُ بقولكم بأنَّ لله ولداً، وأنا أوّلُ العابدين لله، أعبدُه ولا أُشرِكُ به شيئاً، فهو الواحدُ الأحدُ الصَّمَد الذي لم يلدْ ولم يولَدْ ولم يكُنْ لهُ كُفُواً أَحَدْ {سُبْحَانَ رَبِّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ}[الزخرف: 82]، فتنزَّه سبحانَه عمَّا يَصِفون له من أولاد أو من شركاء، فهو تعالى الذي يتنزّهُ عن ذلك، ويملُك العَظَمة التي تعلو فوق ذلك.
* من كتاب "من عرفان القرآن".

يوم القيامة، يُنادي اللهُ عباده الَّذين آمنوا به وعَمِلوا صالحاً واستقاموا على طريق الله وتوحيدِه، واستقاموا على كلمة الله: {يَا عِبَادِ لَا خَوْفٌ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ وَلَا أَنتُمْ تَحْزَنُونَ}[الزخرف: 68]. إذا كنتم فقدتُم العَوْن في الدّنيا، وتنكَّر لكم أهلُكم وأصدقاؤكم ورفضوا قناعاتكم، فإنّي أنا ربُّكم ووليُّكم، ومَنْ كان اللهُ وليَّه في يوم القيامة، فإنّه يدبِّر أمرَه، ولذا، فمن أيِّ شيءٍ يخافُ؟ وعلى أيِّ شيءٍ يحزن؟ فالإنسانُ المؤمنُ يحظى بالأمن الكبير عندما يكون مع الله، وعندما يكونُ الله معه، فهناك الفرحُ الكبير الَّذي لا حُزْنَ معه، والأمنُ العظيم الَّذي لا خوف معه.
مَنْ هم عبادُه؟ {الَّذِينَ آمَنُوا بِآيَاتِنَا وَكَانُوا مُسْلِمِينَ}[الزخرف: 69] آمنوا بما أنزَلَ اللهُ على رُسله، ولم يُفرِّقوا بين أحدٍ منهم، وسلَّموا أمرَهم إلى الله في كلّ ما أمرهم فلم يعترضوا.
{ادْخُلُوا الْجَنَّةَ أَنتُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ تُحْبَرُونَ}[الزخرف: 70] ادخُلوا الجنّة أيّها المؤمنون من الرّجال والنّساء؛ فلتدخُلِ المرأةُ مع مَنِ ارتضته زوجاً لها، وليدخُلِ الرَّجلُ مع زوجته، حيث تجدون الفرحَ الكبير وتتلقَّون السّرور {يُطَافُ عَلَيْهِم بِصِحَافٍ مِّن ذَهَبٍ وَأَكْوَابٍ وَفِيهَا مَا تَشْتَهِيهِ الْأَنفُسُ وَتَلَذُّ الْأَعْيُنُ وَأَنتُمْ فِيهَا خَالِدُونَ}[الزخرف: 71]. هناك السَّعادة كلُّ السّعادة، حيث لا تَعَبٌ ولا مَرَضٌ، بل الرّاحةُ والخلودُ في النَّعيم {وَتِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ}[الزّخرف: 72]، فأورثكَم اللهُ تعالى الجنَّةَ بعملكم. ولا تُعطى الجنَّةُ مجَّاناً، بل للجنَّةِ ثمنُها وجُهدُها وتَعبُها، وعلى الإنسان الَّذي يطمحُ للوصول إلى الجنّة، أن يكابدَ في خطِّ الاستقامة، ويعيشَ الحركةَ في طاعة الله {لَكُمْ فِيهَا فَاكِهَةٌ كَثِيرَةٌ مِنْهَا تَأْكُلُونَ}[الزخرف: 73]، وهذه هي النَّتيجةُ التي يحصلُ عليها المؤمنون بإيمانهم، والعاملون بعملِهم الصَّالح.
