الإنسان المسلم مع حركة اللّيل والنّهار

الإنسان المسلم مع حركة اللّيل والنّهار

من دعاء الإمام علي بن الحسين(ع) عند الصّباح والمساء، في الصّحيفة السجاديّة:

"الحَمْدُ لِلهِ الَّذِي خَلَقَ اللَّيْلَ والنَّهارَ بِقُوَّتِهِ، وَمَيَّزَ بَيْنَهُمَا بِقُدْرَتِهِ، وَجَعَلَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُما حَدّاً مَحْدُوداً، وَأمَداً مَمْدُوداً، يُوْلِجُ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِي صَاحِبِهِ، وَيُوِلجُ صَاحِبَهُ فِيهِ، بِتَقْدِيرٍ مِنْهُ لِلْعِبَادِ فِي ما يَغْدُوهُمْ بِهِ وَيُنْشِئُهُمْ عَلَيْهِ، فَخَلَقَ لَهُمُ اللَّيْلَ ليَسْكُنُوا فِيهِ مِنْ حَرَكَاتِ التّعَبِ وَنَهَضَاتِ النَّصَبِ، وَجَعَلَهُ لِباساً لِيَلْبسُوا مِنْ رَاحَتِهِ وَمَنَامِهِ، فَيَكُونَ ذَلِكَ لَهُمْ جَماماً وَقُوَّةً، وَلِيَنَالُوا بِهِ لَذَّةً وَشَهْوَةً، وَخَلَقَ لَهُمُ النَّهَارَ مُبْصِراً، لِيَبْتَغُوا فِيهِ مِنْ فَضْلِهِ، وَلِيَتَسَبَّبُوا إلى رِزْقِهِ، وَيَسْرَحُوا فِي أرْضِهِ، طَلَباً لِمَا فِيهِ نَيْلُ العاجِلِ مِنْ دُنياهُمْ، وَدَرَكُ الآجِلِ في أُخْرَاهُمْ، بِكُلِّ ذلِكَ يُصْلِحُ شَأْنَهُمْ، وَيَبْلُو أخبارَهُمْ، وَيَنْظُرُ كَيْفَ هُمْ في أوْقاتِ طاعَتِهِ وَمَنَازِلِ فُرُوضَهِ وَمَوَاقِعِ أحكْامِهِ، لِيجْزِيَ الَّذِينَ أساءوا بِما عَمِلُوا، وَيَجْزِيَ الَّذينَ أحْسَنُوا بِالحُسْنَى. أللَّهُمَّ فَلَكَ الحَمْدُ عَلَى مَا فَلَقْتَ لَنَا مِنَ الإصْبَاحِ، وَمَتَّعتْنَا بِهِ مِنْ ضَوْءِ النَّهَارِ، وَبَصَّرْتَنا مِنْ مَطَالِبِ الأقْوَاتِ، وَوَقَيْتَنا فِيهِ مِنْ طَوَارِقِ الآفَاتِ".

يا ربّ، هذا النّهار الّذي ينفتح على النور المتفجّر من قلب الشّمس، فجراً ينساب في وداعة الشّروق، رخيّاً بارداً مع النسمات الهادئة العليلة الّتي تلامس الكون بمحبّة واسترخاء، لتمتدّ نقاط نور تتجمّع من هنا وهناك، لتكوّن الشلال الضّوئي الّذي يملأ الأرض والسّماء ضياءً وضحًى، يتدفّق فيه الشّعاع دفئاً وحرارةً، من لمعات النّور الّتي تحتضن فيه الشّمس الكون كلّه، احتضان الحياة المائجة بالحيويّة والحركة، وظهراً يصل به الإشراق إلى القمّة، ليعود بعد ذلك في حركةٍ تراجعيّةٍ، لينشر أكثر من ظلّ في أكثر من موقعٍ في انفتاحه على الغروب، الّذي يدفع الشّمس إلى أفق جديد، من أجل نهار جديدٍ في موقع آخر.

