إنّ الله أراد من رسوله أن يبلِّغ ما أُنزل من ربّه في تنصيب الإمام عليّ (ع) {يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ}[المائدة: 67]، ووقف الرّسول (صلى الله عليه وآله وسلّم) وخطب الخطبة المعروفة بخطبة (الوداع) قائلاً: "أَلستُ أولى بالمؤمنين مِن أنفسهم؟!" فقالوا: "اللهم بلى" فقال: "اللهم اشهد"، ثمّ قال: "فَمَن كنتُ مولاه فهذا عليٌّ مولاه: اللَّهمَّ والِ من والاه، وعادِ من عاداه، وانصر مَن نصره واخذل مَن خذله، وأدِرِ الحقَّ معه حيثما دار". وهكذا نصَّب الإمام عليّاً(ع) خليفة للمسلمين بأمر من الله سبحانه وتعالى، وهذه حقيقة، ولكن عندما دارت الدّائرة، أُبعد الإمام عليّ (ع) عن حقّه نتيجة الأوضاع القلقة التي عاشها المسلمون بعد النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلّم)، وقد كان الإمام عليّ (ع) مشغولاً بتجهيز الرسول (صلى الله عليه وآله وسلّم).
ويتحدّث الإمام عليّ (ع) عن حاله في الخيار بين أن يطالب في حقِّه بالخلافة، أو يشنّ حرباً في داخل الواقع الإسلامي، أو يصبر ليحفظ الإسلام، ونعرف أنّ أبا سفيان قد جاء إلى الإمام عليّ(ع) وهو يحمل في رأسه أفكاراً – وهو يتظاهر بالإسلام – وخلاصتها أنّه أراد أن يعيد سيطرته على الواقع الإسلامي في ذلك الوقت، أيّ أن يستغلَّ الإمام عليّاً(ع)، وأراد منه أن يكون ورقة رابحة له يلعب بها في دوره المعيّن، فطلب من العباس بن عبد المطّلب عمّ النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلّم) قائلاً له: أن امضِ لابن أخيك عليّ لنبايعه، والله لأملأنّها عليهم خيلاً ورِجلاً. فجاء العباس للإمام عليّ (ع) وحدّثه بمقالة أبي سفيان، فكان الردّ بأنَّ أبا سفيان لم يكن يوماً مخلصاً للإسلام، والإمام عليّ(ع) عاش لله وللإسلام، وكانت قضية الإسلام عنده(ع) أعظم من فوت الخلافة، ولذلك قال في كتابه لأهل مصر كما هو في (نهج البلاغة): "فما راعني إلّا انثيالَ الناس على أبي بكر يبايعونه، فأمسكتُ يدي، حتّى إذا رأيتُ راجعةَ الناس قد رجعتْ عن الإسلام يريدون مَحْقَ دين محمد (صلى الله عليه وآله وسلّم)، فخشيتُ إنْ أنا لم أنصرِ الإسلامَ وأهلَه، أنْ أرى فيه ثَلْماً أو هَدْماً تكون المصيبةُ به عليّ أعظم من فَوْتِ ولايتكم هذه التي إنّما هي متاعُ أيام قلائل، يزولُ منها ما كان، كما يزولُ السّرابُ، أو كما يتقشّع السحاب، فنهضتُ حتّى زاح الباطلُ وزهق، واطمأنَّ الدينُ وتَنَهْنَهْ". وكانت كلمته (ع) المشهورة: "لأسلمنّ ما سلمت أُمور المسلمين ولم يكن بها جورٌ إلّا عليَّ خاصّة".
عليّ (ع) يرتفع حيث يتّضع الناس، وهو يكبر حيث يصغر الناس، وعليّ (ع) في الأعالي، هو الذي كان يشعر أنّه خليفة الرسول (صلى الله عليه وآله وسلّم) في الواقع الشعبي، وإنْ كان بعيداً من الواقع السياسي والرسمي، لذلك كان(ع)، وهو صاحب الحقّ، يعاون الذين تقدَّموه في الخلافة، لا من خلال شخصيّاتهم، ولكن من خلال موقعهم ودورهم ومركزهم، فكان(ع) يعطيهم العِلم والمشورة، وذلك في قوله(ع): "وهو يعلم أنّ محلّي فيها محلّ القُطب من الرَّحى، ينحدرُ عني السيلُ، ولا يرقى إليَّ الطير" ويقول: "لولا حضورُ الحاضر، وقيامُ الحجّة بوجودِ الناصر، وما أخذ اللهُ على العلماء أن لا يُقارّوا على كَظّة ظالم ولا سَغَب مظلوم، لألقيتُ حبلها على غاربها، ولسقيتُ آخرها بكأس أوَّلها، ولألفيتم دنياكم هذه أهون عندي من عفطة عنز" .
فافهموا عليّاً(ع) جيّداً تفهموا الحياة جيّداً، وتفهموا الوحدة الإسلاميّة جيّداً، وتفهموا كيف يمكن أن نجمِّد كلّ ما يوحي بالفتنة، وكلَّ ما يعصف بنا من خلافات، وعليّ(ع) هو الذي فقأ عين الفتنة، وانطلق من أجل حماية الإسلام وحفظه، وهو الذي نصَّبه رسول الله، ولكنَّه– مع ذلك– حفظ وصيّة الرسول (صلى الله عليه وآله وسلّم)، كما حفظ وصيّة الله في أن يحفظ الإسلام في صبره، كما حفظ الإسلام في سيفه.
تلك هي المسألة، لأنَّ الإمام عليّاً (ع) كان رجلاً يحبّ اللهَ ورسولَه، ويحبُّه اللهُ ورسولُه.
