تربية السيّد فضل الله لطلَّابه وكيفيَّة تعامله معهم

تربية السيّد فضل الله لطلَّابه وكيفيَّة تعامله معهم

لعلَّ من المناسب في هذه الوجيزة، تبيان بعض ما دأب عليه سيّدنا الأستاذ من خلال إلقاء دروسه، موادّ السّطوح منها أو بحث الخارج، حيث لا يكتفي سماحته بتربية الطَّالب تربية فكريَّة من النَّاحية الفقهيَّة والأصوليَّة وحسب، بل غالباً ما كان يغتنم الفرص والمناسبات، ليوجّه نصائحه وإرشاداته إلى طلَّابه، والَّتي كان يحرص على أن يفيد منها طلَّابه، فكان بحقّ معلّماً ومربّياً في آن واحد.
ومن جملة نصائحه ـ والَّتي لا زال صداها في أذني ـ ولعلَّها مما استفادها هو بدوره من أساتذته، أن لا يكون همّ الطَّالب طيّ المراحل والكتب، فتعبيره "قليل قرّ خير من كثير فرّ"، يرشد إلى ذلك ويؤكّده، لأنَّ العبرة بالتحصيل، وهذا هو الَّذي يجعل من الطَّالب عالماً في ما يستقبل من حياته.
ومنها أيضاً، أنَّه كان يردّد ما قاله الشَّهيد الثَّاني على ما أذكر، وخلاصته أنَّ على طالب العلم أن يعطي جهداً كبيراً ووقتاً واسعاً لتحصيل العلم، وذلك لأنَّ العلم إن أعطيته كلّك أعطاك بعضه؛ فكيف إذا أعطيته بعضك؟!.
ومنها أيضاً، أنَّ استظهار المطالب من دون فهم وتعمّق لا يغني الطَّالب شيئاً، لأنَّ على الطَّالب تحصيل الفهم والقناعة، لا الحفظ... وإن كان الحفظ إضافةً إلى الفهم مهمّاً... فكثيرون هم الحفّاظ... ولكنَّ العلماء قليلون.... وفي رأيه (رض)، أنَّ على الطَّالب أن يجتهد بحسب مراحل درسه، فمثلاً، من ينتهي من مرحلة دراسيَّة معيَّنة، ولو مثل "النَّحو الواضح"، فإنَّ عليه أن يكون مجتهداً في هذه المرحلة من الدّراسة... وهكذا، فمن يبدأ حياته العلميَّة بهذه الطَّريقة، لا بدَّ وأن يصل ـ إذا استمرّ ـ إلى مرحلة الاجتهاد.
وكذلك، فإنَّ من أهمّ المسائل الَّتي كان يركّز عليها، هي كتابة الدّروس والمذاكرة والمباحثة بين الطلَّاب... وقد روى أنَّه قد نقل له بعض أساتذته عن بعض طلَّاب المحقّق النَّائيني (قده) ـ وكان يطلب من طلَّابه كتابة الدروس ـ فسأله المحقّق (قده) عن كتابة الدَّرس، فقال له الطَّالب: غداً إن شاء الله أكتبه، فما كان من المحقّق إلَّا أن قال له: كان ينبغي عليك كتابة هذا الدَّرس اليوم، وأن لا تؤجّل ذلك إلى الغد، لأنَّ للغد درساً آخر، وعليك كتابته أيضاً...
وهكذا كان يحرص على تربية طلَّابه وتوجيههم الوجهة الَّتي لو سلكوها وساروا عليها، لوصلوا إلى نتائج جيّدة...
ومن وصاياه المهمَّة أيضاً، دعوته طلَّابه في أثناء حلقة الدَّرس أن يضعوا نصب أعينهم أن يكونوا مجتهدين، وإذا قدّر الله لهم في المستقبل أن يصلوا إلى مراكز متقدّمة تحتاج إلى العلم، فإنهم يكونون على استعداد لذلك، وإلَّا فحسبهم أنهم وصلوا إلى مرتبة يقال فيها إنَّهم نوّاب للإمام (عج)، ويكفي الإنسان شرفاً أن يكون نائباً للحجَّة، ولو لم يتحوَّل ذلك إلى مرحلة الفعليَّة.
لقد امتازت دروسه في مرحلة السَّطح بالسَّعي الدؤوب لإفهام الطالب مراد صاحب الكتاب، لأنَّ فهم آراء العلماء هو نصف العلم، فكان لا يعمد في هذه المرحلة إلى حشد كميَّة من الآراء والإشكالات والاعتراضات على صاحب الكتاب، فيثقل بذلك على ذهن الطَّالب مما قد يشوّش عليه عمليَّة الفهم؛ وذلك لأنَّ مرحلة السطوح تتطلَّب أن يتقن الطَّالب الكتاب الَّذي يُدرّس ويعرّف آراء صاحب الكتاب، لا أن يصل إلى نهاية العلم وغاياته من مجرّد قراءته لكتاب فقهي أو أصولي أو غير ذلك! نعم، إذا وصل الطَّالب إلى مرحلة الخارج، وقد أنهى مرحلة السّطوح بإتقان واجتهاد، أصبح مؤهَّلاً لتلقّي الكثير من الاعتراضات والإشكالات وما يلحقها من تشعّبات، باعتبارها المرحلة الَّتي ينبغي أن يقف فيها الطَّالب على كلّ ما يمكن أن يقال أو قيل في هذه المسألة، ليقارن بين أدلَّة ذلك، ويتكوَّن له رأيه الخاصّ.