وهذا هو اللّيل الّذي ينشر ظلامه على الوجود، ليمنحه السّكون والهدوء والدّعة، وليرشّ نقاط الضّوء في الأفق، من خلال لمعات الكواكب المتناثرة في السّماء، الّتي تخفّف من شدَّة الظّلمة، لتعطي اللّيل بعض إيحاءات النهار، ولتفتح أحلام الكون من خلالها على فجرٍ جديدٍ يحلم فيه الحالمون، وينطلق فيه السّائرون، فلا تطبق الظّلمة على العيون، ولا تغلق على الرّوح نوافذ الضّوء.

لقد خلقت ـ يا ربّ ـ هذا وذاك بقدرتك الّتي وزّعت على الحياة أدوار الظّلمة والضّياء، والحركة والسّكون، ووضعت بينهما الحدّ الفاصل، الّذي لا يبغي فيه أحدهما على الآخر بقدرتك، وأخذت من كلّ واحدٍ منهما للآخر بعض مساحته، حتّى كأنّك أدخلت بعضه فيه، فأعطيته بعض خصائصه، وأودعت فيه بعض عناصره، فتحوّل اللّيل إلى نهار في بعض ساعاته، وتحوّل النّهار إلى ليل في بعضها الآخر، ثم وازنت بينهما ليعتدلا في حجم الزّمن، في تقدير النّظام الكوني الّذي قدّرت فيه للوجود حركته، بما يحقّق له أهدافه على خطّ الحكمة وأساس التّوازن، وأردت فيه للعباد أن يأخذوا بأسباب النموّ والنّشوء والارتقاء في ما تغذّيهم به وتنشِئُهم عليه.

فكان اللّيل سكناً تسكن فيه المخلوقات، وترتاح فيه الأعصاب، ويخلد فيه النّاس إلى الرّاحة والنّوم، الّذي يغيبون فيه عن توتّر اليقظة وحركتها ومتاعبها وكلالها، لتجدّد قوّتهم ليوم عمل جديد، من خلال ما يلبسونه من ظلامه الّذي يوحي إليهم بالخدر والنّعاس والاسترخاء، في غيبوبة الحسّ، وهدوء الحواسّ، وغفوة العيون، ومن خلال ما يأخذونه فيه من حريتهم الجسديّة، لينالوا بذلك لذّاتهم وشهواتهم التي تمنح الجسد الفرصة لتلبية حاجاته، بعيداً عن ملاحظة العيون.

وهكذا، يتحوّل اللّيل إلى عالمٍ غامض يلفُّ الكون بسحره الهادئ، الّذي تنساب فيه الأحلام في وعي الإنسان بهدوء، وتنفتح فيه الأفكار على الأفق الرّحب، الذي يمتدّ امتداد الرّوح في عالم الغيب الواسع، فيحلّق معه الإنسان بأجنحة الرّوح في رحاب الله في سبحاته وابتهالاته، حتى يتحوّل إلى روحٍ تهفو وترقّ وتبتهل في حبٍّ وحنانٍ وخشوعٍ، فتتخفّف من ثقل الجسد وضغط المادّة، في عمليّة تجدّد واحتضان.

وخلقت النّهار مبصراً بعيونٍ مفتوحة على كلّ شيء، فلا يخفى معه أيّ موجود عن النظر، لأنّك أعطيت الحياة نورها المتناثر على كلّ جوانبها، في إشراق الشّمس الّتي تمنحها الدّفء والحرارة، وتحرّكها نحو الحصول على كلّ شروطها، في ما يسعى إليه العباد من رزقهم الّذي تهيّئ لهم أسبابه، من خلال الامتداد في الأرض بحثاً عن فرصةٍ هنا أو هناك، في ما يبتغونه من فضلك، ليكون لهم الدّور الكبير في تحقيق حاجاتهم الطبيعيّة في دنياهم، وفي القيام بمسؤوليّاتهم المنفتحة على آخرتهم، لأنّك أردت للإنسان أن تكون حركته في الدّنيا منفتحةً على أهداف الآخرة، من دون الانتقاص من حاجات الدّنيا، من خلال حاجات الجسد فيها.