إنّ الله أراد من رسوله أن يبلِّغ ما أُنزل من ربّه في تنصيب الإمام عليّ (ع) {يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ}[المائدة: 67]، ووقف الرّسول (صلى الله عليه وآله وسلّم) وخطب الخطبة المعروفة بخطبة (الوداع) قائلاً: "أَلستُ أولى بالمؤمنين مِن أنفسهم؟!" فقالوا: "اللهم بلى" فقال: "اللهم اشهد"، ثمّ قال: "فَمَن كنتُ مولاه فهذا عليٌّ مولاه: اللَّهمَّ والِ من والاه، وعادِ من عاداه، وانصر مَن نصره واخذل مَن خذله، وأدِرِ الحقَّ معه حيثما دار". وهكذا نصَّب الإمام عليّاً(ع) خليفة للمسلمين بأمر من الله سبحانه وتعالى، وهذه حقيقة، ولكن عندما دارت الدّائرة، أُبعد الإمام عليّ (ع) عن حقّه نتيجة الأوضاع القلقة التي عاشها المسلمون بعد النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلّم)، وقد كان الإمام عليّ (ع) مشغولاً بتجهيز الرسول (صلى الله عليه وآله وسلّم).
ويتحدّث الإمام عليّ (ع) عن حاله في الخيار بين أن يطالب في حقِّه بالخلافة، أو يشنّ حرباً في داخل الواقع الإسلامي، أو يصبر ليحفظ الإسلام، ونعرف أنّ أبا سفيان قد جاء إلى الإمام عليّ(ع) وهو يحمل في رأسه أفكاراً – وهو يتظاهر بالإسلام – وخلاصتها أنّه أراد أن يعيد سيطرته على الواقع الإسلامي في ذلك الوقت، أيّ أن يستغلَّ الإمام عليّاً(ع)، وأراد منه أن يكون ورقة رابحة له يلعب بها في دوره المعيّن، فطلب من العباس بن عبد المطّلب عمّ النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلّم) قائلاً له: أن امضِ لابن أخيك عليّ لنبايعه، والله لأملأنّها عليهم خيلاً ورِجلاً. فجاء العباس للإمام عليّ (ع) وحدّثه بمقالة أبي سفيان، فكان الردّ بأنَّ أبا سفيان لم يكن يوماً مخلصاً للإسلام، والإمام عليّ(ع) عاش لله وللإسلام، وكانت قضية الإسلام عنده(ع) أعظم من فوت الخلافة، ولذلك قال في كتابه لأهل مصر كما هو في (نهج البلاغة): "فما راعني إلّا انثيالَ الناس على أبي بكر يبايعونه، فأمسكتُ يدي، حتّى إذا رأيتُ راجعةَ الناس قد رجعتْ عن الإسلام يريدون مَحْقَ دين محمد (صلى الله عليه وآله وسلّم)، فخشيتُ إنْ أنا لم أنصرِ الإسلامَ وأهلَه، أنْ أرى فيه ثَلْماً أو هَدْماً تكون المصيبةُ به عليّ أعظم من فَوْتِ ولايتكم هذه التي إنّما هي متاعُ أيام قلائل، يزولُ منها ما كان، كما يزولُ السّرابُ، أو كما يتقشّع السحاب، فنهضتُ حتّى زاح الباطلُ وزهق، واطمأنَّ الدينُ وتَنَهْنَهْ". وكانت كلمته (ع) المشهورة: "لأسلمنّ ما سلمت أُمور المسلمين ولم يكن بها جورٌ إلّا عليَّ خاصّة".
عليّ (ع) يرتفع حيث يتّضع الناس، وهو يكبر حيث يصغر الناس، وعليّ (ع) في الأعالي، هو الذي كان يشعر أنّه خليفة الرسول (صلى الله عليه وآله وسلّم) في الواقع الشعبي، وإنْ كان بعيداً من الواقع السياسي والرسمي، لذلك كان(ع)، وهو صاحب الحقّ، يعاون الذين تقدَّموه في الخلافة، لا من خلال شخصيّاتهم، ولكن من خلال موقعهم ودورهم ومركزهم، فكان(ع) يعطيهم العِلم والمشورة، وذلك في قوله(ع): "وهو يعلم أنّ محلّي فيها محلّ القُطب من الرَّحى، ينحدرُ عني السيلُ، ولا يرقى إليَّ الطير" ويقول: "لولا حضورُ الحاضر، وقيامُ الحجّة بوجودِ الناصر، وما أخذ اللهُ على العلماء أن لا يُقارّوا على كَظّة ظالم ولا سَغَب مظلوم، لألقيتُ حبلها على غاربها، ولسقيتُ آخرها بكأس أوَّلها، ولألفيتم دنياكم هذه أهون عندي من عفطة عنز" .
فافهموا عليّاً(ع) جيّداً تفهموا الحياة جيّداً، وتفهموا الوحدة الإسلاميّة جيّداً، وتفهموا كيف يمكن أن نجمِّد كلّ ما يوحي بالفتنة، وكلَّ ما يعصف بنا من خلافات، وعليّ(ع) هو الذي فقأ عين الفتنة، وانطلق من أجل حماية الإسلام وحفظه، وهو الذي نصَّبه رسول الله، ولكنَّه– مع ذلك– حفظ وصيّة الرسول (صلى الله عليه وآله وسلّم)، كما حفظ وصيّة الله في أن يحفظ الإسلام في صبره، كما حفظ الإسلام في سيفه.
تلك هي المسألة، لأنَّ الإمام عليّاً (ع) كان رجلاً يحبّ اللهَ ورسولَه، ويحبُّه اللهُ ورسولُه.