يحدّثنا القرآن عن شخصيَّة الداعية الذي يفرض التحدّي على الآخرين، ولا يقتصر
على مواجهته من قبلهم، كردّ فعل لما يثيرونه أو يفرضونه: {الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ
رِسَالَاتِ اللهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلَا يَخْشَوْنَ أَحَداً إِلَّا اللهَ وَكَفَى
بِاللهِ حَسِيباً}[الأحزاب: 39].
إنّها الصّورة الرائعة للدّعاة إلى الله، الَّذين يقفون بقوّة دعوتهم المستمدَّة من
قوَّة الله أمامَ قوى الكون كلّه، ليبلِّغوا رسالات الله بالأسلوب القويّ الهادر،
والتحدّي الرساليّ الكبير لكلّ ما يطرحونه من دعوات، وما يثيرونه من شعارات،
وليعلنوا أنّهم لا يخافون أحداً إلَّا الله؛ إنّهم حزب الله وأولياؤه، لا خوف عليهم
ولا هم يحزنون.
إنَّ القرآن يعرض الصّورة بوضوح، ويختم الآية باعتبار موقفهم منسجماً مع الواقع،
لأنَّهم اكتفوا بالله، وهو الكافي لكلِّ من استعان به في مهمَّاته وشدائده.
ونلتقي بآيةٍ أخرى، لا تقدِّم النَّموذج، بل تطرح الفكرة في أسلوب الرَّفض الحاسم
لكلِّ أساليب التَّخويف، واعتبار الإنسان الَّذي يخضع لها ضالاً عن الحقّ ضلالاً لا
هداية معه، وذلك قوله تعالى: {أَلَيْسَ اللهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ وَيُخَوِّفُونَكَ
بِالَّذِينَ مِن دُونِهِ وَمَن يُضْلِلِ اللهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ}[الزمر: 36].
ولعلّ هذا الأسلوب لا يقتصر على الجانب الفكريّ، بل يتعدّاه إلى الجوانب العمليَّة
التي تكفل للإنسان ممارسة هذا الشعور الروحيّ بكفاية الله له، وحرّيته أمام الآخرين.
وهذا هو ما يعبّر عنه الإمام زين العابدين (ع) في دعاء "مكارم الأخلاق" الَّذي يشير
فيه إلى بعض لحظات الضّعف الّتي تجعل الإنسان يتخلَّى عن مواقفه المبدئيَّة تحت ضغط
الحاجة الملحَّة إلى المال:
"اللَّهمَّ صن وجهي باليسار، ولا تبتذل جاهي بالإقتار، فأسترزق طالبي رزقك، وأستعطي
شرار خلقك، فأُفتتن بحمد من أعطاني، وأُبتلى بذمِّ من منعني، وأنت من دونهم وليّ
الإعطاء والمنع".
فهو يقرِّر لنا الحالة ونتائجها في حالة ضغط الانحراف، ليوحي بأنَّ على الفرد
والمجتمع ـــ الذي يريد الإنسان فيه أن يقف مع مبادئه وقفةً واقعيّةً ـــ أن يخطّط
لتخليصه من هذا الواقع، لئلّا يستغلّ أولئك حالة الضّعف في خلق حالة ضعف جديدة.
* من كتاب "الإسلام ومنطق القوّة".

يحدّثنا القرآن عن شخصيَّة الداعية الذي يفرض التحدّي على الآخرين، ولا يقتصر
على مواجهته من قبلهم، كردّ فعل لما يثيرونه أو يفرضونه: {الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ
رِسَالَاتِ اللهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلَا يَخْشَوْنَ أَحَداً إِلَّا اللهَ وَكَفَى
بِاللهِ حَسِيباً}[الأحزاب: 39].
إنّها الصّورة الرائعة للدّعاة إلى الله، الَّذين يقفون بقوّة دعوتهم المستمدَّة من
قوَّة الله أمامَ قوى الكون كلّه، ليبلِّغوا رسالات الله بالأسلوب القويّ الهادر،
والتحدّي الرساليّ الكبير لكلّ ما يطرحونه من دعوات، وما يثيرونه من شعارات،
وليعلنوا أنّهم لا يخافون أحداً إلَّا الله؛ إنّهم حزب الله وأولياؤه، لا خوف عليهم
ولا هم يحزنون.
إنَّ القرآن يعرض الصّورة بوضوح، ويختم الآية باعتبار موقفهم منسجماً مع الواقع،
لأنَّهم اكتفوا بالله، وهو الكافي لكلِّ من استعان به في مهمَّاته وشدائده.
ونلتقي بآيةٍ أخرى، لا تقدِّم النَّموذج، بل تطرح الفكرة في أسلوب الرَّفض الحاسم
لكلِّ أساليب التَّخويف، واعتبار الإنسان الَّذي يخضع لها ضالاً عن الحقّ ضلالاً لا
هداية معه، وذلك قوله تعالى: {أَلَيْسَ اللهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ وَيُخَوِّفُونَكَ
بِالَّذِينَ مِن دُونِهِ وَمَن يُضْلِلِ اللهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ}[الزمر: 36].
ولعلّ هذا الأسلوب لا يقتصر على الجانب الفكريّ، بل يتعدّاه إلى الجوانب العمليَّة
التي تكفل للإنسان ممارسة هذا الشعور الروحيّ بكفاية الله له، وحرّيته أمام الآخرين.
وهذا هو ما يعبّر عنه الإمام زين العابدين (ع) في دعاء "مكارم الأخلاق" الَّذي يشير
فيه إلى بعض لحظات الضّعف الّتي تجعل الإنسان يتخلَّى عن مواقفه المبدئيَّة تحت ضغط
الحاجة الملحَّة إلى المال:
"اللَّهمَّ صن وجهي باليسار، ولا تبتذل جاهي بالإقتار، فأسترزق طالبي رزقك، وأستعطي
شرار خلقك، فأُفتتن بحمد من أعطاني، وأُبتلى بذمِّ من منعني، وأنت من دونهم وليّ
الإعطاء والمنع".
فهو يقرِّر لنا الحالة ونتائجها في حالة ضغط الانحراف، ليوحي بأنَّ على الفرد
والمجتمع ـــ الذي يريد الإنسان فيه أن يقف مع مبادئه وقفةً واقعيّةً ـــ أن يخطّط
لتخليصه من هذا الواقع، لئلّا يستغلّ أولئك حالة الضّعف في خلق حالة ضعف جديدة.
* من كتاب "الإسلام ومنطق القوّة".