في رحاب الصّحيفة السجاديّة للإمام زين العابدين(ع)، تسمو الرّوح في آفاق الابتهال الواسعة، بحيث تركن النّفس إلى خالقها وتهدأ، وتتوجَّه إليه بكلّ إخلاص، والطّلب إليه ببقاء الخير، والتفضُّل بجزيل الرّحمة والبركة واللّطف.
يقول(ع) في دعاءٍ له من أدعيته المباركة: "يا مَن لا يخفى عليه أنباء المتظلّمين، ويا من لا يحتاج في قصصهم إلى شهادات الشّاهدين، ويا مَن قرُبت نصرته للمظلومين، ويا مَن بَعُدَ عونه عن الظّالمين، قد علمْتَ ـ يا إلهي ـ ما نالني من فلان بن فلان مما حظرتَ، وانتهكه مني مما حجزتَ عليه، بطراً في نعمتك عنده، واغتراراً بنكيرك عليه. اللّهمَّ فصلِّ على محمدٍ وآله، وخُذ ظالمي وعدوّي عن ظلمي بقوّتك، وأفلل حدَّه بقدرتك، واجعل له شغلاً فيما يليه، وعجزاً عمّا يناويه. اللّهمَّ وصلِّ على محمّدٍ وآله، ولا تسوِّغ له ظلمي، وأحسن عليه عوني، واعصمني من مثل أفعاله، ولا تجعلني في مثل حاله، اللَّهمَّ صلِّ على محمّدٍ وآله، وأعدني عليه عدوى حاضرة، تكون من غيظي به شفاءً، ومن حنقي عليه وفاءً. اللّهمَّ صلِّ على محمّدٍ وآله، وعوِّضني من ظلمه لي عفوك، وأبدلني بسوء صنيعه بي رحمتك، فكلّ مكروهٍ جلل دون سخطك، وكلّ مرزئة سواء مع موجدتك".
يشير الإمام(ع) إلى الظّلم الذي يقترفه الإنسان بحقّ نفسه، عبر ابتعاده عن الصّراط المستقيم، وظلمه للآخرين بالتعدّي على حقوقهم، فهؤلاء المظلومون يطّلع الله على ظلمهم، ويأخذ بحقّهم عاجلاً أو آجلاً، هذا الظّلم الذي لا بدَّ من مواجهته، وتربية النّفوس على إنكاره ورفضه، فهو لا يتّصل بإنسانيّة ولا شريعة، بل يبرز غاية القبح والفساد...
من هنا، فإنّ الدّعاء هو سلاح روحيّ يُترجم من خلال التّصميم على المواجهة، وتهيئة الظّروف لها بقدر الإمكانات والحسابات الواعية، فالدّعاء يعيد الثّقة الروحيّة للإنسان، بما يخرجه من دائرة الضّعف إلى دائرة حضور الإرادة والعزيمة والقوّة والثبات.
وحول ما تقدّم من فقرات الدّعاء، يقول سماحة العلامة المرجع السيِّد محمد حسين فضل الله(رض): " أنت الذي لا تخفى عليك أنباء المظلومين المتظلّمين إليك، لأنّك العالم بأسرار الخلق في كلّ خفاياه، وأنت الّذي قربت نصرته من المظلومين، وبعُد عونه عن الظّالمين، لأنّك أردت للحياة أن تقوم على العدل.
وهكذا ينطلق وعينا الإيماني لينفتح على أنّ علمك يشرف على كلّ واقع الظّلم في الحياة، فلا يغرب عنه مثقال ذرّةٍ منه.. وها أنا ـ يا ربّ ـ عبدك المظلوم، ألجأ إليك لأقدّم شكواي، لا لأزيدك معرفةً بظلامتي، ولكن لأعبِّر لك عن ارتباطي بك، وانفتاحي عليك، فقد علمتَ ـ يا إلهي ـ ما نالني من هذا الإنسان الظّالم في ما ظلمني به في نفسي وأهلي ومالي وعرضي وولدي من الأعمال والأقوال، وأعود من جديد لأبتهل إليك أن لا تسهّل له الوسائل التي تمنحه القدرة على ظلمي، وامنحني القوّة التي تساعدني فيها على أن أواجهه بمثل قوّته أو بأكثر منها، وأسألك العصمة من غواية الشّيطان، بأن أمارس بعض أفعاله في ظلم العباد.. فأعطني من عفوك ما يعوّضني عن نتائج الظّلم وفظاعتها، وإذا كنت قد تأثّرت بسلوكه السيّئ معي، وصنيعه الشرّير تجاهي، فأبدلني بذلك رحمتك.. وإنّ كلّ مصيبة لا تأثير لها فيَّ، فوجودها وعدمها سواء عندي إذا لم أقع تحت تأثير غضبك، فإنّه المصيبة التي لا مصيبة مثلها". [آفاق الرّوح، ج:1، ص:338-342].
فالحذر كلّ الحذر، أن نكون في موقع ممارسة الظّلم على النّفس والآخرين من حولنا، بل أن نسعى لتأكيد روحيّة الإيمان العمليّ في الحياة، من خلال مواجهة الظّلم ورفضه بكلّ الأشكال، وإعداد العدّة لمجابتهه، والانتصار للحقّ على الدّوام، عبر التزام حدود الله تعالى وما يرضاه لعباده.
إنَّ الآراء الواردة في هذا المقال، لا تعبِّر بالضَّرورة عن رأي الموقع، وإنّما عن وجهة نظر صاحبها.

