ليس مثل الله في إحسانه وتوبته

ليس مثل الله في إحسانه وتوبته

نبقى مع أدعية الصحيفة السجّادية للإمام عليّ بن الحسين زين العابدين(ع)، وما فيها من ابتهالٍ بين يدي الله، يقرّبنا إليه، ويجعلنا نشعر بعمق الارتباط به، وما يتركه ذلك من تأصيلٍ لذواتنا في الانفتاح على تعاليمه.

يقول الإمام زين العابدين(ع): "أَللَّهُمَّ إنَّهُ يَحْجُبُنِي عَنْ مَسْأَلَتِكَ خِلاَلٌ ثَلاثٌ، وَتَحْدُونِي عَلَيْهَا خَلَّةٌ وَاحِدَةٌ؛ يَحْجُبُنِي أَمْرٌ أَمَرْتَ بِهِ فَأَبْطَأتُ عَنْهُ، وَنَهْيٌ نَهَيْتَنِي عَنْهُ فَأَسْرَعْتُ إلَيْهِ، وَنِعْمَةٌ أَنْعَمْتَ بِهَا عَلَيَّ فَقَصَّرْتُ فِي شُكْرِهَـا. وَيَحْدُونِي عَلَى مَسْأَلَتِكَ تَفَضُّلُكَ عَلَى مَنْ أَقْبَلَ بِوَجْهِهِ إلَيْكَ، وَوَفَدَ بِحُسْنِ ظَنِّـهِ إلَيْكَ، إذْ جَمِيعُ إحْسَانِكَ تَفَضُّلٌ، وَإذْ كُلُّ نِعَمِكَ ابْتِدَاءٌ.

فَهَا أَنَا ذَا يَا إلهِيْ، وَاقِفٌ بِبَابِ عِزِّكَ وُقُوفَ المُسْتَسْلِمِ الذَّلِيْل، وَسَائِلُكَ عَلَى الْحَيَاءِ مِنّي سُؤَالَ الْبَائِسِ الْمُعِيْلِ. مُقـرٌّ لَكَ بأَنّي لَمْ أَسْتَسْلِمْ وَقْتَ إحْسَانِـكَ إلاَّ بِالاِقْلاَعِ عَنْ عِصْيَانِكَ، وَلَمْ أَخْلُ فِي الْحَالاتِ كُلِّهَا مِنِ امْتِنَانِكَ. فَهَلْ يَنْفَعُنِي يَا إلهِي إقْرَارِي عِنْدَكَ بِسُوءِ مَا اكْتَسَبْتُ؟ وَهَلْ يُنْجِيْنِي مِنْكَ اعْتِرَافِي لَكَ بِقَبِيْحِ مَا ارْتَكَبْتُ؟ أَمْ أَوْجَبْتَ لِي فِي مَقَامِي هَذَا سُخْطَكَ؟ أَمْ لَزِمَنِي فِي وَقْتِ دُعَائِي مَقْتُكَ؟ سُبْحَانَكَ! لاَ أَيْأَسُ مِنْكَ، وَقَدْ فَتَحْتَ لِيَ بَابَ التَّوْبَةِ إلَيْكَ".

مشكلة الإنسان في انغماسه في المعاصي، وغفلته عن واجباته تجاه نفسه وربّه، وعدم شكره الله على ما أنعم عليه، وعدم ممارسة فعل الإيمان عندما يتطلَّب منه الأمر ذلك في المواقف العمليَّة، فلا يمتثل لأمر الله، ولا ينتهي حيث نهى الله، ولكنَّه يتبع نزواته وشهواته وأهواءه، وينسى حسابات الله، وأنت ـ يا ربّ ـ المفضل على عبادك المقبلين عليك بعد تقصيرهم بحقّك، وإسرافهم على أنفسهم في كلّ ذلك، وأنت المحسن المنعم المفضل منذ خلقت الوجود كلَّه بما يحتويه..