وهكذا، كان النّهار في تقديرك للنّظام الّذي قدّرته للعباد في حياتهم، انطلاقة صلاحٍ وإصلاح لكلّ شؤونهم، وحركة امتحان لقدراتهم في مجال الطّاعة على خطّ المسؤوليّة، في القيام بما فرضته عليهم من مسؤوليّاتهم الخاصّة والعامّة، الّتي حدّدت فيها لكلّ موقع منها حكماً محدّداً في حركاتهم وسكناتهم، لتكون النّتائج العمليّة في أبعادها الإيجابيّة والسّلبيّة هي الأساس في الثّواب على الأعمال الصّالحة الخيّرة، والعقاب على الأعمال السيّئة الشرّيرة، ولتتحرّك رحمتك ومغفرتك في حياتهم على أساس الخطّ الثّابت للإيمان في حياتهم، في اتجاه الخطّ المستقيم. فلك الحمد على ذلك كلّه.

يا ربّ، إنّني هنا، وبكلّ وجداني، أحمدك بكلّ مشاعري وأحاسيسي وروحي وعقلي، لأنّك أطلقت لنا الصّباح من قلب اللّيل، والضّياء من عمق الظّلمة، فعشنا المتعة الروحيّة في امتداداتها الضوئيّة الّتي منحتنا إشراقة الرّوح، وحيويّة الحركة، وسعادة الإحساس، وتحرّكنا نحو مطالبنا الجسديّة في الحصول على القوت الضّروريّ الذي لا حياة لنا بدونه، وحصلنا على الفرصة المفتوحة على حماية أنفسنا من كلّ الأوضاع الصّعبة التي قد تؤدّي بنا إلى الوقوع في الأخطار المهلكة، الّتي تسيء إلى أمّتنا، وتقضي على حياتنا، وهذا ما يحقِّق لنا التّوازن في حركة الحياة، من خلال الأفق المفتوح على كلّ الوجود، والفرص الكثيرة الّتي تزوّدنا بكلّ حاجاتنا الماديّة والمعنويّة، وتحمينا من كلّ المشاكل والأخطار المتحرّكة في خفايا الزّوايا المظلمة. فأيّة نعمةٍ أعظم من هذه النّعمة؟! وأيّ حمدٍ يبلغ معنى هذا الحمد؟!

* كتاب: آفاق الرّوح


من دعاء الإمام علي بن الحسين(ع) عند الصّباح والمساء، في الصّحيفة السجاديّة:

"الحَمْدُ لِلهِ الَّذِي خَلَقَ اللَّيْلَ والنَّهارَ بِقُوَّتِهِ، وَمَيَّزَ بَيْنَهُمَا بِقُدْرَتِهِ، وَجَعَلَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُما حَدّاً مَحْدُوداً، وَأمَداً مَمْدُوداً، يُوْلِجُ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِي صَاحِبِهِ، وَيُوِلجُ صَاحِبَهُ فِيهِ، بِتَقْدِيرٍ مِنْهُ لِلْعِبَادِ فِي ما يَغْدُوهُمْ بِهِ وَيُنْشِئُهُمْ عَلَيْهِ، فَخَلَقَ لَهُمُ اللَّيْلَ ليَسْكُنُوا فِيهِ مِنْ حَرَكَاتِ التّعَبِ وَنَهَضَاتِ النَّصَبِ، وَجَعَلَهُ لِباساً لِيَلْبسُوا مِنْ رَاحَتِهِ وَمَنَامِهِ، فَيَكُونَ ذَلِكَ لَهُمْ جَماماً وَقُوَّةً، وَلِيَنَالُوا بِهِ لَذَّةً وَشَهْوَةً، وَخَلَقَ لَهُمُ النَّهَارَ مُبْصِراً، لِيَبْتَغُوا فِيهِ مِنْ فَضْلِهِ، وَلِيَتَسَبَّبُوا إلى رِزْقِهِ، وَيَسْرَحُوا فِي أرْضِهِ، طَلَباً لِمَا فِيهِ نَيْلُ العاجِلِ مِنْ دُنياهُمْ، وَدَرَكُ الآجِلِ في أُخْرَاهُمْ، بِكُلِّ ذلِكَ يُصْلِحُ شَأْنَهُمْ، وَيَبْلُو أخبارَهُمْ، وَيَنْظُرُ كَيْفَ هُمْ في أوْقاتِ طاعَتِهِ وَمَنَازِلِ فُرُوضَهِ وَمَوَاقِعِ أحكْامِهِ، لِيجْزِيَ الَّذِينَ أساءوا بِما عَمِلُوا، وَيَجْزِيَ الَّذينَ أحْسَنُوا بِالحُسْنَى. أللَّهُمَّ فَلَكَ الحَمْدُ عَلَى مَا فَلَقْتَ لَنَا مِنَ الإصْبَاحِ، وَمَتَّعتْنَا بِهِ مِنْ ضَوْءِ النَّهَارِ، وَبَصَّرْتَنا مِنْ مَطَالِبِ الأقْوَاتِ، وَوَقَيْتَنا فِيهِ مِنْ طَوَارِقِ الآفَاتِ".

