الصورة الأولى (العنوان)
1- إذا لم تخنّي الذَّاكرة – وهي في مثل عمري خوّانة - وإن كنتُ أرى أنَّ تخوين الذَّاكرة بلا إنصاف، إذ إنَّ الأوفق للتعبير عن ضعف الذاكرة هو أنها بهتت بعد سطوع، ونزلت بنزول قوس العمر أو خطّه البياني إلى حيث قال القائل (يأتيك القوس بلا ثمن)!
حدث ذلك في العام 1987 - وسامحوني على عدم الدقَّة في ضبط التواريخ - حينما أوكلت إليّ - لفترة وجيزة - إدارة (المركز الإعلامي) لـ(حزب الدعوة الإسلاميّة) في طهران، وصادف أن زار المرجع الراحل السيّد فضل الله (طيَّب الله ثراه) الجمهوريَّة الإسلاميَّة، فأحببت أن أقدّم إليه هديّة محبّة وتذكار امتنان.
2- طلبت من الإخوة المشرفين على أرشيف الدَّعوة أن يوافوني بما لديهم من صور للسيّد أثناء زياراته السابقة للجمهوريّة، وضممت إليها ما اجتمع لديَّ – بصفتي (الأمين العام للاتحاد الإسلامي لطلبة وشباب العراق) – من صور زياراته التفقديّة لاتحادنا في طهران وقمّ المقدَّسة.
3-تشكّلت باقة من لفيف الصور تصلح أن تكون البوماً، وبعد ترتيبي لها، قرَّرنا – أنا وثلّة من العاملين - زيارة السيّد أبي علي في مقرّ إقامته في فندق (استقلال) بطهران، وبعد ترحيبي بالسيّد ودعوته لإتحافنا بإرشاداته الأبويّة، حملت الألبوم وقدَّمته إليه مشفوعاً بكلمات طيّبة أنَّ الهدايا على مقدار مهديها!
4- أقول هذا لمناسبة العنوان الَّذي اخترته لبعض ما انطبع في الذاكرة من لقطات حيّة، كان بطلَها السيّد محمَّد حسين فضل الله (رحمه الله): (المفكّر الإسلامي الكبير) كما كنّا نسمّيه قبل تصدّيه للمرجعيّة، والمرجع السيد محمد حسين فضل الله بعد تبوّئه مقعد المرجعيَّة، فهو عنوانٌ أدبيّ أو صحفيّ، وليس عنواناً حرفيّاً لمعنى الألبوم!
5- وكما جرت عادتنا في التَّعاطي مع ألبوماتنا حين نتصفَّحها، فإننا لا نقلّب صفحات، ولا نطالع صوراً، وإنما نتقلّب مع تقلّب الأيَّام، كيف كنا، وكيف أصبحنا، وكم تبهجنا صورةٌ لعملٍ أو نشاط شغلنا به زاويةً من زوايا العمر الَّذي ضيّعنا أكثره، وكم نشعر باللّطف الربَّاني السَّابغ علينا مصحوباً بغلائل الرَّحمة، أن صحبنا هذا الرَّجلَ النَّبيل، وذلك الرَّجلَ الصَّالح، وتلك الجماعة الخيّرة المباركة.
6- في الذكرى الخامسة عشرة لرحيله، وبتحفيز غير مباشر من صديقٍ أثير، وإخوة مخلصين يعرفون مدى علاقتي بالسيّد الجليل، ارتأيت أن أفتح (ألبوم السيّد)، لا لأستروح رائحة تلك الأيام الزكيّة، بل لأشرك عارفي ومحبي ومريدي ومقدّري شأن ومقام السيّد فضل الله ( رفع اللهُ مقامه)، بأن تتعانق نظراتُنا على الصورة التي سألتقطها من ألبوم ذكرياتي معه، بغية أن نفهم العالِم الإنسان، والعامل الحركيّ، والمفكّر المجدّد، عسانا أن نقف عند صورةٍ ما مليّاً لنستلهم بعض إيحاءاتِها في ثمالةٍ من عمرٍ نحرص أن يكون قريباً – في نهاياتهِ على الأقل - إلى الله تعالى.
7- لماذا الآن؟ وما هي الغاية؟
الجواب عن السؤال الأوَّل: ليس لاستذكار الأحياء بأعمالِهم المجيدة توقيتٌ، فغالباً ما يحصل وأنا أتحدَّث في جلسة بينيّة، أو مجلسٍ حافل، عن لقطة من تلك اللَّقطات، وصورة من تلك الصور، بما يناسب مورد الاستشهاد، ويثري الفكرة المطروحة للنقاش.
وأمَّا الجواب عن السؤال الثاني، فهو أنَّه كلَّما طالت واستطالت فترة الابتعاد عن الشخصيَّة الربانيَّة العاملة، دبَّ لونٌ من الفتور والخدر في الذّاكرة أسمّيه الجفاء غير المتعمّد، وخصوصاً أنَّ الرَّجل – بطل ألبومنا – قد ملأ مرحلته، هذا التَّعبير الذي كان يستخدمه تحديداً في ذكرى ولادة أو استشهاد الإمام الصَّادق (ع).
ثم إنَّ في الاستذكار والاستحضار أكثر من جنبة وفاء؛ هناك استدعاءُ العالم المـُعلّم ليلقي دروسَه النَّضرة على نفوس لا يموتُ فيها المشرقُ الجميل.
فإلى ألبومي مع السيّد فضل الله (رحمه الله) في بعض صوره المختارة!
غداً بإذن الله – الصّورة الثانية (حيث نمت البذرة).
* من صفحته على فايس بوك.