لذا ـ يا الله ـ أنا أقف بين يديك فاتحاً قلبي، مستسلماً لإرادتك، متلمساً فضلك، وأنت العزيز الكريم، فأسألك يا ربّ سؤال الضّعيف البائس المستحي منك، ولكنّه في الوقت عينه يشعر بكامل العزّة والفخر، لأنه يطلب العون من ربٍّ كريم عزيز.

فأنت ـ يا ربّ ـ المحسن في كلّ وجوه الإحسان، إذ في وقت إحسانك عليَّ، أذهل عنك، وأقبل على معصيتك، ومع ذلك، كنت تشملني بفضلك، ولم أكن العبد المحسن مع ربّه، بل الكافر بالنّعمة.. وإنّني أتساءل ـ يا ربّ ـ بعد ذلك كلّه: هل ينفعني الإقرار بالسّوء؟! وهل ينجيني الاعتراف بالقبيح؟! فأنا في حيرةٍ وقلقٍ دوماً.. وعندما أشعر ـ يا ربّ ـ بالضّيق، فأنت الربّ الغفور الواسع الرحمة، القابل التّوبة عن عباده، وأنت من يحبّ التوّابين ويحبّ المتطهّرين من ذنوبهم، وما دام بابك مفتوحاً للتّوبة، فأنا من التّائبين بصدق وإخلاص.

وحول ما تقدَّم من فقرات الدّعاء، يقول المرجع السيّد محمد حسين فضل الله(رض): "إنَّ مشكلتي ـ يا ربّ ـ في موقفي الخائف الوجل المتلخّص في نقاط ثلاث:

الأولى: أنّك أمرتني بأمرك الّذي أردت لي أن افعله في كثير من المواقف والأمور، ولكني خالفتك..

الثانية: أنك نهيتني نهيك الّذي أردت لي أن أتركه في الأفعال والأقوال والمواقف والعلاقات التي حرّمتها عليَّ، ولكني اقتحمت كلّ ذلك وأسرعت إليه بفعل شهوتي..

الثالثة: أنك أنعمت عليّ في مختلف مجالات حياتي بأنواع النعم، ولكنّي نسيت ذلك كلّه وغفلت عنك.. هل تبقى لي الجرأة ـ بعد ذلك كله ـ أن أقف بين يديك، أو أسألك بعض ما أحتاجه من القرب إليك؟ كيف يرتفع وجهي إليك وقد سوّدته الذنوب؟ كيف أفكّر في الارتفاع إليك وها أنا في حضيض الإثم سقطت..

وإذا كنت أسألك ـ في حياء ـ سؤال البائس الّذي أثقلته مسؤوليّاته، فإنّ ذلك يمثّل العزّة كلّ العزّة، لأنّك ـ يا ربّ ـ الذي أخرجتني إلى الدّنيا بائساً، ثم حوّلت حياتي إلى نعيم.. إنني أشعر ـ يا ربّ ـ بالسعادة عندما أستسلم لك، وأحسّ بالعزة في هذا الموقف الذّليل بين يديك.. إنّني لم أكن العبد الصّالح الشّاكر لربّه، بل كنت مثال العبد الآبق الكافر بنعمتك.. إنّني أتساءل وأتعذّب وأعيش الحيرة القاتلة الخانقة، ولكني لا أفقد الأمل الكبير، لأنك الربّ العظيم الذي تعالى عن كلّ معنى للحقد وللانتقام، فلن يزحف اليأس إلى قلبي، وكيف يكون ذلك، وأنت الذي فتحت لي باب التّوبة بكلّ سعته".[آفاق الروح، ج:1، ص:3-2-3-6].

فلنقلع عن الانغماس في المعاصي، تجنّباً للنّدم والخزي بين يدي الله، ولنعمل على التّوبة النّصوح التي ننفتح فيها على الله والحياة، كي نستحقّ إحسانه وتفضّله علينا في الدّنيا والآخرة..

إنَّ الآراء الواردة في هذا المقال، لا تعبِّر بالضّرورة عن رأي الموقع، وإنّما عن وجهة نظر صاحبها.