يا ربّ، هذا النّهار الّذي ينفتح على النور المتفجّر من قلب الشّمس، فجراً ينساب في وداعة الشّروق، رخيّاً بارداً مع النسمات الهادئة العليلة الّتي تلامس الكون بمحبّة واسترخاء، لتمتدّ نقاط نور تتجمّع من هنا وهناك، لتكوّن الشلال الضّوئي الّذي يملأ الأرض والسّماء ضياءً وضحًى، يتدفّق فيه الشّعاع دفئاً وحرارةً، من لمعات النّور الّتي تحتضن فيه الشّمس الكون كلّه، احتضان الحياة المائجة بالحيويّة والحركة، وظهراً يصل به الإشراق إلى القمّة، ليعود بعد ذلك في حركةٍ تراجعيّةٍ، لينشر أكثر من ظلّ في أكثر من موقعٍ في انفتاحه على الغروب، الّذي يدفع الشّمس إلى أفق جديد، من أجل نهار جديدٍ في موقع آخر.

وهذا هو اللّيل الّذي ينشر ظلامه على الوجود، ليمنحه السّكون والهدوء والدّعة، وليرشّ نقاط الضّوء في الأفق، من خلال لمعات الكواكب المتناثرة في السّماء، الّتي تخفّف من شدَّة الظّلمة، لتعطي اللّيل بعض إيحاءات النهار، ولتفتح أحلام الكون من خلالها على فجرٍ جديدٍ يحلم فيه الحالمون، وينطلق فيه السّائرون، فلا تطبق الظّلمة على العيون، ولا تغلق على الرّوح نوافذ الضّوء.

لقد خلقت ـ يا ربّ ـ هذا وذاك بقدرتك الّتي وزّعت على الحياة أدوار الظّلمة والضّياء، والحركة والسّكون، ووضعت بينهما الحدّ الفاصل، الّذي لا يبغي فيه أحدهما على الآخر بقدرتك، وأخذت من كلّ واحدٍ منهما للآخر بعض مساحته، حتّى كأنّك أدخلت بعضه فيه، فأعطيته بعض خصائصه، وأودعت فيه بعض عناصره، فتحوّل اللّيل إلى نهار في بعض ساعاته، وتحوّل النّهار إلى ليل في بعضها الآخر، ثم وازنت بينهما ليعتدلا في حجم الزّمن، في تقدير النّظام الكوني الّذي قدّرت فيه للوجود حركته، بما يحقّق له أهدافه على خطّ الحكمة وأساس التّوازن، وأردت فيه للعباد أن يأخذوا بأسباب النموّ والنّشوء والارتقاء في ما تغذّيهم به وتنشِئُهم عليه.

فكان اللّيل سكناً تسكن فيه المخلوقات، وترتاح فيه الأعصاب، ويخلد فيه النّاس إلى الرّاحة والنّوم، الّذي يغيبون فيه عن توتّر اليقظة وحركتها ومتاعبها وكلالها، لتجدّد قوّتهم ليوم عمل جديد، من خلال ما يلبسونه من ظلامه الّذي يوحي إليهم بالخدر والنّعاس والاسترخاء، في غيبوبة الحسّ، وهدوء الحواسّ، وغفوة العيون، ومن خلال ما يأخذونه فيه من حريتهم الجسديّة، لينالوا بذلك لذّاتهم وشهواتهم التي تمنح الجسد الفرصة لتلبية حاجاته، بعيداً عن ملاحظة العيون.