وكما أنَّ المؤمنين في نعيمِ الجنَّة خالدون، فالمجرمون في جهنَّم خالدون: {إِنَّ الْمُجْرِمِينَ فِي عَذَابِ جَهَنَّمَ خَالِدُونَ * لَا يُفَتَّرُ عَنْهُمْ وَهُمْ فِيهِ مُبْلِسُونَ}[الزخرف: 74 ـــ 75]. فالعذابُ لا ينفصلُ عنهم، فهم في عذابٍ دائم، لذلك هم مُتعَبون متألِّمون {وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَكِن كَانُوا هُمُ الظَّالِمِينَ}[الزخرف: 76]، فظلمُوا أنفسهم عندما اختاروا الكفرَ على الإيمان، والمعصية على الطَّاعة، واختاروا الانحراف على الطاعة.
وهم في شدَّة العذاب ينادون: {وَنَادَوْا يَا مَالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ}، لقد عشنا الألمَ كأقصى ما يكون الألم، ولا قدرةَ لنا على البقاء في هذا العذاب، فليقضِ علينا ربُّك بالموت حتّى نتخفَّف من عذاب جهنَّم وآلامِها { قَالَ إِنَّكُم مَّاكِثُونَ}[الزخرف : 77]. ويأتيهُم الجواب: هذا مقامُكم الَّذي لا خروجَ لكم منه {لَقَدْ جِئْنَاكُم بِالْحَقِّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَكُمْ لِلْحَقِّ كَارِهُونَ}[الزخرف: 78] وما تنالُونه من عذاب، فلأنّكم رفضتُم الحقّ الذي جاءكم به الرّسل من عند الله، وهذا الحقّ تمثّل في العقيدةِ والشريعة، وفي حركةِ الحياة، وفي علاقات النّاس، ولكنّكم كرهتم هذا الحقّ وتصدّيتم له، {أَمْ أَبْرَمُوا أَمْراً فَإِنَّا مُبْرِمُونَ}[الزخرف: 79]، وفي مواجهتِكم للحقّ وضَعتم الخُطَط، وأبرمتُم أموراً من خلال ما كنتم تتحرّكون في الدّنيا لتُفْتِنوا النّاس ولتصدُّوا عن سبيل الله، ولكنَّ الله تعالى كان لكم بالمرصاد، فإنَّه سبحانه عندما يُبرم الأمور، يُبرمها بأقوى ممّا يُبرمها النَّاسُ ويُخطِّط بأقوى ممّا يخطّطون {أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لَا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُم بَلَى وَرُسُلُنَا لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ}[الزخرف: 80]، إنْ كانوا يظنُّون أنَّ الله تعالى لا يكتشفُ خطَطهم ومؤامراتِهم وانحرافاتِهم فإنّهم واهمون، لأنَّ الله سبحانه يعرف خطَطهم السرّية، ويسمعُ سرَّهم عندما يستبطنون السرّ الَّذي يتحرّك في خطّ الخطيئةِ والظلمِ والانحراف، ويعلمُ نجواهم عندما يتناجوْن ويُحدِّثون بعضَهم بعضاً بالشرّ، فاللهُ تعالى يعلمُ كلَّ ذلك، وملائكتُه المرسلونَ يكتُبون عليهم كلَّ ما يتحرّكون فيه {مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ}[ق: 18].
ويُنكر عليهم القرآن الكريم اعتقادَهم الخاطئ عن الله سبحانه {قُلْ إِن كَانَ لِلرَّحْمَنِ وَلَدٌ فَأَنَا أَوَّلُ الْعَابِدِينَ}[الزخرف: 81]، فأنا أكفرُ بقولكم بأنَّ لله ولداً، وأنا أوّلُ العابدين لله، أعبدُه ولا أُشرِكُ به شيئاً، فهو الواحدُ الأحدُ الصَّمَد الذي لم يلدْ ولم يولَدْ ولم يكُنْ لهُ كُفُواً أَحَدْ {سُبْحَانَ رَبِّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ}[الزخرف: 82]، فتنزَّه سبحانَه عمَّا يَصِفون له من أولاد أو من شركاء، فهو تعالى الذي يتنزّهُ عن ذلك، ويملُك العَظَمة التي تعلو فوق ذلك.
* من كتاب "من عرفان القرآن".