نبقى مع أدعية الصحيفة السجّادية للإمام عليّ بن الحسين زين العابدين(ع)، وما فيها من ابتهالٍ بين يدي الله، يقرّبنا إليه، ويجعلنا نشعر بعمق الارتباط به، وما يتركه ذلك من تأصيلٍ لذواتنا في الانفتاح على تعاليمه.

يقول الإمام زين العابدين(ع): "أَللَّهُمَّ إنَّهُ يَحْجُبُنِي عَنْ مَسْأَلَتِكَ خِلاَلٌ ثَلاثٌ، وَتَحْدُونِي عَلَيْهَا خَلَّةٌ وَاحِدَةٌ؛ يَحْجُبُنِي أَمْرٌ أَمَرْتَ بِهِ فَأَبْطَأتُ عَنْهُ، وَنَهْيٌ نَهَيْتَنِي عَنْهُ فَأَسْرَعْتُ إلَيْهِ، وَنِعْمَةٌ أَنْعَمْتَ بِهَا عَلَيَّ فَقَصَّرْتُ فِي شُكْرِهَـا. وَيَحْدُونِي عَلَى مَسْأَلَتِكَ تَفَضُّلُكَ عَلَى مَنْ أَقْبَلَ بِوَجْهِهِ إلَيْكَ، وَوَفَدَ بِحُسْنِ ظَنِّـهِ إلَيْكَ، إذْ جَمِيعُ إحْسَانِكَ تَفَضُّلٌ، وَإذْ كُلُّ نِعَمِكَ ابْتِدَاءٌ.

فَهَا أَنَا ذَا يَا إلهِيْ، وَاقِفٌ بِبَابِ عِزِّكَ وُقُوفَ المُسْتَسْلِمِ الذَّلِيْل، وَسَائِلُكَ عَلَى الْحَيَاءِ مِنّي سُؤَالَ الْبَائِسِ الْمُعِيْلِ. مُقـرٌّ لَكَ بأَنّي لَمْ أَسْتَسْلِمْ وَقْتَ إحْسَانِـكَ إلاَّ بِالاِقْلاَعِ عَنْ عِصْيَانِكَ، وَلَمْ أَخْلُ فِي الْحَالاتِ كُلِّهَا مِنِ امْتِنَانِكَ. فَهَلْ يَنْفَعُنِي يَا إلهِي إقْرَارِي عِنْدَكَ بِسُوءِ مَا اكْتَسَبْتُ؟ وَهَلْ يُنْجِيْنِي مِنْكَ اعْتِرَافِي لَكَ بِقَبِيْحِ مَا ارْتَكَبْتُ؟ أَمْ أَوْجَبْتَ لِي فِي مَقَامِي هَذَا سُخْطَكَ؟ أَمْ لَزِمَنِي فِي وَقْتِ دُعَائِي مَقْتُكَ؟ سُبْحَانَكَ! لاَ أَيْأَسُ مِنْكَ، وَقَدْ فَتَحْتَ لِيَ بَابَ التَّوْبَةِ إلَيْكَ".

مشكلة الإنسان في انغماسه في المعاصي، وغفلته عن واجباته تجاه نفسه وربّه، وعدم شكره الله على ما أنعم عليه، وعدم ممارسة فعل الإيمان عندما يتطلَّب منه الأمر ذلك في المواقف العمليَّة، فلا يمتثل لأمر الله، ولا ينتهي حيث نهى الله، ولكنَّه يتبع نزواته وشهواته وأهواءه، وينسى حسابات الله، وأنت ـ يا ربّ ـ المفضل على عبادك المقبلين عليك بعد تقصيرهم بحقّك، وإسرافهم على أنفسهم في كلّ ذلك، وأنت المحسن المنعم المفضل منذ خلقت الوجود كلَّه بما يحتويه..