وهكذا، يتحوّل اللّيل إلى عالمٍ غامض يلفُّ الكون بسحره الهادئ، الّذي تنساب فيه الأحلام في وعي الإنسان بهدوء، وتنفتح فيه الأفكار على الأفق الرّحب، الذي يمتدّ امتداد الرّوح في عالم الغيب الواسع، فيحلّق معه الإنسان بأجنحة الرّوح في رحاب الله في سبحاته وابتهالاته، حتى يتحوّل إلى روحٍ تهفو وترقّ وتبتهل في حبٍّ وحنانٍ وخشوعٍ، فتتخفّف من ثقل الجسد وضغط المادّة، في عمليّة تجدّد واحتضان.

وخلقت النّهار مبصراً بعيونٍ مفتوحة على كلّ شيء، فلا يخفى معه أيّ موجود عن النظر، لأنّك أعطيت الحياة نورها المتناثر على كلّ جوانبها، في إشراق الشّمس الّتي تمنحها الدّفء والحرارة، وتحرّكها نحو الحصول على كلّ شروطها، في ما يسعى إليه العباد من رزقهم الّذي تهيّئ لهم أسبابه، من خلال الامتداد في الأرض بحثاً عن فرصةٍ هنا أو هناك، في ما يبتغونه من فضلك، ليكون لهم الدّور الكبير في تحقيق حاجاتهم الطبيعيّة في دنياهم، وفي القيام بمسؤوليّاتهم المنفتحة على آخرتهم، لأنّك أردت للإنسان أن تكون حركته في الدّنيا منفتحةً على أهداف الآخرة، من دون الانتقاص من حاجات الدّنيا، من خلال حاجات الجسد فيها.

وهكذا، كان النّهار في تقديرك للنّظام الّذي قدّرته للعباد في حياتهم، انطلاقة صلاحٍ وإصلاح لكلّ شؤونهم، وحركة امتحان لقدراتهم في مجال الطّاعة على خطّ المسؤوليّة، في القيام بما فرضته عليهم من مسؤوليّاتهم الخاصّة والعامّة، الّتي حدّدت فيها لكلّ موقع منها حكماً محدّداً في حركاتهم وسكناتهم، لتكون النّتائج العمليّة في أبعادها الإيجابيّة والسّلبيّة هي الأساس في الثّواب على الأعمال الصّالحة الخيّرة، والعقاب على الأعمال السيّئة الشرّيرة، ولتتحرّك رحمتك ومغفرتك في حياتهم على أساس الخطّ الثّابت للإيمان في حياتهم، في اتجاه الخطّ المستقيم. فلك الحمد على ذلك كلّه.

يا ربّ، إنّني هنا، وبكلّ وجداني، أحمدك بكلّ مشاعري وأحاسيسي وروحي وعقلي، لأنّك أطلقت لنا الصّباح من قلب اللّيل، والضّياء من عمق الظّلمة، فعشنا المتعة الروحيّة في امتداداتها الضوئيّة الّتي منحتنا إشراقة الرّوح، وحيويّة الحركة، وسعادة الإحساس، وتحرّكنا نحو مطالبنا الجسديّة في الحصول على القوت الضّروريّ الذي لا حياة لنا بدونه، وحصلنا على الفرصة المفتوحة على حماية أنفسنا من كلّ الأوضاع الصّعبة التي قد تؤدّي بنا إلى الوقوع في الأخطار المهلكة، الّتي تسيء إلى أمّتنا، وتقضي على حياتنا، وهذا ما يحقِّق لنا التّوازن في حركة الحياة، من خلال الأفق المفتوح على كلّ الوجود، والفرص الكثيرة الّتي تزوّدنا بكلّ حاجاتنا الماديّة والمعنويّة، وتحمينا من كلّ المشاكل والأخطار المتحرّكة في خفايا الزّوايا المظلمة. فأيّة نعمةٍ أعظم من هذه النّعمة؟! وأيّ حمدٍ يبلغ معنى هذا الحمد؟!

* كتاب: آفاق الرّوح

اقرأ المزيد
نسخ الآية نُسِخ!
تفسير الآية