الصورة الأولى (العنوان)
1- إذا لم تخنّي الذَّاكرة – وهي في مثل عمري خوّانة - وإن كنتُ أرى أنَّ تخوين الذَّاكرة بلا إنصاف، إذ إنَّ الأوفق للتعبير عن ضعف الذاكرة هو أنها بهتت بعد سطوع، ونزلت بنزول قوس العمر أو خطّه البياني إلى حيث قال القائل (يأتيك القوس بلا ثمن)!
حدث ذلك في العام 1987 - وسامحوني على عدم الدقَّة في ضبط التواريخ - حينما أوكلت إليّ - لفترة وجيزة - إدارة (المركز الإعلامي) لـ(حزب الدعوة الإسلاميّة) في طهران، وصادف أن زار المرجع الراحل السيّد فضل الله (طيَّب الله ثراه) الجمهوريَّة الإسلاميَّة، فأحببت أن أقدّم إليه هديّة محبّة وتذكار امتنان.
2- طلبت من الإخوة المشرفين على أرشيف الدَّعوة أن يوافوني بما لديهم من صور للسيّد أثناء زياراته السابقة للجمهوريّة، وضممت إليها ما اجتمع لديَّ – بصفتي (الأمين العام للاتحاد الإسلامي لطلبة وشباب العراق) – من صور زياراته التفقديّة لاتحادنا في طهران وقمّ المقدَّسة.
3-تشكّلت باقة من لفيف الصور تصلح أن تكون البوماً، وبعد ترتيبي لها، قرَّرنا – أنا وثلّة من العاملين - زيارة السيّد أبي علي في مقرّ إقامته في فندق (استقلال) بطهران، وبعد ترحيبي بالسيّد ودعوته لإتحافنا بإرشاداته الأبويّة، حملت الألبوم وقدَّمته إليه مشفوعاً بكلمات طيّبة أنَّ الهدايا على مقدار مهديها!
4- أقول هذا لمناسبة العنوان الَّذي اخترته لبعض ما انطبع في الذاكرة من لقطات حيّة، كان بطلَها السيّد محمَّد حسين فضل الله (رحمه الله): (المفكّر الإسلامي الكبير) كما كنّا نسمّيه قبل تصدّيه للمرجعيّة، والمرجع السيد محمد حسين فضل الله بعد تبوّئه مقعد المرجعيَّة، فهو عنوانٌ أدبيّ أو صحفيّ، وليس عنواناً حرفيّاً لمعنى الألبوم!
5- وكما جرت عادتنا في التَّعاطي مع ألبوماتنا حين نتصفَّحها، فإننا لا نقلّب صفحات، ولا نطالع صوراً، وإنما نتقلّب مع تقلّب الأيَّام، كيف كنا، وكيف أصبحنا، وكم تبهجنا صورةٌ لعملٍ أو نشاط شغلنا به زاويةً من زوايا العمر الَّذي ضيّعنا أكثره، وكم نشعر باللّطف الربَّاني السَّابغ علينا مصحوباً بغلائل الرَّحمة، أن صحبنا هذا الرَّجلَ النَّبيل، وذلك الرَّجلَ الصَّالح، وتلك الجماعة الخيّرة المباركة.
6- في الذكرى الخامسة عشرة لرحيله، وبتحفيز غير مباشر من صديقٍ أثير، وإخوة مخلصين يعرفون مدى علاقتي بالسيّد الجليل، ارتأيت أن أفتح (ألبوم السيّد)، لا لأستروح رائحة تلك الأيام الزكيّة، بل لأشرك عارفي ومحبي ومريدي ومقدّري شأن ومقام السيّد فضل الله ( رفع اللهُ مقامه)، بأن تتعانق نظراتُنا على الصورة التي سألتقطها من ألبوم ذكرياتي معه، بغية أن نفهم العالِم الإنسان، والعامل الحركيّ، والمفكّر المجدّد، عسانا أن نقف عند صورةٍ ما مليّاً لنستلهم بعض إيحاءاتِها في ثمالةٍ من عمرٍ نحرص أن يكون قريباً – في نهاياتهِ على الأقل - إلى الله تعالى.
7- لماذا الآن؟ وما هي الغاية؟
الجواب عن السؤال الأوَّل: ليس لاستذكار الأحياء بأعمالِهم المجيدة توقيتٌ، فغالباً ما يحصل وأنا أتحدَّث في جلسة بينيّة، أو مجلسٍ حافل، عن لقطة من تلك اللَّقطات، وصورة من تلك الصور، بما يناسب مورد الاستشهاد، ويثري الفكرة المطروحة للنقاش.
وأمَّا الجواب عن السؤال الثاني، فهو أنَّه كلَّما طالت واستطالت فترة الابتعاد عن الشخصيَّة الربانيَّة العاملة، دبَّ لونٌ من الفتور والخدر في الذّاكرة أسمّيه الجفاء غير المتعمّد، وخصوصاً أنَّ الرَّجل – بطل ألبومنا – قد ملأ مرحلته، هذا التَّعبير الذي كان يستخدمه تحديداً في ذكرى ولادة أو استشهاد الإمام الصَّادق (ع).
ثم إنَّ في الاستذكار والاستحضار أكثر من جنبة وفاء؛ هناك استدعاءُ العالم المـُعلّم ليلقي دروسَه النَّضرة على نفوس لا يموتُ فيها المشرقُ الجميل.
فإلى ألبومي مع السيّد فضل الله (رحمه الله) في بعض صوره المختارة!
غداً بإذن الله – الصّورة الثانية (حيث نمت البذرة).
* من صفحته على فايس بوك.