في رحاب الصّحيفة السجاديّة للإمام زين العابدين(ع)، تسمو الرّوح في آفاق الابتهال الواسعة، بحيث تركن النّفس إلى خالقها وتهدأ، وتتوجَّه إليه بكلّ إخلاص، والطّلب إليه ببقاء الخير، والتفضُّل بجزيل الرّحمة والبركة واللّطف.
يقول(ع) في دعاءٍ له من أدعيته المباركة: "يا مَن لا يخفى عليه أنباء المتظلّمين، ويا من لا يحتاج في قصصهم إلى شهادات الشّاهدين، ويا مَن قرُبت نصرته للمظلومين، ويا مَن بَعُدَ عونه عن الظّالمين، قد علمْتَ ـ يا إلهي ـ ما نالني من فلان بن فلان مما حظرتَ، وانتهكه مني مما حجزتَ عليه، بطراً في نعمتك عنده، واغتراراً بنكيرك عليه. اللّهمَّ فصلِّ على محمدٍ وآله، وخُذ ظالمي وعدوّي عن ظلمي بقوّتك، وأفلل حدَّه بقدرتك، واجعل له شغلاً فيما يليه، وعجزاً عمّا يناويه. اللّهمَّ وصلِّ على محمّدٍ وآله، ولا تسوِّغ له ظلمي، وأحسن عليه عوني، واعصمني من مثل أفعاله، ولا تجعلني في مثل حاله، اللَّهمَّ صلِّ على محمّدٍ وآله، وأعدني عليه عدوى حاضرة، تكون من غيظي به شفاءً، ومن حنقي عليه وفاءً. اللّهمَّ صلِّ على محمّدٍ وآله، وعوِّضني من ظلمه لي عفوك، وأبدلني بسوء صنيعه بي رحمتك، فكلّ مكروهٍ جلل دون سخطك، وكلّ مرزئة سواء مع موجدتك".
يشير الإمام(ع) إلى الظّلم الذي يقترفه الإنسان بحقّ نفسه، عبر ابتعاده عن الصّراط المستقيم، وظلمه للآخرين بالتعدّي على حقوقهم، فهؤلاء المظلومون يطّلع الله على ظلمهم، ويأخذ بحقّهم عاجلاً أو آجلاً، هذا الظّلم الذي لا بدَّ من مواجهته، وتربية النّفوس على إنكاره ورفضه، فهو لا يتّصل بإنسانيّة ولا شريعة، بل يبرز غاية القبح والفساد...
من هنا، فإنّ الدّعاء هو سلاح روحيّ يُترجم من خلال التّصميم على المواجهة، وتهيئة الظّروف لها بقدر الإمكانات والحسابات الواعية، فالدّعاء يعيد الثّقة الروحيّة للإنسان، بما يخرجه من دائرة الضّعف إلى دائرة حضور الإرادة والعزيمة والقوّة والثبات.
وحول ما تقدّم من فقرات الدّعاء، يقول سماحة العلامة المرجع السيِّد محمد حسين فضل الله(رض): " أنت الذي لا تخفى عليك أنباء المظلومين المتظلّمين إليك، لأنّك العالم بأسرار الخلق في كلّ خفاياه، وأنت الّذي قربت نصرته من المظلومين، وبعُد عونه عن الظّالمين، لأنّك أردت للحياة أن تقوم على العدل.
وهكذا ينطلق وعينا الإيماني لينفتح على أنّ علمك يشرف على كلّ واقع الظّلم في الحياة، فلا يغرب عنه مثقال ذرّةٍ منه.. وها أنا ـ يا ربّ ـ عبدك المظلوم، ألجأ إليك لأقدّم شكواي، لا لأزيدك معرفةً بظلامتي، ولكن لأعبِّر لك عن ارتباطي بك، وانفتاحي عليك، فقد علمتَ ـ يا إلهي ـ ما نالني من هذا الإنسان الظّالم في ما ظلمني به في نفسي وأهلي ومالي وعرضي وولدي من الأعمال والأقوال، وأعود من جديد لأبتهل إليك أن لا تسهّل له الوسائل التي تمنحه القدرة على ظلمي، وامنحني القوّة التي تساعدني فيها على أن أواجهه بمثل قوّته أو بأكثر منها، وأسألك العصمة من غواية الشّيطان، بأن أمارس بعض أفعاله في ظلم العباد.. فأعطني من عفوك ما يعوّضني عن نتائج الظّلم وفظاعتها، وإذا كنت قد تأثّرت بسلوكه السيّئ معي، وصنيعه الشرّير تجاهي، فأبدلني بذلك رحمتك.. وإنّ كلّ مصيبة لا تأثير لها فيَّ، فوجودها وعدمها سواء عندي إذا لم أقع تحت تأثير غضبك، فإنّه المصيبة التي لا مصيبة مثلها". [آفاق الرّوح، ج:1، ص:338-342].
فالحذر كلّ الحذر، أن نكون في موقع ممارسة الظّلم على النّفس والآخرين من حولنا، بل أن نسعى لتأكيد روحيّة الإيمان العمليّ في الحياة، من خلال مواجهة الظّلم ورفضه بكلّ الأشكال، وإعداد العدّة لمجابتهه، والانتصار للحقّ على الدّوام، عبر التزام حدود الله تعالى وما يرضاه لعباده.
إنَّ الآراء الواردة في هذا المقال، لا تعبِّر بالضَّرورة عن رأي الموقع، وإنّما عن وجهة نظر صاحبها.