• من "موسوعة الفكر الاسلاميّ".
لعلَّ من المناسب في هذه الوجيزة، تبيان بعض ما دأب عليه سيّدنا الأستاذ من خلال إلقاء دروسه، موادّ السّطوح منها أو بحث الخارج، حيث لا يكتفي سماحته بتربية الطَّالب تربية فكريَّة من النَّاحية الفقهيَّة والأصوليَّة وحسب، بل غالباً ما كان يغتنم الفرص والمناسبات، ليوجّه نصائحه وإرشاداته إلى طلَّابه، والَّتي كان يحرص على أن يفيد منها طلَّابه، فكان بحقّ معلّماً ومربّياً في آن واحد.
ومن جملة نصائحه ـ والَّتي لا زال صداها في أذني ـ ولعلَّها مما استفادها هو بدوره من أساتذته، أن لا يكون همّ الطَّالب طيّ المراحل والكتب، فتعبيره "قليل قرّ خير من كثير فرّ"، يرشد إلى ذلك ويؤكّده، لأنَّ العبرة بالتحصيل، وهذا هو الَّذي يجعل من الطَّالب عالماً في ما يستقبل من حياته.
ومنها أيضاً، أنَّه كان يردّد ما قاله الشَّهيد الثَّاني على ما أذكر، وخلاصته أنَّ على طالب العلم أن يعطي جهداً كبيراً ووقتاً واسعاً لتحصيل العلم، وذلك لأنَّ العلم إن أعطيته كلّك أعطاك بعضه؛ فكيف إذا أعطيته بعضك؟!.
ومنها أيضاً، أنَّ استظهار المطالب من دون فهم وتعمّق لا يغني الطَّالب شيئاً، لأنَّ على الطَّالب تحصيل الفهم والقناعة، لا الحفظ... وإن كان الحفظ إضافةً إلى الفهم مهمّاً... فكثيرون هم الحفّاظ... ولكنَّ العلماء قليلون.... وفي رأيه (رض)، أنَّ على الطَّالب أن يجتهد بحسب مراحل درسه، فمثلاً، من ينتهي من مرحلة دراسيَّة معيَّنة، ولو مثل "النَّحو الواضح"، فإنَّ عليه أن يكون مجتهداً في هذه المرحلة من الدّراسة... وهكذا، فمن يبدأ حياته العلميَّة بهذه الطَّريقة، لا بدَّ وأن يصل ـ إذا استمرّ ـ إلى مرحلة الاجتهاد.
وكذلك، فإنَّ من أهمّ المسائل الَّتي كان يركّز عليها، هي كتابة الدّروس والمذاكرة والمباحثة بين الطلَّاب... وقد روى أنَّه قد نقل له بعض أساتذته عن بعض طلَّاب المحقّق النَّائيني (قده) ـ وكان يطلب من طلَّابه كتابة الدروس ـ فسأله المحقّق (قده) عن كتابة الدَّرس، فقال له الطَّالب: غداً إن شاء الله أكتبه، فما كان من المحقّق إلَّا أن قال له: كان ينبغي عليك كتابة هذا الدَّرس اليوم، وأن لا تؤجّل ذلك إلى الغد، لأنَّ للغد درساً آخر، وعليك كتابته أيضاً...
وهكذا كان يحرص على تربية طلَّابه وتوجيههم الوجهة الَّتي لو سلكوها وساروا عليها، لوصلوا إلى نتائج جيّدة...
ومن وصاياه المهمَّة أيضاً، دعوته طلَّابه في أثناء حلقة الدَّرس أن يضعوا نصب أعينهم أن يكونوا مجتهدين، وإذا قدّر الله لهم في المستقبل أن يصلوا إلى مراكز متقدّمة تحتاج إلى العلم، فإنهم يكونون على استعداد لذلك، وإلَّا فحسبهم أنهم وصلوا إلى مرتبة يقال فيها إنَّهم نوّاب للإمام (عج)، ويكفي الإنسان شرفاً أن يكون نائباً للحجَّة، ولو لم يتحوَّل ذلك إلى مرحلة الفعليَّة.
لقد امتازت دروسه في مرحلة السَّطح بالسَّعي الدؤوب لإفهام الطالب مراد صاحب الكتاب، لأنَّ فهم آراء العلماء هو نصف العلم، فكان لا يعمد في هذه المرحلة إلى حشد كميَّة من الآراء والإشكالات والاعتراضات على صاحب الكتاب، فيثقل بذلك على ذهن الطَّالب مما قد يشوّش عليه عمليَّة الفهم؛ وذلك لأنَّ مرحلة السطوح تتطلَّب أن يتقن الطَّالب الكتاب الَّذي يُدرّس ويعرّف آراء صاحب الكتاب، لا أن يصل إلى نهاية العلم وغاياته من مجرّد قراءته لكتاب فقهي أو أصولي أو غير ذلك! نعم، إذا وصل الطَّالب إلى مرحلة الخارج، وقد أنهى مرحلة السّطوح بإتقان واجتهاد، أصبح مؤهَّلاً لتلقّي الكثير من الاعتراضات والإشكالات وما يلحقها من تشعّبات، باعتبارها المرحلة الَّتي ينبغي أن يقف فيها الطَّالب على كلّ ما يمكن أن يقال أو قيل في هذه المسألة، ليقارن بين أدلَّة ذلك، ويتكوَّن له رأيه الخاصّ.
• من "موسوعة الفكر الاسلاميّ".
اقرأ المزيد
نسخ الآية نُسِخ!
تفسير الآية