لذا ـ يا الله ـ أنا أقف بين يديك فاتحاً قلبي، مستسلماً لإرادتك، متلمساً فضلك، وأنت العزيز الكريم، فأسألك يا ربّ سؤال الضّعيف البائس المستحي منك، ولكنّه في الوقت عينه يشعر بكامل العزّة والفخر، لأنه يطلب العون من ربٍّ كريم عزيز.

فأنت ـ يا ربّ ـ المحسن في كلّ وجوه الإحسان، إذ في وقت إحسانك عليَّ، أذهل عنك، وأقبل على معصيتك، ومع ذلك، كنت تشملني بفضلك، ولم أكن العبد المحسن مع ربّه، بل الكافر بالنّعمة.. وإنّني أتساءل ـ يا ربّ ـ بعد ذلك كلّه: هل ينفعني الإقرار بالسّوء؟! وهل ينجيني الاعتراف بالقبيح؟! فأنا في حيرةٍ وقلقٍ دوماً.. وعندما أشعر ـ يا ربّ ـ بالضّيق، فأنت الربّ الغفور الواسع الرحمة، القابل التّوبة عن عباده، وأنت من يحبّ التوّابين ويحبّ المتطهّرين من ذنوبهم، وما دام بابك مفتوحاً للتّوبة، فأنا من التّائبين بصدق وإخلاص.

وحول ما تقدَّم من فقرات الدّعاء، يقول المرجع السيّد محمد حسين فضل الله(رض): "إنَّ مشكلتي ـ يا ربّ ـ في موقفي الخائف الوجل المتلخّص في نقاط ثلاث:

الأولى: أنّك أمرتني بأمرك الّذي أردت لي أن افعله في كثير من المواقف والأمور، ولكني خالفتك..

الثانية: أنك نهيتني نهيك الّذي أردت لي أن أتركه في الأفعال والأقوال والمواقف والعلاقات التي حرّمتها عليَّ، ولكني اقتحمت كلّ ذلك وأسرعت إليه بفعل شهوتي..

الثالثة: أنك أنعمت عليّ في مختلف مجالات حياتي بأنواع النعم، ولكنّي نسيت ذلك كلّه وغفلت عنك.. هل تبقى لي الجرأة ـ بعد ذلك كله ـ أن أقف بين يديك، أو أسألك بعض ما أحتاجه من القرب إليك؟ كيف يرتفع وجهي إليك وقد سوّدته الذنوب؟ كيف أفكّر في الارتفاع إليك وها أنا في حضيض الإثم سقطت..

وإذا كنت أسألك ـ في حياء ـ سؤال البائس الّذي أثقلته مسؤوليّاته، فإنّ ذلك يمثّل العزّة كلّ العزّة، لأنّك ـ يا ربّ ـ الذي أخرجتني إلى الدّنيا بائساً، ثم حوّلت حياتي إلى نعيم.. إنني أشعر ـ يا ربّ ـ بالسعادة عندما أستسلم لك، وأحسّ بالعزة في هذا الموقف الذّليل بين يديك.. إنّني لم أكن العبد الصّالح الشّاكر لربّه، بل كنت مثال العبد الآبق الكافر بنعمتك.. إنّني أتساءل وأتعذّب وأعيش الحيرة القاتلة الخانقة، ولكني لا أفقد الأمل الكبير، لأنك الربّ العظيم الذي تعالى عن كلّ معنى للحقد وللانتقام، فلن يزحف اليأس إلى قلبي، وكيف يكون ذلك، وأنت الذي فتحت لي باب التّوبة بكلّ سعته".[آفاق الروح، ج:1، ص:3-2-3-6].

فلنقلع عن الانغماس في المعاصي، تجنّباً للنّدم والخزي بين يدي الله، ولنعمل على التّوبة النّصوح التي ننفتح فيها على الله والحياة، كي نستحقّ إحسانه وتفضّله علينا في الدّنيا والآخرة..

إنَّ الآراء الواردة في هذا المقال، لا تعبِّر بالضّرورة عن رأي الموقع، وإنّما عن وجهة نظر صاحبها.

اقرأ المزيد
نسخ الآية نُسِخ!
تفسير الآية